لحاظ الآمر قيد للواجب ـ فيكون الواجب هو الجلوس المقيّد بما قبل الزوال ، والصوم المقيّد بيوم الخميس ، والمشكوك في وجوبه هو الجلوس المقيّد بما بعد الزوال ، والصوم المقيّد بيوم الجمعة ـ أو ظرفا للوجوب على معنى ثبوت الوجوب في ظرف هذا المقدار من الزمان مع الشكّ في ثبوته فيما بعده ، ومرجعه إلى الشكّ في مقدار امتداد الوجوب مع اتّحاد متعلّقه.
فإن كان الأوّل فليس هناك استصحاب وجودي ليعارضه الاستصحاب العدمي الجاري بالنسبة إلى الزمان الثاني ، واليوم الثاني للقطع بارتفاع وجوب أحد المقيّدين والشكّ في حدوث الوجوب للمقيّد الآخر ، ولا يعقل في نحوه استصحاب الوجوب فيكون استصحاب العدم بالنسبة إلى المقيّد الأوّل سليما.
وإن كان الثاني فليس هناك استصحاب عدمي ليعارض الاستصحاب المقتضي لبقاء الوجوب بالقياس إلى الزمان الثاني ، واليوم الثاني ، فإنّ معنى قوله عليهالسلام : « لا ينقض اليقين بالشكّ » (١) ـ على ما بيّناه سابقا ـ هو المنع عن رفع اليد عن حكم اليقين بسبب الاعتناء بالشكّ ، ومرجعه إلى عدم الاعتناء بالشكّ وفرضه كأن لم يكن ، والشكّ الموجود في المثالين إنّما هو الشكّ في بقاء الوجوب وارتفاعه ، وهذا الشكّ لكون متعلّقة البقاء والارتفاع إنّما يرتبط باليقين اللاحق بالوجوب فوجب عملا بقوله : « لا ينقض اليقين بالشكّ » (٢) عدم رفع اليد عن هذا اليقين بسبب الاعتناء بذلك الشكّ ، ومعناه فرض وجوده بمنزلة عدمه وهذا هو الاستصحاب الوجودي ، ولا يبقى بعده شكّ آخر [ حتّى ](٣) يرفع اليد بسبب الاعتناء به عن حكم اليقين بعدم الوجوب المتحقّق به استصحاب عدمي معارض للاستصحاب الوجودي المفروض.
وبالجملة تحقّق استصحابين متعارضين مبنيّ على يقينين وشكّين ، فلا بدّ فيه مع تعدّد اليقين من تعدّد الشكّ ، والمفروض في المقام تعدّد اليقين ووحدة الشكّ ، وهذا الشكّ الواحد بملاحظة متعلّقه مرتبط باليقين بالوجوب ، فلا يلزم من العمل باستصحاب الوجوب نقض اليقين بعدم الوجوب بالشكّ لعدم شكّ آخر ينقض به هذا اليقين.
وإن شئت قلت : إنّ اليقين بالعدم إنّما نقض بيقين شرعي ـ بناء على أنّ اليقين الناقض
__________________
( ١ ، ٢ ) الوسائل ٥ : ٣٢١ الباب ١٠ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ، ح ٣.
(٣) وفي الأصل : « لا » بدل ما أضفناه في المعقوفيتن ، ومعه لا يستقيم العبارة ولذا صحّحناه بما في المتن.