الإجمالي في حصول البراءة ، وسقوط التكليف عند اشتغال الذمّة وعدمه ، كإكرام شخصين يعلم أنّ أحدهما زيد عند معلوميّة الأمر بإكرام زيد ومجهوليّة زيد مع إمكان استعلامه أو عدم إمكانه ، ومحصّل هذا العنوان أنّه هل يكفي في حصول الامتثال وفراغ الذمّة عن المكلّف به الموافقة الإجماليّة ، أو لا يكفي بل لابدّ من الموافقة التفصيليّة؟
أمّا المقام الأوّل : فليعلم أنّ الإجماليّة في العلم الإجمالي وصف فيه باعتبار متعلّق العلم ، وإلاّ فالعلم في نفسه غير قابل لوصف الإجماليّة ، فإنّ الإجمال المنسوب إليه العلم من « أجمل » بمعنى جمع ، فانتسابه إلى الإجمال بمعنى الجمع لكونه جامعا لاحتمالين فصاعدا.
وظاهر أنّ الجامع لاحتمالين فصاعدا المشتبه في الظاهر إنّما هو متعلّق العلم لا نفسه ، ومتعلّقه المشتبه ـ بسبب اجتماع الاحتمالين فصاعدا ـ فيه قد يكون نفس التكليف الدائر بين إيجاب شيء وتحريمه ، وقد يكون المكلّف ـ بالكسر ـ الدائر بين شخصين ، وقد يكون المكلّف ـ بالفتح ـ الدائر بينهما ، كما في مسألة وجدان المنيّ في الثوب المشترك ، وقد يكون المكلّف به الدائر بين أمرين فصاعدا ، كالصلاة إلى القبلة المردّدة عند اشتباه القبلة بين الجهات ، وصلاة يوم الجمعة المردّدة بين الظهر والجمعة وما أشبه ذلك.
فالأقسام أربعة ، إلاّ أنّ القسم الثاني ـ وهو الشبهة في المكلّف بالكسر ـ في خطابات الشرع غير معقول ، لانحصار المكلّف فيها في الشارع ولا تعدّد فيه.
نعم قد يوجد ذلك ويتأتّى فرضه في خطابات العرف ، كما لو توجّه إلى الولد أمر من أحد والديه ولم يعلم أنّه من أبيه أو من امّه.
ويظهر ثمرة هذا الاشتباه فيما لو مات أحدهما بعد الأمر وقبل امتثاله ، فإن كان الميّت هو الآمر سقط الأمر وانقطع التكليف وإلاّ كان الأمر باقيا إلى أن يحصل امتثاله.
هذا إن قسنا الشبهة إلى الخطاب الصادر من أحدهما ، وإن قسناها إلى خطاب الشارع بإطاعة الوالدين رجعت إلى الشبهة في المكلّف به ، إذ لا يدري أنّ الواجب عليه حينئذ هل هو إطاعة أبيه أو إطاعة امّه؟
وكيف كان فمحلّ البحث في المقام ـ بملاحظة ما ذكرناه ـ إنّما هو ما عدا القسم الثاني من الأقسام الثلاث الباقية.
والكلام في جميع هذه الأقسام يقع تارة في حرمة مخالفة العلم ، واخرى في وجوب موافقته الّذي يتأتّى بالجمع بين المحتملات في العلم ، كما أنّ الأوّل يتأتّى بترك جميع المحتملات.