الّتي وقعت في القلوب بإلهام فطري الهيّ.
وذلك نظير قول الحكماء : « أنّ الطفل يتعلّق بثدي امّه بإلهام فطري الهي » فلم يتعلّق بالمكلّف وجوب وغيره إلاّ بعد بلوغ خطاب الشارع ، ومعرفة الله تعالى قد حصلت لهم قبل بلوغ الخطاب بطريق الإلهام ، بل قيل إنّ كلّ من بلغه دعوة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يقع في قلبه من الله تعالى اليقين بصدقه ، لما تواترت به الأخبار من قولهم عليهمالسلام : « ما من أحد إلاّ ورد عليه الحقّ حتّى يصدع قلبه قبله أو تركه » ، فأوّل الواجبات هو الإقرار اللساني بالشهادتين على ما في الروايات » انتهى (١).
وعن المحدّث البحراني ـ في مقدّمات الحدائق ـ موافقته لهما في الجملة ، حيث نقل في هذا المقام كلاما للسيّد المتقدّم واستحسنه ، إلاّ أنّه صرّح بحجّيّة العقل الفطري الصحيح وحكم بمطابقيّته للشرع ومطابقة الشرع له.
ثمّ قال : « لا مدخل للعقل في شيء من الأحكام الفقهيّة من عبادات وغيرها ، ولا سبيل إليها إلاّ السماع عن المعصوم لقصور العقل المذكور عن الاطّلاع عليها ».
ثمّ قال : « نعم يبقى الكلام بالنسبة إلى ما لا يتوقّف على التوقيف فنقول : إن كان الدليل العقلي المتعلّق بذلك بديهيّا ظاهر البداهة ـ مثل الواحد نصف الاثنين ـ فلا ريب في صحّة العمل به ، وإلاّ فإن لم يعارضه دليل عقلي ولا نقلي فكذلك ، فإن عارضه دليل عقلي آخر فإن تأيّد أحدهما بنقلي كان الترجيح له وإلاّ فإشكال ، وإن عارضه دليل نقلي فإن تأيّد ذلك العقلي بدليل نقلي كان الترجيح للعقلي ، إلاّ أنّ هذا في الحقيقة تعارض في النقليّات ، وإلاّ فالترجيح للنقلي وفاقا للسيّد المحدّث المتقدّم ذكره وخلافا للأكثر ، هذا في العقلي بقول مطلق.
وأمّا لو اريد المعنى الأخصّ وهو الفطري الخالي عن شوائب الأوهام الّذي هو من حجج الملك العلاّم ، وإن شذّ وجوده في الأنام ففي ترجيح النقلي عليه إشكال » انتهى (٢).
وأنت خبير بما في جميع هذه الكلمات من الفساد وخروجها عن السداد.
أمّا كلام المحدّث الأسترابادي فمع أنّه لا يرجع إلى محصّل ـ بعد منع وجود ما لا ينتهي من مقدّمات الدليل العقلي إلى المعلومات الضروريّة ولو بواسطة أو وسائط ، لاستحالة تحصيل المجهول النظري عن نظري مثله ، وأنّه منقوض بالدليل النقلي الّذي حصروه في الأخبار المأثورة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام ، من حيث إنّ وقوع الخطأ والاشتباه
__________________
(١) شرح التهذيب : ٤٧ ( مخطوط ).
(٢) الحدائق : ١ / ١٢٦ ـ ١٣٣.