مسألة من المسائل؟
قلت : أمّا البديهيّات
فهي له وحده وهو الحاكم فيها.
وأمّا النظريّات
فإن وافقه النقل وحكم بحكمه قدّم حكمه على النقل وحده ، وأمّا لو تعارض هو والنقلي
فلا شكّ عندنا في ترجيح النقل وعدم الالتفات إلى ما حكم به العقل » ـ إلى أن قال ـ
: « وهذا أصل يبتنى عليه مسائل كثيرة :
منها : مسألة
الإحباط فإنّ أكثر علمائنا قد أقاموا الأدلّة العقليّة على نفيه ، مع أنّ الآيات
والأخبار دالّة عليه.
ومنها : مسألة
إسهاء الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في الصلاة وحدها ، فإنّ الأخبار قد استفاضت في الدلالة
عليه وقد عمل بها الصدوق قدسسره ، وقد أنكره أصحابنا اعتمادا على بعض الأمارات العقليّة.
ومنها : مسألة
الإرادة ، فإنّ المتكلّمين من أصحابنا قد أقاموا البراهين العقليّة على كونها عين
الذات ، وقد ورد في الأخبار المستفيضة أنّها زائدة عليها ، وأنّها من صفات الأفعال
، وذهب إليه شيخنا الكليني طاب ثراه وقد عنون بابا من اصول الكافي في زيادة
الإرادة على الذات.
ومنها : تعيين
أوّل الواجبات ، فذهب الأكثر إلى أنّه معرفة الله تعالى إذ هو أصل المعارف
والعقائد الدينيّة ، وعليه يتفرّع كلّ واجب من الواجبات الشرعيّة ، وذهب بعضهم إلى
أنّ أوّل الواجبات هو النظر فيها لأنّه واجب اتّفاقا وهو قبلها ، وهو مذهب
المعتزلة والأوّل مذهب الأشاعرة ، وقيل : هو أوّل جزء من النظر ، لأنّ وجوب الكلّ
يستلزم وجوب أجزائه ، وأوّل جزء من النظر واجب ومقدّم على النظر المقدّم على
المعرفة.
وقال القاضي
واختاره ابن فورك وإمام الحرمين أنّه القصد إلى النظر ، لأنّ النظر فعل اختياري
مسبوق بالقصد المقدّم على أوّل أجزائه.
وقال بعض
المحقّقين : وهذا النزاع لفظيّ ، إذ لو اريد الواجب بالقصد الأوّل أي اريد أوّل
الواجبات المقصودة أوّلا وبالذات فهو المعرفة إتّفاقا ، وإن اريد الواجب مطلقا
فالقصد إلى النظر ، لأنّه مقدّمة للنظر الواجب مطلقا فيكون واجبا أيضا.
والحاصل : أنّهم
أقاموا الأدلّة على أنّ أوّل الواجبات هو المعرفة بالله تعالى وعليه أكثر
المحقّقين من الإماميّة بل لا ينقل منهم سواه ، وأمّا الأخبار فقد استفاضت بل
تواترت بأنّ معرفة الله تعالى المجملة وهو : الله خالق للعالم ، وأنّه قادر حكيم ،
ونحوه من الامور النظريّة