ودلالته على ولاية علي عليهالسلام وإمامته بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله واضحة ، إذ إنّ هارون كان خليفة لموسى عليهالسلام ونبيّاً ، وقد أثبت رسول الله صلىاللهعليهوآله نفس المنزلة لعلي عليهالسلام باستثناء النبوّة ، فدلّ ذلك على ثبوت الخلافة له عليهالسلام.
ب ـ حديث الغدير : وهو قول رسول الله صلىاللهعليهوآله في حجّة الوداع ، حينما قام في الناس خطيباً في غدير خمّ ـ في خطبة طويلة ـ : « يا أيّها الناس ، إنّ الله مولاي وأنا مولى المؤمنين ، وأنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه ، فهذا مولاه ـ يعني علياً ـ اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ... ».
وقد روى هذا الحديث جمهرة كبيرة من الصحابة ، وأورده جمع كبير من الحفّاظ في كتبهم ، وأرسلوه إرسال المسلّمات (١).
ودلالة الحديث على خلافة وولاية علي عليهالسلام واضحة ، فلا يمكن حمل الولاية على معنى المحبّ والصديق وغيرهما ، لمنافاته للمطلوب بالقرائن الحالية والمقالية.
أمّا المقالية : فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله ذكر ولاية علي بعد ولاية الله وولايته ، ثمّ جاء بقرينة واضحة على أنّ مراده من الولاية ليس هو الصديق والمحبّ وما شاكل ، وذلك بقوله : « وأنا أولى بهم من أنفسهم » فهي قرينة تفيد أنّ معنى ولاية الرسول ، وولاية الله تعالى ، هو الولاية على النفس ، فما ثبت للرسول يثبت لعلي عليهالسلام ، وذلك لقوله : « من كنت مولاه فهذا مولاه ».
وأمّا الحالية : فإنّ أيّ إنسان عاقل إذا نعيت إليه نفسه وقرب أجله تراه يوصي بأهمّ الأُمور عنده ، وأعزّها عليه.
__________________
١ ـ مسند أحمد ١ / ١١٨ و ١٥٢ و ٤ / ٢٨١ و ٣٧٠ و ٥ / ٣٤٧ و ٣٧٠ ، الجامع الكبير ٥ / ٢٩٧ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٥ ، المستدرك ٣ / ١٠٩ ، المصنّف لابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٤ ، المعجم الكبير ٤ / ١٧ و ٥ / ١٧٠ و ٥ / ١٩٢ و ٥ / ٢٠٤ ، شواهد التنزيل ٢ / ٣٨١ ، التاريخ الكبير ١ / ٣٧٥ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢١٣ و ٢١٧ و ٢٣٠ ، تهذيب الكمال ٢٠ / ٤٨٤ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٩٦ ، الجوهرة : ٦٧ ، البداية والنهاية ٥ / ٢٣١ ، السيرة النبوية لابن كثير ٤ / ٤٢١ ، ينابيع المودّة ٢ / ٢٤٩ و ٢٨٣ و ٣٩١.