بالأصل فيهما وهو استصحاب الحالة السابقة ، فإنّ صلاته هذه باطلة جزما إمّا لفوات شرط طهارة ثوبه ، أو لفوات شرط تطهّره.
وأيّا مّا كان فهو مبطل للصلاة وبطلانها يوجب أن يتوجّه إليه الخطاب بالإعادة بقوله : « أعد صلاتك ».
ومثله ما لو علم في إنائيه بأنّه إمّا هذا نجس أو ذاك مضاف ، فاستنجى بالثاني وتوضّأ بالأوّل فصلّى بهما ، فإنّ صلاته باطلة جزما إمّا لانتفاء الطهارة الحدثيّة أو لانتفاء الطهارة الخبثيّة ، وأيّا مّا كان فهو مبطل.
ومثله ما لو علم في مائين بأنّه إمّا هذا مغصوب أو ذاك مضاف ، وفي ثوب وماء إمّا بأنّ هذا مغصوب أو ذاك مضاف ، فتوضّأ بالأوّل أو لبس الثوب واستنجى بالماء ونحو ذلك ممّا لا يحصى.
فلو بنى على عدم الاعتناء بالعلم الإجمالي مطلقا ، وجوّزنا مخالفته مطلقا لأفضى إلى مخالفة العلم التفصيلي المتولّد منه في الأمثلة المذكورة ، فوجب أن لا يجوز ، إذ العلم التفصيلي الّذي لا يجوز مخالفته في حكم العقل لا فرق فيه بين ما كان ابتدائيّا أو متولّدا من العلم الإجمالي.
ولكن قد يتوهّم وقوع ذلك في الشرع في موارد كثيرة ولو على بعض الأقوال أو على قول بعضهم.
منها : ما تقدّم الإشارة إليه من مسألة (١) اختلاف الامّة على قولين الّتي صار فيها جماعة إلى طرح القولين معا بالرجوع إلى الأصل ، فإنّ ذلك ـ لو كان على إطلاقه ـ يشمل بعض الصور الّتي يؤول طرح القولين فيها إلى مخالفة عمليّة للعلم التفصيلي كما لا يخفى.
وقد عرفت لزوم هذه المخالفة على قول الشيخ أيضا ، بناء على إرادته التخيير الواقعي إلاّ على التوجيه المتقدّم.
ومنها : الشبهة المحصورة على القول بجواز ارتكاب الجميع دفعة أو تدريجا ، فإنّه لو كان على إطلاقه يؤدّي في بعض الصور إلى مخالفة تفصيليّة « كما لو اشترى بالمشتبهين من المذكّى والميتة جارية فوطئها ، فإنّه يعلم تفصيلا بطلان البيع في تمام الجارية وحرمة وطئها لكون بعض ثمنها ميتة » (٢) مع أنّه لم يظهر من القائل استثناء مثل هذه الصورة.
__________________
(١) تقدّم في الصفحة ٥٩.
(٢) العلاّمة المجلسي في أربعينه : ٥٨٢ والمدارك ١ : ١٠٨.