______________________________________________________
وبعده في أيّام معاوية جعل نصف صاع من حنطة بإزاء صاع من تمر ، وتابعهم الناس على ذلك ، فخرجت هذه الأخبار وفاقا لهم على جهة التقية (١). وهو جيّد.
وروى العلامة في المنتهى ، عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه سئل عن الفطرة ، فقال : « صاع من طعام » فقيل : أو نصف صاع؟ فقال ( بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ ) (٢) (٣). ثمّ قال ـ رحمهالله ـ وإذا كان التغيير حادثا حملنا الأحاديث من طرقنا على التقية ، وكان العمل بما ثبت في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم متعيّنا.
واعلم أنّ المستفاد من الروايات وجوب إخراج صاع من أحد الأجناس المنصوصة ، فلا يجزي إخراج صاع من جنسين ، وبه قطع الشيخ (٤) وجماعة ، وقال المصنف في المعتبر ، إنّه لا يجزي إلاّ على وجه القيمة (٥).
واستقرب العلامة في المختلف إجزاء ذلك أصالة ، واستدل عليه بأنّ المطلوب شرعا إخراج الصاع وقد حصل ، وليس تعيين الأجناس معتبرا في نظر الشرع وإلاّ لما جاز التخيير فيه. وبأنّه يجوز إخراج الأصوع المختلفة من الشخص الواحد عن جماعة فكذا الصاع الواحد. وبأنّه إذا أخرج أحد النصفين ، فقد خرج عن عهدته وسقط عنه نصف الواجب ، فيبقى مخيرا في النصف الآخر ، لأنّه كان مخيرا فيه قبل إخراج الأوّل فيستصحب (٦).
ويدفع ذلك كله تعلّق الأمر بإخراج صاع من حنطة أو صاع من شعير أو
__________________
(١) الاستبصار ٢ : ٤٨.
(٢) الحجرات : ١١.
(٣) المنتهى ١ : ٥٣٧ ، ورواها في المعتبر ٢ : ٦٠٧ ، والوسائل ٦ : ٢٣٥ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٢١.
(٤) المبسوط ١ : ٢٤١.
(٥) المعتبر ٢ : ٦٠٨.
(٦) المختلف : ١٩٩.
أربعة أمداد ، وهي تسعة أرطال بالعراقي. (١) ومن اللبن أربعة أرطال ، وفسّره قوم بالمدني.
______________________________________________________
صاع من تمر أو صاع من زبيب ، والصاع المجتمع من الجنسين لا يصدق عليه اسم أحدها ، فلا يتحقق به الامتثال.
قوله : ( والصاع أربعة أمداد ، وهي تسعة أرطال بالعراقي ).
قد تقدم الكلام في هذين الحكمين مفصلا في زكاة الغلاّت ، فليطلب من هناك (١)
قوله : ( ومن اللّبن أربعة أرطال ، وفسّره قوم بالمدني ).
أمّا الاجتزاء بأربعة أرطال من اللّبن ، فذكره الشيخ (٢) ، وجمع من الأصحاب.
قال في المنتهى (٣) : ولم نقف فيه على مستند سوى ما رواه ، عن القاسم بن الحسن ، رفعه ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سئل عن رجل في البادية لا يمكنه الفطرة ، قال : « يتصدق بأربعة أرطال من لبن » (٤).
وهذه الرواية ضعيفة مرسلة ، فلا عبرة بها ، ومع ذلك فالأرطال فيها مطلقة. وفسرها الشيخ (٥) وأتباعه بالمدني (٦) ، لما رواه ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الريان ، قال : كتبت
__________________
(١) راجع ص ١٣٤.
(٢) النهاية : ١٩١ ، والمبسوط ١ : ٢٤١ ، والاقتصاد : ٢٨٥.
(٣) المنتهى ١ : ٥٣٧.
(٤) التهذيب ٤ : ٨٤ ـ ٢٤٥ ، الإستبصار ٢ : ٥٠ ـ ١٦٥ ، الوسائل ٦ : ٢٣٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٧ ح ٣.
(٥) النهاية : ١٩١ ، والمبسوط ١ : ٢٤١ ، والاقتصاد : ٢٨٥.
(٦) منهم ابن حمزة في الوسيلة ( الجوامع الفقهية ) : ٦٨١ ، وابن إدريس في السرائر : ١٠٩.
ولا تقدير في عوض الواجب ، بل يرجع إلى قيمة السوق : وقدّره قوم بدرهم ، وآخرون بأربعة دوانيق فضة ، وليس بمعتمد ، وربما نزّل على اختلاف الأسعار. (١)
الثالث : في وقتها. وتجب بهلال شوّال ،
______________________________________________________
إلى الرجل أسأله عن الفطرة كم تؤدى؟ فقال : « أربعة أرطال بالمدني » (١).
قال في المعتبر : والرواية في الضعف على ما ترى (٢). وكأن الوجه في ذلك إطباق الأصحاب على ترك العمل بظاهرها ، وإلاّ فهي معتبرة الإسناد.
وقال الشيخ في التهذيب : إنّ هذا الخبر يحتمل وجهين : أحدهما أنّه أراد عليهالسلام أربعة أمداد ، فتصحّف على الراوي بالأرطال. وقد قدّمنا ذلك فيما مضى. والثاني أراد أربعة أرطال من اللبن والأقط ، لأنّ كل من كان قوته ذلك ، يجب عليه منه القدر المذكور في الخبر حسب ما قدّمناه (٣).
قوله : ( ولا تقدير في عوض الواجب ، بل يرجع إلى قيمة السوق ، وقدّره قوم بدرهم ، وآخرون بأربعة دوانيق فضة ، وربما نزّل على اختلاف الأسعار ).
هذان القولان مجهولا القائل والمستند ، وقال في المعتبر : إنّهما ليسا بشيء (٤). وما ذكره المصنف من التنزيل جيّد ، والأصح ما اختاره المصنف والأكثر من الرجوع في ذلك إلى القيمة السوقية وقت الإخراج ، لأنّ القيمة بدل عن الواجب ، فتعتبر قيمته وقت الإخراج.
قوله : ( الثالث ، في وقتها : وتجب بهلال شوال ).
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٨٤ ـ ٢٤٤ ، الإستبصار ٢ : ٤٩ ـ ١٦٤ ، الوسائل ٦ : ٢٣٧ أبواب زكاة الفطرة ب ٧ ح ٥.
(٢) المعتبر ٢ : ٦٠٨.
(٣) التهذيب ٤ : ٨٤.
(٤) المعتبر ٢ : ٦٠٩.
______________________________________________________
اختلف الأصحاب في هذه المسألة ، فقال الشيخ في الجمل : تجب الفطرة بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان (١). وهو اختيار ابن حمزة (٢) ، وابن إدريس (٣).
وقال ابن الجنيد : أوّل وقت وجوبها طلوع الفجر الثاني من يوم الفطر (٤). واختاره المفيد في المقنعة (٥) ، والسيد المرتضى (٦) ، وأبو الصلاح (٧) ، وابن البرّاج (٨) ، وسلاّر (٩) ، وابن زهرة (١٠) ، وهو المعتمد.
لنا أنّ الوجوب في هذا الوقت متحقق وقبله مشكوك فيه ، فيجب الاقتصار على المتيقن ، وما رواه الشيخ في الصحيح ، عن العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الفطرة ، متى هي؟ فقال : « قبل الصلاة يوم الفطر » قلت : فإن بقي منه شيء بعد الصلاة؟ قال : « لا بأس نحن نعطي عيالنا منه ثمّ يبقى فنقسمه » (١١).
وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار ، عن إبراهيم بن ميمون قال ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : « الفطرة إن أعطيت قبل أن تخرج إلى العيد ، فهي
__________________
(١) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٠٩.
(٢) الوسيلة ( الجوامع الفقهية ) : ٦٨١.
(٣) السرائر : ١٠٩.
(٤) نقله عنه في المعتبر ٢ : ٦١١ ، والمختلف : ١٩٩ ، ٢٠٠.
(٥) المقنعة : ٤١.
(٦) جمل العلم والعمل : ١٢٦.
(٧) الكافي في الفقه : ١٦٩.
(٨) المهذب ١ : ١٧٦ ، وشرح الجمل : ٢٦٧.
(٩) المراسم : ١٣٤.
(١٠) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩.
(١١) التهذيب ٤ : ٧٥ ـ ٢١٢ ، الإستبصار ٢ : ٤٤ ـ ١٤١ ، الوسائل ٦ : ٢٤٦ أبواب زكاة الفطرة ب ١٢ ح ٥.
ولا يجوز تقديمها قبله إلا على سبيل القرض على الأظهر.
______________________________________________________
فطرة ، وإن كان بعد ما تخرج إلى العيد فهي صدقة » (١).
احتج الآخرون (٢) بأنّها تضاف إلى الفطر فكانت واجبة عنده ، وبأنّها مشبهة بالصلاة على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مع الصلاة ، حيث كانت تماما ، فتكون مشابهة لها في التعقيب.
وبما رواه الشيخ في الصحيح ، عن معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن مولود ولد ليلة الفطر ، عليه فطرة؟ قال : « لا قد خرج الشهر » وسألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر ، عليه فطرة؟ قال : « لا » (٣).
والجواب عن الأوّل ، أنّ الفطر إنّما يتحقق نهارا ، فينبغي أن يكون الوجوب فيه.
وعن الثاني ، أنّ التشبيه إنّما وقع في كون الفطرة متمّمة للصوم كما أنّ الصلاة على النبي وآله متمّمة للصلاة ، وهذا لا يقتضي المساواة من كل وجه.
وعن الرواية ، بأنّها إنّما تدل على وجوب الإخراج عمن أدرك الشهر ، لا على أنّ أوّل وقت الإخراج الغروب ، وأحدهما غير الآخر.
قوله : ( ولا يجوز تقديمها قبله إلا على سبيل القرض على الأظهر ).
هذا هو المشهور بين الأصحاب ، ذهب إليه الشيخ في الاقتصاد (٤) ،
__________________
(١) الكافي ٤ : ١٧١ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ٧٦ ـ ٢١٤ ، الإستبصار ٢ : ٤٤ ـ ١٤٣ ، الوسائل ٦ : ٢٤٦ أبواب زكاة الفطرة ب ١٢ ح ٢.
(٢) كالمحقق في المعتبر ٢ : ٦١١.
(٣) التهذيب ٤ : ٧٢ ـ ١٩٧ ، الوسائل ٦ : ٢٤٥ أبواب زكاة الفطرة ب ١١ ح ٢.
(٤) الاقتصاد : ٢٨٥.
______________________________________________________
والمفيد في المقنعة (١) ، وأبو الصلاح (٢) ، وابن إدريس (٣) ، وغيرهم ، لأنّها زكاة الفطر فلا تجب قبله ، وإذا لم تكن واجبة لم يكن الإتيان بها مجزيا.
وقال الشيخ في النهاية ، والمبسوط ، والخلاف : يجوز إخراج الفطرة في شهر رمضان من أوّله (٤). وكذا قال ابنا بابويه (٥) ، واختاره المصنف في المعتبر (٦) ، وجماعة ، واستدلوا عليه بما رواه الشيخ في الصحيح ، عن زرارة وبكير ابني أعين ، والفضيل بن يسار ، ومحمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام أنّهما قالا : « على الرجل أن يعطي عن كل من يعول ، من حر وعبد ، وصغير وكبير ، يعطي يوم الفطر فهو أفضل ، وهو في سعة أن يعطيها من أوّل يوم يدخل في شهر رمضان إلى آخره ، فإن أعطى تمرا فصاع لكل رأس ، وإن لم يعط تمرا فنصف صاع لكل رأس من حنطة أو شعير ، والحنطة والشعير سواء ، ما أجزأ عنه الحنطة فالشعير يجزي » (٧).
وأجيب عن الرواية ، بالحمل على كون التقديم على سبيل القرض كما في المالية (٨) ، وهو مشكل ، لأنّ الضمير في قوله « وهو في سعة أن يعطيها » يرجع إلى الفطرة المحدث عنها ، لا القرض ، ولأنّه على هذا التقدير لا يبقى
__________________
(١) المقنعة : ٣٩.
(٢) الكافي في الفقه : ١٧٣.
(٣) السرائر : ١٠٩.
(٤) النهاية : ١٩١. المبسوط ١ : ٢٤٢ ، الخلاف ١ : ٣٧٢.
(٥) الصدوق في الفقيه ٢ : ١١٨ ، والمقنع : ٦٧ ، وحكاه عن ابني بابويه في المختلف : ٢٠٠.
(٦) المعتبر ٢ : ٦١٣.
(٧) التهذيب ٤ : ٧٦ ـ ٢١٥ ، الإستبصار ٢ : ٤٥ ـ ١٤٧ ، الوسائل ٦ : ٢٤٦ أبواب زكاة الفطرة ب ١٢ ح ٤.
(٨) كما في السرائر : ١٠٥.
ويجوز إخراجها بعده ، وتأخيرها إلى قبل صلاة العيد أفضل ،
______________________________________________________
للتحديد بأوّل يوم من شهر رمضان فائدة ، اللهم إلاّ أن يمنع احتساب الدين في غير هذه الصورة.
ويمكن القدح في هذه الرواية باشتمالها على ما أجمع الأصحاب على بطلانه ، وهو الاجتزاء بنصف صاع من الحنطة ، بل مقتضاها إجزاء نصف صاع من الشعير أيضا ، وهو مخالف لإجماع المسلمين. والمسألة محل تردد ، وطريق الاحتياط فيها واضح.
قوله : ( وتأخيرها إلى قبل صلاة العيد أفضل ).
لا ريب في أفضلية ذلك لأنّه موضع نصّ ووفاق ، وإنّما الكلام في انتهاء وقتها بالصلاة وعدمه ، وقد اختلف فيه كلام الأصحاب ، فذهب الأكثر إلى أنّ آخر وقتها صلاة العيد ، حتى قال في المنتهى : ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد اختيارا ، فإنّ أخّرها أثم ، وبه قال علماؤنا أجمع. لكنه قال بعد ذلك بأسطر قليلة : والأقرب عندي جواز تأخيرها عن الصلاة ، وتحريم التأخير عن يوم العيد (١) ، ومقتضى ذلك امتداد وقتها إلى آخر النهار.
وقال ابن الجنيد : أوّل وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم الفطر ، وآخره زوال الشمس منه (٢). واستقر به العلامة في المختلف (٣).
احتج القائلون بانتهاء وقتها بالصلاة (٤) ، بما رواه الشيخ عن إبراهيم بن ميمون قال ، قال أبو عبد الله عليهالسلام : « الفطرة إن أعطيت قبل أن تخرج إلى العيد ، فهي فطرة ، وإن كان بعد ما تخرج إلى العيد ، فهي صدقة » (٥).
والمراد بالصدقة هنا المندوبة ، مقابل الفطرة الواجبة ، وقد ورد ذلك
__________________
(١) المنتهى ١ : ٥٤١.
(٢) نقله عنه في المختلف : ٢٠٠.
(٣) المختلف : ٢٠٠.
(٤) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٦١٢ ، والعلامة في المنتهى ١ : ٥٤٠.
(٥) المتقدمة في ص ٣٤٤.
______________________________________________________
في أخبار العامة ، فإنّهم رووا عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : « إنّ الله عزّ وجلّ فرض زكاة الفطرة طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين ، فمن أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات » (١).
والجواب ، الطعن في السند ، فإنّ الرواية الأولى ضعيفة بجهالة الراوي ، والثانية إنّما وردت من طريق الجمهور فهي ساقطة.
احتج العلامة في المختلف على انتهاء وقتها بالزوال ، بأنّها تجب قبل صلاة العيد ، ووقت صلاة العيد يمتدّ إلى الزوال ، فيمتدّ وقت الإخراج إلى ذلك الوقت (٢).
ويتوجّه عليه أوّلا : المنع من وجوب إخراجها قبل الصلاة ، لما بينّاه من ضعف مستنده.
وثانيا : أنّ اللازم من ذلك خروج وقتها بالصلاة ، تقدّمت أو تأخّرت ، لا امتداد وقتها إلى الزوال.
احتج العلامة في المنتهى على جواز تأخيرها عن الصلاة وتحريم التأخير عن يوم العيد (٣) ، بما رواه الشيخ في الصحيح ، عن العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الفطرة متى هي؟ فقال : « قبل الصلاة يوم الفطر » قلت : فإن بقي منه شيء بعد الصلاة؟ قال : « لا بأس ، نحن نعطي عيالنا منه ثمّ يبقى فنقسمه » (٤).
ويدل عليه أيضا ، إطلاق قول الصادقين عليهماالسلام في صحيحة
__________________
(١) سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٥ ـ ١٨٢٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١١١ ـ ١٦٠٩.
(٢) المختلف : ٢٠٠.
(٣) المنتهى ١ : ٥٤١.
(٤) المتقدم في ص ٣٤٤.
فإن خرج وقت الصلاة وقد عزلها أخرجها واجبا بنيّة الأداء.
______________________________________________________
الفضلاء : « يعطي يوم الفطر فهو أفضل » (١) والاحتياط يقتضي الإخراج قبل الصلاة ، وإن كان القول بامتداد وقتها إلى آخر النهار كما اختاره في المنتهى خصوصا مع العزل (٢) لا يخلو من قوّة.
قوله : ( فإن خرج وقت الصلاة وقد عزلها أخرجها واجبا بنية الأداء ).
المراد بالعزل : تعيينها في مال بقدرها. وإطلاق عبارات الأصحاب يقتضي جوازه مع وجود المستحق وعدمه.
ويدل على وجوب إخراجها مع العزل مطلقا ، ما رواه ابن بابويه في الصحيح ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الفطرة ، قال : « إذا عزلتها فلا يضرك متى ما أعطيتها » (٣).
وما رواه الشيخ في الصحيح ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن رجل أخرج فطرته فعزلها حتى يجد لها أهلا فقال : « إذا أخرجها من ضمانه فقد بريء ، وإلاّ فهو ضامن لها حتى يؤدّيها إلى أربابها » (٤).
وعن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام في الفطرة : « إذا عزلتها وأنت تطلب بها الموضع أو تنتظر به رجلا فلا بأس به » (٥).
__________________
(١) المتقدم في ص ٣٤٦.
(٢) المنتهى ١ : ٥٤١.
(٣) الفقيه ٢ : ١١٨ ـ ٥١٠ ، الوسائل ٦ : ٢٤٨ أبواب زكاة الفطرة ب ١٣ ح ٤.
(٤) التهذيب ٤ : ٧٧ ـ ٢١٩ ، الوسائل ٦ : ٢٤٨ أبواب زكاة الفطرة ب ١٣ ح ٢.
(٥) التهذيب ٤ : ٧٧ ـ ٢١٧ ، الإستبصار ٢ : ٤٥ ـ ١٤٥ ، الوسائل ٦ : ٢٤٨ أبواب زكاة الفطرة ب ١٣ ح ٥.
وإن لم يكن عزلها ، قيل : سقطت ، وقيل : يأتي بها قضاء ، وقيل : أداء ، والأول أشبه.
______________________________________________________
لكن مقتضى التوقيت كون الإتيان بها بعد خروج الوقت قضاء لا أداء ، إلاّ أنّ الأمر في ذلك هيّن.
قوله : ( وإن لم يعزلها قيل : سقطت ، وقيل : يأتي بها قضاء ، وقيل : أداء ، والأول أشبه ).
القول بالسقوط للمفيد (١) ، وابني بابويه (٢) ، وأبي الصلاح (٣) ، وابن البراج (٤) ، وابن زهرة مدعيا عليه الإجماع (٥) ، والمصنف في كتبه الثلاثة (٦) ، لأنّها عبادة موقتة فات وقتها ، فيتوقف وجوب قضائها على دليل من خارج ، ولم يثبت.
واستدل عليه في المعتبر أيضا (٧) ، بقوله عليهالسلام : « هي قبل الصلاة زكاة مقبولة ، وبعد الصلاة صدقة من الصدقات » (٨) والتفصيل يقطع الشركة.
والقول بوجوب الإتيان بها قضاء للشيخ (٩) ، وجماعة ، واختاره العلامة في جملة من كتبه (١٠) ، واستدل عليه في المختلف ، بأنّه لم يأت
__________________
(١) المقنعة : ٤١.
(٢) الصدوق في المقنع : ٦٧ ، وحكاه عن ابني بابويه في المختلف : ٢٠٠.
(٣) الكافي في الفقه : ١٦٩.
(٤) المهذب ١ : ١٧٦ ، وشرح الجمل : ٢٦٧.
(٥) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩.
(٦) المعتبر ٢ : ٦١٤ ، والمختصر النافع : ٦٢.
(٧) المعتبر ٢ : ٦١٤.
(٨) المتقدم في ص ٣٤٨.
(٩) الخلاف ١ : ٣٧٢. والاقتصاد : ٢٨٥.
(١٠) التذكرة ١ : ٢٥٠ ، والمختلف : ٢٠١ ، والقواعد ١ : ٦١ ، والتحرير ١ : ٧٢.
______________________________________________________
بالمأمور به ، فيبقى في عهدة التكليف إلى أن يأتي به.
وبأنّ المقتضي للوجوب قائم ، والمانع لا يصلح للمانعية. أمّا الأولى ، فبالعموم الدال على وجوب إخراج الفطرة عن كل رأس صاع ، وأمّا الثانية ، فلأنّ المانع ليس إلاّ خروج وقت الأداء ، لكنه لا يصلح للمعارضة ، إذ خروج الوقت لا يسقط الحق كالدين وزكاة المال والخمس.
وبصحيحة زرارة المتقدمة ، حيث قال فيها : « وإلاّ فهو ضامن لها حتى يؤدّيها » (١).
ويتوجّه على الأوّل ما بينّاه مرارا من أنّ الأمر بالأداء لا يتناول القضاء.
وعلى الثاني منع وجود المقتضي على سبيل الإطلاق ، لأنّه إنّما تعلّق بوقت مخصوص ، وقوله : « إنّ خروج الوقت لا يسقط الحق كالدين وزكاة المال والخمس » قياس محض مع الفارق ، فإنّ الدين وزكاة المال والخمس ليس من قبيل الواجب الموقت ، بخلاف الفطرة.
وعلى الرواية أنّها إنّما تدل على وجوب الإخراج مع العزل ، وهو خلاف محل النزاع.
والظاهر أنّ المراد بإخراجها من ضمانه تسليمها إلى المستحق ، وبقوله : « وإلاّ فهو ضامن لها حتى يؤدّيها » كونه مخاطبا بإخراجها وإيصالها إلى مستحقها ، لا كونه بحيث يضمن مثلها أو قيمتها مع التلف ، لأنّها بعد العزل تصير أمانة في يد المالك.
ويحتمل أن يكون الضمير في قوله : « أخرجها » عائدا إلى مطلق الزكاة ، ويكون المراد بإخراجها من ضمانه عزلها ، والمراد أنّه إن عزلها فقد
__________________
(١) في ص ٣٤٩.
وإذا أخّر دفعها بعد العزل مع الإمكان كان ضامنا. وإن كان لا معه لم يضمن. ولا يجوز حملها إلى بلد آخر مع وجود المستحق ويضمن. ويجوز مع عدمه ولا يضمن.
______________________________________________________
بريء ، وإلاّ فهو مكلف بأدائها إلى أن يوصلها إلى أربابها ، ولا ريب أنّ المعنى الأوّل أقرب.
والقول بوجوب الإتيان بها أداء لابن إدريس في سرائره ، واستدل عليه بأنّ الزكاة المالية والرأسية تجب بدخول وقتها ، فإذا دخل وجب الأداء ، ولا يزال الإنسان مؤدّيا لها ، لأنّ ما بعد دخول وقتها هو وقت الأداء جميعه (١).
قال في المعتبر : وهذا ليس بشيء ، لأنّ وجوبها موقت فلا يتحقق وجوبها بعد الوقت (٢).
وقد ظهر من ذلك أنّ القول بالسقوط لا يخلو من قوّة ، وإن كان الاحتياط يقتضي الإتيان بها بعد خروج الوقت من غير تعرض لأداء ولا قضاء.
قوله : ( وإذا أخّر دفعها مع الإمكان بعد العزل كان ضامنا ، وإن كان لا معه لم يضمن ).
الوجه في ذلك أنّ الزكاة بعد العزل تصير أمانة في يد المالك ، فلا يضمنها إلاّ بالتعدي أو التفريط المتحقق بتأخير الدفع إلى المستحق مع القدرة عليه ، لأنّ المستحق مطالب بشاهد الحال فيجب التعجيل مع التمكن منه.
قوله : ( ولا يجوز حملها إلى بلد آخر مع وجود المستحق ويضمن ، ويجوز مع عدمه ولا يضمن ).
__________________
(١) السرائر : ١٠٩.
(٢) المعتبر ٢ : ٦١٤.
الرّابع : في مصرفها.
وهو مصرف زكاة المال ،
______________________________________________________
لا يخفى أنّ الحمل إنّما يتحقق مع العزل ، وإنّما كان محرّما مع وجود المستحق ، لمنافاته الفورية الواجبة ، ويترتب عليه الضمان.
قوله : ( الرابع ، في مصرفها : وهو مصرف زكاة المال ).
)هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ، واستدل عليه في المنتهى بأنّها زكاة فتصرف إلى من تصرف إليه سائر الزكوات ، وبأنّها صدقة فتدخل تحت قوله تعالى ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ ) (١) الآية (٢).
وربّما ظهر من كلام المفيد في المقنعة اختصاص الفطرة بالمساكين (٣).
وفي صحيحة الحلبي : « عن كل إنسان نصف صاع ، من حنطة أو شعير ، أو صاع من تمر أو زبيب لفقراء المسلمين » (٤).
وفي رواية الفضيل عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قلت له : لمن تحل الفطرة؟ فقال : « لمن لا يجد » (٥).
وفي رواية زرارة ، قلت له : هل على من قبل الزكاة زكاة؟ قال : « أمّا من قبل زكاة المال ، فإنّ عليه الفطرة ، وليس على من قبل الفطرة فطرة » (٦)
__________________
(١) التوبة : ٦٠.
(٢) المنتهى ١ : ٥٤١.
(٣) المقنعة : ٤١.
(٤) التهذيب ٤ : ٧٥ ـ ٢١٠ ، الإستبصار ٢ : ٤٢ ـ ١٣٤ ، الوسائل ٦ : ٢٣٣ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١١.
(٥) التهذيب ٤ : ٧٣ ـ ٢٠٣ ، الإستبصار ٢ : ٤١ ـ ١٢٧ ، الوسائل ٦ : ٢٤٩ أبواب زكاة الفطرة ب ١٤ ح ٤.
(٦) التهذيب ٤ : ٧٤ ـ ٢٠٧ ، الإستبصار ٢ : ٤١ ـ ١٣١ ، الوسائل ٦ : ٢٢٤ أبواب زكاة الفطرة ب ٢ ح ١٠.
ويجوز أن يتولى المالك إخراجها ، والأفضل دفعها إلى الإمام أو من نصّبه ، ومع التعذر إلى فقهاء الشيعة. ولا يعطى غير المؤمن أو المستضعف مع عدمه ، ويعطى أطفال المؤمنين ولو كان آباؤهم فسّاقا. ولا يعطى الفقير أقلّ من صاع ، إلا أن يجتمع جماعة لا يتسع لهم.
______________________________________________________
والمسألة محل إشكال ، وطريق الاحتياط واضح.
قوله : ( والأفضل دفعها إلى الإمام أو من نصّبه ، ومع التعذر إلى فقهاء الشيعة ).
لأنّهم أبصر بمواقعها ، وأعلم بمحالها ، قال في المنتهى : ويجوز للمالك أن يفرقها بنفسه بغير خلاف بين العلماء كافة في ذلك (١).
قوله : ( ولا تعطى غير المؤمن أو المستضعف مع عدمه ).
بل الأصح عدم جواز إعطائها لغير المؤمن مطلقا ، وقد تقدّم الكلام في ذلك (٢).
قوله : ( وتعطى أطفال المؤمنين وإن كان آباؤهم فساقا ).
لأنّ حكم أولاد المؤمنين حكم آبائهم فيما يرجع إلى الإيمان والكفر ، لا مطلقا. والكلام في هذه المسألة كما في زكاة المال ، فليطلب من هناك.
قوله : ( ولا يعطى الفقير أقل من صاع إلا أن يجتمع جماعة لا يتسع لهم ).
هذا هو المشهور بين الأصحاب ، حتى أنّ السيد المرتضى ـ رضياللهعنه ـ قال في الانتصار : مما انفردت به الإمامية القول بأنّه لا يجوز أن يعطى الفقير الواحد أقلّ من صاع ، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك. ثمّ استدل
__________________
(١) المنتهى ١ : ٥٤٢.
(٢) راجع ص ٢٥٩.
ويجوز أن يعطى الواحد ما يغنيه دفعة.
______________________________________________________
عليه بالإجماع ، وبحصول اليقين ببراءة الذمة ، وحصول الإجزاء بذلك دون غيره (١) ، وبأنّ كل من ذهب إلى أنّ الصاع تسعة أرطال ، ذهب إلى ذلك ، فالتفرقة بين المسألتين خلاف الإجماع.
ويدل على ذلك ما رواه الشيخ ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « لا تعط أحدا أقلّ من رأس » (٢).
وقال المصنف في المعتبر : وهذه الرواية مرسلة ، فلا تقوى أن تكون حجة ، والأولى أن يحمل ذلك على الاستحباب تفصّيا من خلاف الأصحاب (٣). وهو حسن.
ولو اجتمع من لم يتسع لهم قسّمه عليهم وإن لم يبلغ نصيب الواحد صاعا ، لأنّ في ذلك تعميما للنفع ، ولأنّ في منع البعض أذية للمؤمن ، فكانت التسوية أولى.
قوله : ( ويجوز أن يعطى الواحد ما يغنيه دفعة ).
لا وجه لاعتبار الدفعة ، بل الحق أنّه لا حدّ لذلك كما ذكره المصنف في النافع (٤) ، ومتى خرج عن حدّ الفقر امتنع الدفع إليه بعد ذلك ، وممّن صرّح بما ذكرناه ، العلامة في المنتهى فقال : ويجوز أن يعطى الواحد أصواعا كثيرة بغير خلاف ، سواء كانت من دافع واحد أو من جماعة ، على التعاقب أو دفعة واحدة ، ما لم يحصل الغنى في صورة التعاقب (٥).
__________________
(١) الانتصار : ٨٨.
(٢) التهذيب ٤ : ٨٩ ـ ٢٦١. الإستبصار ٢ : ٥٢ ـ ١٧٤ ، الوسائل ٦ : ٢٥٢ أبواب زكاة الفطرة ب ١٦ ح ٢.
(٣) المعتبر ٢ : ٦١٦.
(٤) المختصر النافع : ٦٠.
(٥) المنتهى ١ : ٥٤٢.
ويستحب اختصاص ذوي القرابة بها ، ثم الجيران.
______________________________________________________
ويدل على ذلك مضافا إلى إطلاق الأمر ، ما رواه الشيخ ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « لا بأس أن يعطى الرجل الرأسين ، والثلاثة ، وأربعة » يعني الفطرة (١).
قوله : ( ويستحب اختصاص ذوي القرابة بها ، ثم الجيران ).
لا ريب في استحباب تخصيص الأقارب بها ، ثمّ الجيران مع الاستحقاق ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا صدقة وذو رحم محتاج » (٢) وقوله عليهالسلام : « أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح » (٣) ، وقوله عليهالسلام : « جيران الصدقة أحق بها » (٤).
وينبغي ترجيح أهل الفضل في الدين والعلم ، لأنّهم أفضل من غيرهم فكانت العناية بهم أولى ، ويؤيّده ما رواه الشيخ ، عن عبد الله بن عجلان السكوني قال ، قلت : لأبي جعفر عليهالسلام : إنّي ربّما قسمت الشيء بين أصحابي أصلهم به ، فكيف أعطيهم؟ فقال : « أعطهم على الهجرة في الدين ، والفقه ، والعقل » (٥).
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٩٠ ـ ٢٦٣ ، الوسائل ٦ : ٢٥٣ أبواب زكاة الفطرة ب ١٦ ح ٣.
(٢) الفقيه ٢ : ٣٨ ـ ١٦٦ ، الوسائل ٦ : ٢٨٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٢٠ ح ٤.
(٣) الكافي ٤ : ١٠ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٣٨ ـ ١٦٥ ، التهذيب ٤ : ١٠٦ ـ ٣٠١ ، ثواب الأعمال : ١٧٣ ـ ١٨ ، الوسائل ٦ : ٢٨٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٢٠ ح ١.
(٤) الفقيه ٢ : ١١٧ ـ ٥٠٦ ، التهذيب ٤ : ٧٨ ـ ٢٢٤ ، الوسائل ٦ : ٢٤١ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ١٠.
(٥) التهذيب ٤ : ١٠١ ـ ٢٨٥ ، الوسائل ٦ : ١٨١ أبواب المستحقين للزكاة ب ٢٥ ح ٢.
كتاب الخمس
كتاب الخمس
وفيه فصلان :
الأوّل : في ما يجب فيه ، وهو سبعة :
______________________________________________________
كتاب الخمس
قوله : ( كتاب الخمس ).
الخمس حق مالي ثبت لبني هاشم بالأصل عوض الزكاة. وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع. قال الله تعالى ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) الآية (١).
وقال الصادق عليهالسلام : « إن الله تعالى لما حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس ، فالصدقة علينا حرام ، والخمس لنا فريضة ، والكرامة لنا حلال » (٢).
وأما الإجماع فمن المسلمين كافة.
قوله : ( الأول ، فيما يجب فيه ، وهو سبعة ).
__________________
(١) الأنفال : ٤١.
(٢) الفقيه ٢ : ٢١ ـ ٧٧ ، الخصال : ٢٩٠ ـ ٥٢ ، تفسير العياشي ٢ : ٦٤ ـ ٦٥ ، الوسائل ٦ : ٣٣٧ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١ ح ٢.
الأول : غنائم دار الحرب ، مما حواه العسكر وما لم يحوه من أرض وغيرها ، ما لم يكن غصبا من مسلم أو معاهد ، قليلا كان أو كثيرا.
______________________________________________________
هذا الحصر استقرائي مستفاد من تتبع الأدلة الشرعية. وذكر الشهيد في البيان أن هذه السبعة كلها مندرجة في الغنيمة (١).
قوله : ( الأول ، غنائم دار الحرب : ما حواه العسكر وما لم يحوه من أرض وغيرها ، ما لم يكن غصبا من مسلم أو معاهد ، قليلا كان أو كثيرا ).
هذا الحكم مجمع عليه بين المسلمين. والأصل فيه قوله تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ). والأخبار المستفيضة ، كحسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة ، فقال : « يؤدي خمسنا ويطيب له » (٢).
وصحيحة عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : « ليس الخمس إلا في الغنائم » (٣).
وصحيحة ربعي بن عبد الله بن الجارود ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له ، ثم يقسم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه ، ثم يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه ، ثم قسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس ، يأخذ خمس الله عزّ وجلّ لنفسه ، ثم يقسم الأربعة
__________________
(١) البيان : ٢١٣.
(٢) التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٧ ، الوسائل ٦ : ٣٤٠ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ٨.
(٣) الفقيه ٢ : ٢١ ـ ٧٤ ، التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٩ ، الإستبصار ٢ : ٥٦ ـ ١٨٤ ، الوسائل ٦ : ٣٣٨ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ١.