القطع بالمراد ، أو على وجه الظنّ به.
وفي معناهما ما قيل أيضا : المحكم ما علم المراد بظاهره من غير قرينة تقترن به ، ولا دلالة تدلّ على المراد به لوضوحه نحو قوله تعالى : ( إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً )(١) و ( لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ )(٢) ونحو ذلك ممّا لا يحتاج في معرفة المراد به إلى دلالة خارجيّة ، والمتشابه ما لا يعلم المراد بظاهره حتّى تقترن به ما يدلّ على المراد منه لالتباسه ، نحو قوله تعالى : ( وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلى عِلْمٍ )(٣) فإنّه يفارق ( وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُ )(٤) لأنّ إضلال السامري قبيح ، وإضلال الله تعالى حسن ، ولا يكون إلاّ بأن يراد منه : خذله الله تعالى عالما بضلاله.
وما قد يوجد في الأخبار من إطلاق المحكم على النصّ ، أو على الناسخ لا ينافي ما بيّناه ، لأنّ كلاّ من النصّ والناسخ من المحكم ، بل في بعض الروايات المنسوخات من المتشابهات والناسخات من المحكمات ، وإنّما يكون الناسخ من المحكم لأنّ الآية الناسخة بصراحة دلالتها مبيّنة للآية المنسوخة ، كاشفة عن إرادة خلاف ظاهر الإطلاق من عدم استمرار الحكم المستفاد منه.
ومنها : الخبران المتقدّمان وما بمعناهما المصرّحة بأنّ المحكم ما يعمل به والمتشابه ما اشتبه أو ما يشبه بعضه بعضا ، وهذا صريح أو كالصريح في أنّ المنع المستفاد من الأخبار المانعة في غير المحكمات المندرج فيها الظواهر.
ومنها : قول مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام ـ في حديث في احتجاجه على زنديق ـ : ثمّ إنّ الله قسّم كلامه ثلاثة أقسام ، فجعل قسما منه يعرفه العالم والجاهل ، وقسما منه لا يعرفه إلاّ من صفا ذهنه ولطف حسّه وصحّ تمييزه ممّن شرح الله صدره للإسلام ، وقسما لا يعلمه إلاّ الله وملائكته والراسخون في العلم ، وإنّما فعل ذلك لئلاّ يدّعي أهل الباطل المستولين على ميراث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من علم الكتاب ما لم يجعله الله لهم ، وليقودهم الاضطرار إلى الائتمام بمن ولىّ أمرهم فاستكبروا عن طاعته » (٥) ودلالته على عدم تشابه الجميع ، وعلى عدم المنع الشرعي من العمل بغير المتشابه واضحة.
فإنّ مراده عليهالسلام في التقسيم : أنّ القسم الأوّل من القرآن ما يفهمه العوامّ والعلماء مثل ( إِنَ
__________________
(١) سوره يونس : ٤٤.
(٢) سورة النساء : ٤٠.
(٣) سورة الجاثية : ٢٣.
(٤) سورة طه : ٨٥.
(٥) بحار الأنوار : ٨٥ / ٢٤٥.