الحكم الواقعي ، فإنّها غير متعرّضة للواقع لا بنفي ولا بإثبات ، بل كافلة لبيان كيفيّة العمل ، ومفادها نفي صيرورة الحكم الواقعي المجهول ـ لعذريّة الجهل ـ حكما ظاهريّا وتكليفا فعليّا وبراءة ذمّة المكلّف عنه ، فأصالة الإباحة لو كانت جارية في مسألة دوران الأمر بين [ الوجوب ] والحرمة من الشبهة الحكميّة كان مفادها عدم صيرورة الحكمين تكليفا فعليّا في حقّ هذا المكلّف الغير العالم بالتفصيل ، لا انتفاء الحكم الواقعي المعلوم بالإجمال المردّد بينهما.
وعلى هذا ففي كونها مخرجة لمجاريها عن موضوع وجوب الالتزام بالحكم الواقعي منع واضح.
وممّا ذكرناه ظهر ما في دعوى كون أصالة الإباحة منافية لنفس الحكم الواقعي المردّد بين الوجوب والحرمة ، فإنّها على تقدير جريانها إذا لم تكن متعرّضة للواقع لا بنفي ولا بإثبات فكيف تكون منافية لنفس الحكم الواقعي؟.
وأمّا أنّها مع العلم الإجمالي هل تجري أو لا تجري؟ فقد عرفت منع جريانها ، نظرا إلى ظهور كلامهم في الاتّفاق على عدم الرجوع إلى أصل الإباحة في مسألة دوران الأمر بين الوجوب والحرمة.
والسرّ فيه أوّله إلى المخالفة القطعيّة للحكم الواقعي من حيث العمل ، فإنّ اختيار الفعل تارة والترك اخرى مخالفة عمليّة لكلّ من الوجوب والحرمة.
وأمّا ما ذكر في الشبهة الموضوعيّة ، من « أنّ الاصول مخرجة لمجاريها عن موضوع الحكم الواقعي » فيقال ـ في المرأة المردّدة بين المحلوف على وطئها والمحلوف على ترك وطئها ـ الأصل عدم تعلّق الحلف بوطئ هذه المرأة ، والأصل عدم تعلّقه بترك وطئها أيضا.
ففيه : أنّ جريان الأصلين ـ مع العلم بانتقاض إحدى الحالتين السابقتين إجمالا ـ غير معقول ، لعدم معقوليّة جريان أصل العدم مع اليقين بانتقاض الحالة السابقة ومع اليقين بعدم انتقاضها ، واليقين حاصل فيما نحن فيه بانتقاض إحدى الحالتين وعدم انتقاض الاخرى.
غاية الأمر اشتباه الحالة المنتقضة بالحالة الغير المنتقضة ، والاشتباه لا يجوّز جريان الأصلين ، وجعله من الشكّ في تعلّق الحلف بالوطئ أم لا؟ وفي تعلّقه بترك الوطئ أم لا؟
تكلّف وتمحّل ، إذ ليس صورة الشكّ هكذا ، بل بمعنى أنّا لا ندري أنّ أيّ الحالتين منتقضة ،