المقدّمة الثانية : انسداد باب العلم والظنّ الخاصّ في معظم المسائل الفقهيّة.
المقدّمة الثالثة : القطع بعدم كون أحكامنا الفعليّة بأجمعها في جميع الوقائع المشتبهة ، هي الأحكام المجعولة للجاهل المستفادة من الطرق المقرّرة له ، كأصل البراءة وأصل الاشتغال والاستصحاب ، وحاصله : القطع بعدم كون حكمنا اليوم في جميع الوقائع هو الرجوع إلى الاصول من أصالة النفي وأصل البراءة ، ولا الأخذ بطريقة الاحتياط الموجب للعلم الإجمالي بالامتثال.
المقدّمة الرابعة : أنّ العقل المستقلّ بقبح التكليف بما لا يطاق ـ على تقدير تعيّن التعبّد بالعلم ـ يحكم بتعيّن الرجوع إلى الظنّ والأخذ به تحصيلا للامتثال الظنّي والموافقة الظنّيّة ، وعدم جواز العدول عنه إلى الموافقة الوهميّة بأن يؤخذ بالطرف المرجوح ، ولا الموافقة الشكّيّة بأن يعتمد على أحد طرفي المسألة من دون تحصيل الظنّ فيها ، أو يعتمد على ما يحتمل كونه طريقا شرعيّا للامتثال من دون إفادته الظنّ أصلا.
أمّا المقدّمة الاولى : فهي بالنسبة إلى كلّ من جزئيها ـ من ثبوت الأحكام الواقعية في حقّ العالمين بها وبقائها في حقّنا أيضا ، وعدم كون حالنا في وقائع تلك الأحكام كحال البهائم والصبيان والمجانين ـ بديهي الثبوت ولا حاجة لها إلى إثبات وإقامة برهان.
وأمّا المقدّمة الثانية : فهو أيضا بالنسبة إلى انسداد باب العلم غير محتاجة إلى البيان ولا الإثبات ، ضرورة قلّة ما يوجد في مسألة من طريق علمي يفي بانفراده في إثبات المسألة بجميع جهاتها على وجه لا يحتاج إلى إعمال أمارة غير علميّة حتّى الضروريّات والإجماعيّات.
ألا ترى أنّ أظهر ضروريّات الدين هو وجوب الفرائض اليوميّة ، ولا يثبت فيها بسبب الضرورة إلاّ أصل الوجوب ، أو هو مع كونها خمس صلوات ، أو هما مع كون الظهر منها أربع ركعات وكذلك العصر والعشاء ، والمغرب ثلاثة ، والصبح ركعتين.
وأمّا تفاصيل أحكام من أجزائها وشرائطها وموانعها وقواطعها ، والخلل الواقعة فيها من الشكوك والسهو والزيادة والنقيصة وغيرها ممّا لا يحصى كثرة ، فلا يوجد فيها من العلم أثر ، بل لم يعهد إلى الآن قول بانفتاح باب العلم في الأحكام حتّى أنّ الأخباريّة أيضا لا يقولون ، وما اشتهر منهم من علميّة الأخبار الموجودة بأيدينا فإنّما أرادوا بذلك علميّة صدورها ، وهذا لا يلازم علميّة نفس الأحكام المستفادة منها.
وأمّا بالنسبة إلى انسداد باب الظنّ الخاصّ ، فلأنّ ما ثبت عندنا من الظنون الخاصّة إنّما