وأيضا ذمّ الله تعالى عن اتّباع الظنّ وكذا الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وأوصيائه ، ولم يستثنوا ظواهر القرآن ـ إلى أن قال ـ
وأمّا الأخبار ، فقد سبق أنّ أصحاب الأئمّة عليهمالسلام كانوا عاملين بأخبار الآحاد من غير فحص عن مخصّص ، أو معارض ناسخ ، أو مقيّد ، ولولا هذا لكنّا في العمل بظواهر الأخبار أيضا من المتوقّفين » (١) إنتهى.
وفيه من جهات الاختلال ما لا يخفى ، خصوصا تهافت بعضه بعضا حيث أفاد تارة كون الوجه في عدم جواز العمل بظواهر القرآن لفقد (٢) المقتضي ، واخرى كونه وجود المانع كما يظهر للمتأمّل المتدبّر.
ومع الغضّ عن ذلك فأوّل ما يرد عليه : منع عدم شمول المحكم للظاهر ، بل الظاهر بحسب العرف واللغة ـ على ما بيّناه سابقا ـ من المحكم لا المتشابه لعدم تحقّق التشابه بمعناه اللغوي فيه ، وعلى طبقه وردت الرواية كما تقدّم حيث فسّر المتشابه فيها بما يشبه بعضه بعضا ، فاللغة والعرف والشرع متطابقات في عدم كون الظاهر من المتشابه ، فلا جرم يكون من المحكم لانتفاء الواسطة فيما بينهما.
ولو سلّم قيام احتمال التشابه من جهة احتمال إرادة خلاف الظاهر من غير قرينة فهو غير ضائر ، إذ العلم بكون الشيء محكما ليس شرطا ، بل العلم بكونه متشابها مانع ، فالاحتمال غير قادح في محكميّة المحكم ، وإلاّ خرج أصالة الحقيقة بلا مورد كما يرشد إليه التأمّل.
وثاني ما يرد عليه : أنّ الإجماع العملي الّذي ادّعاه من أصحاب الأئمّة عليهمالسلام في العمل بظواهر الأخبار ليس لأمر مختصّ بالأخبار ، بل لأمر مشترك بينها وبين الكتاب ، وهو الأمر المركوز في أذهانهم وأذهان قاطبة أهل اللسان قديما وحديثا في مطلق كلام المتكلّم ، وهو أنّ الأصل في كلام كلّ متكلّم كونه مقصودا به اللفظ والمعنى والإفهام الّذي لا يتمّ إلاّ بحمل كلّ ظاهر على ظاهره ، لئلاّ يلزم الإغراء بالجهل إلى أن يعلم قرينة خلافه ، وهذا هو المقتضي لجواز العمل بالظواهر في كلّ من الكتاب والأخبار ، ولو كان هناك إجماع مخرج من الأصل الأوّلي المقتضي للتحريم كان مدركه ذلك الأصل ، وهذا الأصل هو مفاد المقدّمة
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ١٥١ ـ ١٥٣ وشرح الوافية ( مخطوط ) : ١٤٠ ـ ١٤٦.
(٢) كذا في الأصل والأنسب « فقد المقتضي ».