وبذلك ظهر بطلان قوله : « ويلزمه أنّه لو اعتقد أحد ترتّب أثر على شيء ولم يحتمل خلافه يترتّب عليه ذلك الأثر » فإنّ اعتقاد ترتّب الأثر على الوجه المذكور لا مدخليّة له في ترتّبه ، بل إن وافق الواقع يترتّب عليه الأثر وكان الاعتقاد المذكور معه من باب المقارنة الاتّفاقيّة ، وإن خالفه لا يترتّب عليه الأثر ولا يجدي الاعتقاد المذكور في ترتّبه لأنّه لا يؤثّر في حدوث السببيّة ولا الحلّيّة ولا جواز التصرّف ولا غيرهما من الآثار تكليفيّة ووضعيّة.
وتوهّم أنّ عدم مدخليّة اعتقاد المكلّف في حدوث الحكم الشرعي إنّما يسلّم بالقياس إلى الأحكام الواقعيّة لبطلان التصويب لا بالقياس إلى الأحكام الظاهريّة ، فلم لا يجوز القول بأنّ الشارع لا حظ المكلّف المعتقد لسببيّة عقد لحلّية المعقود عليه أو جواز التصرّف فيه على خلاف الواقع من حيث كونه جاهلا بالحكم الواقعي بالجهل المركّب ، وجعل له من هذه الحيثيّة حكما وهو الحلّيّة أو جواز التصرّف أو غيرها ، كما أنّه لا حظ الجاهل في الوقائع المشكوكة من حيث جهله فجعل له حكما وهو الإباحة ونحوها فيما يحتمل الحرمة أو الوجوب ، فكان الحلّية المحكوم بها بالعقد الفاسد من الحكم الظاهري المجعول للجاهل بالجهل المركّب ، وهو ليس من تبعيّة الأحكام للاعتقادات بالمعنى المجمع على بطلانه.
يدفعه : استقلال العقل بعدم جواز جعل الحكم الظاهري أيضا للجاهل بالجهل المركّب ، لما قرّرناه في غير موضع من أنّ كلّ حكم مجعول لموضوع كلّي ـ واقعيّا كان أو ظاهريّا ـ فهو بحيث لا يتوجّه إلى مكلّف إلاّ بشرطين ، أحدهما : اندراجه في موضوع ذلك الحكم بحسب الواقع ، وثانيهما : التفاته إلى اندراجه في ذلك الموضوع لقبح توجيه الخطاب إلى الغافل ، وهذا الشرط الثاني منتف فيما نحن فيه ، لأنّ هذا الجاهل لاعتقاده الجازم لا يحتمل في معتقده خلاف الواقع فلا يلتفت إلى كونه جاهلا ، فلا يمكن أن يتوجّه إليه الحكم المفروض كونه مجعولا لموضوع الجاهل ، ومعه يستحيل جعل نحو هذا الحكم لكونه لغوا يقبح صدوره عن الحكيم.
ويتفرّع على جميع ما ذكرناه بطلان ما فرّعه على المقدّمة الاولى من حكم القسم الأوّل وهو الغافل فيما يصدر منه من عقد أو إيقاع عن احتمال الخلاف من ترتّب الأثر عليه ما دام غافلا ، وكونه بعد التنبّه كالمجتهد والمقلّد له على تقدير الموافقة ، وكالمجتهد المتبدّل رأيه على تقدير المخالفة ، لأنّ ترتّب الأثر حال الغفلة إن كان بموجب الحكم الواقعي فهو على تقدير المخالفة خلاف الفرض ، وإن كان من موجب الحكم الظاهري فلم