على هذا الوجه لا تشمل قطع القطّاع ، فرجع ذلك في الشهادة والفتوى إلى اشتراط حجّيّته فيهما بعدم كون صاحبه قطّاعا ، سواء رجع إلى اشتراط حكم للشاهد أو المفتي بذلك ـ كجواز أداء الشهادة وجواز الإفتاء ـ أو إلى اشتراط حكم لمن يقبل الشهادة كالحاكم ، أو من يقبل الفتوى كالمقلّد ، وهو جواز قبول الشهادة وجواز قبول الفتوى ، إلاّ أنّه يعتبر في جريان ذلك الحكم في حقّ الشاهد والمفتي أمران :
أحدهما : أن يعلم بكونه قطّاعا.
وثانيهما : أن يعلم أو احتمل كون حجّيّة قطعه مشروطة بعدم كونه قطّاعا ، لأنّه إذا علم باشتراط حجّيّة قطعه بعدم كونه قطّاعا بعد علمه بأنّه قطّاع فقد علم بعدم كون قطعه من موضوع جواز أداء الشهادة أو جواز الإفتاء ، وإذا احتمل اشتراط حجّيّة قطعه بعدم كونه قطّاعا بعد علمه بأنّه قطّاع فيشكّ في تحقّق موضوع حكمه ـ أعني جواز أداء الشهادة وجواز الإفتاء ـ والأصل يقتضي عدم الجواز.
وعلى الثاني يعتبر في جريان الحكم المذكور في حقّ الحاكم أو المقلّد أيضا أمران :
أحدهما : علمه بأنّ الشاهد أو المفتي قطّاع.
وثانيهما : أن يعلم أو احتمل كون حجّيّة قطع الشاهد أو المفتي في جواز قبول شهادته أو فتواه مشروطة بأن لا يكون قطّاعا ، لأنّه إذا علم بالاشتراط بعد علمه بكونه قطّاعا فقد علم بعدم كون قطعه من موضوع حكمه ، وإذا احتمل الاشتراط بعد العلم بكونه قطّاعا فقد شكّ في تحقّق موضوع حكمه ، والأصل معه يقتضي عدم جواز القبول.
وإن أرادوا من عدم الاعتبار عدم حجّيّة قطع القطّاع من حيث كاشفيّته فيما كان القطع طريقا إليه ، فلا يخلو إمّا أن يكون المراد منع القطّاع من الخوض في أسباب غير عادية تحصيلا للقطع ، أو يكون المراد منعه من العمل بقطعه الحاصل من جهة الأسباب الغير العادية حين حصوله.
فإن اريد الأوّل فجهة المنع من الخوض إمّا كون قطعه الّذي يحصل من تلك الأسباب ملزوما للخطأ ، أو كونه يكثر فيه الوقوع في الخطأ ، أو كونه لا يأمن من الوقوع في الخطأ.
والأوّل ممنوع ، والثاني غير بعيد ، والثالث مسلّم ، ولكنّه منقوض.
أمّا الأوّل : فلمنع الملازمة ، فإنّ القطّاع قد يصادف قطعه الواقع.
وأمّا الثالث : فلأنّ القطع من جهة الأسباب المتعارفة العادية لغير القطّاع أيضا لا يأمن