حبشيّ أسود ، فهذا أسود » أمّا الصغرى فبحكم الفرض ، وأمّا الكبرى فبحكم الاستقراء ، وأمّا النتيجة فبحكم كون المشكوك فيه من أفراد الكلّي الملازم لوصف الجزئيّات المستقرأ فيها.
ثمّ إن كانت الكبرى قطعيّة كما في الاستقراء التامّ فالنتيجة أيضا قطعيّة ، وإن كانت ظنّية كما في الاستقراء الناقص فالنتيجة أيضا ظنّية ، وضابط قطعيّة الكبرى وظنّيتها هو العلم بعدم وجود فرد مخالف أو الظنّ بعدم وجوده.
فما قد يتوهّم ـ من أنّ الغلبة قسم من الاستقراء لأنّه على قسمين تامّ وهو تصفّح تمام الجزئيّات لإثبات حكم كلّي ، وناقص وهو تصفّح أكثر الجزئيّات لإثبات حكم كلّي سواء وجد المخالف ـ أعني الفرد النادر المخالف للأكثر ـ أو لم يوجد ، والثاني كثير ، والأوّل مثل التمساح.
وحينئذ يرتّب القياس حين الشكّ في الفرد هكذا : « هذا حيوان ، وكلّ حيوان يحرّك حنكه الأسفل عند المضغ إلاّ التمساح ».
وبعبارة اخرى : أنّ الاستقراء الناقص الّذي هو تصفّح أكثر الجزئيّات إن لم يوجد معه فرد نادر مخالف فيأتي كبرى القياس بدون استثناء وإلاّ فيأتي مع الاستثناء كما في المثال ، والغلبة هو استقراء ناقص ، لأنّ معنى الغلبة كون غالب الأفراد على نهج واحد ، فكلّ غلبة استقراء ولا عكس كلّيّا ـ ليس بسديد كما يظهر وجهه بالتأمّل فيما ذكرناه.
وكيف كان فالغلبة المؤثّرة في ظنّ لحوق المشكوك فيه بالأعمّ الأغلب لا تؤثّر فيه إلاّ بواسطة الكبرى الكلّيّة المحرزة بتلك الغلبة بشرط اندراج المشكوك فيه في العنوان الكلّي المتكرّر في مقدّمتي القياس ، محمولا في صغراه وموضوعا في كبراه.
وإذا تمهّد هذا فنقول : إنّ الشكّ المعتبر في الاستصحاب على ما بيّنّاه عند التقسيم قد يكون باعتبار الشكّ في المقتضي ، وقد يكون باعتبار الشكّ في وجود المانع ، وقد يكون باعتبار الشكّ في مانعيّة الموجود.
فعلى الأوّل يقرّر الصغرى : بأنّ هذا ما يشكّ في بقائه وارتفاعه باعتبار الشكّ في المقتضي.
وعلى الثاني تقرّر : بأنّ هذا ما يشكّ في بقائه وارتفاعه باعتبار الشكّ في وجود المانع.
وعلى الثالث يقرّر : بأنّ هذا ما يشكّ في بقائه وارتفاعه باعتبار الشكّ في مانعيّة الموجود.
ولا ريب أنّ كلاّ من هذه الصغريات تقتضي كبرى اخذ في موضوعها الشكّ في البقاء والارتفاع بأحد الاعتبارات الثلاث ، وما يتحصّل من الغلبة المدّعاة بعبارة : « أنّا فتّشنا الامور الخارجيّة من الأعدام والموجودات وجدناها باقية مستمرّة على وجودها الأوّل