أنت » ولا يقال : « بئس الفعل فعلك » وهذا آية عدم كون أصل الفعل قبيحا.
وأمّا بطلان الثاني : فلأنّ الظلم إنّما هو مخالفة السيّد فيما أمر أو نهى ، وكون ما نحن فيه من هذا القبيل أوّل المسألة بل محلّ منع ، فلا يكون ظلما بل يشبه الظلم ، ولذا عبّر عنه بتعريض النفس على المخالفة.
وعن الثالث : بأنّ ذمّ العقلاء واتّفاقهم على الاستحقاق مسلّم ، ولكنّه فيما انكشف الخلاف عندهم لا يزيد على قبح الفاعل حسبما بيّناه في قبح التجرّي ، وهو لا يوجب قبح الفعل ليكشف عن المبغوضيّة الملازمة للعصيان واستحقاق العقوبة.
وبالجملة ذمّ العقلاء إنّما ينهض دليلا على المعصية واستحقاق العقوبة إذا كان كاشفا عن قبح الفعل عندهم ، لا عن مجرّد صفة قبيحة في الفاعل ، والمسلّم في المقام هو الثاني ، فإنّ ذمّ الإنسان على الصفة القبيحة أيضا يحسن عند العقلاء وإن لم يقارنها فعل ، كالذمّ على سائر الصفات الذميمة.
وعن الرابع : بأنّ كون الظانّ مكلّفا بالعمل على ظنّه في الجملة مسلّم ، ولكن كون مخالفته عصيانا بقول مطلق غير مسلّم ، وذلك أنّ معنى التكليف بالعمل على الظنّ ـ حسبما استفيد من دليل حجّيّة الظنّ ـ وجوب ترتيب الآثار والأحكام على المظنون على أنّه واقع لا على أنّه مظنون ، فموضوع ذلك الحكم هو الظنّ من حيث إنّ متعلّقه الواقع ، والظنّ الغير المطابق غير مندرج في هذا الموضوع ، فلا يشمله الحكم المذكور.
غاية الأمر أنّ الظانّ بهذا الظنّ ما دام ظانّا يعتقد في حقّه وجوب العمل بالمعنى المذكور ، ولكن بعد ما انكشف فساد الظنّ تبيّن له عدم مصادفة اعتقاده الواقع ، على معنى تبيّن كون معتقده وجوبا خياليّا من غير أن يكون وجوب في الواقع.
ومن هنا يظهر بطلان نحو هذا الدليل المتمشّى في القطع الغير المطابق بل بطريق أولى ، نظرا إلى عدم كون حجّيّة القطع وطريقيّته إلى الواقع بجعل الشارع ـ كما حقّقنا سابقا ـ فالقاطع لكون قطعه عبارة عن انكشاف الواقع ـ ولو في نظره ـ يعتقد في حقّه وجوب ترتيب الآثار والأحكام على المنكشف من حيث إنّه الواقع ، لا من حيث إنّه عنوان آخر مغائر لعنوان الواقع ، فإذا انكشف بطلان قطعه تبيّن له عدم اندراجه في موضوع ذلك الحكم ، وكون الوجوب الذي اعتقده تكليفا خياليّا لا تكليفا واقعيّا.
وعن الخامس : بالنقض تارة والحلّ اخرى.