وثالثا : النقض بصورة الشكّ في التعيين والتخيير ، من دون استناد له إلى موافقة الأمارة الغير المعتبرة ، فإنّ مناط جريان القاعدة هو ذلك الشكّ ، ولا يلزم فيه كونه مسبّبا عن اتّفاق موافقة الأمارة الغير المعتبرة.
ورابعا : النقض بصورة موافقة القياس لأحدهما ، لجريان القاعدة فيها أيضا لقيام احتمال التعيين والشكّ فيه أيضا.
وتوهّم : أنّ النواهي الكاشفة عن مبغوضيّة القياس عند الشارع ، حاكمة على قاعدة الاشتغال المقتضية لتقديم ما وافقه القياس.
يدفعه : أنّ الآيات الناهية عن اتّباع الظنّ ، الدالّة على أنّه لا يغني من الحقّ شيئا ، والأخبار الناهية عن القول بغير علم أيضا حاكمة عليها ، والفرق بين المقامين تحكّم صرف.
ثانيها : ظهور الإجماع على ذلك الّذي حكى شيخنا استظهاره عن بعض مشايخه (١) قال : « فتراهم يستدلّون في موارد الترجيح ببعض المرجّحات [ الخارجيّة ] بإفادته للظنّ بمطابقة أحد الدليلين للواقع ، فكان الكبرى وهي وجوب الأخذ بمطلق ما يفيد الظنّ على طبق أحد الدليلين مسلّمة عندهم ، ويؤيّده الإجماعات المستفيضة على وجوب الأخذ بأقوى المتعارضين وأرجحهما ، واستدلالهم على الترجيح في بعض المقامات بقبح ترجيح المرجوح على الراجح (٢).
وهذا أضعف من سابقه بل أوهن من بيت العنكبوت ، فإنّ ظهور الإجماع غايته الظنّ ، فالتمسّك به إثبات لمرجّحيّة الظنّ الغير المعتبر بالظنّ الغير المعتبر ، فإنّه من أفراد الظنّ المطلق بني المسألة على عدم القول بحجّيّته ، فيدور الكلام.
وأمّا التأييد بالإجماعات المستفيضة فكبرى الأخذ بأقوى الدليلين مسلّمة ، بل الإجماع عليها معلوم ، ولكن القدر المتيقّن من معقده الّذي هو معقد الإجماعات المستفيضة ما كان أقوى الدليلين في نفسه ، وهو الأقوى بأعدليّة الراوي ، أو أفقهيّته أو بكونه مسندا ، أو مشهورا روايته أو غير ذلك من المرجّحات الداخليّة والخارجيّة ، وكون ما وافق مضمونه أمارة غير معتبرة ـ كالاستقراء والأولويّة الظنّيّة ، بل الشهرة في الفتوى والإجماع المنقول ـ
__________________
(١) هو السيد المجاهد في مفاتيح الاصول : ٧١٧.
(٢) نهاية الوصول ( مخطوط ) ٤٥١ ومفاتيح الاصول : ٦٨٦ وفرائد الاصول ١ : ٦٠٨.