على عنوان « الإجماع المنقول » من حيث أنّه هذا العنوان ، لأنّه بهذا العنوان لم يؤخذ في شيء من الأدلّة ، ولم يرد فيه آية كتابيّة ولا رواية نبوّيّة ولا رواية إماميّة ولم ينعقد عليه إجماع ، بل بيان أنّه هل يكون حجّة من باب أنّه نبأ عدل فيكون من أفراد خبر الواحد ، ويدلّ على حجّيّته كلّما دلّ على حجّيّة خبر الواحد من الأدلّة الخاصّة.
ولذا قيل : إنّه بمنزلة خبر الواحد ، ويعدّ بهذا الاعتبار من الأدلّة اللفظيّة ، ويلاحظ فيه سندا ودلالة ومعارضة ، وباعتبار السند يدخل فيه كثير من أقسام الخبر من صحيح وضعيف وغيرهما ، وهو إذا نقله العدل من أصحابنا كخبر صحيح عالي السند ، وباعتبار الدلالة يلحقه جميع أحكام الدلالة اللفظيّة ، من قوّة وضعف ونصوصيّة وظهور وعموم وخصوص وإطلاق وتقييد وبيان وإجمال ، وباعتبار معارضة مثله له يلحقه أحكام التعارض ، من طرح أو علاج بالجمع والترجيح والرجوع إلى المرجّحات وغيره.
ومرجع البحث في حجّيّته على الوجه المذكور إلى بيان الملازمة بينه وبين خبر العدل في الحجّيّة وعدمها ، فقيل : نعم وهو لأكثر القائلين بحجّيّة خبر الواحد ، فقالوا : بأنّ ناقل الإجماع يحكي مدلوله ويرويه عن الإمام فيكون رواية مصطلحة ، وقيل لا وهو لجماعة وهو الحقّ.
لنا عليه وجهان : أحدهما : ما يرجع إلى الطعن في السند ، لا بمعنى القدح في الناقل فإنّه ممّا لا معنى له ، بل بمعنى أنّ إسناد العدل قولا إلى الإمام من باب الحدس ليس كإسناده القول إليه من باب الحسّ ليشمله أدلّته ، أو يكون نظيره في إيراث الوثوق والاطمئنان.
وثانيهما : ما يرجع إلى القدح في الدلالة ، على معنى أنّ الإجماع الّذي ينقله العدل ليس بحيث يدلّ على ما هو المقصود من الإجماع المصطلح ، ليكون ذلك نقلا لقول الإمام ، من حيث عدم بقائه في كلامهم على حاله وحقيقته هذا بيان دليل المختار على وجه الإجمال.
وأمّا بيانه على سبيل التفصيل فنقول : إنّ الأدلّة الخاصّة المقامة على حجّيّة خبر الواحد ، إمّا أن تكون من الأدلّة اللبّيّة كسيرة أصحاب الأئمّة والقدماء في العمل بأخبار الآحاد الّتي هي إجماع عملي ، أو من الأدّلة اللفظيّة من الأخبار والآيات.
أمّا الأوّل : فعدم شمول السيرة والإجماع العملي للإجماع المنقول واضح لا حاجة له إلى البيان ، إذ لا لفظ فيه ليكون بعمومه أو إطلاقه متناولا له ، والقدر المعلوم المتيقّن من معقدهما الروايات المصطلحة والأخبار المأثورة عن أئمّتهم عليهمالسلام لا غير ، وإن نقلت الكلام