العام أو تقييد المطلق ولو للشكّ في مخصّصية شيء موجود أو مقيّديته.
ولا ريب أنّه لا عبرة به في منع العمل بالعموم والإطلاق كما يرشد إليه تمثيله بالنكاح والشكّ في حصول الطلاق ببعض الألفاظ المختلف فيها ، كـ « أنت خليّة ، أو بريّة » فإنّ دليل عقد النكاح المؤثّر في حلّ الوطء وعلاقة الزوجيّة على وجه الدوام إنّما يقتضي في ذلك الدوام لما فيه من العموم الأزماني ، ودليل الطلاق مخصّص له مخرج لزمان وقوعه عن هذا العامّ ، ومع عدم الالتفات إلى احتمال التخصيص أو التقييد يرجع في اثبات الحكم إلى هذا العموم.
وهذا ـ بناء على التوجيه ـ وإن كان بحسب الواقع حقّا وهو الّذي قد يعبّر عنه باستصحاب حال العموم أو الإطلاق كما أشرنا إليه سابقا ، غير أنّه قد عرفت أنّه ليس من الاستصحاب المصطلح المتنازع فيه في شيء ، فالتوجيه المذكور أيضا إخراج للدليل عن محلّ الاستصحاب.
وثانيها : أنّ الثابت في الزمان الأوّل ممكن الثبوت في الآن الثاني وإلاّ لم يحتمل البقاء ، فيثبت بقاؤه ما لم يتجدّد مؤثّر العدم لاستحالة خروج الممكن عمّا عليه بلا مؤثّر ، فإذا كان التقدير تقدير عدم العلم بالمؤثّر فالراجح بقاؤه فيجب العمل عليه.
وفيه : أنّ البقاء في تقدير عدم العلم بالمؤثّر لا يكون راجحا إلاّ إذا كان عدم تجدّد المؤثّر راجحا ، ومجرّد عدم العلم بالمؤثّر لا يستلزمه ، لأنّه قد يجامع رجحان عدم تجدّده ، وقد يجامع رجحان تجدّده ، وقد يجامع تساوي احتمال تجدّده مع احتمال عدمه ، فيكون أعمّ ، والأعمّ لا يستلزم الأخصّ.
وثالثها : أنّ الشيء الفلاني قد كان ولم يظنّ عدمه ، وكلّما هو كذلك فهو مظنون البقاء ، فينتج أنّ الشيء الفلاني مظنون البقاء ، ثمّ يجعل ذلك صغرى لقياس آخر هكذا : أنّ الشيء الفلاني مظنون البقاء ، وكلّ مظنون البقاء يجب العمل عليه ، فالشيء الفلاني يجب العمل عليه.
ويمكن إرجاع الوجه السابق إلى هذا البيان ، فلا بدّ في تتميمه [ من ] إثبات الكبرى في كلّ من القياسين ، فيمكن الاستدلال على كبرى القياس الأوّل ـ وهو حصول الظنّ بالبقاء فيما كان ولم يظنّ عدمه ـ بوجهين :
أحدهما : الوجدان ، وهو أنّا متى ما راجعنا أنفسنا وجدنا فرقا بيّنا بين ما لو كان المشكوك مسبوقا بالوجود وما لو كان مسبوقا بالعدم ، كالزوجيّة المشكوكة إذا شكّ فيها الإنسان في امرأة تارة في حدوثها واخرى في بقائها ، فإنّه يدرك بالوجدان فرقا واضحا