مدارك الأحكام - ج ٥

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٥

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٩

______________________________________________________

لذلك صالحا للتقيد. وكيف كان فلا خروج عما عليه الأصحاب.

وثانيهما : كون الانتساب إلى عبد المطلب بالأبوة ، فلو كانت الأم هاشمية والأب غير هاشمي منع من ذلك عند أكثر الأصحاب. وقال السيد المرتضى رضي‌الله‌عنه : يكفي في الاستحقاق الانتساب بالأم (١). واختاره ابن حمزة (٢).

احتج المانعون (٣) بأن الانتساب إنما يصدق حقيقة إذا كان من جهة الأب ، فلا يقال تميمي إلا لمن انتسب إلى تميم بالأب ، ولا حارثي إلا لمن انتسب إلى حارث بالأب ، وبقول الكاظم عليه‌السلام في مرسلة حماد بن عيسى : « ومن كانت أمه من بني هاشم وأبوه من سائر قريش فإن الصدقة تحل له وليس له من الخمس شي‌ء ، لأن الله تعالى يقول ( ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ ) (٤) » (٥).

احتج المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ بأن ولد البنت ولد حقيقة ، قال : وذلك أنه لا خلاف بين الأمة في أن لظاهر قوله تعالى ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ ) (٦) حرم علينا بنات أولادنا ، فلو لم تكن بنت البنت بنتا على الحقيقة لما دخلت تحت هذه الآية ، قال : ومما يدل على أن ولد البنت يطلق عليه اسم الولد على الحقيقة أنه لا خلاف في تسمية الحسن والحسين عليهما‌السلام بأنهما ابنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإنهما يفضّلان بذلك ويمدحان ، ولا فضيلة ولا مدح في وصف مجاز مستعار ، فثبت أنه‌

__________________

(١) نقله عنه في السرائر : ٣٩٤ ، والمختلف : ٢٠٥.

(٢) وجدنا خلاف ذلك في الوسيلة ( الجوامع الفقهية ) : ٦٨٢.

(٣) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٦٣١ ، والعلامة في المختلف : ٢٠٥.

(٤) الأحزاب : ٥.

(٥) الكافي ١ : ٥٣٩ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦ ، الإستبصار ٢ : ٥٦ ـ ١٨٥ ، الوسائل ٦ : ٣٥٨ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٨.

(٦) النساء : ٢٣.

٤٠١

______________________________________________________

حقيقة. ثم قال رضي‌الله‌عنه : وما زالت العرب في الجاهلية تنسب الولد إلى جده إما في موضع مدح أو ذم ، ولا يتناكرون ذلك ، ولا يحتشمون منه ، وقد كان الصادق أبو عبد الله عليه‌السلام يقال له أبدا أنت ابن الصديق ، لأن أمه بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر ، ولا خلاف بين الأمة في أن عيسى من بني آدم وولده وإنما ينسب إليه بالأمومة دون الأبوة.

ثم اعترض على نفسه فقال ، إن قيل : اسم الولد يجري على ولد البنات مجازا ، وليس كل شي‌ء استعمل في غيره يكون حقيقة قلت : الظاهر من الاستعمال الحقيقة ، وعلى من ادعى المجاز الدلالة (١). هذا كلامه رحمه‌الله.

ويتوجه عليه أن الاستعمال كما يوجد مع الحقيقة كذا يوجد مع المجاز فلا دلالة له على أحدهما بخصوصه ، وقولهم إن الأصل في الاستعمال الحقيقة إنما هو إذا لم يستلزم ذلك الاشتراك وإلا فالمجاز خير منه كما قرر في محله.

نعم يمكن الاستدلال على كون الإطلاق هنا على سبيل الحقيقة شرعا أو لغة بما رواه الشيخ في الصحيح ، عن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام أنه قال : « لو لم يحرم على الناس أزواج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقول الله عزّ وجلّ ( وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ) (٢) حرم على الحسن والحسين عليهما‌السلام لقول الله عزّ وجلّ ( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ) (٣) » (٤) دلت الرواية‌

__________________

(١) حكاه عنه في السرائر : ٣٩٤ ، والمختلف : ٧٢٩.

(٢) الأحزاب : ٥٣.

(٣) النساء : ٢٢.

(٤) التهذيب ٧ : ٢٨١ ـ ١١٩٠ ، الإستبصار ٣ : ١٥٥ ـ ٥٦٦ ، الوسائل ١٤ : ٣١٢ أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها ب ٢ ح ١.

٤٠٢

ولا يجب استيعاب كل طائفة ، بل لو اقتصر من كل طائفة على واحد جاز

______________________________________________________

على أن أب الأم أب حقيقة ، إذ لو لا ذلك لما اقتضت الآية (١) تحريم زوجة الجد على ولد البنت ، فيكون ولد البنت ولدا حقيقة للتضايف بينهما كما هو واضح.

قوله : ( ولا يجب استيعاب كل طائفة ، بل لو اقتصر من كل طائفة على واحد جاز ).

هذا هو المعروف من مذهب الأصحاب ، لأن المراد من اليتامى والمساكين في الآية الشريفة الجنس كابن السبيل ، كما في آية الزكاة ، لا العموم ، إما لتعذر الاستيعاب ، أو لأن الخطاب للجميع ، بمعنى أن الجميع يجب عليهم الدفع إلى جميع المساكين ، بأن يعطي كل بعض بعضا.

ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ ، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن عليه‌السلام : وسئل عن قوله تعالى ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ ) قال : « فما كان لله فللرسول ، وما كان للرسول فهو للإمام » قيل : أرأيت إن كان صنف أكثر من صنف كيف يصنع؟ فقال : « ذلك إلى الإمام ، أرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كيف صنع؟ إنما كان يعطي على ما يرى ، وكذلك الإمام » (٢).

وقال الشهيد في الدروس بعد أن تنظر في اعتبار تعميم الأصناف : أما الأشخاص فيعم الحاضر ولا يجوز النقل إلى بلد آخر إلا مع عدم المستحق (٣). وهذا الكلام يقتضي بظاهره وجوب التعميم في الأشخاص الحاضرين ، وهو بعيد.

__________________

(١) في « ض » ، « م » ، « ح » زيادة : بمجردها.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٦ ـ ٣٦٣ ، الوسائل ٦ : ٣٦٢ أبواب قسمة الخمس ب ٢ ح ١.

(٣) الدروس : ٦٩.

٤٠٣

وهنا مسائل :

الأولى : مستحق الخمس هو من ولده عبد المطلب ، وهم بنو أبي طالب والعباس والحارث وأبي لهب ، الذكر والأنثى. وفي استحقاق بني المطلب تردد ، أظهره المنع.

______________________________________________________

قوله : ( مسائل ، الأولى : مستحق الخمس وهو من ولده عبد المطلب ، وهم بنو أبي طالب والعباس والحارث وأبي لهب ، للذكر والأنثى ، وفي استحقاق بني المطلب تردد ، أظهره المنع ).

منشأ التردد هنا اختلاف الروايات ، فروى الشيخ ، عن حماد بن عيسى ، عن بعض أصحابه ، عن أبي الحسن عليه‌السلام أنه قال : « وهؤلاء الذين جعل الله لهم الخمس هم قرابة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهم بنو عبد المطلب أنفسهم للذكر والأنثى منهم ، ليس فيهم من أهل بيوتات قريش ولا من العرب أحد » (١).

وروى أيضا عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « لو كان العدل ما احتاج هاشمي ولا مطلبي إلى صدقة ، إن الله جعل لهم في كتابه ما كان فيه سعتهم » يعني الخمس (٢). والروايتان ضعيفتا السند (٣). لكن الأقرب المنع كما اختاره المصنف ـ رحمه‌الله ـ لأنهم يستحقون الزكاة على ما بيناه فيما سبق فلا يستحقون الخمس ، ولعدم حصول يقين البراءة بالدفع إليهم فيبقى المكلف تحت العهدة إلى أن يتحقق الامتثال.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦ ، الإستبصار ٢ : ٥٦ ـ ١٨٥ ، الوسائل ٦ : ٣٥٨ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٨.

(٢) التهذيب ٤ : ٥٩ ـ ١٥٩ ، الإستبصار ٢ : ٣٦ ـ ١١١ ، الوسائل ٦ : ١٩١ أبواب المستحقين للزكاة ب ٣٣ ح ١.

(٣) لعل وجه الضعف هو إرسال الأولى ووقوع علي بن الحسن بن فضال فيهما وهو فطحي.

٤٠٤

الثانية : هل يجوز أن يخصّ بالخمس طائفة؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، وهو الأحوط.

______________________________________________________

قوله : ( الثانية ، هل يجوز أن يخص بالخمس طائفة؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، وهو الأحوط ).

موضع الخلاف : النصف الذي لا يختص بالإمام عليه‌السلام ، والقول بالمنع من التخصيص للشيخ في المبسوط في ظاهر كلامه (١) وأبي الصلاح (٢) ، عملا بظاهر الآية ، فإن اللام للملك أو الاختصاص ، والعطف بالواو يقتضي التشريك في الحكم.

والقول بالجواز هو المشهور بين المتأخرين ، واستدلوا عليه برواية ابن أبي نصر المتقدمة حيث قال فيها : « ذلك إلى الإمام ، أرأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كيف صنع؟ إنما كان يعطي على ما يرى ، وكذلك الإمام » (٣).

وأجابوا عن الآية الشريفة بأنها مسوقة لبيان المصرف كما في آية الزكاة فلا تدل على وجوب البسط.

ويمكن المناقشة في الرواية بالطعن في السند باشتماله على ابني فضال وهما فطحيان ، مع أنها غير صريحة في جواز التخصيص.

وأما الآية الشريفة فحملها على أن المراد بها بيان المصرف خاصة يتوقف على دليل من خارج كما في آية الزكاة ، مع أنها لو كانت كذلك لجاز تخصيص أحد الأصناف الستة بجميع الخمس ، والأصحاب لا يقولون به ، بل يوجبون دفع النصف إلى الإمام عليه‌السلام (٤). وكيف كان فلا ريب أن‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ٢٦٢.

(٢) الكافي في الفقه : ١٧٣.

(٣) في ص ٤٠٣.

(٤) في « ض » ، « م » ، « ح » زيادة : نعم يمكن أن يقال أن الآية الشريفة إنما تدل على جعل‌

٤٠٥

الثالثة : يقسّم الإمام على الطوائف الثلاث قدر الكفاية مقتصدا ، فإن فضل كان له ، وإن أعوز أتمّ من نصيبه.

______________________________________________________

بسط ذلك في الأصناف الستة كما هو ظاهر الآية الشريفة أولى وأحوط.

قوله : ( الثالثة ، يقسم الإمام على الطوائف الثلاث قدر الكفاية مقتصدا ، فإن فضل كان له ، وإن أعوز أتم من نصيبه ).

هذا الحكم مقطوع به في كلام أكثر الأصحاب ، واستدلوا عليه بمرفوعة أحمد بن محمد (١) حيث قال فيها : « فهو يعطيهم على قدر كفايتهم ، فإن فضل شي‌ء فهو له ، وإن نقص عنهم ولم يكفهم أتمه لهم من عنده ، كما صار له الفضل كذلك يلزمه النقصان » (٢).

ومرسلة حماد بن عيسى ، عن بعض أصحابه ، عن أبي الحسن الأول عليه‌السلام ، قال : « ونصف الخمس الباقي بين أهل بيته ، سهم لأيتامهم ، وسهم لمساكينهم ، وسهم لأبناء سبيلهم ، يقسم بينهم على الكفاف والسعة ما يستعينون به في سنتهم ، فإن فضل عنهم شي‌ء فهو للوالي ، وإن عجز أو نقص عن استغنائهم كان على الوالي أن ينفق من عنده بقدر ما يستغنون به ، وإنما صار عليه أن يمونهم لأن له ما فضل عنهم » (٣).

وفي الروايتين ضعف من حيث السند ، لكن قال المصنف ـ رحمه‌الله ـ في المعتبر بعد أن اعترف بضعف الروايتين : والذي ينبغي العمل به اتباع ما نقله الأصحاب وأفتى به الفضلاء ولم يعلم لباقي الأصحاب الفضلاء ردا لما ذكر من كون الإمام عليه‌السلام يأخذ لما فضل ويتم ما أعوز ، وإذا سلم النقل‌

__________________

جملة خمس ، الغنائم لهذه الأصناف الستة ، ولا يلزم أن يكون كل جزء من أجزائها كذلك واختصاص الإمام عليه‌السلام بالنصف إن تم ثبت بدليل من خارج.

(١) في « ض » زيادة : بن أبي نصر.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٦ ـ ٣٦٤ ، الوسائل ٦ : ٣٦٤ أبواب قسمة الخمس ب ٣ ح ٢.

(٣) الكافي ١ : ٥٣٩ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦ ، الوسائل ٦ : ٣٦٣ أبواب قسمة الخمس ب ٣ ح ١.

٤٠٦

______________________________________________________

عن المعارض ومن المنكر لم يقدح إرسال الرواية الموافقة لفتواهم ، فإنا نعلم ما ذهب إليه أبو حنيفة والشافعي وإن كان الناقل عنهم ممن لا يعتمد على قوله ، وربما لم يعلم الناقل عنهم بلا فصل وإن علمنا نقل المتأخرين له. وليس كلما أسند عن مجهول لا يعلم نسبته إلى صاحب المقالة ، ولو قال إنسان لا أعلم مذهب أبي هاشم في الكلام ولا مذهب الشافعي في الفقه لأنه لم ينقل مسندا كان متجاهلا ، وكذا مذهب أهل البيت عليهم‌السلام ينسب إليهم بحكاية بعض شيعتهم سواء أرسل أو أسند إذا لم ينقل عنهم ما يعارضه ولا رده الفضلاء منهم (١). هذا كلامه رحمه‌الله.

وما ذكره من أن النقل إذا سلم عن المعارض وعن المنكر لم يقدح إرسال الرواية غير واضح ، فإن انتفاء ذلك لا يقتضي قبول المراسيل التي يحتمل كون المرسل عنه عدلا وفاسقا ، مع أن الأصل والإطلاقات تكفي في المعارضة هنا ، وإذا كانت الرواية مطابقة لمقتضى الأصل والعمومات تكون الحجة في ذلك ، لا في نفس الرواية.

أما قوله : إنا نعلم ما ذهب إليه أبو حنيفة والشافعي وإن كان الناقل عنهم غير معتمد ، فجيد ، لأن ذلك يكون من باب التواتر وهو يتحقق بإخبار العدل وغيره ، ومثل ذلك العلم بكون المسح والمتعة ونحوهما مذهبا لأهل البيت عليهم‌السلام ، إلا أن ذلك إنما يتفق في آحاد المسائل لا في مثل هذه المسألة كما يشهد به الوجدان.

وخالف في هذا الحكم ابن إدريس فقال : لا يجوز له أن يأخذ فاضل نصيبهم ، ولا يجب عليه إكمال ما نقص لهم (٢). واستدل بوجوه ثلاثة :

الأول : إن مستحق الأصناف يختص بهم ، فلا يجوز التسلط على‌

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٦٣٩.

(٢) السرائر : ١١٤.

٤٠٧

______________________________________________________

مستحقهم من غير إذنهم ، لقوله عليه‌السلام : « لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه » (١).

الثاني : إن الله سبحانه جعل للإمام قسطا وللباقين قسطا : فلو أخذ الفاضل وأتم الناقص لم يبق للتقدير فائدة.

الثالث : إن الذين يجب الإنفاق عليهم محصورون (٢) ، وليس هؤلاء من الجملة ، فلو أوجبنا عليه إتمام ما يحتاجون إليه لزدنا فيمن يجب عليهم الإنفاق فريقا لم يقم عليه دلالة.

وأجاب المصنف في المعتبر والعلامة في المنتهى (٣) عن الأول بالمنع من كونهم مالكين للنصف كيف كان ، بل استحقاقهم لسد خلتهم على وجه الكفاية ، ولهذا يمنع الغني منهم.

وعن الثاني بالمنع من أن تعدد الأصناف لبيان مقادير الاستحقاق ، بل كما يحتمل ذلك يحتمل أن يكون لبيان المستحقين كما في آية الزكاة ولهذا لا تجب قسمته عليهم بالسوية ، بل يجوز أن يعطى صنف أكثر من صنف ، نظرا إلى سد الخلة ، وتحصيلا للكفاية كما تضمنته رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن عليه‌السلام.

وعن الثالث بأن وجوب الإتمام لا يستلزم وجوب النفقة ، لأنا بيّنا أن حصصهم الثلاث تبسط عليهم بالكفاية لا بالقسمة ولا يستبقي فاضل قبيل (٤) له ، بل يقسم على الصنفين الآخرين ، وإن كان بعضهم لا تجب عليه نفقة‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٢٧٣ ـ ١٢ عن زيد الشحام و ٢٧٤ ـ ٥ عن سماعة ، الفقيه ٤ : ٦٦ ـ ١٩٥ عن زرعة عن سماعة ، تفسير القمي ١ : ١٧١ رواه مرسلا ، الوسائل ١٩ : ٣ أبواب القصاص في النفس ب ١ ح ٣.

(٢) إنه لم يعرف عيال للإمام تجب نفقتهم عليه غير عياله ـ الجواهر ١٦ : ١٠٩.

(٣) المعتبر ٢ : ٦٣٩ ، والمنتهى ١ : ٥٥٤.

(٤) في المعتبر : قبل ، والقبيل : الكفيل ـ الصحاح ٥ : ١٧٩٧.

٤٠٨

الرابعة : ابن السبيل لا يعتبر فيه الفقر ، بل الحاجة في بلد التسليم ، ولو كان غنيّا في بلده.

______________________________________________________

البعض الآخر ، فكذا الإمام عليه‌السلام.

ويتوجه على الأول أن مقتضى الآية الشريفة والأخبار الكثيرة استحقاق كل من الأصناف الستة مطلقا ، وكون النصف للأصناف الثلاثة وما اعتبره من القيد غير مستفاد من هذا الإطلاق ، فيتوقف على دليل صالح لذلك ، ومنع الغني من تلك الأصناف إن ثبت فإنما هو بدليل من خارج.

وعلى الثاني ما بيناه فيما سبق من أن مقتضى لام الاستحقاق وواو العطف الاشتراك في الاستحقاق ، وكون التعداد لبيان المصرف خاصة يتوقف على دليل من خارج كما (١) في آية الزكاة ، مع أن ذلك لو تم لاقتضى جواز صرف الخمس كله في أحد الأصناف الستة ، وهم لا يقولون به.

وعلى الثالث بالفرق بين مستحقه عليه‌السلام ومستحق الأصناف ، بأن الأول مقدر فلو وجب الإتمام منه لاقتضى وجوب الإنفاق ، بخلاف الثاني فإن كلا من الأسهم الثلاثة غير مقدر فلا يلزم من عدم استبقاء فاضل قبيل له وجوب إنفاق بعضهم على بعض ، والحق أنه لا ضرورة في التزام هذا اللازم لو ثبت مستنده لكنه موضع الكلام.

وبالجملة فقول ابن إدريس جيد على أصوله ، بل المصير إليه متعين إن لم يتم العمل بالروايتين. وقال العلامة في المختلف : إن قول ابن إدريس لا يخلو من قوة ومخالفة أكثر الأصحاب أيضا مشكل ، فنحن في هذه المسألة من المتوقفين (٢). وهو في محله.

قوله : ( الرابعة ، ابن السبيل لا يعتبر فيه الفقر ، بل الحاجة في بلد التسليم ، ولو كان غنيا في بلده ).

__________________

(١) في « ض » و « ح » ، زيادة : وجد.

(٢) المختلف : ٢٠٦.

٤٠٩

وهل يراعى ذلك في اليتيم؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، والأول أحوط.

الخامسة : لا يحل حمل الخمس إلى غير بلده مع وجود المستحق ، ولو حمل والحال هذه ضمن ، ويجوز مع عدمه.

______________________________________________________

البحث في ابن السبيل هنا كالبحث في باب الزكاة ، وقد تقدم الكلام فيه مفصّلا.

قوله : ( وهل يراعى ذلك في اليتيم؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، والأول أحوط ).

المراد باليتيم : الطفل الذي لا أب له. والقول بعدم اعتبار الفقر فيه للشيخ في المبسوط (١) وابن إدريس (٢) ، تمسكا بعموم الآية ، وبأنه لو اعتبر الفقر فيه لم يكن قسما برأسه. وقيل : يعتبر ، لأن الخمس جبر ومساعدة فيختص به أهل الخصاصة كالزكاة ، ولأن الطفل لو كان له أب ذو مال لم يستحق شيئا ، فإذا كان المال له كان أولى بالحرمان ، إذ وجود المال له أنفع من وجود الأب (٣). ولا ريب أن اعتبار ذلك أحوط ، ولو قلنا بأن الخمس إنما يصرف على قدر الكفاية كما قاله الأكثر تعيّن اعتبار هذا الشرط.

قوله : ( الخامسة ، لا يحل حمل الخمس إلى غيره بلده مع وجود المستحق ، ولو حمل والحال هذه ضمن ، ويجوز مع عدمه ).

لا ريب في جواز النقل مع عدم المستحق ، لأنه توصل إلى إيصال الحق إلى مستحقه. أما مع وجوده فقد قطع المصنف (٤) وجماعة بالمنع منه ، لأنه منع للحق مع مطالبة المستحق ، فيكون حراما ، ويضمن لو فعل لعدوانه. والأصح ما اختاره الشارح من جواز النقل مع الضمان ، خصوصا‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ٢٦٢.

(٢) السرائر : ١١٥.

(٣) قال به السيوري في التنقيح الرائع ١ : ٣٤٢.

(٤) المعتبر ٢ : ٦٣٢ ، والمختصر النافع : ٦٣ ، والشرائع ١ : ١٨٣.

٤١٠

السادسة : الإيمان معتبر في المستحق على تردد ، (١) والعدالة لا تعتبر على الأظهر.

______________________________________________________

لطلب المساواة بين المستحقين والأشد حاجة كما في الزكاة (١).

قوله : ( السادسة ، الإيمان معتبر في المستحق على تردد ).

منشأ التردد إطلاق الآية ، وأن الخمس عوض الزكاة ، والإيمان معتبر في مستحقها إجماعا. وقطع المصنف في المعتبر باعتبار هذا الشرط ، واستدل عليه بأن غير المؤمن محاد لله بكفره فلا يفعل معه ما يؤذن بالمودة (٢). وهذا الدليل مخالف لما هو المعهود من مذهبه.

قال المحقق الشيخ علي رحمه‌الله : ومن العجائب هاشمي مخالف يرى رأي بني أمية ، فيشترط الإيمان لا محالة.

قوله : ( والعدالة لا تعتبر على الأظهر ).

هذا مذهب الأصحاب لا أعلم فيه مخالفا ، تمسكا بإطلاق الكتاب والسنة. واستدل عليه في المعتبر أيضا بأن المستحق هنا يستحق بالقرابة فلا تشترط زيادة (٣). والقول باعتبار العدالة هنا مجهول القائل ، ولا ريب في ضعفه.

__________________

(١) المسالك ١ : ٦٨.

(٢) المعتبر ٢ : ٦٣٢.

(٣) المعتبر ٢ : ٦٣٢.

٤١١

ويلحق بذلك مقصدان :

الأول : في الأنفال

وهي ما يستحقه الإمام من الأموال على جهة الخصوص ، كما كان للنبي عليه‌السلام ،

______________________________________________________

قوله : ( ويلحق بذلك مقصدان ، الأول : في الأنفال ، وهي ما يستحقه الإمام من الأموال على جهة الخصوص كما كان للنبي عليه‌السلام ).

الأنفال : جمع نفل بالتحريك ، وهو لغة الغنيمة والهبة ، قاله في القاموس (١).

وقال الأزهري : النفل ما كان زيادة عن الأصل ، سمّيت الغنائم بذلك لأن المسلمين فضّلوا بها على سائر الأمم الذين لم تحل لهم الغنائم ، وسميت صلاة التطوع نافلة لأنها زائدة عن الفرض ، وقال تعالى ( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً ) (٢) أي زيادة على ما سأل (٣).

والمراد بها هنا ما يخص الإمام عليه‌السلام بالانتقال من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤).

__________________

(١) القاموس المحيط ٤ : ٦٠.

(٢) الأنبياء : ٧٢.

(٣) تهذيب اللغة ١٥ : ٣٥٥.

(٤) في « م » زيادة : سميت بذلك لنحو ما ذكر في الغنائم.

٤١٢

وهي خمسة :

الأرض التي تملك من غير قتال ، سواء انجلى أهلها أو سلّموها طوعا.

______________________________________________________

قوله : ( وهي خمسة ).

هذا الحصر استقرائي مستفاد من تتبع الأدلة الشرعية ، وزاد الشيخان قسما سادسا وهو المعادن (١).

قال في المعتبر : فإن كانا يريدان ما يكون في الأرض المختصة به أمكن ، أما ما يكون في أرض لا تختص بالإمام عليه‌السلام فالوجه أنه لا يختص به ، لأنه أموال مباحة تستحق بالسبق إليها والإخراج لها ، والشيخان يطالبان بدليل ما أطلقاه (٢).

قوله : ( الأرض التي تملك من غير قتال ، سواء انجلى أهلها أو سلّموها طوعا ).

(٢) المراد بانجلاء أهلها خروجهم عنها وتركها للمسلمين ، وبتسليمها طوعا تمكين المسلمين من التسلط عليها مع بقائهم فيها.

ويدل على أن هذا النوع من الأنفال روايات كثيرة :

منها ما رواه الشيخ في الموثق ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال ، سمعته يقول : « إن الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم أو قوم صولحوا وأعطوا بأيديهم ، وما كان من أرض خربة أو‌

__________________

(١) المفيد في المقنعة : ٤٥ ، والشيخ في النهاية : ٤١٩.

(٢) المعتبر ٢ : ٦٣٤.

٤١٣

والأرضون الموات ، سواء ملكت ثم باد أهلها أو لم يجر عليها ملك ، (١) كالمفاوز وسيف البحار‌

______________________________________________________

بطون أودية فهذا كله من الفي‌ء ، والأنفال لله وللرسول ، فما كان لله فهو للرسول يضعه حيث يحب » (١).

وعن محمد بن علي الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن الأنفال فقال : « الأنفال ما كان من الأرضين باد أهلها » (٢).

وعن حماد بن عيسى ، قال : روى لي بعض أصحابنا ذكره عن العبد الصالح أبي الحسن الأول عليه‌السلام أنه قال في خبر طويل : « وله بعد الخمس الأنفال ، والأنفال كل أرض خربة قد باد أهلها ، وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب ولكن صولحوا عليها وأعطوا بأيديهم على غير قتال ، وله رؤوس الجبال وبطون الأودية والآجام وكل أرض ميتة لا رب لها ، وله صوافي الملوك مما كان في أيديهم من غير وجه الغصب ، لأن الغصب كله مردود ، وهو وارث من لا وارث له » (٣).

قوله : ( والأرضون الموات ، سواء ملكت ثم باد أهلها ، أو لم يجر عليها ملك ).

المراد أن له الأرضين الموات التي ليس لها مالك معروف ، سواء ملكت ثم باد أهلها وماتت ، أو لم يجر عليها ملك.

والمرجع في الموات إلى العرف.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٣٣ ـ ٣٧٠ ، الوسائل ٦ : ٣٦٧ أبواب الأنفال ب ١ ح ١٠.

(٢) التهذيب ٤ : ١٣٣ ـ ٣٧١ ، الوسائل ٦ : ٣٦٧ أبواب الأنفال ب ١ ح ١١.

(٣) الكافي ١ : ٥٣٩ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٦ ، الوسائل ٦ : ٣٦٥ أبواب الأنفال ب ١ ح ٤.

٤١٤

ورؤوس الجبال وما يكون بها ، وكذا بطون الأودية والآجام.

______________________________________________________

وعرّفها المصنف في كتاب إحياء الموات من هذا الكتاب بأنها ما لا ينتفع به لعطلته ، إما لانقطاع الماء عنه ، أو لاستيلاء الماء عليه ، أو لاستيجامه ، أو غير ذلك من موانع الانتفاع (١).

وربما ظهر من قول المصنف سواء ملكت ثم باد أهلها أو لم يجر عليها ملك أنها لو كانت لمالك معروف لم يكن كذلك. وهو كذلك ، لكن سيأتي إن شاء الله أن ما مات من الأرض بعد أن ملك بالإحياء يكون للإمام عليه‌السلام وإن كان مالكه معروفا.

وكيف كان فالضابط في ذلك اختصاصه عليه‌السلام بالموات الذي لا مالك له.

ويدل على اختصاصه عليه‌السلام بهذا القسم مضافا إلى ما سبق (٢) ما رواه الشيخ عن سماعة بن مهران ، قال : سألته عن الأنفال فقال : « كل أرض خربة أو شي‌ء كانت تكون للملوك فهو خالص للإمام ليس للناس فيها سهم » قال : « ومنها البحرين لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب » (٣).

قوله : ( ورؤوس الجبال وما يكون بها ، وكذا بطون الأودية والآجام ).

الظاهر أن المرجع في الأولين إلى العرف. والآجام ـ بكسر الهمزة وفتحها مع المد ـ : جمع أجمة بالتحريك ، وهي الشجر الكثير الملتف ، قاله في القاموس (٤). وإطلاق النص (٥) وكلام أكثر الأصحاب يقتضي اختصاصه‌

__________________

(١) الشرائع ٣ : ٢٧١.

(٢) راجع ص ١٦٨٣.

(٣) التهذيب ٤ : ١٣٣ ـ ٣٧٣ ، الوسائل ٦ : ٣٦٧ أبواب الأنفال ب ١ ح ٨.

(٤) القاموس المحيط ٤ : ٧٤.

(٥) الوسائل ٦ : ٣٦٤ أبواب الأنفال ب ١.

٤١٥

وإذا فتحت دار الحرب ، فما كان لسلطانهم من قطائع وصفايا فهي للإمام إذا لم تكن مغصوبة من مسلم أو معاهد.

وكذا له أن يصطفي من الغنيمة ما شاء من فرس أو ثوب‌

______________________________________________________

عليه‌السلام بهذه الأنواع الثلاثة من أي أرض كانت.

ومنع ابن إدريس من اختصاص الإمام بذلك على الإطلاق ، بل قيّده بما يكون في موات الأرض أو الأرضين المملوكة للإمام (١).

ورده الشهيد في البيان بأنه يفضي إلى التداخل وعدم الفائدة في ذكر اختصاصه بهذين النوعين (٢). وهو جيد لو كانت الأخبار المتضمنة لاختصاصه عليه‌السلام بذلك على الإطلاق صالحة لإثبات هذا الحكم ، لكنها ضعيفة السند ، فيتجه المصير إلى ما ذكره ابن إدريس ، قصرا لما خالف الأصل على موضع الوفاق.

قوله : ( وإذا فتحت دار الحرب فما كان لسلطانهم من قطائع وصفايا فهي للإمام ، إذا لم تكن مغصوبة من مسلم أو معاهد ).

المراد بالقطائع : الأرض ، وبالصفايا : غيرها مما لا ينقل ويحول. والضابط أن كل أرض فتحت من دار (٣) أهل الحرب فما كان يختص به ملكهم فهو للإمام إذا لم يكن غصبا من مسلم أو معاهد ، كما كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ويدل على ذلك مضافا إلى ما سبق ما رواه الشيخ في الصحيح ، عن داود بن فرقد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « قطائع الملوك كلها للإمام ، ليس للناس فيها شي‌ء » (٤).

قوله : ( وكذا له أن يصطفي من الغنيمة ما شاء من فرس أو ثوب‌

__________________

(١) السرائر : ١١٦.

(٢) البيان : ٢٢٢.

(٣) أثبتناه من « ض ».

(٤) التهذيب ٤ : ١٣٤ ـ ٣٧٧ ، الوسائل ٦ : ٣٦٦ أبواب الأنفال ب ١ ح ٦.

٤١٦

أو جارية أو غير ذلك ما لم يجحف. (١) وما يغنمه المقاتلون بغير إذنه فهو له عليه‌السلام.

______________________________________________________

أو جارية أو غير ذلك ما لم يجحف ).

هذا القيد مستغنى عنه ، بل كان الأولى تركه. ويدل على أن له اصطفاء ما شاء من الغنيمة روايات ، منها صحيحة الربعي المتقدمة عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له » ثم قال في آخر الرواية : « وكذلك الإمام يأخذ كما أخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (١).

ورواية أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن صفو المال ، قال : « الإمام يأخذ الجارية الروقة ، والمركب الفاره ، والسيف القاطع ، والدرع ، قبل أن يقسم الغنيمة ، فهذا صفو المال » (٢).

قوله : ( وما يغنمه الغانمون بغير إذنه فهو له عليه‌السلام ).

هذا الحكم ذكره الشيخان (٣) والمرتضى (٤) وأتباعهم (٥). واستدلوا عليه برواية العباس الورّاق ، عن رجل سماه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إذا غزى قوم بغير أمر الإمام فغنموا كانت الغنيمة كلها للإمام ، فإذا غزوا بأمر الإمام فغنموا كان للإمام الخمس » (٦). وهذه الرواية ضعيفة بالإرسال وغيره.

__________________

(١) التهذيب ٤ : ١٢٨ ـ ٣٦٥ ، الإستبصار ٢ : ٥٦ ـ ١٨٦ ، الوسائل ٦ : ٣٥٦ أبواب قسمة الخمس ب ١ ح ٣.

(٢) التهذيب ٤ : ١٣٤ ـ ٣٧٥ ، السرائر : ٤٨٤ ، الوسائل ٦ : ٣٦٩ أبواب الأنفال ب ١ ح ١٥.

(٣) المفيد في المقنعة : ٤٥ ، والشيخ في النهاية : ٢٠٠ ، والمبسوط ١ : ٢٦٣ ، والجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٠٨.

(٤) حكاه عنه في المعتبر ٢ : ٦٣٥.

(٥) كالقاضي ابن البراج في المهذب ١ : ١٨٦.

(٦) التهذيب ٤ : ١٣٥ ـ ٣٧٨ ، الوسائل ٦ : ٣٦٩ أبواب الأنفال ب ١ ح ١٦.

٤١٧

______________________________________________________

ونقل عن ابن إدريس أنه ادعى الإجماع على هذا الحكم (١). ورده المصنف في المعتبر فقال : وبعض المتأخرين يستسلف صحة الدعوى مع إنكاره العمل بخبر الواحد ، فيحتج لقوله بدعوى إجماع الإمامية ، وذلك مرتكب فاحش ، إذ هو يقول إن الإجماع إنما يكون حجة إذا علم أن الإمام في الجملة ، فإن كان يعلم ذلك فهو منفرد بعلمه ، فلا يكون حجة على من لم يعلم (٢).

وظاهر المصنف في النافع التوقف في هذا الحكم حيث قال : وقيل إذا غزا قوم بغير إذنه فغنيمتهم له والرواية مقطوعة (٣).

وقوى العلامة في المنتهى مساواة ما يغنم بغير إذن الإمام لما يغنم بإذنه (٤). وهو جيد ، لإطلاق الآية الشريفة (٥) ، وخصوص حسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة فقال : « يؤدي خمسنا ويطيب له » (٦).

ومن الأنفال ميراث من لا وارث له عند علمائنا أجمع ، قاله في المنتهى (٧). ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « من مات وليس له وارث من قبل قرابته ولا مولى عتاقه ولا ضامن جريرة فما له من الأنفال » (٨).

__________________

(١) السرائر : ١١٦ ، ١٥٦.

(٢) المعتبر ٢ : ٦٣٥.

(٣) المختصر النافع : ٦٤.

(٤) المنتهى ١ : ٥٥٤.

(٥) الأنفال : ٤١.

(٦) التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٧ ، الوسائل ٦ : ٣٤٠ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ٨.

(٧) المنتهى ١ : ٥٥٣.

(٨) الكافي ٧ : ١٦٩ ـ ٢ ، الفقيه ٤ : ٢٤٢ ـ ٧٧٣ ، التهذيب ٩ : ٣٨٧ ـ ١٣٨١ ، الوسائل ١٧ : ٥٤٧ أبواب ولاء ضمان الجريرة ب ٣ ح ١.

٤١٨

الثاني : في كيفية التصرف في مستحقه ، وفيه مسائل :

الأولى : لا يجوز التصرف في ذلك بغير إذنه ، ولو تصرّف متصرّف كان غاصبا ، ولو حصل له فائدة كانت للإمام.

______________________________________________________

وعن أبان بن تغلب قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « من مات ولا مولى له ولا ورثة فهو من أهل هذه الآية ( يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ ) (١) (٢).

قوله : ( الثاني ، في كيفية التصرف في مستحقه ، وفيه مسائل ، الأولى : لا يجوز التصرف في ذلك بغير إذنه ، ولو تصرف متصرف كان غاصبا ، ولو حصل له فائدة كانت للإمام ).

المراد أنه لا يجوز التصرف في ذلك ـ يعني الأنفال ـ بغير إذن الإمام عليه‌السلام في حال حضوره ، كما نص عليه في المعتبر (٣). أما في حال الغيبة فالأصح إباحة الجميع كما نص عليه الشهيدان (٤) وجماعة ، للأخبار الكثيرة المتضمنة لإباحة حقوقهم لشيعتهم في حال الغيبة (٥).

قال في البيان : وهل يشترط في المباح له الفقر؟ ذكره الأصحاب في ميراث فاقد الوارث أما غيره فلا (٦).

وأقول إن مقتضى العمومات عدم اشتراط ذلك مطلقا ، نعم ورد في‌

__________________

(١) الكافي ١ : ٥٤٦ ـ ١٨ ، الفقيه ٢ : ٢٣ ـ ٨٩ ، التهذيب ٤ : ١٣٤ ـ ٣٧٤ ، الوسائل ٦ : ٣٦٩ أبواب الأنفال ب ١ ح ١٤.

(٢) الأنفال : ١.

(٣) المعتبر ٢ : ٦٣٥.

(٤) الشهيد الأول في الدروس : ٧٠ ، والبيان : ٢٢١ ، والشهيد الثاني في الروضة البهية ٢ : ٨٥ ، والمسالك ١ : ٦٨.

(٥) الوسائل ٦ : ٣٧٨ أبواب الأنفال ب ٤.

(٦) البيان : ٢٢١.

٤١٩

الثانية : إذا قاطع الإمام على شي‌ء من حقوقه حلّ ما فضل عن القطيعة ، ووجب عليه الوفاء.

الثالثة : ثبت إباحة المناكح والمساكن والمتاجر في حال الغيبة ، وإن كان ذلك بأجمعه للإمام أو بعضه ، ولا يجب إخراج حصّة الموجودين من أرباب الخمس منه.

______________________________________________________

الميراث رواية ضعيفة ربما تعطي اعتبار ذلك ، ولاستقصاء البحث في ذلك محل آخر.

قوله : ( الثانية ، إذا قاطع الإمام على شي‌ء من حقوقه حلّ ما فضل عن القطيعة ووجب عليه الوفاء ).

هذا الحكم واضح المأخذ ، لكن كان ترك التعرض لذكره أقرب إلى الصواب.

قوله : ( الثالثة ، ثبت إباحة المناكح والمساكن والمتاجر في حال الغيبة ، وإن كان ذلك بأجمعه للإمام أو بعضه ، ولا يجب إخراج حصة الموجودين من أرباب الخمس ).

أما إباحة المناكح فقال العلامة في المنتهى : إنه قول علمائنا أجمع (١). والمراد بها : الجواري التي تسبى من دار الحرب فإنه يجوز شراؤها ووطؤها وإن كانت بأجمعها للإمام إذا كانت الغنيمة بغير إذنه ، أو بعضها مع الإذن.

قال في الدروس : وليس ذلك من باب تبعيض التحليل ، بل تمليك للحصة أو الجميع من الإمام (٢). وهو حسن.

وفسرها بعضهم بثمن السراري ومهر الزوجة من الربح ، وهو يرجع إلى‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٥٥٥.

(٢) الدروس : ٦٩.

٤٢٠