وينبغي نقل ما عثرنا عليه من كلمات العلماء الأخيار ، ثمّ التعرّض لنقل جملة من الأخبار المتعلّقة بهذا المضمار ، فعن نصير الملّة والدين ، محمّد بن الحسن الطوسي رحمهالله : « أقلّ ما يجب اعتقاده على المكلّف ، هو ما ترجمه قول لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله » (١).
وقال المحدّث الكاشاني في حقائقه بعد نقله لتلك العبارة : « ثمّ إذا صدّق الرسول فينبغي أن يصدّقه في صفات الله واليوم الآخر وتعيين الإمام المعصوم ، كلّ ذلك بما يشتمل عليه القرآن من غير مزيد وبرهان.
أمّا في صفات الله فبأنّه حيّ ، قادر ، عالم ، مريد ، متكلّم ، ليس كمثله شيء ، وهو السميع البصير.
وأمّا في الآخرة فبالإيمان بالجنّة والنار والصراط والميزان والحساب والشفاعة وغيرها ، ولا يجب عليه أن يبحث عن حقيقة الصفات ، وأنّ الكلام والعلم وغيرهما حادث أو قديم ، بل لو لم يخطر هذه بباله ومات مات مؤمنا ، فإن غلب على قلبه شكّ أو إشكال فإن أمكن إزالته بكلام قريب من الأفهام وإن لم يكن قويّا عند المتكلّمين ولا مرضيّا فذلك كاف ، ولا حاجة إلى تحقيق الدليل » انتهى (٢).
وعن المسالك في باب الشهادات في فروع اشتراط الإيمان في الشاهد ، وردّ شهادة كلّ مخالف في شيء من اصول العقائد ، أنّه قال : « المراد بالاصول الّتي تردّ شهادة المخالف فيها ، مسائل التوحيد والعدل والنبوّة والإمامة والمعاد.
وأمّا فروعها من المعاني والأحوال من فروع الكلام فلا يقدح الخلاف فيها ، لأنّها مباحث ظنّيّة ، والاختلاف فيها بين علماء الفرقة الواحدة كثير شهير ، وقد عدّ بعض العلماء ما وقع الخلاف بين المرتضى وشيخه المفيد فبلغ نحوا من مائة مسألة ، فضلا عن غيرهما » انتهى (٣).
وقال المحقّق الأردبيلي ، في شرح الإرشاد في الباب المذكور : « والمراد به يعني الإيمان اعتقاد الإماميّة الاثني عشريّة من أصناف الشيعة لا غير ، والظاهر أنّه يحصل بمعرفة الله ونبوّة نبيّنا محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وتصديقه في جميع ما جاء به من الأحكام وغيرها ، مثل الموت وعذاب القبر والحشر والنشر والنار والثواب والعقاب والصراط والميزان ، وغير ذلك من نبوّة جميع الأنبياء ، والكتب السالفة ، وأنّه لا نبيّ بعده ، وبإمامة الأئمّة الإثني عشر كلّ
__________________
(١) حكاه عند الفيض الكاشاني رحمهالله في الاصول الأصليّة : ١٨٠.
(٢) الحقائق في محاسن الأخلاق : ٤٠.
(٣) مسالك الأحكام ٢ : ٤٠٢.