يقوله العامّة؟ فقلت : لا أدري ، فقال : إنّ عليّا عليهالسلام لم يكن يدين الله بدين إلاّ خالف عليه الامّة إلى غيره إرادة لإبطال أمره ، وكانوا يسألون أمير المؤمنين عليهالسلام عن الشيء الّذي لا يعلمونه ، فإذا أفتاهم بشيء جعلوا له ضدّا من عند أنفسهم ليلبّسوا على الناس » (١).
ويستفاد من الأخبار الاخر كون ذلك سيرة أهل الخلاف من امراء بني اميّة وبني العبّاس وعلمائهم بالنسبة إلى سائر الأئمّة عليهمالسلام كلّ في عصره ، حتّى حكي عن أبي حنيفة أنّه قال : « خالفت جعفرا عليهالسلام في كلّ ما يقول أو يفعل ، لكنّي لا أدري هل يغمض عينيه في السجود أو يفتحهما » (٢).
ولا ريب أنّ هذه بظهورها الّذي هو كالصريح باعتبار ما فيها من التعليلات ، تدلّ على أنّ المناط في الترجيح إنّما هو إصابة الحقّ ومطابقة الواقع ، فيؤخذ بما هو أقرب إليه وأشدّ مطابقة له.
وقضيّة حجّيّة العلّة المنصوصة إلغاء الخصوصيّة ، ولا ينافيه ما عن الشيخ والمحقّق من تعليل الترجيح بمخالفة العامّة بكون الخبر المخالف أبعد من التقيّة ، لأنّ معنى كونه أبعد من التقيّة كونه أقرب إلى الواقع ، بتقريب أنّ ما لم يكن وجه صدوره التقيّة ـ كما يكشف عنه المخالفة للعامّة ـ كان ظاهرا في القصد إلى إظهار الحقّ وبيان الواقع.
ومنها : تعليل الأخذ بالخبر المشهور بين الأصحاب الّذي رواه كلّهم ، دون الشاذّ الّذي يختصّ بروايته بعضهم : « بأنّ المجمع عليه لا ريب فيه » كما في مقبولة ابن حنظلة ، بتقريب : أن ليس المراد من نفي الريب نفي ماهيّته الموجبة لنفي جميع أفرادها ، حتّى يكون معناه : أنّ المجمع عليه لا ريب فيه من جميع الجهات ، ولا من إثبات الريب للشاذّ النادر على ما يقتضيه قرينة المقابلة ومفهوم التعليل ، أنّه لا ريب في بطلانه ، وإلاّ لم يكن لفرضهما مشهورين معا ولا لفرض وقوع التعارض معنى كما لا يخفى ، بل المراد نفي الريب بمعنى العيب والخلل المحتمل في الخبر الشاذّ احتمالا ظاهرا يعتني به العقلاء عن المجمع عليه ، على معنى خلوّه عن هذا العيب وإن احتمل فيه عيب آخر من جهة اخرى ، أو أنّه لا يحتمل فيه ذلك العيب احتمالا ظاهرا وإن احتمل ضعيفا لا يلتفت إليه العقلاء ، فيكون المراد من الريب المنفي فيه هو الريب الإضافي ، ولا ريب أنّ التعليل به على كلا
__________________
(١) الوسائل ٢٧ : ١١٦ / ٢٤ ، ب ٩ من أبواب صفات القاضي ، علل الشرايع ١ : ٥٣١.
(٢) حكاه المحدّث الجزائري في زهر الربيع : ٥٢٢.