الجاهل بمجرّد
المطابقة للواقع بعد إحراز القربة فيها ، على ما سيأتي تحقيقه في باب الاجتهاد
والتقليد.
فما يقال ـ في وجه
جواز المخالفة الالتزاميّة في الشبهة الموضوعيّة عملا بأصل من الاصول ـ : من أنّ
الأصل في الشبهة الموضوعيّة إنّما يخرج مجراه من موضوع التكليف ، فيقال ـ في
المرأة المردّدة بين المحلوف على وطئها والمحلوف على ترك وطئها ـ : الأصل عدم
تعلّق الحلف بوطئ هذه المرأة ، والأصل عدم تعلّقه أيضا بترك وطئها ، فتخرج المرأة
بذلك عن موضوع حكمي التحريم والوجوب ـ وهو تحريم وطئ المحلوف على ترك وطئها ووجوب
وطئ المحلوف على وطئها ـ فتحكم بالإباحة لأجل الخروج من موضوع الوجوب والحرمة لا
لأجل طرحهما.
وفي الشبهة
الحكميّة أيضا : بأنّ الاصول الجارية فيها وإن لم يخرج مجراها عن موضوع الحكم
الواقعي ، بل كانت منافية لنفس الحكم كأصالة الإباحة مع العلم بالوجوب أو الحرمة ،
فإنّ الاصول في هذه منافية لنفس الحكم الواقعي المعلوم إجمالا لا مخرجة عن موضوعه
، إلاّ أنّ الحكم الواقعي المعلوم إجمالا لا يترتّب عليه أثر إلاّ وجوب الإطاعة
وحرمة المعصية ، والمفروض أنّه لا يلزم من إعمال الاصول مخالفة عمليّة له ، ووجوب
الالتزام بالحكم الواقعي مع قطع النظر عن العمل غير ثابت ، ولو فرض ثبوت الدليل
عقلا أو نقلا على وجوب الالتزام بحكم الله الواقعي لم تنفع ، لأنّ الاصول تحكم في
مجاريها بانتفاء الحكم الواقعي ، فهي كالاصول في الشبهة الموضوعيّة مخرجة لمجاريها
عن موضوع ذلك الحكم ، أعني وجوب الأخذ بحكم الله » .
ففيه : إنّ محصّله
منع وجوب الالتزام بالأحكام الواقعيّة بل الظاهريّة أيضا بطريق أولى ، لعدم ثبوت
الدليل عليه ، وقد عرفت الدليل عليه فيهما معا.
غاية الأمر أنّ
الوجوب في الثاني مقدّمي صرف ، وفي الأوّل ذاتي ، ولا ينافيه كونه فيه أيضا مقدّمة
للعمل لجواز مطلوبيّته لجهتين.
وما ذكر من أنّه «
لو فرض ثبوت الدليل عليه لم ينفع ، لأنّ الاصول تحكم في مجاريها بانتفاء الحكم
الواقعي » ففيه : ما لا يخفى من ضعف التعليل ، لمنع حكومة الاصول
بانتفاء
__________________