البهبهاني المنكر لجريانه ـ : « أنّ مرادهم من عدم حجّيّة الاستصحاب في نفس الحكم الشرعي أن يكون الاستصحاب مثبتا لنفس الحكم الشرعي ، مثل أن يقال : « إنّ المذي غير ناقض للوضوء مثلا لاستصحاب الطهارة السابقة ، فاستصحاب الطهارة السابقة هو المثبت لعدم كون المذي ناقضا ، وأصل العدم منفردا لا يثبت به الماهيّة بل هي بضميمة سائر الأدلّة المثبتة لها كما لا يخفى (١) ».
وقد يقال في تصحيح العمل بالاصول المثبتة : بأنّ بعض الموضوعات الخارجيّة المتوسّطة بين المستصحب وبين الحكم الشرعي من الوسائط الخفيّة ، بحيث يعدّ في العرف الأحكام الشرعيّة المترتّبة عليها أحكامها لنفس المستصحب ، فالمعيار خفاء توسّط الأمر العادي والعقلي بحيث تعدّ آثاره النفس المستصحب. وذلك كما في عدم دخول هلال شوّال في يوم الشكّ المثبتة لكون غده يوم العيد يترتّب عليه أحكام العيد من الغسل والصلاة والاضحيّة وغيرها ، فإنّ مجرّد عدم الهلال في يوم لا يثبت آخريّته ولا أوّليّة غده للشهر اللاحق ، لكنّ العرف لا يفهمون من وجوب ترتيب آثار عدم انقضاء رمضان وعدم دخول شوّال إلاّ ترتيب أحكام آخريّة ذلك اليوم لشهر وأوّليّة غده لشهر آخر ، فالأوّل عندهم ما لم يسبق مثله والآخر ما اتّصل بزمان حكم بكونه أوّل الشهر الآخر.
ونحوه استصحاب رطوبة النجس من المتلاقيين مع جفاف الآخر ، فإنّه لا يبعد الحكم بنجاسته ، مع أنّ تنجّسه ليس من أحكام ملاقاته للنجس رطبا ، بل من أحكام سراية رطوبة النجاسة إليه وتأثّره بها بحيث يوجد في الثوب رطوبة متنجّسة. ومن المعلوم أنّ استصحاب رطوبة النجس الراجع إلى بقاء جزء مائي قابل للتأثير لا يثبت تأثّر الثوب وتنجّسه بها إلاّ بواسطة سراية الرطوبة إلى الثوب ، ولكنّ الواسطة خفيّة ، إلاّ أنّ الحكم بالنجاسة مع ذلك مشكل ، ولذا حكي عن المحقّق (٢) تعليل الحكم بطهارة الثوب الّذي طارت الذبابة عن النجاسة إليه عدم الجزم ببقاء رطوبة الذبابة ، فإنّ وجهه عدم قضاء الاستصحاب بوصول الرطوبة إليه.
وربّما احتمل كون وجهه معارضة هذا الاستصحاب باستصحاب طهارة الثوب مع قطع النظر عن قاعدة حكومة بعض الاستصحابات على بعض فليتدبّر.
__________________
(١) القوانين ١ : ٥٧.
(٢) انظر الذكرى ١ : ٨٣ ، لم نعثر عليه في كتب المحقق ره.