أركانه فيه فهو المتّبع في الحكم بثبوته ، سواء وافق استصحابه لمقتضى استصحاب ذلك المستصحب أو خالفه ، وإلاّ فلا يمكن إثباته ولا الحكم بثبوته ولا ترتّبه على المستصحب.
لأنّ العمل بالاستصحاب إمّا أن يكون لظنّ البقاء فلا يلزم من ظنّ بقاء الشيء ظنّ بقاء مقارناته الاتّفاقية ، إذ لا واسطة بينهما من تلازم ولا ملازمة.
وإمّا أن يكون للأخبار فحاصل مفادها على ما بيّنّاه مرارا وجوب تنزيل المشكوك منزلة المتيقّن وترتيب آثار المتيقّن على المشكوك ، على أن تكون هذه الآثار أحكاما ظاهريّة للمشكوك ، على معنى كونها أحكاما مجعولة للمستصحب من حيث كونه مشكوك البقاء. فهي بالقياس إلى المتيقّن أحكام واقعيّة تترتّب عليه بوجوداتها الجعليّة الأوّلية ، وبالقياس إلى المشكوك أحكام ظاهريّة مجعولة تترتّب عليه بوجوداتها الجعليّة الثانويّة.
وظاهر أنّ المقارن الاتّفاقي بالقياس إلى المستصحب ليس من آثاره المترتّبة عليه حال اليقين ، فلا يكون من الآثار المجعولة له بعد طروّ الشكّ ، خصوصا إذا كان من الامور الخارجيّة الغير القابلة للجعل كفسق عمرو وكرّيّة الماء في المثالين المتقدّمين. فمثل هذا المقارن لا يندرج في عموم « لا ينقض اليقين بالشكّ (١) » ليجب ترتيبه على المشكوك.
وبما قرّرناه يظهر الحكم في ستّة أقسام اخر من التسع الباقية ، وهي ما لو كان الأمر المقارن ملزوما للمستصحب بحكم الشرع أو العقل أو العادة ، أو ملازما له بكونه معه لازمين لأمر ثالث شرعا أو عقلا أو عادة ، فإنّه في هذه الأقسام أيضا ليس من لوازم المستصحب ليدخل في عموم الأخبار الآمرة بترتيب آثار كلّ مستصحب حال اليقين على حال الشكّ ، فلا يفيد استصحابه وترتيب آثاره عليه ترتيبها عليه.
نعم على القول بالاستصحاب باعتبار إفادته ظنّ البقاء اتّجه الحكم بمقارناته في جميع هذه الأقسام ، لقضاء العلاقة والاتّصال بين شيئين في الوجود الخارجي بالاتّصال بينهما في الوجود الذهني أيضا ، على معنى عدم انفكاك أحدهما عن صاحبه في الذهن أيضا. فالعلم بأحدهما يستلزم العلم بالآخر والظنّ بأحدهما أيضا يستلزم الظنّ بالآخر ، فالظنّ باللازم لا ينفكّ عن الظنّ بالملزوم ، والظنّ بأحد المتلازمين أيضا لا ينفكّ عن الظنّ بالمتلازم الآخر خصوصا إذا كانا معلولين لعلّة مشتركة ، لوضوح دوران المعلول مع العلّة وجودا
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٢١ الباب ١٠ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح ٣.