بينهما ، وليس هذا الفرق إلاّ باعتبار كون زوجيّة هذه المرأة في الأوّل مرجوحة وفي الثاني راجحة ، وهذا هو معنى رجحان بقاء الحالة السابقة وجودا كان أو عدما.
وثانيهما : البرهان ، وهو أنّا نرى أنّ العقلاء قاطبة في جميع الأعصار والأمصار بناؤهم على الاتّكال إلى الحالة السابقة في كلّ شيء ، كما يرشد إليه ما شاع بينهم من إرسال المراسيل والمكاتيب إلى البلاد النائية مع احتمال انهدامها ، وإرسال التحف والهدايا والودائع والأمانات وأموال التجارات إلى النائين مع احتمال موتهم وعدم بقاء حياتهم ، وقراضهم واستقراضهم أموالا إلى أجل بعيد مع احتمال عدم بقاء المقرض أو المستقرض إلى ذلك الأجل ، ومسافرتهم إلى الأصقاع والنواحي والمصارع البعيدة للتجارات أو الزيارات أو مقاصد اخر مع احتمال خرابها وعدم بقائها على حالاتها الّتي لها دخل في نيل القصد ، إلى غير ذلك ممّا لا يحصى كثرة. فبناؤهم هذا مع كونهم شاكّين إمّا أن يكون لمرجّح أو لا لمرجّح ، والثاني ترجيح بلا مرجّح فلا يقدمون عليه. وعلى الأوّل فالمرجّح إمّا طريق ناظر إلى الواقع ونفس الأمر ، أو طريق ناظر إلى الظاهر كالاحتياط الّذي هو عبارة عن اختيار الفعل لرجاء أنّه صادف الواقع. والثاني باطل لأنّا كثيرا مّا نراهم يعتمدون على الحالة السابقة مع كونه خلاف الاحتياط ، مثل أنّهم يرسلون أموالا كثيرة إلى البلاد النائية لعامليهم مع كونهم شاكّين في بقاء العاملين ، وقضيّة الاحتياط في نحو ذلك هو ترك الاعتماد على الحالة السابقة ، كما هو واضح.
وعلى الأوّل فذلك الطريق إمّا أن يكون هو القطع ببقاء الحالة أو الظنّ ، ولمّا كان الأوّل مفروض الانتفاء فتعيّن الثاني وهو المطلوب.
والحاصل أنّ اعتمادهم على الحالة السابقة لا بدّ وأن يكون لمرجّح لاستحالة الترجيح [ بلا مرجّح ] والمرجّح ليس إلاّ الظنّ الحاصل على طبق الحالة السابقة ، وهذا هو المراد من كبرى القياس الأوّل.
وأمّا الدليل على كبرى القياس الثاني وهو حجّيّة الظنّ الحاصل على طبق الحالة السابقة ، فهو أيضا بناء العقلاء في الموارد المشار إليها ، فإنّه كما يكشف عن أصل حصول الظنّ على طبق الحالة السابقة فكذلك يكشف عن حجّيّة هذا الظنّ وجواز العمل عليه ، لأنّه لولاه لا يقدمون على العمل على طبق الحالة السابقة كما لا يخفى.
مضافا إلى أنّه لو لاه لزم ترجيح المرجوح على الراجح ، وذلك لأنّ ترك العمل بالظنون الاستصحابيّة إنّما يصحّ بأحد شيئين :