مدارك الأحكام - ج ٥

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٥

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ مشهد المقدسة
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٣٩

______________________________________________________

وبعده في أيّام معاوية جعل نصف صاع من حنطة بإزاء صاع من تمر ، وتابعهم الناس على ذلك ، فخرجت هذه الأخبار وفاقا لهم على جهة التقية (١). وهو جيّد.

وروى العلامة في المنتهى ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام أنّه سئل عن الفطرة ، فقال : « صاع من طعام » فقيل : أو نصف صاع؟ فقال ( بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ ) (٢) (٣). ثمّ قال ـ رحمه‌الله ـ وإذا كان التغيير حادثا حملنا الأحاديث من طرقنا على التقية ، وكان العمل بما ثبت في عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متعيّنا.

واعلم أنّ المستفاد من الروايات وجوب إخراج صاع من أحد الأجناس المنصوصة ، فلا يجزي إخراج صاع من جنسين ، وبه قطع الشيخ (٤) وجماعة ، وقال المصنف في المعتبر ، إنّه لا يجزي إلاّ على وجه القيمة (٥).

واستقرب العلامة في المختلف إجزاء ذلك أصالة ، واستدل عليه بأنّ المطلوب شرعا إخراج الصاع وقد حصل ، وليس تعيين الأجناس معتبرا في نظر الشرع وإلاّ لما جاز التخيير فيه. وبأنّه يجوز إخراج الأصوع المختلفة من الشخص الواحد عن جماعة فكذا الصاع الواحد. وبأنّه إذا أخرج أحد النصفين ، فقد خرج عن عهدته وسقط عنه نصف الواجب ، فيبقى مخيرا في النصف الآخر ، لأنّه كان مخيرا فيه قبل إخراج الأوّل فيستصحب (٦).

ويدفع ذلك كله تعلّق الأمر بإخراج صاع من حنطة أو صاع من شعير أو‌

__________________

(١) الاستبصار ٢ : ٤٨.

(٢) الحجرات : ١١.

(٣) المنتهى ١ : ٥٣٧ ، ورواها في المعتبر ٢ : ٦٠٧ ، والوسائل ٦ : ٢٣٥ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ٢١.

(٤) المبسوط ١ : ٢٤١.

(٥) المعتبر ٢ : ٦٠٨.

(٦) المختلف : ١٩٩.

٣٤١

أربعة أمداد ، وهي تسعة أرطال بالعراقي. (١) ومن اللبن أربعة أرطال ، وفسّره قوم بالمدني.

______________________________________________________

صاع من تمر أو صاع من زبيب ، والصاع المجتمع من الجنسين لا يصدق عليه اسم أحدها ، فلا يتحقق به الامتثال.

قوله : ( والصاع أربعة أمداد ، وهي تسعة أرطال بالعراقي ).

قد تقدم الكلام في هذين الحكمين مفصلا في زكاة الغلاّت ، فليطلب من هناك (١)

قوله : ( ومن اللّبن أربعة أرطال ، وفسّره قوم بالمدني ).

أمّا الاجتزاء بأربعة أرطال من اللّبن ، فذكره الشيخ (٢) ، وجمع من الأصحاب.

قال في المنتهى (٣) : ولم نقف فيه على مستند سوى ما رواه ، عن القاسم بن الحسن ، رفعه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سئل عن رجل في البادية لا يمكنه الفطرة ، قال : « يتصدق بأربعة أرطال من لبن » (٤).

وهذه الرواية ضعيفة مرسلة ، فلا عبرة بها ، ومع ذلك فالأرطال فيها مطلقة. وفسرها الشيخ (٥) وأتباعه بالمدني (٦) ، لما رواه ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الريان ، قال : كتبت‌

__________________

(١) راجع ص ١٣٤.

(٢) النهاية : ١٩١ ، والمبسوط ١ : ٢٤١ ، والاقتصاد : ٢٨٥.

(٣) المنتهى ١ : ٥٣٧.

(٤) التهذيب ٤ : ٨٤ ـ ٢٤٥ ، الإستبصار ٢ : ٥٠ ـ ١٦٥ ، الوسائل ٦ : ٢٣٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٧ ح ٣.

(٥) النهاية : ١٩١ ، والمبسوط ١ : ٢٤١ ، والاقتصاد : ٢٨٥.

(٦) منهم ابن حمزة في الوسيلة ( الجوامع الفقهية ) : ٦٨١ ، وابن إدريس في السرائر : ١٠٩.

٣٤٢

ولا تقدير في عوض الواجب ، بل يرجع إلى قيمة السوق : وقدّره قوم بدرهم ، وآخرون بأربعة دوانيق فضة ، وليس بمعتمد ، وربما نزّل على اختلاف الأسعار. (١)

الثالث : في وقتها. وتجب بهلال شوّال ،

______________________________________________________

إلى الرجل أسأله عن الفطرة كم تؤدى؟ فقال : « أربعة أرطال بالمدني » (١).

قال في المعتبر : والرواية في الضعف على ما ترى (٢). وكأن الوجه في ذلك إطباق الأصحاب على ترك العمل بظاهرها ، وإلاّ فهي معتبرة الإسناد.

وقال الشيخ في التهذيب : إنّ هذا الخبر يحتمل وجهين : أحدهما أنّه أراد عليه‌السلام أربعة أمداد ، فتصحّف على الراوي بالأرطال. وقد قدّمنا ذلك فيما مضى. والثاني أراد أربعة أرطال من اللبن والأقط ، لأنّ كل من كان قوته ذلك ، يجب عليه منه القدر المذكور في الخبر حسب ما قدّمناه (٣).

قوله : ( ولا تقدير في عوض الواجب ، بل يرجع إلى قيمة السوق ، وقدّره قوم بدرهم ، وآخرون بأربعة دوانيق فضة ، وربما نزّل على اختلاف الأسعار ).

هذان القولان مجهولا القائل والمستند ، وقال في المعتبر : إنّهما ليسا بشي‌ء (٤). وما ذكره المصنف من التنزيل جيّد ، والأصح ما اختاره المصنف والأكثر من الرجوع في ذلك إلى القيمة السوقية وقت الإخراج ، لأنّ القيمة بدل عن الواجب ، فتعتبر قيمته وقت الإخراج.

قوله : ( الثالث ، في وقتها : وتجب بهلال شوال ).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٨٤ ـ ٢٤٤ ، الإستبصار ٢ : ٤٩ ـ ١٦٤ ، الوسائل ٦ : ٢٣٧ أبواب زكاة الفطرة ب ٧ ح ٥.

(٢) المعتبر ٢ : ٦٠٨.

(٣) التهذيب ٤ : ٨٤.

(٤) المعتبر ٢ : ٦٠٩.

٣٤٣

______________________________________________________

اختلف الأصحاب في هذه المسألة ، فقال الشيخ في الجمل : تجب‌ الفطرة بغروب الشمس من آخر يوم من شهر رمضان (١). وهو اختيار ابن حمزة (٢) ، وابن إدريس (٣).

وقال ابن الجنيد : أوّل وقت وجوبها طلوع الفجر الثاني من يوم الفطر (٤). واختاره المفيد في المقنعة (٥) ، والسيد المرتضى (٦) ، وأبو الصلاح (٧) ، وابن البرّاج (٨) ، وسلاّر (٩) ، وابن زهرة (١٠) ، وهو المعتمد.

لنا أنّ الوجوب في هذا الوقت متحقق وقبله مشكوك فيه ، فيجب الاقتصار على المتيقن ، وما رواه الشيخ في الصحيح ، عن العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفطرة ، متى هي؟ فقال : « قبل الصلاة يوم الفطر » قلت : فإن بقي منه شي‌ء بعد الصلاة؟ قال : « لا بأس نحن نعطي عيالنا منه ثمّ يبقى فنقسمه » (١١).

وفي الصحيح عن معاوية بن عمّار ، عن إبراهيم بن ميمون قال ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « الفطرة إن أعطيت قبل أن تخرج إلى العيد ، فهي‌

__________________

(١) الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٠٩.

(٢) الوسيلة ( الجوامع الفقهية ) : ٦٨١.

(٣) السرائر : ١٠٩.

(٤) نقله عنه في المعتبر ٢ : ٦١١ ، والمختلف : ١٩٩ ، ٢٠٠.

(٥) المقنعة : ٤١.

(٦) جمل العلم والعمل : ١٢٦.

(٧) الكافي في الفقه : ١٦٩.

(٨) المهذب ١ : ١٧٦ ، وشرح الجمل : ٢٦٧.

(٩) المراسم : ١٣٤.

(١٠) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩.

(١١) التهذيب ٤ : ٧٥ ـ ٢١٢ ، الإستبصار ٢ : ٤٤ ـ ١٤١ ، الوسائل ٦ : ٢٤٦ أبواب زكاة الفطرة ب ١٢ ح ٥.

٣٤٤

ولا يجوز تقديمها قبله إلا على سبيل القرض على الأظهر.

______________________________________________________

فطرة ، وإن كان بعد ما تخرج إلى العيد فهي صدقة » (١).

احتج الآخرون (٢) بأنّها تضاف إلى الفطر فكانت واجبة عنده ، وبأنّها مشبهة بالصلاة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مع الصلاة ، حيث كانت تماما ، فتكون مشابهة لها في التعقيب.

وبما رواه الشيخ في الصحيح ، عن معاوية بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن مولود ولد ليلة الفطر ، عليه فطرة؟ قال : « لا قد خرج الشهر » وسألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر ، عليه فطرة؟ قال : « لا » (٣).

والجواب عن الأوّل ، أنّ الفطر إنّما يتحقق نهارا ، فينبغي أن يكون الوجوب فيه.

وعن الثاني ، أنّ التشبيه إنّما وقع في كون الفطرة متمّمة للصوم كما أنّ الصلاة على النبي وآله متمّمة للصلاة ، وهذا لا يقتضي المساواة من كل وجه.

وعن الرواية ، بأنّها إنّما تدل على وجوب الإخراج عمن أدرك الشهر ، لا على أنّ أوّل وقت الإخراج الغروب ، وأحدهما غير الآخر.

قوله : ( ولا يجوز تقديمها قبله إلا على سبيل القرض على الأظهر ).

هذا هو المشهور بين الأصحاب ، ذهب إليه الشيخ في الاقتصاد (٤) ،

__________________

(١) الكافي ٤ : ١٧١ ـ ٤ ، التهذيب ٤ : ٧٦ ـ ٢١٤ ، الإستبصار ٢ : ٤٤ ـ ١٤٣ ، الوسائل ٦ : ٢٤٦ أبواب زكاة الفطرة ب ١٢ ح ٢.

(٢) كالمحقق في المعتبر ٢ : ٦١١.

(٣) التهذيب ٤ : ٧٢ ـ ١٩٧ ، الوسائل ٦ : ٢٤٥ أبواب زكاة الفطرة ب ١١ ح ٢.

(٤) الاقتصاد : ٢٨٥.

٣٤٥

______________________________________________________

والمفيد في المقنعة (١) ، وأبو الصلاح (٢) ، وابن إدريس (٣) ، وغيرهم ، لأنّها زكاة الفطر فلا تجب قبله ، وإذا لم تكن واجبة لم يكن الإتيان بها مجزيا.

وقال الشيخ في النهاية ، والمبسوط ، والخلاف : يجوز إخراج الفطرة في شهر رمضان من أوّله (٤). وكذا قال ابنا بابويه (٥) ، واختاره المصنف في المعتبر (٦) ، وجماعة ، واستدلوا عليه بما رواه الشيخ في الصحيح ، عن زرارة وبكير ابني أعين ، والفضيل بن يسار ، ومحمد بن مسلم ، وبريد بن معاوية ، عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام أنّهما قالا : « على الرجل أن يعطي عن كل من يعول ، من حر وعبد ، وصغير وكبير ، يعطي يوم الفطر فهو أفضل ، وهو في سعة أن يعطيها من أوّل يوم يدخل في شهر رمضان إلى آخره ، فإن أعطى تمرا فصاع لكل رأس ، وإن لم يعط تمرا فنصف صاع لكل رأس من حنطة أو شعير ، والحنطة والشعير سواء ، ما أجزأ عنه الحنطة فالشعير يجزي » (٧).

وأجيب عن الرواية ، بالحمل على كون التقديم على سبيل القرض كما في المالية (٨) ، وهو مشكل ، لأنّ الضمير في قوله « وهو في سعة أن يعطيها » يرجع إلى الفطرة المحدث عنها ، لا القرض ، ولأنّه على هذا التقدير لا يبقى‌

__________________

(١) المقنعة : ٣٩.

(٢) الكافي في الفقه : ١٧٣.

(٣) السرائر : ١٠٩.

(٤) النهاية : ١٩١. المبسوط ١ : ٢٤٢ ، الخلاف ١ : ٣٧٢.

(٥) الصدوق في الفقيه ٢ : ١١٨ ، والمقنع : ٦٧ ، وحكاه عن ابني بابويه في المختلف : ٢٠٠.

(٦) المعتبر ٢ : ٦١٣.

(٧) التهذيب ٤ : ٧٦ ـ ٢١٥ ، الإستبصار ٢ : ٤٥ ـ ١٤٧ ، الوسائل ٦ : ٢٤٦ أبواب زكاة الفطرة ب ١٢ ح ٤.

(٨) كما في السرائر : ١٠٥.

٣٤٦

ويجوز إخراجها بعده ، وتأخيرها إلى قبل صلاة العيد أفضل ،

______________________________________________________

للتحديد بأوّل يوم من شهر رمضان فائدة ، اللهم إلاّ أن يمنع احتساب الدين في غير هذه الصورة.

ويمكن القدح في هذه الرواية باشتمالها على ما أجمع الأصحاب على بطلانه ، وهو الاجتزاء بنصف صاع من الحنطة ، بل مقتضاها إجزاء نصف صاع من الشعير أيضا ، وهو مخالف لإجماع المسلمين. والمسألة محل تردد ، وطريق الاحتياط فيها واضح.

قوله : ( وتأخيرها إلى قبل صلاة العيد أفضل ).

لا ريب في أفضلية ذلك لأنّه موضع نصّ ووفاق ، وإنّما الكلام في انتهاء وقتها بالصلاة وعدمه ، وقد اختلف فيه كلام الأصحاب ، فذهب الأكثر إلى أنّ آخر وقتها صلاة العيد ، حتى قال في المنتهى : ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد اختيارا ، فإنّ أخّرها أثم ، وبه قال علماؤنا أجمع. لكنه قال بعد ذلك بأسطر قليلة : والأقرب عندي جواز تأخيرها عن الصلاة ، وتحريم التأخير عن يوم العيد (١) ، ومقتضى ذلك امتداد وقتها إلى آخر النهار.

وقال ابن الجنيد : أوّل وقت وجوبها طلوع الفجر من يوم الفطر ، وآخره زوال الشمس منه (٢). واستقر به العلامة في المختلف (٣).

احتج القائلون بانتهاء وقتها بالصلاة (٤) ، بما رواه الشيخ عن إبراهيم بن ميمون قال ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « الفطرة إن أعطيت قبل أن تخرج إلى العيد ، فهي فطرة ، وإن كان بعد ما تخرج إلى العيد ، فهي صدقة » (٥).

والمراد بالصدقة هنا المندوبة ، مقابل الفطرة الواجبة ، وقد ورد ذلك‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٥٤١.

(٢) نقله عنه في المختلف : ٢٠٠.

(٣) المختلف : ٢٠٠.

(٤) منهم المحقق في المعتبر ٢ : ٦١٢ ، والعلامة في المنتهى ١ : ٥٤٠.

(٥) المتقدمة في ص ٣٤٤.

٣٤٧

______________________________________________________

في أخبار العامة ، فإنّهم رووا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « إنّ الله عزّ وجلّ فرض زكاة الفطرة طهرة للصائم من اللغو والرفث ، وطعمة للمساكين ، فمن أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات » (١).

والجواب ، الطعن في السند ، فإنّ الرواية الأولى ضعيفة بجهالة الراوي ، والثانية إنّما وردت من طريق الجمهور فهي ساقطة.

احتج العلامة في المختلف على انتهاء وقتها بالزوال ، بأنّها تجب قبل صلاة العيد ، ووقت صلاة العيد يمتدّ إلى الزوال ، فيمتدّ وقت الإخراج إلى ذلك الوقت (٢).

ويتوجّه عليه أوّلا : المنع من وجوب إخراجها قبل الصلاة ، لما بينّاه من ضعف مستنده.

وثانيا : أنّ اللازم من ذلك خروج وقتها بالصلاة ، تقدّمت أو تأخّرت ، لا امتداد وقتها إلى الزوال.

احتج العلامة في المنتهى على جواز تأخيرها عن الصلاة وتحريم التأخير عن يوم العيد (٣) ، بما رواه الشيخ في الصحيح ، عن العيص بن القاسم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفطرة متى هي؟ فقال : « قبل الصلاة يوم الفطر » قلت : فإن بقي منه شي‌ء بعد الصلاة؟ قال : « لا بأس ، نحن نعطي عيالنا منه ثمّ يبقى فنقسمه » (٤).

ويدل عليه أيضا ، إطلاق قول الصادقين عليهما‌السلام في صحيحة‌

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٥ ـ ١٨٢٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١١١ ـ ١٦٠٩.

(٢) المختلف : ٢٠٠.

(٣) المنتهى ١ : ٥٤١.

(٤) المتقدم في ص ٣٤٤.

٣٤٨

فإن خرج وقت الصلاة وقد عزلها أخرجها واجبا بنيّة الأداء.

______________________________________________________

الفضلاء : « يعطي يوم الفطر فهو أفضل » (١) والاحتياط يقتضي الإخراج قبل الصلاة ، وإن كان القول بامتداد وقتها إلى آخر النهار كما اختاره في المنتهى خصوصا مع العزل (٢) لا يخلو من قوّة.

قوله : ( فإن خرج وقت الصلاة وقد عزلها أخرجها واجبا بنية الأداء ).

المراد بالعزل : تعيينها في مال بقدرها. وإطلاق عبارات الأصحاب يقتضي جوازه مع وجود المستحق وعدمه.

ويدل على وجوب إخراجها مع العزل مطلقا ، ما رواه ابن بابويه في الصحيح ، عن صفوان بن يحيى ، عن إسحاق بن عمار ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الفطرة ، قال : « إذا عزلتها فلا يضرك متى ما أعطيتها » (٣).

وما رواه الشيخ في الصحيح ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل أخرج فطرته فعزلها حتى يجد لها أهلا فقال : « إذا أخرجها من ضمانه فقد بري‌ء ، وإلاّ فهو ضامن لها حتى يؤدّيها إلى أربابها » (٤).

وعن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الفطرة : « إذا عزلتها وأنت تطلب بها الموضع أو تنتظر به رجلا فلا بأس به » (٥).

__________________

(١) المتقدم في ص ٣٤٦.

(٢) المنتهى ١ : ٥٤١.

(٣) الفقيه ٢ : ١١٨ ـ ٥١٠ ، الوسائل ٦ : ٢٤٨ أبواب زكاة الفطرة ب ١٣ ح ٤.

(٤) التهذيب ٤ : ٧٧ ـ ٢١٩ ، الوسائل ٦ : ٢٤٨ أبواب زكاة الفطرة ب ١٣ ح ٢.

(٥) التهذيب ٤ : ٧٧ ـ ٢١٧ ، الإستبصار ٢ : ٤٥ ـ ١٤٥ ، الوسائل ٦ : ٢٤٨ أبواب زكاة الفطرة ب ١٣ ح ٥.

٣٤٩

وإن لم يكن عزلها ، قيل : سقطت ، وقيل : يأتي بها قضاء ، وقيل : أداء ، والأول أشبه.

______________________________________________________

لكن مقتضى التوقيت كون الإتيان بها بعد خروج الوقت قضاء لا أداء ، إلاّ أنّ الأمر في ذلك هيّن.

قوله : ( وإن لم يعزلها قيل : سقطت ، وقيل : يأتي بها قضاء ، وقيل : أداء ، والأول أشبه ).

القول بالسقوط للمفيد (١) ، وابني بابويه (٢) ، وأبي الصلاح (٣) ، وابن البراج (٤) ، وابن زهرة مدعيا عليه الإجماع (٥) ، والمصنف في كتبه الثلاثة (٦) ، لأنّها عبادة موقتة فات وقتها ، فيتوقف وجوب قضائها على دليل من خارج ، ولم يثبت.

واستدل عليه في المعتبر أيضا (٧) ، بقوله عليه‌السلام : « هي قبل الصلاة زكاة مقبولة ، وبعد الصلاة صدقة من الصدقات » (٨) والتفصيل يقطع الشركة.

والقول بوجوب الإتيان بها قضاء للشيخ (٩) ، وجماعة ، واختاره العلامة في جملة من كتبه (١٠) ، واستدل عليه في المختلف ، بأنّه لم يأت‌

__________________

(١) المقنعة : ٤١.

(٢) الصدوق في المقنع : ٦٧ ، وحكاه عن ابني بابويه في المختلف : ٢٠٠.

(٣) الكافي في الفقه : ١٦٩.

(٤) المهذب ١ : ١٧٦ ، وشرح الجمل : ٢٦٧.

(٥) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٦٩.

(٦) المعتبر ٢ : ٦١٤ ، والمختصر النافع : ٦٢.

(٧) المعتبر ٢ : ٦١٤.

(٨) المتقدم في ص ٣٤٨.

(٩) الخلاف ١ : ٣٧٢. والاقتصاد : ٢٨٥.

(١٠) التذكرة ١ : ٢٥٠ ، والمختلف : ٢٠١ ، والقواعد ١ : ٦١ ، والتحرير ١ : ٧٢.

٣٥٠

______________________________________________________

بالمأمور به ، فيبقى في عهدة التكليف إلى أن يأتي به.

وبأنّ المقتضي للوجوب قائم ، والمانع لا يصلح للمانعية. أمّا الأولى ، فبالعموم الدال على وجوب إخراج الفطرة عن كل رأس صاع ، وأمّا الثانية ، فلأنّ المانع ليس إلاّ خروج وقت الأداء ، لكنه لا يصلح للمعارضة ، إذ خروج الوقت لا يسقط الحق كالدين وزكاة المال والخمس.

وبصحيحة زرارة المتقدمة ، حيث قال فيها : « وإلاّ فهو ضامن لها حتى يؤدّيها » (١).

ويتوجّه على الأوّل ما بينّاه مرارا من أنّ الأمر بالأداء لا يتناول القضاء.

وعلى الثاني منع وجود المقتضي على سبيل الإطلاق ، لأنّه إنّما تعلّق بوقت مخصوص ، وقوله : « إنّ خروج الوقت لا يسقط الحق كالدين وزكاة المال والخمس » قياس محض مع الفارق ، فإنّ الدين وزكاة المال والخمس ليس من قبيل الواجب الموقت ، بخلاف الفطرة.

وعلى الرواية أنّها إنّما تدل على وجوب الإخراج مع العزل ، وهو خلاف محل النزاع.

والظاهر أنّ المراد بإخراجها من ضمانه تسليمها إلى المستحق ، وبقوله : « وإلاّ فهو ضامن لها حتى يؤدّيها » كونه مخاطبا بإخراجها وإيصالها إلى مستحقها ، لا كونه بحيث يضمن مثلها أو قيمتها مع التلف ، لأنّها بعد العزل تصير أمانة في يد المالك.

ويحتمل أن يكون الضمير في قوله : « أخرجها » عائدا إلى مطلق الزكاة ، ويكون المراد بإخراجها من ضمانه عزلها ، والمراد أنّه إن عزلها فقد‌

__________________

(١) في ص ٣٤٩.

٣٥١

وإذا أخّر دفعها بعد العزل مع الإمكان كان ضامنا. وإن كان لا معه لم يضمن. ولا يجوز حملها إلى بلد آخر مع وجود المستحق ويضمن. ويجوز مع عدمه ولا يضمن.

______________________________________________________

بري‌ء ، وإلاّ فهو مكلف بأدائها إلى أن يوصلها إلى أربابها ، ولا ريب أنّ المعنى الأوّل أقرب.

والقول بوجوب الإتيان بها أداء لابن إدريس في سرائره ، واستدل عليه بأنّ الزكاة المالية والرأسية تجب بدخول وقتها ، فإذا دخل وجب الأداء ، ولا يزال الإنسان مؤدّيا لها ، لأنّ ما بعد دخول وقتها هو وقت الأداء جميعه (١).

قال في المعتبر : وهذا ليس بشي‌ء ، لأنّ وجوبها موقت فلا يتحقق وجوبها بعد الوقت (٢).

وقد ظهر من ذلك أنّ القول بالسقوط لا يخلو من قوّة ، وإن كان الاحتياط يقتضي الإتيان بها بعد خروج الوقت من غير تعرض لأداء ولا قضاء.

قوله : ( وإذا أخّر دفعها مع الإمكان بعد العزل كان ضامنا ، وإن كان لا معه لم يضمن ).

الوجه في ذلك أنّ الزكاة بعد العزل تصير أمانة في يد المالك ، فلا يضمنها إلاّ بالتعدي أو التفريط المتحقق بتأخير الدفع إلى المستحق مع القدرة عليه ، لأنّ المستحق مطالب بشاهد الحال فيجب التعجيل مع التمكن منه.

قوله : ( ولا يجوز حملها إلى بلد آخر مع وجود المستحق ويضمن ، ويجوز مع عدمه ولا يضمن ).

__________________

(١) السرائر : ١٠٩.

(٢) المعتبر ٢ : ٦١٤.

٣٥٢

الرّابع : في مصرفها.

وهو مصرف زكاة المال ،

______________________________________________________

لا يخفى أنّ الحمل إنّما يتحقق مع العزل ، وإنّما كان محرّما مع وجود‌ المستحق ، لمنافاته الفورية الواجبة ، ويترتب عليه الضمان.

قوله : ( الرابع ، في مصرفها : وهو مصرف زكاة المال ).

)هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ، واستدل عليه في المنتهى بأنّها زكاة فتصرف إلى من تصرف إليه سائر الزكوات ، وبأنّها صدقة فتدخل تحت قوله تعالى ( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ ) (١) الآية (٢).

وربّما ظهر من كلام المفيد في المقنعة اختصاص الفطرة بالمساكين (٣).

وفي صحيحة الحلبي : « عن كل إنسان نصف صاع ، من حنطة أو شعير ، أو صاع من تمر أو زبيب لفقراء المسلمين » (٤).

وفي رواية الفضيل عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قلت له : لمن تحل الفطرة؟ فقال : « لمن لا يجد » (٥).

وفي رواية زرارة ، قلت له : هل على من قبل الزكاة زكاة؟ قال : « أمّا من قبل زكاة المال ، فإنّ عليه الفطرة ، وليس على من قبل الفطرة فطرة » (٦)

__________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) المنتهى ١ : ٥٤١.

(٣) المقنعة : ٤١.

(٤) التهذيب ٤ : ٧٥ ـ ٢١٠ ، الإستبصار ٢ : ٤٢ ـ ١٣٤ ، الوسائل ٦ : ٢٣٣ أبواب زكاة الفطرة ب ٦ ح ١١.

(٥) التهذيب ٤ : ٧٣ ـ ٢٠٣ ، الإستبصار ٢ : ٤١ ـ ١٢٧ ، الوسائل ٦ : ٢٤٩ أبواب زكاة الفطرة ب ١٤ ح ٤.

(٦) التهذيب ٤ : ٧٤ ـ ٢٠٧ ، الإستبصار ٢ : ٤١ ـ ١٣١ ، الوسائل ٦ : ٢٢٤ أبواب زكاة الفطرة ب ٢ ح ١٠.

٣٥٣

ويجوز أن يتولى المالك إخراجها ، والأفضل دفعها إلى الإمام أو من نصّبه ، ومع التعذر إلى فقهاء الشيعة. ولا يعطى غير المؤمن أو المستضعف مع عدمه ، ويعطى أطفال المؤمنين ولو كان آباؤهم فسّاقا. ولا يعطى الفقير أقلّ من صاع ، إلا أن يجتمع جماعة لا يتسع لهم.

______________________________________________________

والمسألة محل إشكال ، وطريق الاحتياط واضح.

قوله : ( والأفضل دفعها إلى الإمام أو من نصّبه ، ومع التعذر إلى فقهاء الشيعة ).

لأنّهم أبصر بمواقعها ، وأعلم بمحالها ، قال في المنتهى : ويجوز للمالك أن يفرقها بنفسه بغير خلاف بين العلماء كافة في ذلك (١).

قوله : ( ولا تعطى غير المؤمن أو المستضعف مع عدمه ).

بل الأصح عدم جواز إعطائها لغير المؤمن مطلقا ، وقد تقدّم الكلام في ذلك (٢).

قوله : ( وتعطى أطفال المؤمنين وإن كان آباؤهم فساقا ).

لأنّ حكم أولاد المؤمنين حكم آبائهم فيما يرجع إلى الإيمان والكفر ، لا مطلقا. والكلام في هذه المسألة كما في زكاة المال ، فليطلب من هناك.

قوله : ( ولا يعطى الفقير أقل من صاع إلا أن يجتمع جماعة لا يتسع لهم ).

هذا هو المشهور بين الأصحاب ، حتى أنّ السيد المرتضى ـ رضي‌الله‌عنه ـ قال في الانتصار : مما انفردت به الإمامية القول بأنّه لا يجوز أن يعطى الفقير الواحد أقلّ من صاع ، وباقي الفقهاء يخالفون في ذلك. ثمّ استدل‌

__________________

(١) المنتهى ١ : ٥٤٢.

(٢) راجع ص ٢٥٩.

٣٥٤

ويجوز أن يعطى الواحد ما يغنيه دفعة.

______________________________________________________

عليه بالإجماع ، وبحصول اليقين ببراءة الذمة ، وحصول الإجزاء بذلك دون غيره (١) ، وبأنّ كل من ذهب إلى أنّ الصاع تسعة أرطال ، ذهب إلى ذلك ، فالتفرقة بين المسألتين خلاف الإجماع.

ويدل على ذلك ما رواه الشيخ ، عن أحمد بن محمد ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « لا تعط أحدا أقلّ من رأس » (٢).

وقال المصنف في المعتبر : وهذه الرواية مرسلة ، فلا تقوى أن تكون حجة ، والأولى أن يحمل ذلك على الاستحباب تفصّيا من خلاف الأصحاب (٣). وهو حسن.

ولو اجتمع من لم يتسع لهم قسّمه عليهم وإن لم يبلغ نصيب الواحد صاعا ، لأنّ في ذلك تعميما للنفع ، ولأنّ في منع البعض أذية للمؤمن ، فكانت التسوية أولى.

قوله : ( ويجوز أن يعطى الواحد ما يغنيه دفعة ).

لا وجه لاعتبار الدفعة ، بل الحق أنّه لا حدّ لذلك كما ذكره المصنف في النافع (٤) ، ومتى خرج عن حدّ الفقر امتنع الدفع إليه بعد ذلك ، وممّن صرّح بما ذكرناه ، العلامة في المنتهى فقال : ويجوز أن يعطى الواحد أصواعا كثيرة بغير خلاف ، سواء كانت من دافع واحد أو من جماعة ، على التعاقب أو دفعة واحدة ، ما لم يحصل الغنى في صورة التعاقب (٥).

__________________

(١) الانتصار : ٨٨.

(٢) التهذيب ٤ : ٨٩ ـ ٢٦١. الإستبصار ٢ : ٥٢ ـ ١٧٤ ، الوسائل ٦ : ٢٥٢ أبواب زكاة الفطرة ب ١٦ ح ٢.

(٣) المعتبر ٢ : ٦١٦.

(٤) المختصر النافع : ٦٠.

(٥) المنتهى ١ : ٥٤٢.

٣٥٥

ويستحب اختصاص ذوي القرابة بها ، ثم الجيران.

______________________________________________________

ويدل على ذلك مضافا إلى إطلاق الأمر ، ما رواه الشيخ ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « لا بأس أن يعطى الرجل الرأسين ، والثلاثة ، وأربعة » يعني الفطرة (١).

قوله : ( ويستحب اختصاص ذوي القرابة بها ، ثم الجيران ).

لا ريب في استحباب تخصيص الأقارب بها ، ثمّ الجيران مع الاستحقاق ، لقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا صدقة وذو رحم محتاج » (٢) وقوله عليه‌السلام : « أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح » (٣) ، وقوله عليه‌السلام : « جيران الصدقة أحق بها » (٤).

وينبغي ترجيح أهل الفضل في الدين والعلم ، لأنّهم أفضل من غيرهم فكانت العناية بهم أولى ، ويؤيّده ما رواه الشيخ ، عن عبد الله بن عجلان السكوني قال ، قلت : لأبي جعفر عليه‌السلام : إنّي ربّما قسمت الشي‌ء بين أصحابي أصلهم به ، فكيف أعطيهم؟ فقال : « أعطهم على الهجرة في الدين ، والفقه ، والعقل » (٥).

__________________

(١) التهذيب ٤ : ٩٠ ـ ٢٦٣ ، الوسائل ٦ : ٢٥٣ أبواب زكاة الفطرة ب ١٦ ح ٣.

(٢) الفقيه ٢ : ٣٨ ـ ١٦٦ ، الوسائل ٦ : ٢٨٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٢٠ ح ٤.

(٣) الكافي ٤ : ١٠ ـ ٢ ، الفقيه ٢ : ٣٨ ـ ١٦٥ ، التهذيب ٤ : ١٠٦ ـ ٣٠١ ، ثواب الأعمال : ١٧٣ ـ ١٨ ، الوسائل ٦ : ٢٨٦ أبواب زكاة الفطرة ب ٢٠ ح ١.

(٤) الفقيه ٢ : ١١٧ ـ ٥٠٦ ، التهذيب ٤ : ٧٨ ـ ٢٢٤ ، الوسائل ٦ : ٢٤١ أبواب زكاة الفطرة ب ٩ ح ١٠.

(٥) التهذيب ٤ : ١٠١ ـ ٢٨٥ ، الوسائل ٦ : ١٨١ أبواب المستحقين للزكاة ب ٢٥ ح ٢.

٣٥٦

كتاب الخمس‌

٣٥٧
٣٥٨

كتاب الخمس

وفيه فصلان :

الأوّل : في ما يجب فيه ، وهو سبعة :

______________________________________________________

كتاب الخمس‌

قوله : ( كتاب الخمس ).

الخمس حق مالي ثبت لبني هاشم بالأصل عوض الزكاة. وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع. قال الله تعالى ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) الآية (١).

وقال الصادق عليه‌السلام : « إن الله تعالى لما حرم علينا الصدقة أنزل لنا الخمس ، فالصدقة علينا حرام ، والخمس لنا فريضة ، والكرامة لنا حلال » (٢).

وأما الإجماع فمن المسلمين كافة.

قوله : ( الأول ، فيما يجب فيه ، وهو سبعة ).

__________________

(١) الأنفال : ٤١.

(٢) الفقيه ٢ : ٢١ ـ ٧٧ ، الخصال : ٢٩٠ ـ ٥٢ ، تفسير العياشي ٢ : ٦٤ ـ ٦٥ ، الوسائل ٦ : ٣٣٧ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ١ ح ٢.

٣٥٩

الأول : غنائم دار الحرب ، مما حواه العسكر وما لم يحوه من أرض وغيرها ، ما لم يكن غصبا من مسلم أو معاهد ، قليلا كان أو كثيرا.

______________________________________________________

هذا الحصر استقرائي مستفاد من تتبع الأدلة الشرعية. وذكر الشهيد في‌ البيان أن هذه السبعة كلها مندرجة في الغنيمة (١).

قوله : ( الأول ، غنائم دار الحرب : ما حواه العسكر وما لم يحوه من أرض وغيرها ، ما لم يكن غصبا من مسلم أو معاهد ، قليلا كان أو كثيرا ).

هذا الحكم مجمع عليه بين المسلمين. والأصل فيه قوله تعالى : ( وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ‌ءٍ ). والأخبار المستفيضة ، كحسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : في الرجل من أصحابنا يكون في لوائهم فيكون معهم فيصيب غنيمة ، فقال : « يؤدي خمسنا ويطيب له » (٢).

وصحيحة عبد الله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « ليس الخمس إلا في الغنائم » (٣).

وصحيحة ربعي بن عبد الله بن الجارود ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له ، ثم يقسم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه ، ثم يقسم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه ، ثم قسم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس ، يأخذ خمس الله عزّ وجلّ لنفسه ، ثم يقسم الأربعة‌

__________________

(١) البيان : ٢١٣.

(٢) التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٧ ، الوسائل ٦ : ٣٤٠ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ٨.

(٣) الفقيه ٢ : ٢١ ـ ٧٤ ، التهذيب ٤ : ١٢٤ ـ ٣٥٩ ، الإستبصار ٢ : ٥٦ ـ ١٨٤ ، الوسائل ٦ : ٣٣٨ أبواب ما يجب فيه الخمس ب ٢ ح ١.

٣٦٠