حصول أداء ذلك المكلّف به الواحد بتمام أجزائه فيما قبل زمان الشكّ ، أو عدم حصول أدائه إلاّ بمراعاة الجزء المقارن لزمان الشكّ إلى أن يحصل اليقين بدخول الغاية ، وحينئذ فقضيّة استدعاء الشغل اليقيني ليقين البراءة وجوب مراعاة ذلك الجزء أيضا ، كما في مثال صوم نهار رمضان الّذي يشكّ عند آخره في دخول المغرب ، وقد يكون الحكم الإلزامي بحيث تعلّق بفعل لوحظ في كلّ جزء يسعه من الزمان المغيّا موضوعا مستقلاّ تعلّق به الحكم بحيث ينحلّ نوع هذا الحكم إلى أحكام متعدّدة ، لموضوعات متعددة ومن أمثلته وجوب صيام الشهر عند رؤية هلاله إذا شكّ في التاسع والعشرين أنّه من هذا الشهر أو من الشهر المستقبل ، ففي مثل هذا المثال يؤول الشكّ في المكلّف به إليه في التكليف بصوم يوم الشكّ ، ويكون ممّا يجري فيه أصل البراءة لا أصل الاشتغال.
وقد لا يمكن الاحتياط في نحو القسم الأوّل لدوران الأمر بين المحذورين الموجب لتعارض الاحتياطين ، كما إذا وجب الجلوس في المسجد إلى الزوال والخروج من الزوال إلى المغرب ، فإنّ الاحتياط للتكليف بالجلوس عند الشكّ في الزوال معارض بالاحتياط للتكليف بالخروج ولا يمكن الجمع بينهما فلا بدّ في نحوه من الرجوع إلى أصل آخر غير الاحتياط ، كأصالة عدم الزوال ، أو عدم الخروج عن عهدة التكليف بالجلوس ، أو عدم حدوث التكليف بالخروج ، أو غير ذلك من الاصول الموضوعيّة.
ثمّ الحكم التخييري وهو الإباحة ممّا لا يعقل فيه قاعدة الاشتغال ، بل الأصل الجاري في مورده عند الشكّ في دخول الغاية إنّما هو أصل الإباحة ، إلاّ أن يقرّر قاعدة الاشتغال بالنسبة إلى الحكم التحريمي الثابت لما بعد الغاية بمقتضى تقييد الإباحة بالغاية ، كإباحة تناول المفطرات في ليلة صيام نهار رمضان المغيّاة بطلوع الفجر ، الملازم لحرمة تناولها بعد الفجر إذا شكّ في طلوعه ، فإنّ اليقين بالبراءة عن هذا الحكم التحريمي لا يتأتّى إلاّ باجتنابهما في زمان الشكّ.
وأنت خبير بأنّه على فرض صحّته لا ينتج بقاء الإباحة الّذي هو معنى استصحابها ، بل ينتج حدوث التحريم وهو ضدّ المطلوب.
وأمّا ما تكلّفه بعض الأعلام ـ من توجيه جريانها في الحكم التخييري بارجاعه إلى التكليفي ، من أنّ مقتضى التخيير إلى غاية معيّنة وجوب الاعتقاد بثبوته في كلّ جزء ممّا قبل الغاية ، ولا يحصل البراءة من التكليف باعتقاد التخيير عند الشكّ في حدوث الغاية