بعضها داخلا في البيان ، وكون بعضها خارجا عنه ، وكون بعضها مشتبها حاله من حيث الدخول والخروج ، كما لو استقبل في صلاته البيانيّة وابتدأ في غسل الوجه من الأعلى وفي غسل اليدين من المرفقين ، وما علم كونه داخلا بكونه من أجزاء العبادة فمنه ما علم كونه واجبا ، ومنه ما علم كونه مندوبا ، ومنه ما يكون مشتبها بين الواجب والمندوب ، وما علم كونه واجبا قد يكون واجبا ركنيّا ، وقد يكون واجبا غير ركني وقد يكون مشتبها بينهما ، وما لا يكون واجبا ركنيّا منه ما يتدارك منسيّه بعد الفعل ، ومنه ما لا يتدارك منسيّه ، ومنه ما اشتبه بينهما ، فالكلام في جهات :
أمّا الجهة الاولى : فهل الأصل فيما اشتبه بين دخوله في البيان أو خروجه منه أن يكون داخلا فيه أو خارجا منه؟ على معنى كونه من العادة ، أو لضرب من الاتّفاق وجهان ، من أصالة عدم التشريع ، ومن ظهور فعله من قرينة المقام وشهادة الحال ـ باعتبار كونه في معرض البيان ـ في قصد البيان من فعله هذا ، وأوجههما الثاني تقديما للظاهر هنا على الأصل ، لدلالة نفس تعرّضه لبيان المجمل بالفعل مع علمه بكون دلالة أكثر أجزائه على قصد البيانيّة على وجه الظهور ، على أنّه اكتفى في ثبوت البيانيّة بذلك الظهور ، ورخّص لتابعيه في التعويل عليه لئلاّ يلزم نقض الغرض ، أو لئلاّ يلزم الإغراء بالجهل المنوط بتأخير البيان عن وقت الحاجة ، مع كونه من الظنّ بالحكم الشرعي الحاصل من فعل المعصوم لا بالموضوع الخارجي ، فيندرج في الظنّ المطلق الثابت حجّيّته بدليل الانسداد.
هذا مضافا إلى الظهورات اللفظيّة فيما ثبت بيانيّته بالتنصيص كالأمثلة المتقدّمة ، فإنّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « خذوا عنّي مناسككم » ظاهر في كون كلّما استحدثه في فعله البياني داخل في البيان وقوله : « صلّوا كما رأيتموني اصلّي » ظاهر في مدخليّة جميع الخصوصيّات فيما قصد بيانه ، وقوله : « هذا وضوء ... إلى آخره » ظاهر في الإشارة إلى الفعل بجميع ما استحدثه فيه.
والمناقشة في الأوّل والثاني : بمنع ظهور الأمر في الوجوب ، لجواز إرادة الندب أو مطلق الرجحان ، مدفوعة : بما تقرّر في محلّه ، من أنّ الأمر حقيقة في الوجوب ، كما أنّ المناقشة في الثاني باحتمال كون « صلّوا » إخبارا بصيغة الماضي لا إنشاء ، فيكون إخبارا من فعل الأنبياء أو الملائكة ليلة المعراج ، مدفوعة : بكون هذا الاحتمال لغاية بعده لا يلتفت إليه ، ولا يوجب خروج الصيغة بظاهر الكتابة عن كونها ظاهرة في الأمر ، مضافا إلى