مدارك الأحكام - ج ٤

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٤

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩

١
٢

٣
٤

الرّكن الثالث :

في بقية الصلوات

وفيه فصول :

الفصل الأوّل :

في صلاة الجمعة

والنظر في. الجمعة ، ومن تجب عليه ، وآدابها :

______________________________________________________

قوله : ( الركن الثالث ، في بقية الصلوات : وفيه فصول ، الفصل الأول : في صلاة الجمعة ).

أجمع العلماء كافة على وجوب صلاة الجمعة ، والأصل فيه الكتاب والسنة ، قال الله تعالى ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ ) (١) أجمع المفسرون (٢) على أن المراد بالذكر هنا الخطبة ، وصلاة الجمعة ، تسمية للشي‌ء باسم أشرف أجزائه ، والأمر للوجوب كما قرر في الأصول وهو هنا للتكرار باتفاق العلماء. والتعليق بالنداء مبني على الغالب.

__________________

(١) الجمعة : ٩.

(٢) منهم الشيخ في التبيان ١٠ : ٨ ، والطبرسي في مجمع البيان ٥ : ٢٨٨ ، وابن العربي في تفسير أحكام القرآن ٤ : ١٨٠٥.

٥

______________________________________________________

وفي الآية مع الأمر الدال على الوجوب ضروب من التأكيد وأنواع الحث بما لا يقتضي تفصيله المقام ، ولا يخفى على من تأمله من أولي الأفهام.

وأما الأخبار فمستفيضة جدا ، بل تكاد أن تكون متواترة ، فمن ذلك صحيحة أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إن الله عزّ وجلّ فرض في كل سبعة أيام خمسا وثلاثين صلاة ، منها صلاة واجبة على كل مسلم أن يشهدها إلا خمسة : المريض ، والمملوك ، والمسافر ، والمرأة ، والصبي » (١).

وصحيحة زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال له : « إنما فرض الله عزّ وجلّ على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة ، منها صلاة واحدة فرضها الله عزّ وجلّ في جماعة ، وهي الجمعة ، ووضعها عن تسعة : عن الصغير ، والكبير ، والمجنون ، والمسافر ، والعبد ، والمرأة ، والمريض ، والأعمى ، ومن كان على رأس أزيد من فرسخين » (٢).

وصحيحة منصور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد ، فإن كانوا أقل من خمسة فلا جمعة لهم. والجمعة واجبة على كل أحد ، لا يعذر الناس فيها إلا خمسة : المرأة ، والمملوك ، والمسافر ، والمريض ، والصبي » (٣).

وصحيحة أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤١٨ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ١٩ ـ ٦٩ ، المعتبر ٢ : ٢٧٤ ، الوسائل ٥ : ٥ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١ ح ١٤.

(٢) الكافي ٣ : ٤١٩ ـ ٦ ، الفقيه ١ : ٢٦٦ ـ ١٢١٧ ، التهذيب ٣ : ٢١ ـ ٧٧ ، الخصال : ٥٣٣ ـ ١١ ، الأمالي : ٣١٩ ـ ١٧ ، الوسائل ٥ : ٢ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١ ح ١.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٣٩ ـ ٦٣٦ ، الإستبصار ١ : ٤١٩ ـ ١٦١٠ ، الوسائل ٥ : ٥ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١ ح ١٦ وص ٨ ب ٢ ح ٧.

٦

______________________________________________________

قال : « من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات طبع الله على قلبه » (١).

وصحيحة الفضل بن عبد الملك ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات ، فإن كان لهم من يخطب جمعوا إذا كانوا خمسة نفر ، وإنما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين » (٢).

وصحيحة زرارة ، قال : حثنا أبو عبد الله عليه‌السلام على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه ، فقلت : نغدو عليك؟ فقال : « لا ، إنما عنيت عندكم » (٣).

وصحيحة محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : سألته عن أناس في قرية ، هل يصلون الجمعة جماعة؟ قال : « نعم ، يصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب » (٤).

وصحيحة عمر بن يزيد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة ، وليلبس البرد والعمامة ، وليتوكأ على قوس أو عصا ، وليقعد قعدة بين الخطبتين ، ويجهر بالقراءة ، ويقنت في الركعة الأولى منهما قبل الركوع » (٥).

وصحيحة زرارة قال ، قال أبو جعفر عليه‌السلام : « الجمعة واجبة على‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٣٨ ـ ٦٣٢ ، المحاسن : ٨٥ ـ ٢٢ ، عقاب الأعمال : ٢٧٦ ـ ٣ ، الوسائل ٥ : ٥ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١ ح ١٥.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٣٨ ـ ٦٣٤ ، الإستبصار ١ : ٤٢٠ ـ ١٦١٤ ، الوسائل ٥ : ٨ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢ ح ٦ وص ١٠ ب ٣ ح ٢.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٣٩ ـ ٦٣٥ ، الإستبصار ١ : ٤٢٠ ـ ١٦١٥ ، المقنعة : ٢٧ ، الوسائل ٥ : ١٢ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ٥ ح ١.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٣٨ ـ ٦٣٣ ، الإستبصار ١ : ٤١٩ ـ ١٦١٣ ، الوسائل ٥ : ١٠ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٣ ح ١.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٤٥ ـ ٦٦٤ ، الإستبصار ١ : ٤١٨ ـ ١٦٠٧ ، الوسائل ٥ : ١٥ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٦ ح ٥.

٧

______________________________________________________

من إن صلى الغداة في أهله أدرك الجمعة ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنما يصلي العصر في وقت الظهر في سائر الأيام كي إذا قضوا الصلاة مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجعوا إلى رحالهم قبل الليل ، وذلك سنة إلى يوم القيامة » (١).

وصحيحة أخرى لزرارة قال ، قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : على من تجب الجمعة؟ قال : « على سبعة نفر من المسلمين ، ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الإمام ، فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم » (٢).

فهذه الأخبار الصحيحة الطرق الواضحة الدلالة على وجوب الجمعة على كل مسلم عدا ما استثني تقتضي الوجوب العيني ، إذ لا إشعار فيها بالتخيير بينها وبين فرد آخر ، خصوصا قوله عليه‌السلام : « من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات طبع الله على قلبه » فإنه لو جاز تركها إلى بدل لم يحسن هذا الإطلاق. وليس فيها دلالة على اعتبار حضور الإمام عليه‌السلام ونائبه بوجه ، بل الظاهر من قوله عليه‌السلام : « فإن كان لهم من يخطب جمعوا » وقوله : « فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم » خلافه كما سيجي‌ء تحقيقه إن شاء الله (٣).

قال جدي ـ قدس‌سره ـ في رسالته الشريفة التي وضعها في هذه المسألة بعد أن أورد نحو ما أوردناه من الأخبار ونعم ما قال : فكيف يسع المسلم الذي يخاف الله تعالى إذا سمع مواقع أمر الله تعالى ورسوله وأئمته عليهم‌السلام بهذه‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٤٠ ـ ٦٤٢ ، الإستبصار ١ : ٤٢١ ـ ١٦٢١ ، الوسائل ٥ : ١١ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٤ ح ١.

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٧ ـ ١٢١٨ ، الوسائل ٥ : ٨ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢ ح ٤.

(٣) في ص ٢١.

٨

الجمعة ركعتان كالصبح ، يسقط معهما الظهر.

______________________________________________________

الفريضة وإيجابها على كل مسلم أن يقصّر في أمرها ويهملها إلى غيرها ويتعلل بخلاف بعض العلماء فيها ، وأمر الله تعالى ورسوله وخاصته عليهم‌السلام أحق ومراعاته أولى ، فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب إليهم ، ولعمري لقد أصابهم الأمر الأول فليرتقبوا الثاني إن لم يعف الله تعالى ويسامح ، نسأل الله العفو والرحمة بمنه وكرمه (١).

قوله : ( الجمعة ركعتان كالصبح يسقط معهما الظهر ).

هذان الحكمان إجماعيان بين العلماء كافة ، قاله في المعتبر والمنتهى (٢). أما أنها ركعتان فيدل عليه فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام ، والأخبار المتواترة (٣).

وأما سقوط الظهر معها وعدم مشروعية الجمع بينهما فيدل عليه مضافا إلى الإجماع قوله عليه‌السلام في صحيحة الفضل بن عبد الملك : « إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات ، فإن كان لهم من يخطب جمعوا إذا كانوا خمسة نفر » (٤). وفي صحيحة محمد بن مسلم : « يصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب » (٥). وفي حسنة الحلبي : « إن فاتته الصلاة ـ أي صلاة الجمعة ـ فلم يدركها فليصل أربعا » (٦) والتفصيل قاطع للشركة. وربما كان في قول المصنف رحمه‌الله : الجمعة ركعتان كالصبح ، إشارة إلى أنها واجب مستقل ، لا ظهر مقصورة كما يقوله بعض العامة (٧).

__________________

(١) رسائل الشهيد الثاني : ٥٦.

(٢) المعتبر ٢ : ٢٧٤ ، والمنتهى ١ : ٣٢٧.

(٣) الوسائل ٥ : ١٤ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٦.

(٤) المتقدمة في ص ٧.

(٥) المتقدمة في ص ٧.

(٦) الكافي ٣ : ٤٢٧ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ١٦٠ ـ ٣٤٣ ، الإستبصار ١ : ٤٢١ ـ ١٦٢٢ ، الوسائل ٥ : ٤١ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢٦ ح ٣.

(٧) نقله عن الشافعي في بدائع الصنائع ١ : ٢٥٦.

٩

ويستحب فيهما الجهر. وتجب بزوال الشمس. ويخرج وقتها إذا صار ظل كل شي‌ء مثله.

______________________________________________________

قوله : ( ويستحب فيها الجهر ).

هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب. بل قال المصنف في المعتبر : إنه لا يختلف فيه أهل العلم (١). ويدل عليه ما رواه محمد بن مسلم في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن صلاة الجمعة في السفر ، قال : تصنعون كما تصنعون في الظهر ، ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة ، وإنما يجهر إذا كانت خطبة » (٢). وروي ابن أبي عمير في الصحيح ، عن جميل ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام نحو ذلك (٣).

وقد قطع الأصحاب بعدم وجوب الجهر في هذه الصلاة ، ويدل عليه مضافا إلى الأصل السالم عما يصلح للمعارضة صحيحة علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل يصلي من الفرائض ما يجهر فيه بالقراءة ، هل عليه أن لا يجهر؟ قال : « إن شاء جهر وإن شاء لم يجهر » (٤) قال العلامة ـ رحمه‌الله ـ في المنتهى : أجمع كل من يحفظ عنه العلم على أنه يجهر بالقراءة في صلاة الجمعة ، ولم أقف على قول للأصحاب في الوجوب وعدمه ، والأصل عدمه (٥).

قوله : ( وتجب بزوال الشمس ، ويخرج وقتها إذا صار ظل كل شي‌ء مثله ).

هنا مسألتان : إحداهما : أنّ أول وقت صلاة الجمعة زوال الشمس ، بمعنى أنه يجوز أن يخطب في الفي‌ء الأول ، فإذا زالت الشمس صلى الجمعة ، أو‌

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٣٠٤.

(٢) التهذيب ٣ : ١٥ ـ ٥٤ ، الوسائل ٤ : ٨٢٠ أبواب القراءة في الصلاة ب ٧٣ ح ٩.

(٣) التهذيب ٣ : ١٥ ـ ٥٣ ، الوسائل ٤ : ٨٢٠ أبواب القراءة في الصلاة ب ٧٣ ح ٨.

(٤) التهذيب ٢ : ١٦٢ ـ ٦٣٦ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ ـ ١١٦٤ ، قرب الإسناد : ٩٤ ، الوسائل ٤ : ٧٦٥ أبواب القراءة في الصلاة ب ٢٥ ح ٦.

(٥) المنتهى ١ : ٣٢٨.

١٠

______________________________________________________

يخطب بعد الزوال كما سيجي‌ء تحقيقه إن شاء الله (١) ، وبه قال أكثر الأصحاب.

وقال الشيخ في الخلاف : وفي أصحابنا من أجاز الفرض عند قيام الشمس. قال : واختاره علم الهدى رحمه‌الله (٢). قال ابن إدريس بعد نقل ذلك : ولعل شيخنا سمعه من المرتضى مشافهة (٣). فإن الموجود في مصنفات السيد موافق للمشهور من عدم جواز إيقاعها قبل تحقق الزوال. والمعتمد الأول.

لنا : أنّ الوظائف الشرعية إنما تستفاد من صاحب الشرع فيقتصر على صفتها المنقولة ، والمنقول من فعله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه كان يصلي الجمعة بعد الزوال ، فلا تبرأ الذمة إلا بإيقاعها فيه. وتدل عليه أيضا الأخبار المستفيضة ، كصحيحة زرارة ، قال : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « إنّ من الأمور أمورا مضيقة وأمورا موسعة ، وإن الوقت وقتان ، الصلاة مما فيه السعة ، فربما عجل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وربما أخر إلا صلاة الجمعة ، فإن صلاة الجمعة من الأمر المضيق ، إنما لها وقت واحد حين تزول » (٤).

وصحيحة ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « وقت صلاة الجمعة عند الزوال » (٥).

ورواية علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : سألته عن الزوال يوم الجمعة ما حدّه؟ قال : « إذا قامت الشمس صل الركعتين ، فإذا زالت الشمس فصل الفريضة » (٦).

وصحيحة ذريح قال ، قال لي أبو عبد الله عليه‌السلام : « صل الجمعة‌

__________________

(١) في ص ٣٥.

(٢) الخلاف ١ : ٢٤٦.

(٣) السرائر : ٦٤.

(٤) التهذيب ٣ : ١٣ ـ ٤٦ ، الوسائل ٥ : ١٧ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٨ ح ٣.

(٥) التهذيب ٣ : ١٣ ـ ٤٣ ، الوسائل ٥ : ١٨ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٨ ح ٥.

(٦) قرب الإسناد : ٩٨ ، الوسائل ٥ : ٢٥ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١١ ذ ح ١٦.

١١

______________________________________________________

بأذان هؤلاء ، فإنهم أشد شي‌ء مواظبة على الوقت » (١).

وصحيحة عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام. قال : ( كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلي الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك ، ويخطب في الظل الأول ، فيقول جبرائيل : يا محمد قد زالت فانزل وصل » (٢).

ولم أقف للقول بجواز التقديم على حجة يعتد بها. واستدل له في التذكرة والمنتهى (٣) بما رواه العامة عن وكيع الأسلمي ، قال : شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار (٤). وهو مستند ضعيف ، فإن فعل أبي بكر ليس حجة ، خصوصا مع مخالفته لفعل الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وثانيتهما : أن وقت صلاة الجمعة يخرج بصيرورة ظل كل شي‌ء مثله ، وهو اختيار أكثر الأصحاب ، بل قال في المنتهى : إنه مذهب علمائنا أجمع (٥).

قال الشهيد ـ رحمه‌الله ـ في الذكرى : ولم نقف لهم على حجة ، إلا أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلي في هذا الوقت. قال : ولا دلالة فيه ، لأن الوقت الذي كان يصلي فيه ينقص عن هذا القدر غالبا ، ولم يقل أحد بالتوقيت بذلك الناقص (٦).

وقال أبو الصلاح : إذا مضى مقدار الأذان والخطبة وركعتي الجمعة فقد فاتت ولزم أداؤها ظهرا (٧).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٨٤ ـ ١١٣٦ ، الوسائل ٤ : ٦١٨ أبواب الأذان والإقامة ب ٣ ح ١.

(٢) التهذيب ٣ : ١٢ ـ ٤٢ ، الوسائل ٥ : ٣٠ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ١٥ ح ١.

(٣) التذكرة ١ : ١٤٣ ، والمنتهى ١ : ٣١٨.

(٤) سنن الدار قطني ٢ : ١٧ ـ ١.

(٥) المنتهى ١ : ٣١٨.

(٦) الذكرى : ٢٣٥.

(٧) الكافي في الفقه : ١٥٣.

١٢

ولو خرج الوقت وهو فيها أتمّ جمعة ، إماما كان أو مأموما.

______________________________________________________

ويدفعه ما رواه ابن بابويه مرسلا ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن تمضي ساعة » (١) وما رواه الفضيل ابن يسار ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « والصلاة مما وسع فيه تقدم مرة وتؤخر أخرى ، والجمعة مما ضيق فيها ، فإن وقتها يوم الجمعة ساعة تزول » (٢).

ورده المصنف في المعتبر أيضا برواية ابن سنان المتقدمة المتضمنة لأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يخطب في الفي‌ء الأول « فيقول جبرائيل يا محمد قد زالت الشمس فانزل وصل » (٣) قال : وهو دليل على تأخير الصلاة عن الزوال بقدر قول جبرائيل ونزوله عليه‌السلام ودعائه أمام الصلاة ، ولو كان مضيقا لما جاز ذلك (٤).

وقال ابن إدريس يمتد وقتها بامتداد وقت الظهر ، لتحقق البدلية وأصالة البقاء (٥). واختاره الشهيد في الدروس والبيان (٦). وفيه اطراح للأخبار رأسا.

وقال الجعفي : وقتها ساعة من النهار (٧). وهو الظاهر من الأخبار (٨). والمسألة قوية الإشكال ، والاحتياط للدين يقتضي المبادرة إلى فعلها عند تحقق الزوال ، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.

قوله : ( ولو خرج الوقت وهو فيها أتمها جمعة ، إماما كان أو مأموما ).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٦٧ ـ ١٢٢٣ ، الوسائل ٥ : ١٩ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٨ ح ١٣ ، وفيهما : أول وقت.

(٢) الكافي ٣ : ٢٧٤ ـ ٢ ، الوسائل ٣ : ١٠٠ أبواب المواقيت ب ٧ ح ١.

(٣) التهذيب ٣ : ١٢ ـ ٤٢ ، الوسائل ٥ : ١٨ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٨ ح ٤.

(٤) المعتبر ٢ : ٢٧٦.

(٥) السرائر : ٦٦.

(٦) الدروس : ٤٢ ، والبيان : ١٠١.

(٧) نقله عنه في الذكرى : ٢٣٥.

(٨) الوسائل ٥ : ١٧ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٨.

١٣

وتفوت الجمعة بفوات الوقت ، ثم لا تقضى جمعة إنما تقضى ظهرا.

______________________________________________________

إطلاق العبارة يقتضي وجوب إكمالها بمجرد التلبس بها في الوقت ولو‌ بالتكبير ، وبه صرح الشيخ ـ رحمه‌الله ـ (١) وجماعة.

واحتج عليه في المعتبر بأن الوجوب يتحقق باستكمال الشرائط فيجب إتمامها (٢).

ويتوجه عليه : أن التكليف بفعل موقت يستدعي زمانا يسعه ، لامتناع التكليف بالمحال ، ولا يشرع فعله في خارجه إلا أن يثبت من الشارع شرعية فعله خارج الوقت.

ومن ثم اعتبر العلامة (٣) ومن تأخر عنه (٤) إدراك الركعة في الوقت كاليومية ، لعموم قوله عليه‌السلام : « من أدرك من الوقت ركعة فكمن أدرك الوقت كله » (٥) وهو أولى.

قوله : ( وتفوت الجمعة بفوات الوقت ، ثم لا تقضى جمعة إنما تقضى ظهرا ).

المراد أنه مع فوات وقت الجمعة تجب صلاة الظهر أداء إن كان الوقت باقيا ، وقضاء بعد خروجه ، وهو إجماع أهل العلم ، ويدل علة قوله عليه‌السلام في حسنة الحلبي : « فإن فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعا » (٦).

وفي صحيحة عبد الرحمن العرزمي : « إذا أدركت الإمام يوم الجمعة وقد‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ٢٣٦ ، والمبسوط ١ : ١٤٥.

(٢) المعتبر ٢ : ٢٧٧.

(٣) المختلف : ١٠٨ ، والمنتهى ١ : ٣٢١.

(٤) كالشهيد الأول في الذكرى : ٢٣٥ ، والشهيد الثاني في المسالك ١ : ٣٣ ، وروض الجنان : ٢٨٤.

(٥) تفرد بروايتها في المعتبر ٢ : ٤٧.

(٦) الكافي ٣ : ٤٢٧ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ٢٤٣ ـ ٦٥٦ ، الإستبصار ١ : ٤٢١ ـ ١٦٢٢ ، الوسائل ٥ : ٤١ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢٦ ح ٣.

١٤

ولو وجبت الجمعة فصلى الظهر وجب عليه السعي. فإن أدركها وإلا أعاد الظهر ولم يجتزئ بالأولى.

ولو تيقن أن الوقت يتسع للخطبة وركعتين خفيفتين وجبت الجمعة.

______________________________________________________

سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أخرى واجهر بها ، فإن أدركته وهو يتشهد فصل أربعا » (١).

قال المصنف في المعتبر : وقوله في الأصل (٢) : تقضى ظهرا ، يريد به وظيفة الوقت لا الجمعة (٣).

قوله : ( ولو وجبت الجمعة فصلى الظهر وجب عليه السعي ، فإن أدركها وإلا أعاد الظهر ولم يجتزئ بالأولى ).

وذلك لأن الآتي بها آت بغير الواجب فلا يخرج من العهدة ، ويجب عليه الإتيان بالجمعة مع الإمكان ، وإلا أعاد الظهر ، لأن الأولى لم تكن صحيحة إذ لم يكن مخاطبا بها. ولا فرق في ذلك بين العمد والنسيان ، ولا بين أن يظهر في نفس الأمر عدم الوجوب أو لا. نعم لو صلى الظهر ناسيا وظهر عدم التمكن من الجمعة أمكن القول بالإجزاء.

ولو لم تكن شرائط الجمعة مجتمعة لكن يرجو اجتماعها قبل خروجه ، فهل يجوز له تعجيل الظهر والاجتزاء بها وإن تمت الجمعة بعد ذلك؟ أم يجب الصبر إلى أن يظهر الحال؟ وجهان أجودهما الثاني ، لأن الواجب بالأصل هو الجمعة ، وإنما يشرع فعل الظهر إذا علم عدم التمكن من الجمعة في الوقت.

قوله : ( ولو تيقن أن الوقت يتسع للخطبة وركعتين خفيفتين وجبت الجمعة ).

الضابط في ذلك تيقن اتساع الوقت للقدر الواجب من الخطبتين والصلاة‌

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٤٤ ـ ٦٥٩ ، الإستبصار ١ : ٤٢٢ ـ ١٦٢٥ ، الوسائل ٥ : ٤١ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢٦ ح ٥.

(٢) أي : المختصر النافع.

(٣) المعتبر ٢ : ٢٧٧.

١٥

وإن تيقن أو غلب على ظنه أن الوقت لا يتسع لذلك فقد فاتت الجمعة ويصلي ظهرا.

______________________________________________________

دون المسنون منهما.

قيل : وكذا تجب الجمعة مع ظن اتساع الوقت والشك في السعة وعدمها لأصالة بقاء الوقت (١).

ويشكل بأن الواجب الموقت يعتبر وقوعه في الوقت ، فمع الشك فيه لا يحصل يقين البراءة بالفعل ، والاستصحاب هنا إنما يفيد ظن البقاء وهو غير كاف في ذلك.

قوله : ( وإن تيقن أو غلب على ظنه أن الوقت لا يتسع لذلك فقد فاتت الجمعة ويصلي ظهرا ).

هذه بظاهره مناف لما سبق من أن من تلبّس بالجمعة في الوقت يجب عليه إتمامها ، فإنه يقتضي بإطلاقه جواز الشروع فيها مع ضيق الوقت.

وأجيب عنه بأن الشروع فيها إنما يشرع إذا ظن إدراك جميعها ، لأنها لا يشرع فيها القضاء ، وإنما وجب الإكمال مع التلبّس بها في الوقت للنهي عن إبطال العمل (٢).

وأورد عليه أن قوله عليه‌السلام : « من أدرك من الوقت ركعة » يعم الجميع (٣).

وأجيب بأن هذا الحديث مقيد بقيد مستفاد من خارج ، وهو كون الوقت صالحا للفعل ، للقطع بأن ما لا يصلح للفعل يمتنع وقوعه فيه (٤). وفيه نظر فإنه إن أريد بصلاحية الوقت للفعل إمكان إيقاعه فيه فهو متحقق هنا ، وإن أريد غير ذلك فلا دليل عليه.

ومن ثم ذهب جمع من الأصحاب إلى وجوب الدخول في الصلاة متى علم‌

__________________

(١) كما في جامع المقاصد ١ : ١٣٠.

(٢) كما في جامع المقاصد ١ : ١٣٠.

(٣) كما في جامع المقاصد ١ : ١٣٠.

(٤) كما في جامع المقاصد ١ : ١٣٠.

١٦

فأما لو لم يحضر الخطبة وأول الصلاة وأدرك مع الإمام ركعة صلى جمعة.

______________________________________________________

أنه يدرك ركعة بعد الخطبتين ، لعموم من أدرك (١) ، بل صرح العلامة في النهاية بوجوب الدخول في الصلاة مع إدراك الخطبتين وتكبيرة الإحرام خاصة (٢). وهو بعيد.

قوله : ( وأما لو لم يحضر الخطبة وأول الصلاة وأدرك مع الإمام ركعة صلى جمعة ).

هذا الحكم ثابت بإجماعنا ووافقنا عليه أكثر العامة (٣). والمستند فيه روايات. منها صحيحة الفضل بن عبد الملك قال ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « من أدرك ركعة فقد أدرك الجمعة » (٤).

وصحيحة عبد الرحمن العزرمي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « قال إذا أدركت الإمام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أخرى واجهر فيها فإن أدركته وهو يتشهد فصل أربعا » (٥).

وحسنة الحلبي : قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عمن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة فقال : « يصلي ركعتين ، فإن فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعا » وقال : « إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة ، فإن أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر أربع » (٦).

__________________

(١) الجواهر ١١ : ١٤١ : أول من صرح بذلك الفاضل في بعض كتبه ، وتبعه من تأخر عنه ، لعموم من أدرك ركعة.

(٢) نهاية الأحكام ٢ : ١١.

(٣) منهم الشافعي في الأم ١ : ٢٠٦ ، وابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٢ : ١٥٨ ، ١٧٧ ، والغمراوي في السراج الوهاج : ٩٠.

(٤) التهذيب ٣ : ١٦١ ـ ٣٤٦ ، الوسائل ٥ : ٤١ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢٦ ح ٦.

(٥) التهذيب ٣ : ٢٤٤ ـ ٦٥٩ ، الإستبصار ١ : ٤٢٢ ـ ١٦٢٥ ، الوسائل ٥ : ٤١ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢٦ ح ٥.

(٦) الكافي ٣ : ٤٢٧ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ٢٤٣ ـ ٦٥٦ ، الإستبصار ١ : ٤٢١ ـ ١٦٢٢ ، الوسائل ٥ : ٤١ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢٦ ح ٣.

١٧

وكذا لو أدرك الإمام راكعا في الثانية على قول.

______________________________________________________

لا يقال : قدر روى الشيخ في الصحيح ، عن ابن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « لا تكون الجمعة إلا لمن أدرك الخطبتين » (١) لأنا نقول : إنه محمول على نفي الكمال جمعا بين الأدلة.

قوله : ( وكذا لو أدرك الإمام راكعا في الثانية على قول ).

القول للشيخ ـ رحمه‌الله ـ في الخلاف (٢) ، والمرتضى (٣) ، وجمع من الأصحاب ، وشرط في النهاية وكتابي الحديث إدراك تكبيرة الركوع في الثانية (٤). والمعتمد الأول.

لنا : إن الجمعة تدرك بإدراك الركعة ، وإدراكها يتحقق بإدراك الركوع. أما إدراك الجمعة بإدراك الركعة فلما تقدم.

وأما إدراك الركعة بإدراك الإمام راكعا فيدل عليه روايات كثيرة ، منها : ما رواه الحلبي في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « إذا أدركت الإمام وقد ركع فكبرت وركعت قبل أن يرفع رأسه فقد أدركت الركعة ، وإن رفع الإمام رأسه قبل أن تركع فقد فاتتك الركعة » (٥).

وما رواه سليمان بن خالد في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : أنه قال في الرجل إذا أدرك الإمام وهو راكع فكبر الرجل وهو مقيم صلبه ثم ركع قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة (٦).

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٤٣ ـ ٦٥٨ ، الإستبصار ١ : ٤٢٢ ـ ١٦٢٤ ، الوسائل ٥ : ٤٢ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٢٦ ح ٧.

(٢) الخلاف ١ : ٢٤٧.

(٣) جمل العلم والعمل : ٧٠.

(٤) النهاية : ١٠٥ ، والتهذيب ٣ : ٤٣ ، والاستبصار ١ : ٤٣٥.

(٥) الكافي ٣ : ٣٨٢ ـ ٥ ، الفقيه ١ : ٢٥٤ ـ ١١٤٩ ، التهذيب ٣ : ٤٣ ـ ١٥٣ ، الإستبصار ١ : ٤٣٥ ـ ١٦٨٠ ، الوسائل ٥ : ٤٤١ أبواب صلاة الجماعة وآدابها ب ٤٥ ح ٢.

(٦) الكافي ٣ : ٣٨٢ ـ ٦ ، التهذيب ٣ : ٤٣ ـ ١٥٢ ، الإستبصار ١ : ٤٣٥ ـ ١٦٧٩ ، الوسائل ٥ : ٤٤١ أبواب صلاة الجماعة ب ٥ ح ١.

١٨

______________________________________________________

وما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح أيضا ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « إذا دخلت المسجد والإمام راكع وظننت أنك إن مشيت إليه رفع رأسه قبل أن تدركه فكبر واركع ، فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك ، فإذا قام فالحق بالصف ، وإن جلس فاجلس مكانك ، فإذا قام فالحق بالصف » (١).

ويؤيده رواية معاوية بن شريح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « إذا جاء الرجل مبادرا والإمام راكع أجزأته تكبيرة لدخوله في الصلاة والركوع » (٢).

ورواية جابر الجعفي قال ، قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إني أؤم قوما فأركع فيدخل الناس وأنا راكع فكم أنتظر؟ قال : « ما أعجب ما تسأل عنه؟! انتظر مثلي ركوعك ، فإن انقطعوا فارفع رأسك » (٣).

احتج الشيخ في كتابي الحديث على القول الثاني بما رواه في الصحيح ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال ، قال لي : « إن لم تدرك القوم قبل أن يكبر الإمام للركعة فلا تدخل معهم في تلك الركعة » (٤).

وروى محمد بن مسلم أيضا في الصحيح ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الإمام » (٥).

وروى أيضا في الصحيح ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « إذا أدركت التكبيرة قبل أن يركع الإمام فقد أدركت الصلاة » (٦).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٨٥ ـ ٥ ، الفقيه ١ : ٢٥٤ ـ ١١٤٨ ، الاستبصار ١ : ٤٣٦ ـ ١٦٨٢ ، التهذيب ٣ : ٤٤ ـ ١٥٥ ، الوسائل ٥ : ٤٤٣ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٦ ح ٣.

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٥ ـ ١٢١٤ ، الوسائل ٥ : ٤٤٩ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٩ ح ٦.

(٣) التهذيب ٢ : ٤٨ ـ ١٦٧ ، الوسائل ٥ : ٤٥٠ أبواب صلاة الجماعة ب ٥٠ ح ١.

(٤) التهذيب ٣ : ٤٣ ـ ١٤٩ ، ١٥٠ ، الإستبصار ١ : ٤٣٤ ـ ١٦٧٦ ، ١٦٧٧ ، الوسائل ٥ : ٤٤١ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٤ ح ٢ ، ٣.

(٥) التهذيب ٣ : ٤٣ ـ ١٤٩ ، ١٥٠ ، الإستبصار ١ : ٤٣٤ ـ ١٦٧٦ ، ١٦٧٧ ، الوسائل ٥ : ٤٤١ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٤ ح ٢ ، ٣.

(٦) التهذيب ٣ : ٤٣ ـ ١٥١ ، الإستبصار ١ : ٤٣٥ ـ ١٦٧٨ ، الوسائل ٥ : ٤٤٠ أبواب صلاة الجماعة ب ٤٤ ح ١.

١٩

ولو كبّر وركع ثم شك هل كان الإمام راكعا أو رافعا لم يكن له جمعة وصلى الظهر.

______________________________________________________

والجواب أولا : إن هذه الروايات أصلها واحد وهو محمد بن مسلم ، وما أوردناه سابقا مؤدى من عدة طرق فكان أرجح.

وثانيا : بحمل النهي في الرواية الأولى على الكراهة ، وحمل نفي الاعتداد على الاعتداد بها في الفضيلة ، لا في الإجزاء ، جمعا بين الأدلة.

نعم يمكن الاستدلال على هذا القول بقوله عليه‌السلام في رواية الحلبي المتقدمة : « إذا أدركت الإمام قبل أن يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة ، فإن أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر أربع » (١) ويمكن العمل بمضمونها واختصاص الجمعة بهذا الحكم وإن كانت الركعة تدرك في غيرها بإدراك الإمام في الركوع (٢) ، أو تأويلها بما يوافق المشهور بأن يحمل قوله : « وقد ركع » على أنه قد رفع رأسه من الركوع ، ولعل هذا أولى.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن المعتبر على هذا القول اجتماعهما في حد الراكع ، وهل يقدح فيه شروع الإمام في الرفع مع عدم تجاوز حده؟ فيه وجهان ، أظهرهما أنه كذلك ، لأنه المستفاد من الأخبار المتقدمة (٣). واعتبر العلامة في التذكرة ذكر المأموم قبل رفع الإمام (٤). ولم نقف على مأخذه.

قوله : ( ولو كبر وركع ثم شك هل كان الإمام راكعا أو رافعا لم يكن له جمعة وصلى الظهر ).

وذلك لعدم تحقق الشرط ، وهو إدراك الإمام في أثناء الركوع ، وتعارض أصلي عدم الإدراك وعدم الرفع فيتساقطان (٥) ، ويبقى المكلف في عهدة الواجب‌

__________________

(١) في ص ١٧.

(٢) ما احتمله في المدارك من الفرق بين الجمعة وغيرها من متفرداته. الجواهر ١١ : ١٤٩.

(٣) في ص ١٧.

(٤) التذكرة : ١٨٢.

(٥) في « م » : فيتساويان.

٢٠