الثاني : أنّ هذا الحكم مستمرّ إلى زمن العلم بالنجاسة ، وهذا من موارد الاستصحاب وجزئيّاته (١) ».
وفيه : أنّ المعنيين وإن كانا متداخلي المورد لعموم القاعدة لمورد استصحاب الطهارة ، إلاّ أنّه لا يمكن الجمع بينهما في الإرادة إلاّ لجامع يكون هو المراد ، حذرا عن الاستعمال في معنيين.
وغاية ما يمكن فرضه من الجامع العامّ للمعاني الثلاث هو أن يراد ب « كلّ شيء نظيف » كلّ ما لم يعلم نظافته فهو محكوم بكونه نظيفا.
ويدفعه : أنّه توهّم عموم للجميع وعند التحقيق قاصر عن إفادة الاستصحاب.
أمّا أوّلا : فلتغاير إنشاء أصل الطهارة ظاهرا للموضوع المشتبه حكمه الواقعي من حيث الطهارة والنجاسة ، وإنشاء استمرار الطهارة للموضوع المعلوم طهارته واقعا في وقت ، ولا يمكن إرادتهما معا من الهيئة التركيبيّة الّتي هي في الأصل جملة خبريّة ، والمعنى المذكور لا يصلح جامعا لهما ، بل هو ظاهر في إنشاء أصل الطهارة.
غاية الأمر تعيّن حملها على الطهارة الظاهريّة لدخول الشكّ في موضوعها.
وأمّا ثانيا : فلأنّ مناط الحكم في مورد قاعدة الطهارة إنّما هو مجرّد الشكّ في الطهارة والنجاسة لشبهة حكميّة أو موضوعيّة ، على معنى كونه بانفراده جزءا لموضوع هذا الحكم من دون مدخليّة شيء آخر معه فيه ، كما أنّ مناط الحكم في مورد أصالة الصحّة في فعل المسلم مجرّد الشكّ في الصحّة والفساد لشبهة موضوعيّة ، ومناط الحكم في مورد أصالة الحلّ في الأشياء هو مجرّد الشكّ في الحلّ والحرمة لشبهة حكميّة أو موضوعيّة ، بخلاف الاستصحاب فإنّ مناط الحكم في موارده هو المجموع من اليقين بثبوت الطهارة في وقت والشكّ في بقائها في آخر ، على وجه يكون المجموع من حيث المجموع جزاء للموضع لا أحدهما فقط.
وبالجملة مناط الحكم فيه وموضوعه مركّب من جزئين ، وهما اليقين السابق والشكّ اللاحق ، بحيث يكون لكلّ منهما مدخليّة في الحكم لاعتبار دخوله في موضوعه ، فلو فقد أحدهما فقد الحكم من حيث إنّه حكم استصحابي. فلو اريد من قوله : « كلّ شيء » ما اخذ فيه الأمران معا فلا يدخل فيه مورد القاعدة ، ولو اريد منه ما اخذ فيه الشكّ فقط فلا يدخل فيه مورد الاستصحاب ، والمعنى المذكور المتوهّم كونه جامعا ظاهر فيه ، ومعه لا يمكن تناوله للاستصحاب إلاّ بتوهّم إرادة الشكّ في الطهارة والنجاسة لا بشرط سبق العلم
__________________
(١) الفصول : ٣٧٣.