الاحتمالين في معنى التعليل بكون المجمع عليه أقرب إلى الواقع ومعارضه أبعد عنه.
ومنها : ما دلّ على الترجيح بالأوثقيّة ، فإنّ كون الراوي ثقة معناه كونه بحيث يعتمد على روايته ، فمعنى أوثقيّته شدّة الاعتماد عليه ، فتعليق الأمر بالترجيح عليها يشعر بأنّ العلّة في الأخذ بخبره كونه أقرب مطابقة للواقع ، إذ لا معنى لشدّة الاعتماد على الراوي في روايته إلاّ هذا ، فإذا حصل هذا المعنى في أحد الخبرين من مرجّح خارجي لزم اتّباعه.
ومنها : ما في المقبولة من الترجيح بأصدقيّة راوي أحدهما ، وليس ذلك إلاّ لكون النظر إلى كون خبره أقرب مطابقة للواقع ، لأنّ الصدق عبارة عن المطابقة للواقع والأصدق يحتمل الملكة والحال معا.
فعلى الأوّل يراد منه أقوى ملكة للبعث على ملازمة الصدق ، كما أنّ الأعدل يراد منه أقوى ملكة للبعث على ملازمة التقوى.
وعلى الثاني يراد منه كون صدقه بحسب الوقوع الخارجي أكثر وأغلب من كذبه.
وأيّا مّا كان فمناط ترجيح خبره أقربيّته إلى الواقع ، بخلاف الترجيح بالأعدليّة فإنّه ربّما يكون النظر إلى مصلحة اخرى غير مجرّد الأقربيّة ، كما في اعتبار العدالة للبيّنة ، فإنّه ليس لمجرّد إحراز مطابقة شهادته للواقع ، ولذا لا يقبل شهادة الموثوق بصدقه لكونه متحرّزا عن الكذب أو متّسما بالصدق ، مع كونه فاسقا من جهة اخرى.
ومنها : الترجيح بالأفقهيّة كما في المقبولة أيضا ، فإنّها توجب أقربيّة مضمون خبر الأفقه إلى الواقع ، وتفصيل القول في تحقيق هذه المواضع ، إنّما هو في الجزء الأخير من الكتاب ، في باب التعادل والتراجيح عند شرح فقرات المقبولة.
تذنيب :
إذا لم يحصل العلم بمرجّحيّة الظنّ المطلق ، ولم يقم عليها دليل معتبر شرعا ، ولم يوجد ظهور لفظي فيها كما لو فرضنا عدم تماميّة ظهورات الأخبار العلاجيّة ، ولكن حصل الظنّ بمرجّحيّته من أمارة كظهور الاجماع المستنبط من كلمات العلماء كما تقدّم ، فهل هو حجّة ويجب العمل به أو لا؟
قيل : الظاهر وجوب العمل به في مقابل التخيير ، وإن لم يجب العمل به في مقابل الاصول ، لثبوت التكليف بالترجيح بين المتعارضين ، وانتفاء المرجّح اليقيني ، وفقد ما دلّ الشرع على كونه مرجّحا ، فيدور الأمر بين البناء على التخيير في جميع الموارد ، أو العمل