ولا ريب أنّ الأخذ بالخبر الموافق يوجب اليقين بالبراءة ، بخلاف الأخذ بالخبر الآخر.
وتوهّم : أنّ الخبر المخالف قد يكون موافقا للاحتياط في المسألة الفرعيّة ، فيعارض قاعدة الاشتغال في المسألة الاصوليّة ، بل يرجّح عليه في مثل المقام مدفوع : بمنع المعارضة ، لو اريد بالاحتياط في المسألة الفرعيّة ما يفرض مع الشكّ في التكليف ، أو مع الشكّ في المكلّف به الّذي يؤول إلى الشكّ في التكليف ، لورود أصل البراءة عليه ، وهو موافق للخبر الموافق للظنّ.
ولو اريد به ما يفرض مع الشكّ في المكلّف به ، الّذي لا يؤول إلى الشكّ في التكليف ، الّذي هو مورد اجتماع قاعدة الاحتياط مع قاعدة الاشتغال في المسألة الفرعيّة.
ففيه : أنّه [ إن ] اريد بذلك أنّ نفس الاحتياط في المورد يقتضي الأخذ بمضمون الخبر المخالف للظنّ المفروض.
فيزيّفه : أنّ قاعدة التخيير في العمل بين الخبرين ، على تقدير عدم الترجيح بذلك الظنّ ، واردة على جميع الاصول المفروضة في المورد على تقدير فقد الخبرين معا الّتي منها قاعدة الاحتياط ، كما أنّ تعيين العمل بالخبر الموافق له على تقدير الترجيح به ، يوجب وروده على جميع الاصول الّتي منها قاعدة الاحتياط ، ولذا يحكم بالتخيير أيضا مع فقد المرجّح ، وإن كان أحدهما موافقا للاستصحاب والآخر مخالفا له ، المقتضي لجواز الأخذ بالخبر المخالف.
وإن اريد به أنّ بعض الأخبار (١) الدالّة على وجوب الأخذ بما وافق الاحتياط من الخبرين وطرح ما خالفه ، يقتضي وجوب الأخذ بمضمون الخبر المخالف للظنّ.
فيزيّفه : ما تقرّر في محلّه ، من عدم نهوض تلك الأخبار لتخصيص الأخبار الدالّة على التخيير.
نعم يرد عليه أوّلا : عدم نهوض قاعدة الاشتغال لاثبات المرجّحيّة بحسب الواقع للظنّ الغير المعتبر ، ولا استحقاق التقديم للخبر الموافق له ، بل غايته اقتضاء كون الأخذ بمضمونه مبرأ للذمّة على وجه اليقين.
وثانيا : إطلاق أخبار التخيير المتناول لصورة موافقة الأمارة الغير المعتبرة لمضمون أحد المتعارضين ، فإنّه حاكم على قاعدة الاشتغال كما هو واضح.
__________________
(١) مستدرك الوسائل ١٧ : ٣٠٣ / ٢ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي.