وجود مقتضيه وهو عزم المصلّي حين الشروع في الصلاة على قراءة الفاتحة بجملتها ، وكاستصحاب عدم الحائل على العضو لترتيب وصول الماء إلى البشرة بواسطة مقتضيه وهو صبّ الماء وذلك العضو على قدر لو لا الحائل أوجب عادة وصوله إلى البشرة واستيعابه لها ، إلى غير ذلك من الأمثلة بخلاف ما لو لم يكن من أحد هذين القسمين ، كاستصحاب الطهارة عند خروج المذي الّذي لا يوجب في بناء العقلاء الحكم بعدم ناقضيّته ، واستصحاب طهارة الثوب عند وقوع رطوبة مردّدة بين الماء والبول عليه الّذي لا يوجب في بنائهم الحكم بمائيّة الرطوبة وما أشبه ذلك ممّا ستعرفه.
وثانيهما : منع عملهم بالاصول المثبتة في شيء من المقامات ، وما يوهمه في بعض المقامات ليس من العمل بالأصل المثبت بالمعنى المبحوث عنه ، وهو كون اللازم العقلي أو العادي مع المستصحب بحيث يتغايران في الوجود وكون ثبوت اللازم على تقدير ترتّبه مستندا إلى الأصل ، بأن يكون المقتضي لثبوته هو الأصل لا غير ، وهو فيما لم يكن المقتضي التامّ لثبوته من غير جهة الأصل محرزا ـ وذلك كما في مثالي المذي والرطوبة المردّدة بين الماء والبول ، ونحو ما لو وكلّ زيد عمرا في إجراء عقد النكاح على امرأة وشكّ في طروّ النسيان أو عروض مانع آخر ، فبمجرّد أصالة عدمه لا يجوز ترتيب آثار الزوجيّة على المرأة المذكورة المترتّبة على وقوع العقد الّذي هو لازم عادي للمستصحب العدمي ـ إذ مع كونهما متّحدي الوجود يعدّ آثار كلّ منهما آثارا للآخر ، كما في مثال استصحاب بقاء الكرّ في الحوض وكرّيّة الباقي ومع كون المقتضي لثبوته محرزا يستند ثبوته إلى ذلك المقتضي لا الأصل ، وإنّما يقصد بالأصل رفع المانع وإحراز عدمه.
وظاهر أنّ عدم المانع ليس جزءا من المقتضي ، إذ المانع ما يكون وجوده مؤثّرا في العدم ولا يعقل كون عدمه مؤثّرا في الوجود ، وذلك كما في أصالة عدم القرينة ونحوها ، فإنّ الأصل يحرز به عدم القرينة وحمل اللفظ على إرادة الحقيقة إنّما هو لوضع اللفظ وظهوره فيها فالمثبت لها هو الوضع والظهور لا غير ، والأصل المعمول به لإحراز فقد المانع في نحو ذلك لا يسمّى مثبتا ، بل ولو فرض دخوله في المقتضي لترتيب اللازم العقلي أو العادي وآثاره أيضا لا يسمّى مثبتا.
وهذا هو معنى ما في كلام بعض الأعلام في ذيل مسألة الصحيح والأعمّ عند البحث في جواز إجراء أصل العدم في ماهيّة العبادة من قوله ـ في ردّ بعض كلمات الوحيد