على وجه لزم منه الظنّ بالوقت في موضع إمكان العلم به من غير جهة التأخير ، فإنّ الظنّ الأوّل ممّا يجوز العمل به بخلاف الثاني.
ومن الجائز في بعض لوازم المستصحب باعتبار خصوص المورد عدم اعتبار الظنّ فيه مع اعتباره في ملزومه. إمّا لوجود المانع أو فقد المقتضي ، ومبنى الوجهين على أنّ الظنّ الاستصحابي هل هو من الظنون المطلقة أو من الظنون الخاصّة؟
فعلى الأوّل لا بدّ وأن يستند عدم اعتبار ما لا يعتبر الظنّ فيه إلى المانع ، وهو ما يخصّص دليل اعتبار مطلق الظنّ إن كان قابلا له.
وعلى الثاني لا بدّ وأن يستند إلى فقد المقتضي لاعتباره في بعض اللوازم ، بأن يكون الدليل القطعي الخاصّ القائم على حجّيّة الظنّ الاستصحابي مقصورا على الظنّ في اللزوم وبعض اللوازم دون بعض ، كما إذا دلّ الدليل على أنّه يجب الصوم عند الشكّ في هلال رمضان بشهادة عدل واحد ، فلا يلزم منه جواز الافطار بعد مضيّ ثلاثين يوما من ذلك اليوم إذا لم يثبت كون ذلك أوّل رمضان في الواقع ، بل غاية ما دلّ عليه دليل اعتبار الشهادة الظنّية إنّما هو وجوب صوم ذلك اليوم من حيث إنّه ظنّ بشهادة العدل كونه أوّل رمضان ، فلانتفاء هذا الموضوع عن يوم الشكّ من الآخر لم يتناول الدليل الوارد فيه للازمه ، وهو ما ظنّ كونه آخر رمضان. ولعلّ هذا أظهر الوجهين ، لأنّ العمدة من دليل اعتبار الاستصحاب من حيث افادته ظنّ البقاء بناء العقلاء ، وهو لكونه أمرا لبّيا يجب الاقتصار فيه على القدر الّذي تيقّن من لوازم المستصحب استقرار بناء العقلاء على العمل بالظنّ فيه. ومن اختلاف الموارد في ثبوت استقراره وعدم ثبوته نشأ الفرق بينهما في العمل بالاصول المثبتة وعدم العمل بها.
ولعلّ الضابط لموارد عملهم بها ما لو كان اللازم العقلي أو العادي متّحد الوجود مع المستصحب بحيث لا يتغايران إلاّ بحسب المفهوم ، كما في استصحاب بقاء الكرّ في الحوض وكريّة الماء الباقي فيه ، واستصحاب بقاء حياة مورّث زيد وعمرو إلى حال اسلام عمرو وتأخّر موته عن إسلام عمرو.
أو كان اللازم بحيث احرز وجود المقتضي لبقائه أو حدوثه بحيث لو لا طروّ المانع لبقى أو حدث ، فقصد بالاستصحاب إحراز فقد المانع على وجه يتغاير مع المستصحب في الوجود والمفهوم ، وذلك كاستصحاب عدم طروّ نسيانه قراءة آية من الفاتحة عند قراءة السورة ليترتّب على عدمه الّذي هو المستصحب حصول قراءة الآية المشكوكة بواسطة