أصله من الشيطان ، والأوفق بكلّ من المعنيين هو لفظ المرفوعة.
وقوله عليهالسلام : « ما لم ينطقوا بشفة » (١) و « ما لم يظهر بلسان أو يد » (٢) إمّا قيد للحسد كما هو ظاهر المرفوعة ، فيفيد اختصاص الرفع في الحسد بصورة عدم ترتيب الآثار الخارجيّة على تلك الصفة الخبيثة الموجودة في النفس ، ممّا يرجع إلى المحسود من إهانة أو تحقير أو نحوهما بلسان أو يد أو غيرهما ، أو ممّا يكشف عن وجود تلك الصفة في النفس. أو قيد الوسوسة في التفكّر في الخلق بالمعنى الثاني كما هو ظاهر رواية الخصال ، فيفيد اختصاص الرفع في سوء الظنّ بالخلق بصورة عدم تحقيق المظنون في الخارج ، على معنى ترتيب الآثار عليه.
ثمّ إنّه للمحافظة على كلام المعصوم عن الكذب بملاحظة عدم كون أعيان التسعة مرفوعة عن الامّة لابدّ من تقدير ما يصحّ إسناد الرفع والوضع إليه ممّا يضاف إليها ، ليدلّ الخبر على كونه مرفوعا من باب دلالة الاقتضاء ، وهو إمّا جميع الآثار الشرعيّة المجعولة تكليفا ووضعا المترتّبة على هذه الأشياء لو لا كونها مرفوعة ، أو الآثار الظاهرة الشرعيّة الّتي منها المؤاخذة ، أو أثر خاصّ معيّن عند الله غير معيّن عند الامّة ، أو خصوص المؤاخذة عليها.
والأوّل ممّا لا سبيل إليه ، للعلم الضروري من جهة الإجماع وغيره من الأدلّة بعدم ارتفاع كثير من الآثار الشرعيّة التكليفيّة والوضعيّة عنها ، كدية القتل في الخطأ ، ووجوب القضاء والإعادة فيما تركه أو أخلّ به في الوقت نسيانا ، ووجوب الكفّارة بنسيان العشاء الموجب لصيام نهاره ، والضمان على من أتلف مال الغير خطأ أو نسيانا أو جهلا ، وعلى من اضطرّ إلى أكله أو شربه ونحو ذلك.
وكذلك الثاني لكون أكثر هذه المذكورات ـ إن لم نقل كلّها ـ من الآثار الظاهرة.
وكذلك الثالث لقضائه بخلوّ كلام المعصوم في الخبرين عن الفائدة ، خصوصا إن قلنا بوروده في معرض الامتنان ، لأنّه لا يتمّ برفع ما لا يعلمه الامّة ، فتعيّن الأخير.
ويؤيّده مضافا إلى فهم العلماء حيث لم يحملوه إلاّ على رفع المؤاخذة خاصّة ، استقراء موارد إطلاق هذا اللفظ في خطابات الشرع القاضي بعدم معهوديّة إرادة ما عدا رفع المؤاخذة ووضعها.
__________________
(١ و ٢) الوسائل ١١ : ٢٩٥ الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، ح ١ و ٣.