وعدما علما أو ظنّا أو وهما.
وأمّا الثلاث الباقية وهي ما لو كان الأمر المقارن من لوازم المستصحب شرعا أو عقلا أو عادة ، فالحقّ فيها أنّ المستصحب إن كان من الامور القابلة للجعل كالوجوب في الحرمة والإباحة وغيرها من الأحكام الشرعيّة المجعولة فاستصحابه يفيد ثبوت جميع آثاره وترتيبها عليه شرعيّة وعقليّة وعاديّة ، وإن كان من الامور الغير القابلة للجعل كالموضوعات الخارجيّة واللغويّة بل الأحكام الوضعيّة ـ بناء على ما حقّق في محلّه من عدم كونها من مجعولات الشارع ـ فاستصحابه لا يفيد إلاّ ثبوت الآثار الشرعيّة دون العقليّة والعاديّة.
والسرّ في هذا التفصيل : أنّ الأخبار الاستصحابيّة مسوقة لتأسيس حكم ظاهري مجعول للمكلّف الشاكّ في بقاء الحالة السابقة وارتفاعها من حيث هو شاكّ ، وهذا الحكم الظاهري المجعول هو نفس المستصحب فيما لو كان من الأحكام الشرعيّة القابلة للجعل وآثاره المترتّبة عليه فيما إذا كان من غيرها ، فقوله : « لا ينقض اليقين بالشكّ » نهي عن رفع اليد عن اليقين بسبب الاعتناء بالشكّ ، وهو يفيد وجوب تنزيل المشكوك منزلة المتيقّن ، ومعناه الأخذ به على أنّه حكم مجعول للشاكّ من حيث كونه شاكّا ، أو الأخذ بآثاره على أنّها أحكام مجعولة له من الحيثيّة المذكورة.
وبعبارة : اخرى مفاد قوله : « لا ينقض اليقين بالشكّ » مجعوليّة المستصحب أو مجعوليّة آثاره.
ففي الأوّل يجب الالتزام بالمستصحب على أنّه حكم ظاهري مجعول.
وفي الثاني يجب الالتزام بآثاره على أنّها أحكام ظاهريّة مجعولة.
وهذا هو معنى وجوب تنزيل المشكوك منزلة المتيقّن ، ولا يتمّ ذلك إلاّ إذا كان المستصحب أو آثاره من الأحكام الشرعيّة ، لأنّها قابلة للجعل دون الامور الخارجيّة.
وقضيّة ذلك أن لا يفيد الاستصحاب فيما لو كان المستصحب من قبيل الموضوعات الخارجيّة إلاّ ثبوت آثاره الشرعيّة الّتي هي من قبيل الأحكام الشرعيّة ، لكون الآثار العقليّة والعاديّة على ما ستعرفه في ضمن الأمثلة الآتية من قبيل الموضوعات الخارجيّة ونحوها ، فوجه بطلان الاصول المثبتة عدم وفائها باثبات اللوازم العقليّة والعاديّة لعدم اندراج هذين القسمين من اللوازم في دليل حجّيّة الاصول.
وإن أبيت إلاّ عن أنّ مدلول الأخبار وجوب الحكم ببقاء الحالة السابقة ومعناه ترتيب