مدارك الأحكام - ج ٦

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٦

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٣

١
٢

٣
٤

كتاب الصوم

والنظر في أركانه وأقسامه ولواحقمه وأركانه أربعة :

الأوّل : الصوم :

وهو الكفّ عن المفطّرات مع النيّة.

______________________________________________________

كتاب الصوم‌

قوله : ( الصوم هو الكف عن المفطرات مع النية ).

الصوم في اللغة هو الإمساك (١) ، قال ابن دريد : كل شي‌ء سكنت حركته فقد صام صوما. وقال أبو عبيدة : كل ممسك عن طعام أو كلام أو سير فهو صائم (٢). وقال في القاموس : صام صوما وصياما واصطام ، أمسك عن الطعام والشراب والكلام والنكاح (٣).

وقد استعمله الشارع في معنى أخص من المعنى اللغوي وصار حقيقة عند الفقهاء. واختلفت عباراتهم في تعريفه ، فعرفه المصنف بأنه الكف عن المفطرات مع النية. فالكف بمنزلة الجنس ، وقوله : عن المفطرات ،

__________________

(١) راجع الصحاح ٥ : ١٩٧٠.

(٢) حكاه عنه في الصحاح ٥ : ١٩٧٠.

(٣) القاموس المحيط ٤ : ١٤٣.

٥

______________________________________________________

كالفصل ، يخرج به الكف عن غيرها ، ومع النية ، فصل آخر يخرج به الكف عن المفطرات بدون النية ، فإنه لا يسمى صوما شرعيا.

ونقض في طرده بالكف عن المفطرات مع النية وقتا ما ، وفي عكسه بمتناول المفطر سهوا ، فإنه صائم مع عدم الكف.

ويمكن الجواب عن الأول بأن المراد بالنية : الشرعية ، وهي لا تتعلق بغير الزمان المخصوص.

وعن الثاني بأن التناول على وجه النسيان لا ينافي الكف ، وبإضمار قيد يحترز به عنه.

وأورد عليه أيضا أن المفطر عبارة عن مفسد الصوم فيكون تعريفه به دوريا ، وأن الكف أمر عدمي فلا يمكن التكليف به.

والجواب عن الأول : أن المراد بالمفطر ما صدق عليه ذلك من مفسدات الصوم ، فيصير التعريف في قوة : الكف عن الأكل والشرب.

وعن الثاني بمنع كون الكف أمرا عدميا ، بل هو أمر وجودي ، وهو بعث النفس على ترك ما تعلق به الكف. لكن يتوجه على هذا التعريف ما هو أشكل من ذلك ، وهو أن الكف إن كان أمرا زائدا على النية وترك المفطرات فليس بواجب ، وإن كان هو النية لم يكن التعريف صحيحا ، إذ الصوم غير النية ، ويكون اعتبار النية معه تكرار ، أو يلزم منه على التقدير الأول بطلان صوم الذاهل ، لعدم تحقق الكف في حال ذهوله ، وهو معلوم البطلان. فالأولى أن يراد بالكف هنا نفس الترك ، بل الأصح أن ذلك متعلق النهي ، لأنه المتبادر منه ، ولتحقق الامتثال به وإن لم يتحقق معه بعث النفس عليه ، وهو مقدور للمكلف باعتبار استمراره ، إذ له أن يفعل الفعل فينقطع استمرار العدم وأن لا يفعله فيستمر ، فلا مانع من التكليف به كما حقق في محله.

وعرفه العلامة في القواعد بأنه توطين النفس على الامتناع عن‌

٦

______________________________________________________

المفطرات مع النية (١). وهو قريب من تعريف المصنف رحمه‌الله ، لأن التوطين أمر وجودي كالكف ، فيرد عليه ما ورد على تعريف المصنف.

وعرفه الشهيد في الدروس بأنه توطين النفس لله تعالى على ترك الثمانية ، الأكل ، والشرب ـ إلى آخره ـ من طلوع الفجر الثاني إلى الغروب من المكلف أو المميز المسلم الخالي عن السفر والموانع التي عددها (٢). واستحسن الشارح هذا التعريف (٣). وهو غير جيد ، لأن التوطين المذكور عبارة عن النية ، وهي خلاف الصوم. ولو جعل الجار في قوله : من طلوع الفجر ، متعلقا بتوطين النفس فسد من وجه آخر ، وهو لزوم وجوب استحضار النية في جميع أجزاء الصوم وبطلان صوم الذاهل عن التوطين المذكور والنائم ، وهو معلوم البطلان. لكن الأمر في هذه التعاريف هيّن كما بيناه مرارا.

وهنا فوائد :

الأولى : الصوم من أفضل الطاعات وأشرف العبادات ولو لم يكن فيه إلا الارتقاء من حضيض حظوظ النفس البهيمية إلى ذروة التشبه بالملائكة الروحانية لكفى به فضلا ومنقبة ، والأخبار الواردة بذلك أكثر من أن تحصى ، فروى شيخنا المتقدم محمد بن يعقوب الكليني ـ رضي‌الله‌عنه ـ في الحسن ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « بني الإسلام على خمسة أشياء ، على الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية ، وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الصوم جنة من النار » (٤).

__________________

(١) القواعد ١ : ٦٣.

(٢) الدروس : ٧٠.

(٣) المسالك ١ : ٦٩.

(٤) الكافي ٤ : ٦٢ ـ ١ ، الوسائل ١ : ٧ أبواب العبادات ب ١ ح ٢ وج ٧ : ٢٨٩ أبواب الصوم المندوب ب ١ ح ١.

٧

______________________________________________________

وعن عبد الله بن طلحة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الصائم في عبادة وإن كان على فراشه ما لم يغتب مسلما » (١).

وعن مسعدة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « نوم الصائم عبادة ، ونفسه تسبيح » (٢).

وعن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « أوحى الله إلى موسى عليه‌السلام : ما يمنعك من مناجاتي ، فقال : يا رب أجلّك عن المناجاة لخلوق فم الصائم ، فأوحى الله إليه : يا موسى لخلوق فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك » (٣).

وروى ابن بابويه ـ رضي‌الله‌عنه ـ في كتابه من لا يحضره الفقيه عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : « من صام لله عزّ وجلّ يوما في شدة الحر فأصابه ظمأ وكّل الله به ألف ملك يمسحون وجهه ويبشرونه بالجنة حتى إذا أفطر قال الله جلّ جلاله : ما أطيب ريحك وروحك ، يا ملائكتي اشهدوا أني قد غفرت له » (٤).

وعنه عليه‌السلام قال : « نوم الصائم عبادة ، وصمته تسبيح ، وعمله متقبل ، ودعاؤه مستجاب » (٥).

__________________

(١) الكافي ٤ : ٦٤ ـ ٩ ، الفقيه ٢ : ٤٤ ـ ١٩٧ ، التهذيب ٤ : ١٩٠ ـ ٥٣٨ بتفاوت يسير ، الوسائل ٧ : ٢٩١ أبواب الصوم المندوب ب ١ ح ١٢.

(٢) الكافي ٤ : ٦٤ ـ ١٢ ، التهذيب ٤ : ١٩٠ ـ ٥٤٠ ، المحاسن : ٧٢ ـ ١٤٨ ، قرب الإسناد : ٤٦ رواه مرسلا ، الوسائل ٧ : ٢٩٠ أبواب الصوم المندوب ب ١ ح ٤.

(٣) الكافي ٤ : ٦٤ ـ ١٣ ، الفقيه ٢ : ٤٥ ـ ٢٠٣ ، الوسائل ٧ : ٢٩٠ أبواب الصوم المندوب ب ١ ح ٥.

(٤) الفقيه ٢ : ٤٥ ـ ٢٠٥ ، الوسائل ٧ : ٢٩٩ أبواب الصوم المندوب ب ٣ ح ١.

(٥) الفقيه ٢ : ٤٦ ـ ٢٠٧ ، الوسائل ٧ : ٢٩٢ أبواب الصوم المندوب ب ١ ح ١٧ ، وأوردها في الكافي ٤ : ٦٤ ـ ١٢.

٨

______________________________________________________

وعنه عليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ) (١) قال : « يعني بالصبر الصوم » وقال : « إذا نزلت بالرجل النازلة والشدة فليصم فإن الله عزّ وجلّ يقول ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ ) (٢).

وأعظم الصيام أجرا صوم شهر رمضان ، فروي عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : من صام شهر رمضان إيمانا واحتسابا وكفّ سمعه وبصره ولسانه عن الناس قبل الله صومه وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأعطاه ثواب الصابرين » (٣).

وروى ابن بابويه في الصحيح ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : « إن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما انصرف من عرفات وسار إلى منى دخل المسجد فاجتمع الناس يسألونه عن ليلة القدر ، فقام صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيبا فقال بعد الثناء على الله عزّ وجلّ : أما بعد فإنكم سألتموني عن ليلة القدر ولم أطوها عنكم لأني لم أكن بها عالما ، اعلموا أيها الناس إنه من ورد عليه شهر رمضان وهو صحيح سوي فصام نهاره وقام وردا من ليله وواظب على صلاته وهجر إلى جمعته وغدا إلى عيده فقد أدرك ليلة القدر وفاز بجائزة الرب عزّ وجلّ » وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « فاز والله بجوائز ليست كجوائز العباد » (٤).

الثانية : روى ابن بابويه ـ رضي‌الله‌عنه ـ في كتاب من لا يحضره الفقيه ، عن أبي جعفر عليه‌السلام أنه قال : « قال الله تبارك وتعالى : الصوم لي وأنا أجزي به » (٥).

__________________

(١) البقرة : ٤٥.

(٢) الفقيه ٢ : ٤٥ ـ ٢٠١ ، الوسائل ٧ : ٢٩٨ أبواب الصوم المندوب ب ٢ ح ١ ، وأوردها في الكافي ٤ : ٦٣ ـ ٧.

(٣) المقنعة : ٤٩ ، الوسائل ٧ : ١١٨ أبواب آداب الصائم ب ١١ ح ٧.

(٤) الفقيه ٢ : ٦٠ ـ ٢٥٧ ، الوسائل ٧ : ٢١٩ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٨ ح ١.

(٥) الفقيه ٢ : ٤٤ ـ ١٩٨ ، الوسائل ٧ : ٢٩٢ أبواب الصوم المندوب ب ١ ح ١٦.

٩

______________________________________________________

وروى الكليني نحو ذلك عن أبي الصباح الكناني عن الصادق عليه‌السلام قال : « إن الله تبارك وتعالى يقول : الصوم لي وأنا أجزي عليه » (١).

وروى الجمهور عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : « قال الله تبارك وتعالى : كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به » (٢).

وأورد هنا سؤال مشهور ، وهو أن كل الأعمال الصالحة لله فما وجه تخصيص الصوم بأنه له تبارك وتعالى دون غيره؟ وأجيب بوجوه :

الأول : إنه اختص بترك الشهوات والملاذ في الفرج والبطن ، وذلك أمر عظيم يوجب التشريف.

وعورض بالجهاد فإن فيه ترك الحياة فضلا عن الشهوات ، وبالحج إذ فيه الإحرام ومحظوراته كثيرة.

الثاني : إن الصوم يوجب صفاء العقل والفكر بوساطة ضعف القوى الشهوية بسبب الجوع ، ولذلك قال عليه‌السلام : « لا تدخل الحكمة جوفا ملي‌ء طعاما » (٣) وصفاء العقل والفكر يوجبان حصول المعارف الربانية التي هي أشرف أحوال النفس الإنسانية.

ورد بأن سائر العبادات إذا واظب عليها المكلف أورثت ذلك خصوصا الصلاة ، قال الله عزّ وجلّ ( وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ) (٤) وقال تعالى :

__________________

(١) الكافي ٤ : ٦٣ ـ ٦ ، الوسائل ٧ : ٢٩٠ أبواب الصوم المندوب ب ١ ح ٧.

(٢) صحيح البخاري ٣ : ٣٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٠٦ ـ ١٦١.

(٣) غوالي اللآلي ١ : ٤٢٥ ـ ١١١.

(٤) العنكبوت : ٦٩.

١٠

______________________________________________________

( اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ) (١).

الثالث : إن الصوم أمر خفي لا يمكن الاطلاع عليه فلذلك شرف ، بخلاف الصلاة والحج والجهاد وغيرها من الأعمال.

وعورض بأن الإيمان والإخلاص وأفعال القلب خفية مع أن الحديث متناول لها. ويمكن دفعه بتخصيص الأعمال بأفعال الجوارح لأنها المتبادر من اللفظ.

وقال بعض المحققين : هب أن كل واحد من هذه الأجوبة مدخول بما ذكر فلم لا يكون مجموعها هو الفارق؟ فإن هذه الأمور المذكورة لا تجتمع في غير الصوم.

الثالثة : في علة فرض الصيام ، روى ابن بابويه ـ رضي‌الله‌عنه ـ في كتاب من لا يحضره الفقيه في الصحيح ، عن هشام بن الحكم : أنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن علة الصيام فقال : « إنما فرض الله تعالى الصيام ليستوي به الغني والفقير ، وذلك أن الغني لم يكن ليجد مس الجوع فيرحم الفقير ، لأن الغني كلما أراد شيئا قدر عليه ، فأراد الله عزّ وجلّ أن يسوي بين خلقه ، وأن يذيق الغني مس الجوع والألم ليرقّ على الضعيف ويرحم الجائع » (٢).

وعن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام أنه قال : « جاء نفر من اليهود إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسأله أعلمهم عن مسائل ، فكان فيما سأله أن قال له : لأي شي‌ء فرض الله عزّ وجلّ الصوم على أمتك بالنهار ثلاثين يوما ، وفرض على الأمم أكثر من ذلك؟ فقال النبي صلى الله عليه‌

__________________

(١) الحديد : ٢٨.

(٢) الفقيه ٢ : ٤٣ ـ ١٩٢ ، الوسائل ٧ : ٢ أبواب وجوب الصيام ونيته ب ١ ح ١.

١١

______________________________________________________

وآله : إن آدم عليه‌السلام لما أكل من الشجرة بقي في بطنه ثلاثين يوما ففرض الله على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش ، والذي يأكلونه بالليل تفضّل من الله عزّ وجلّ عليهم ، وكذلك كان على آدم ، ففرض الله ذلك على أمته (١) ثم تلا هذه الآية ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيّاماً مَعْدُوداتٍ ) (٢) قال اليهودي : صدقت يا محمد ، فما جزاء من صامها؟ فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من مؤمن يصوم شهر رمضان احتسابا إلا أوجب الله تبارك وتعالى له سبع خصال : أولها يذوب الحرام من سجدة ، والثانية يقرب من رحمة الله عزّ وجلّ ، والثالثة يكون قد كفر خطيئة آدم أبيه ، والرابعة يهوّن الله عليه سكرات الموت ، والخامسة أمان من الجوع والعطش يوم القيامة ، والسادسة يعطيه الله براءة من النار ، والسابعة يطعمه الله من طيبات الجنة. قال : صدقت يا محمد » (٣).

والرابعة : في آداب الصائم ، روى الكليني في الحسن ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك » وعدد أشياء غير هذا وقال : « لا يكون يوم صومك كيوم فطرك » (٤).

وعن جراح المدائني ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده » ثم قال : « قالت مريم : ( إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً ) أي صمتا ، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم ، وغضوا أبصاركم ، ولا تنازعوا ، ولا تحاسدوا » قال : « وسمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم امرأة تسب جاريتها وهي صائمة فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بطعام فقال‌

__________________

(١) كذا ، وفي المصدر : أمتي.

(٢) البقرة : ١٨٣.

(٣) الفقيه ٢ : ٤٣ ـ ١٩٥ ، علل الشرائع : ٣٧٨ ـ ١ ، مجالس الصدوق : ١٦٢ ـ ١ ، الخصال : ٣٤٦ ـ ١٤ ، الوسائل ٧ : ١٧٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١ ح ٤.

(٤) الكافي ٤ : ٨٧ ـ ١ ، الوسائل ٧ : ١١٦ أبواب آداب الصائم ب ١١ ح ١.

١٢

______________________________________________________

لها : كلي ، فقالت : إني صائمة ، فقال : كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك ، إن الصوم ليس من الطعام والشراب » قال ، وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : « إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام والقبيح ، ودع المراء وأذى الخادم ، وليكن عليك وقار الصيام ، ولا تجعل يوم صومك كيوم فطرك » (١).

وعن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لجابر بن عبد الله : يا جابر هذا شهر رمضان من صام نهاره وقام وردا من ليله وعف بطنه وفرجه وكف لسانه خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر ، فقال جابر : يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث! فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا جابر وما أشد هذه الشروط! » (٢).

وعن مسعدة بن صدقة ، عن أبي عبد الله ، عن آبائه عليهم‌السلام ، قال : « قال النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما من عبد صالح صائم يشتم فيقول : إني صائم سلام عليك لا أشتمك كما تشتمني إلا قال الرب تبارك وتعالى : استجار عبدي بالصوم من شر عبدي [ و ] (٣) قد أجرته من النار » (٤).

وفي الحسن عن حماد بن عثمان وغيره ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « لا ينشد الشعر بليل ولا ينشد في شهر رمضان بليل ولا نهار » فقال له إسماعيل : يا أبتاه فإنه فينا؟ قال : « وإن كان فينا » (٥).

وعن أبي يزيد ، عن حصين ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : عليكم في شهر رمضان بكثرة‌

__________________

(١) الكافي ٤ : ٨٧ ـ ٣ ، الوسائل ٧ : ١١٦ أبواب آداب الصائم ب ١١ ح ٣.

(٢) الكافي ٤ : ٨٧ ـ ٢ ، الوسائل ٧ : ١١٦ أبواب آداب الصائم ب ١١ ح ٢.

(٣) أثبتناه من « ض » و « ح ».

(٤) الكافي ٤ : ٨٨ ـ ٥ ، الوسائل ٧ : ١٢٠ أبواب آداب الصائم ب ١٢ ح ٢.

(٥) الكافي ٤ : ٨٨ ـ ٦ ، الوسائل ٧ : ١٢١ أبواب آداب الصائم ب ١٣ ح ٢.

١٣

______________________________________________________

الاستغفار والدعاء ، فأما الدعاء فيدفع به عنكم البلاء ، وأما الاستغفار فيمحى (١) ذنوبكم » (٢).

الخامسة : صوم شهر رمضان واجب بالكتاب والسنة والإجماع ، قال الله عزّ وجلّ ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيّاماً مَعْدُوداتٍ ) ـ إلى قوله ـ ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) (٣).

واختلف في الأيام المعدودات ، فقيل : إنها غير شهر رمضان وكانت ثلاثة أيام من كل شهر (٤). وقيل : هي مع صوم عاشوراء (٥). ثم اختلفوا أيضا ، فقيل : كان تطوعا (٦) ، وقيل : بل كان واجب (٧). واتفقوا على أنه نسخ بصوم رمضان. وذهب الأكثر إلى أن المراد بها صوم شهر رمضان ، أجمل الله تعالى أولا ذكر الصيام ، ثم بينه بعض البيان بقوله ( أَيّاماً مَعْدُوداتٍ ) ثم كمّل البيان بقوله ( شَهْرُ رَمَضانَ ) فالآية غير منسوخة.

وقيل : أول ما فرض صوم شهر رمضان لم يكن واجبا عينيا ، بل كان مخيرا بينه وبين الفدية وكان الصوم أفضل (٨) ، وذلك قوله تعالى ( وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ) (٩) ثم نسخ بقوله ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ).

وقيل ، إن معناه : وعلى الذين كانوا يطيقونه ثم صاروا بحيث لا‌

__________________

(١) كذا ، وفي الكافي : فيمحى ، وفي الوسائل : فتمحى به ، وهو الأنسب.

(٢) الكافي ٤ : ٨٨ ـ ٧ ، الوسائل ٧ : ٢٢٣ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٨ ح ١١.

(٣) البقرة : ١٨٣ ـ ١٨٥.

(٤) نقل هذه الأقوال بتمامها في التفسير الكبير ٥ : ٧٨ ، وروح المعاني ٢ : ٥٧.

(٥) نقل هذه الأقوال بتمامها في التفسير الكبير ٥ : ٧٨ ، وروح المعاني ٢ : ٥٧.

(٦) نقل هذه الأقوال بتمامها في التفسير الكبير ٥ : ٧٨ ، وروح المعاني ٢ : ٥٧.

(٧) نقل هذه الأقوال بتمامها في التفسير الكبير ٥ : ٧٨ ، وروح المعاني ٢ : ٥٧.

(٨) نقل هذه الأقوال بتمامها في التفسير الكبير ٥ : ٧٨ ، وروح المعاني ٢ : ٥٧.

(٩) البقرة : ١٨٤.

١٤

______________________________________________________

يطيقونه (١) (٢). وعلى هذا فلا نسخ.

وأما السنة فمتواترة.

وأما الإجماع فمن المسلمين كافة.

واختلف في رمضان ، فقيل : إنه اسم من أسماء الله تعالى (٣). وعلى هذا فمعنى شهر رمضان : شهر الله ، وقد ورد ذلك في عدة أخبار ، منها ما رواه الكليني في الصحيح ، عن هشام بن سالم ، عن سعد ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : كنا عنده ثمانية رجال فذكرنا رمضان فقال : « لا تقولوا هذا رمضان ، ولا ذهب رمضان ، ولا جاء رمضان ، فإن رمضان اسم من أسماء الله عزّ وجلّ لا يجي‌ء ولا يذهب ، وإنما يجي‌ء ويذهب الزائل ، ولكن قولوا : شهر رمضان فإن الشهر مضاف إلى الاسم والاسم اسم الله عزّ ذكره ، وهو الشهر الذي أنزل فيه القرآن جعله مثلا وعيدا » (٤).

وعن غياث بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه : لا تقولوا رمضان ، ولكن قولوا شهر رمضان ، فإنكم لا تدرون ما رمضان » (٥).

وقيل : إن رمضان علم للشهر ، كرجب وشعبان ، ومنع الصرف للعلمية والألف والنون (٦).

واختلف في اشتقاقه ، فعن الخليل ـ رحمه‌الله ـ إنه من الرمض ـ بتسكين الميم ـ : وهو مطر يأتي في وقت الخريف يطهر وجه الأرض من‌

__________________

(١) حكاه في التفسير الكبير ٥ : ٧٨ ، وروح المعاني ٢ : ٥١.

(٢) في « ض » ، « م » ، « ح » زيادة : وهو المروي في أخبار أهل البيت عليهم‌السلام.

(٣) نقله عن مجاهد في التفسير الكبير ٥ : ٩١.

(٤) الكافي ٤ : ٦٩ ـ ٢ ، الوسائل ٧ : ٢٣٢ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٩ ح ٢.

(٥) الكافي ٤ : ٦٩ ـ ١ ، الوسائل ٧ : ٢٣١ أبواب أحكام شهر رمضان ب ١٩ ح ١.

(٦) المصباح المنير : ٢٣٨.

١٥

فهي إما ركن فيه وإما شرط في صحته ، وهي بالشرط أشبه.

______________________________________________________

الغبار ، سمي الشهر بذلك لأنه يطهر الأبدان عن أوضار الأوزار (١). وقيل من الرمض ، يعني شدة الحر من وقع الشمس (٢).

وقال الزمخشري في الكشاف : الرمضان مصدر رمض إذا احترق من الرمضاء ، سمي بذلك إما لارتماضهم فيه من حر الجوع ، كما سموه ناتقا ، لأنه كان ينتقهم ، أي يزعجهم بشدته عليهم ، أو لأن الذنوب ترمض فيه ، أي تحترق (٣).

وقيل إنما سمي بذلك لأن الجاهلية كانوا يرمضون أسلحتهم فيه ليقضوا منها أوطارهم في شوال قبل دخول الأشهر الحرام (٤).

وقيل إنهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة سموها بالأزمنة التي وقعت فيها ، فوافق هذا الشهر أيام رمض الحر فسميت بذلك (٥).

قوله : ( فهي إما ركن فيه وإما شرط في صحته ، وهي بالشرط أشبه ).

المراد بالركن : الجزء الأقوى الذي تلتئم منه الماهية ، وبالشرط : الأمر الخارج الذي يلزم من عدمه عدم المشروط.

ولا ريب أن النية بالشرط أشبه كما ذكره المصنف رحمه‌الله ، لأن المتبادر من معنى الصوم في اللغة والشرع أنه الإمساك مطلقا ، أو الإمساك المخصوص ، فتكون النية خارجة عن حقيقته ، ولأن النية تتعلق بالصوم فلا‌

__________________

(١) حكاه عنه في التفسير الكبير ٥ : ٩١ ولم يذكره في كتاب العين بل قال : الرمضان : شهر الصوم ـ راجع العين ٧ : ٣٩.

(٢) حكاه في التفسير الكبير ٥ : ٩١.

(٣) الكشاف ١ : ٢٢٦ ـ ٢٢٧.

(٤) حكاه عن ابن السكّيت في الجامع لأحكام القرآن ٢ : ٢٩١.

(٥) قال به الفيروزآبادي في القاموس المحيط ٢ : ٣٤٥ ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن ٢ : ٢٩١.

١٦

ويكفي في رمضان أن ينوي أنه يصوم متقرّبا إلى الله.

______________________________________________________

تكون جزءا منه ، وإلا لزم تعلق الشي‌ء بنفسه. والأمر في ذلك هيّن لأن القدر المطلوب وهو اعتبار النية في الصوم بحيث يبطل بالإخلال بها عمدا وسهوا ثابت على كل من التقديرين ، ولو أطلق على النية اسم الركن بهذا الاعتبار صح وإن كانت خارجة عن المنوي كما فعله العلامة وجماعة في نية الصلاة ، فإنهم أطلقوا عليها اسم الركن مع اعترافهم بخروجها عن الماهية (١).

قوله : ( ويكفي في رمضان أنه يصوم متقربا إلى الله ).

لا ريب في الاكتفاء بذلك لما بيناه مرارا من أن المعتبر من النية قصد الفعل طاعة لله عزّ وجلّ ، وإن ما عدا ذلك من القيود لا دليل على اعتباره. واستدل عليه في المعتبر أيضا بقوله تعالى ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) قال : فإذا حصل مع نية التقرب فقد حصل الامتثال ، وكان ما زاد منفيا (٢).

قال الشهيد في البيان : ولو أضاف التعيين إلى القربة والوجوب في شهر رمضان فقد زاد خيرا ، والأقرب استحبابه ، أما التعرض لرمضان هذه السنة فلا يستحب ولا يضر ، ولو تعرض لرمضان سنة معينة في غيرها فإن كان غلطا لغا وإن تعمد فالوجه البطلان (٣).

ويمكن المناقشة في البطلان مع العمد لحصول الإمساك مع نية التقرب فيحصل الامتثال ويلغو الزائد ، مع أن هذه النية لا معنى لها فإنها إنما تقع على سبيل التصور لا التصديق كما لا يخفى.

فرع : المتوخى لشهر رمضان كالمحبوس الذي لا يعلم الأهلة هل يشترط في صومه التعيين؟ فيه أوجه ، ثالثها أنه إن وجب التحري وتحصيل‌

__________________

(١) التحرير ١ : ٣٧.

(٢) المعتبر ٢ : ٦٤٤.

(٣) البيان : ٢٢٤.

١٧

وهل يكفي ذلك في النذر المعين؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، وهو الأشبه.

______________________________________________________

الأمارة التي يغلب معها الظن بدخول الشهر لم يجب التعيين ، وإلا وجب. ولا بأس به.

قوله : ( وهل يكفي ذلك في النذر المعيّن؟ قيل : نعم ، وقيل : لا ، وهو الأشبه ).

القول بالاكتفاء بذلك منقول عن السيد المرتضى رضي‌الله‌عنه (١) ، وابن إدريس (٢) ، وقواه في المنتهى (٣). وهو المعتمد ، لأنه زمان تعين بالنذر للصوم فكان كشهر رمضان ، واختلافهما بأصالة التعيين وعرضيته لا يقتضي اختلافهما في هذا الحكم.

والقول بافتقاره إلى التعيين للشيخ (٤) وجماعة ، واستقربه في المختلف (٥) ، واستدل عليه بأنه زمان لم يعينه الشارع في الأصل للصوم فافتقر إلى التعيين كالنذر المطلق ، وبأن الأصل وجوب التعيين ، إذ الأفعال إنما تقع على الوجوه المقصودة ، ترك ذلك في شهر رمضان لأنه زمان لا يقع فيه غيره ، فيبقى الباقي على أصالته ، وضعف الدليلين ظاهر.

أما الأول فلأنه مصادرة على المطلوب ، وإلحاقه بالنذر المطلق قياس مع الفارق.

وأما الثاني فلمنع أصالة الوجوب ، ولأن الوجه الذي لأجله ترك العمل بالأصل الذي ذكره في صوم شهر رمضان آت في النذر المعين ، فإنه إن أريد‌

__________________

(١) رسائل المرتضى ١ : ٤٤١.

(٢) السرائر : ٨٣.

(٣) المنتهى ٢ : ٥٥٧.

(٤) الخلاف ١ : ٣٧٥ ، والمبسوط ١ : ٢٧٧ ، والجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢١١.

(٥) المختلف : ٢١١.

١٨

ولا بد فيما عداهما من نيّة التعيين ، وهو القصد إلى الصوم المخصوص.

______________________________________________________

بعدم وقوع غيره فيه استحالته عقلا كان منفيا فيهما ، وإن أريد امتناعه شرعا كان ثابتا كذلك.

وذكر الشارح ـ قدس‌سره ـ أن من قال بوجوب التعيين هنا يلزمه اعتبار الوجوب لاتحادهما في المأخذ (١). وهو غير جيد ، لعدم التلازم بينهما كما اعترف به هو ـ رحمه‌الله ـ في مواضع من كتبه (٢).

وهل يلحق بالنذر المعين المنذور المطلق إذا نذر تعيينه؟ قيل : لا ، لأن غيره من الأزمنة صالح لوقوعه فيه ، وإنما أفاد النذر فوريته خاصة ، فكان كالواجب المطلق (٣). وقيل : نعم ، لأنه زمان تعين بالنذر وامتنع وقوع غير ذلك المعين فيه فصار كالمتعين ابتداء في انصراف المطلق إليه.

وربما بني الوجهان على تفسير المعين ، فإن فسر بأنه الفعل الذي إذا فات عن محله صار قضاء لم يكن معينا ، وإن فسر بأنه الفعل الذي لا يجوز تأخيره عن ذلك الزمان الذي تعلق به كان معينا. وهو مبني ضعيف لعدم دوران الحكم مع هذا اللفظ ليرجع إلى تفسيره.

والأصح مساواته للمعين ابتداء ، لأن هذا القدر من التعيين كاف في انصراف المطلق إليه. وكذا الوجهان فيما لو تضيق القضاء بتضيق شهر رمضان ، بل يمكن انسحابهما في قضاء شهر رمضان إذا لم يكن في ذمة المكلف صوم واجب سواه ، وقلنا بامتناع المندوب ممن في ذمته واجب.

قوله : ( ولا بد فيما عداهما من نية التعيين ، وهو القصد إلى‌

__________________

(١) المسالك ١ : ٦٩.

(٢) الروضة ٢ : ١٠٨.

(٣) قال به العلامة في المنتهى ٢ : ٥٥٧.

١٩

فلو اقتصر على نيّة القربة وذهب عن تعيينه لم يصحّ. ولا بد من حضورها عند أول جزء من الصوم أو تبييتها مستمرا على حكمها.

ولو نسيها ليلا جدّدها نهارا ما بينه وبين الزوال. ولو زالت الشمس‌

______________________________________________________

الصوم المخصوص ، فلو اقتصر على نية القربة وهل ذهل عن تعيينه لم يصح ).

المراد أنه لا بد فيما عدا صوم شهر رمضان والنذر المعين ـ إن ألحقناه به ـ من نية التعيين ، وهو القصد إلى الصوم المخصوص كالقضاء والنذر والكفارة والنافلة ، لأنه زمان لا يتعين فيه صوم مخصوص فلا يتعين إلا بالنية.

قال في المعتبر : وعلى ذلك فتوى الأصحاب (١).

واستثنى الشهيد في البيان الندب المتعين كأيام البيض فألحقه بالصوم المعيّن في عدم افتقاره إلى التعيين (٢). ونقل عنه في بعض تحقيقاته أنه ألحق المندوب مطلقا بالمتعين لتعينه شرعا في جميع الأيام إلا ما استثني. واستحسنه جدي ـ قدس‌سره ـ في الروضة (٣). ولا بأس به خصوصا مع براءة ذمة المكلف من الصوم الواجب.

واعلم أن الشيخ ـ رحمه‌الله ـ في المبسوط اكتفى بنية التعيين عن القربة ، لأنها لا تنفك عنها (٤). قال المصنف في المعتبر : وفيه ضعف ، لأنهما أمران متغايران يجوز قصد أحدهما مع الغفول عن الآخر (٥).

قوله : ( ولا بد من حضورها عند أول جزء من الصوم أو تبييتها مستمرا على حكمها. ولو نسيها ليلا جددها نهارا ما بينه وبين زوال‌

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٦٤٤.

(٢) البيان : ٢٢٣.

(٣) الروضة ٢ : ١٠٨.

(٤) المبسوط ١ : ٢٧٨.

(٥) المعتبر ٢ : ٦٤٥.

٢٠