تسعة أشياء : الخطأ ، والنسيان ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطرّوا إليه ، وما استكرهوا عليه ، والطيرة ، والوسوسة في التفكّر في الخلق ، والحسد ما لم يظهره بلسان أو يد (١) ».
والطيرة بكسر المهملة وفتح المثنّاة مع جواز سكونها التطيّر ، وهو في الأصل التشؤّم وهو التحدّث بالشرّ والسوء والمكروه ، وإنّما سمّي تطيّرا من الطير لأنّ العرب كانوا يتشأّمون بالطيور ولا سيّما الغراب والجغد ، وكان ذلك يصدّهم عن مقاصدهم. وعلاجه إنّما هو بعدم الاعتناء به وترك العمل بموجبه وتسليم الأمر إليه تعالى ، ولذا ورد في الخبر : « أنّه يذهبه الله تعالى بالتوكّل (٢) » ومعناه أنّه إذا خطر له عارض الطيرة فليتوكّل على الله ، ويسلّم أمره إليه ، ولا يعمل بموجبه وهو المعنيّ من المضيّ المأمور به في الحديث من قوله عليهالسلام : « ثلاث لا يسلم منها أحد ، الطيرة والحسد والظنّ ، قيل : فما يصنع؟ قال : إذا تطيّرت فامض ، وإذا حسدت فلا تبغ ، وإذا ظننت فلا تحقّق (٣) ».
وفي النبوي : « ثلاث لا ينجو منها أحد : الظنّ ، والطيرة ، والحسد ، وساحدّثكم بالمخرج عن ذلك ، إذا ظننت فلا تحقّق ، وإذا تطيّرت فامض ، وإذا حسدت فلا تبتغ (٤) »
وإنّما نفاه الشرع لما ذكر ، أو لمنافاته التوكّل المأمور به ، أو لكونه نحوا من الشرك المنهيّ عنه كما في الخبر : « الطيرة شرك ولكنّ الله يذهبه بالتوكّل (٥) ».
قيل : إنّما جعلت الطيرة من الشرك لأنّهم كانوا يعتقدون أنّ التطيّر يجلب لهم نفعا ويدفع عنهم ضررا إذا عملوا بموجبه ، فكأنّهم أشركوه مع الله ، ولكنّ الله يذهبه بالتوكّل.
والحسد هو كراهة نعمة الغير مع حبّ زوالها عنه ومع عدمه.
والوسوسة في التفكّر في الخلق يحتمل معنيين :
أحدهما : وسوسة الشيطان للإنسان عند التفكّر في أمر الخلقة ، نظير ما ورد في الخبر من أنّه قد جاء رجل إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّي هلكت فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أتاك الخبيث ، فقال لك : من خلقك؟ فقلت : الله ، فقال : الله من خلقه؟ فقال : أي والّذي بعثك بالحقّ ، قال : ذاك والله محض الإيمان (٦) ».
وثانيهما : الوسوسة في الناس عند التفكّر في امورهم ، على معنى سوء الظنّ بهم الّذي
__________________
(١) الكافي ٢ : ٤٦٣ ، ح ٢. (٢) البحار ٥٨ : ٣٢٢ ، ذيل الحديث ١٠ ، مع تفاوت. (٣) البحار ٥٨ : ٣٢٠ ذيل الحديث ٩. (٤) كشف القناع ٦ : ٥٤٦.
(٥) البحار ٥٨ : ٣٢٢ ، ذيل الحديث ١٠ ـ مع تفاوت.
(٦) الكافي ٢ : ٤٢٥ ، ح ٣.