الفصل ليس بالهزل ، وله ظهر وبطن فظاهره حكم وباطنه علم ، ظاهره أنيق وباطنه عميق ، له تخوم وعلى تخومه تخوم ، لا تحصى عجائبه ، ولا تبلى غرائبه ، فيه مصابيح الهدى ومنار الحكمة ، ودليل على المعرفة لمن عرف الصفة ... » إلى آخره (١).
ودلالته على المطلب في مواضع.
ومنها قول مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ـ في خطبة له في نهج البلاغة ـ : « والصلاة على نبيّه الّذي أرسله بالفرقان ليكون للعالمين نذيرا ، وأنزل القرآن ليكون إلى الحقّ هاديا وبرحمته بشيرا ، فالقرآن آمر زاجر ، وصامت ناطق ، حجّة الله على خلقه أخذ عليهم ميثاقه » (٢) فإنّ الحجّيّة على عموم الخلق مع عموم التشابه ، أو عموم المنع من العمل حتّى بغير المتشابه لا يجتمعان ، كما أنّ الهداية والبشارة برحمة الحقّ لا تتمّان مع عموم المتشابه أو منع العمل بغير المتشابه.
ومنها : أخبار الثقلين المدّعى تواترها المنقول بطرق الفريقين ، المشتمل على الأمر بالتمسّك بالكتاب المستفاد من سياقاتها وغيرها ، من نحو « ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا أبدا ، أو [ لن ] تضلّوا ما [ إن ] تمسّكتم بهما » (٣) وظاهر التمسّك بهما ـ أي بكلّ منهما ـ استقلال كلّ منهما بالإفادة في غير ما يحتاج إلى الانضمام ، من فهم المتشابهات ومعرفة الناسخ من المنسوخ ، ويتأكّد الظهور بملاحظة عطف العترة عليهمالسلام ، لاستقلاله وعدم افتقاره إلى الانضمام ، ولا ينافيه عدم افتراقهما ، إمّا لأنّ ذلك لأجل إفهام متشابهات الآيات الواجب فيه الرجوع إلى العترة ، أو لأجل الموافقة بينهما في الأحكام المودّعة في الكتاب وعند أهل البيت عليهمالسلام ، وما قد يتراءى من المخالفة بينهما بالعموم والخصوص فهو مخالفة صوريّه ترتفع بإرجاع التأويل إلى أحدهما الّذي ملاكه تقديم النصّ أو الأظهر على غيرهما ، وتؤول إلى الموافقة الحاصلة من نهوض النصّ والأظهر بيانا لإرادة خلاف الظاهر من غيرهما.
ومنها : الأخبار الآمرة بعرض الخبرين المتعارضين على الكتاب ، للأخذ بما وافقه وطرح ما خالفه ، الّذي لا يتمّ إلاّ بفهمه وجواز العمل به.
ومنها : الأخبار الكثيرة الّتي احتجّ فيها الأئمّة عليهمالسلام ، لأصحابهم بما غفلوا عنه من الآيات الكتابيّة على الحكم المغفول عنه ، من غير تعرّض لبيان المراد إكتفاء بفهم المخاطب.
__________________
(١) الكافي ٢ : ٥٩٨ / ٢ وتفسير العيّاشي ١ : ٢.
(٢) نهج البلاغة : خطبه ١٨٣.
(٣) الكافي ٢ : ٤١٥ / ١ والوسائل ٢٧ : ٣٣ / ٩ ، ب ٥ من أبواب صفات القاضي ومسند أحمد بن حنبل : ٣ / ١٤.