مدارك الأحكام - ج ٣

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي

مدارك الأحكام - ج ٣

المؤلف:

السيد محمّد بن علي الموسوي العاملي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: مهر
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٨٧

١
٢

٣
٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‌

كتاب الصلاة والعلم بها يستدعي بيان أربعة أركان :

الركن الأوّل : في المقدمات ، وهي سبع :

الأولى : في أعداد الصلاة‌

______________________________________________________

كتاب الصلاة

الصلاة لغة : الدعاء. قال الجوهري : والصلاة من الله : الرحمة ، والصلاة : واحدة الصلوات المفروضات (١). وفي نهاية ابن الأثير ذكر لها معاني منها : أنها العبادة المخصوصة (٢). والظاهر أنّ هذا المعنى ليس بحقيقة لغة ، لأن أهل اللغة لم يعرفوا هذا المعنى إلاّ من قبل الشرع ، وذكرهم له في كتبهم لا يقتضي كونه حقيقة فيه ، لأن دأبهم جمع المعاني التي استعمل فيها اللفظ ، سواء كانت حقيقية أم مجازية. نعم هو حقيقة عرفية ، وفي كونه حقيقة شرعية خلاف تقدمت الإشارة إليه في الطهارة (٣).

وهذه العبادة تارة تكون ذكرا محضا كالصلاة بالتسبيح ، وتارة فعلا محضا‌

__________________

(١) الصحاح ٦ : ٢٤٠٢.

(٢) النهاية لابن الأثير ٣ : ٥٠.

(٣) في ج ١ ص ٦.

٥

______________________________________________________

كصلاة الأخرس ، وتارة تجمعهما كصلاة الصحيح ، ووقوعها على هذه الموارد بالتواطؤ أو التشكيك. وهي أشهر من أن يتوقف فهم معناها على تعريف لفظي.

والصلاة من أفضل العبادات وأهمها في نظر الشرع ، فروى الكليني ـ رضي الله تعالى عنه ـ في الصحيح ، عن معاوية بن وهب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم ، وأحبّ ذلك إلى الله عزّ وجلّ ما هو؟ فقال : « ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ، ألا ترى أنّ العبد الصالح عيسى بن مريم صلى الله على نبينا وعليه قال ( وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا ) (١) » (٢).

وفي الصحيح ، عن أبان بن تغلب ، قال : صلّيت خلف أبي عبد الله عليه‌السلام المغرب بالمزدلفة ، فلما انصرف أقام الصلاة فصلّى العشاء الآخرة ولم يركع بينهما (٣) ، ثم صليت معه بعد ذلك بسنة فصلّى المغرب ، ثم قام فتنفّل بأربع ركعات ، ثم قام فصلّى العشاء ، ثم التفت إليّ فقال : « يا أبان هذه الصلوات الخمس المفروضات من أقامهن وحافظ على مواقيتهن لقي الله يوم القيامة وله عنده عهد يدخله به الجنة ، ومن لم يصلّهن لمواقيتهن ولم يحافظ عليهن فذلك إليه إن شاء غفر له وإن شاء عذّبه » (٤).

وعن عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : مثل الصلاة مثل عمود الفسطاط ، إذا ثبت العمود نفعت الأطناب والأوتاد والغشاء ، وإذا انكسر العمود لم ينفع طنب ولا وتد ولا غشاء » (٥).

__________________

(١) مريم : ٣١.

(٢) الكافي ٣ : ٢٦٤ ـ ١ ، الوسائل ٣ : ٢٥ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٠ ح ١.

(٣) أي لم يصلّ بينهما ، تسمية للكل باسم الجزء.

(٤) الكافي ٣ : ٢٦٧ ـ ٢ ، الوسائل ٣ : ٧٨ أبواب المواقيت ب ١ ح ١.

(٥) الكافي ٣ : ٢٦٦ ـ ٩ ، الوسائل ٣ : ٢١ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٨ ح ٦.

٦

______________________________________________________

وعن أبي بصير قال : ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : « صلاة فريضة خير من عشرين حجّة ، وحجّة خير من بيت ذهب يتصدق منه حتى يفنى » (١).

وعقاب تركها عظيم ، فروى الشيخ في الحسن ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلّى ، فلم يتم ركوعه ولا سجوده ، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نقر كنقر الغراب ، لإن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني » (٢).

وفي الصحيح ، عن زرارة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « إنّ تارك الفريضة كافر » (٣).

وروى الصدوق في الصحيح ، عن بريد بن معاوية العجلي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما بين المسلم وبين أن يكفر إلاّ أن يترك الصلاة الفريضة متعمدا ، أو يتهاون بها فلا يصلّيها » (٤).

وعن مسعدة بن صدقة أنه قال : سئل أبو عبد الله عليه‌السلام ما بال الزاني لا تسميه كافرا وتارك الصلاة تسميه كافرا؟ وما الحجة في ذلك؟ فقال : « لأن الزاني وما أشبهه إنما يفعل ذلك لمكان الشهوة لأنها تغلبه ، وتارك الصلاة لا يتركها إلا استخفافا بها ، وذلك لأنك لا تجد الزاني يأتي المرأة إلاّ وهو مستلذ لإتيانه إياها قاصدا إليها ، وكل من ترك الصلاة قاصدا لتركها فليس يكون قصده لتركها اللذة ، فإذا نفيت اللذة وقع الاستخفاف ، وإذا وقع الاستخفاف‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٦٥ ـ ٧ ، الوسائل ٣ : ٢٦ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٠ ح ٤.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٣٩ ـ ٩٤٨ ، الوسائل ٣ : ٢٠ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٨ ح ٢.

(٣) التهذيب ٢ : ٧ ـ ١٣ ، الوسائل ٣ : ٢٨ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١١ ح ١.

(٤) عقاب الأعمال : ٢٧٤ ـ ١ ، المحاسن ١ : ٨٠ ـ ٨ ، الوسائل ٣ : ٢٩ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١١ ح ٦.

٧

والمفروض منها تسع :

صلاة اليوم والليلة ، والجمعة ، والعيدين ، والكسوف ، والزلزلة ، والآيات ، والطواف ، والأموات ، وما يلتزمه الإنسان بنذر وشبهه. وما عدا ذلك مسنون.

وصلاة اليوم والليلة خمس ، وهي سبع عشرة ركعة في الحضر : الصبح ركعتان ، والمغرب ثلاثا ، وكل واحدة من البواقي أربع. ويسقط من كل رباعية في السفر ركعتان.

______________________________________________________

وقع الكفر » (١) والأخبار الواردة في ذلك أكثر من أن تحصى.

قوله : ( والمفروض منها تسع : صلاة اليوم والليلة ، والجمعة ، والعيدين ، والكسوف ، والزلزلة ، والآيات ، والطواف ، والأموات ، وما يلتزمه الإنسان بنذر وشبهه ).

الصلاة تنقسم بالقسمة الأولى إلى واجبة ومندوبة ، لأن العبادة لا تكون إلا راجحة ، وللمندوبة أقسام كثيرة سيجي‌ء الكلام فيها عند ذكر المصنف ـ رحمه‌الله ـ لها.

وأما الواجبة فأقسامها تسعة بالحصر المستفاد من تتبع الأدلة الشرعية. وكان الأولى جعلها سبعة بإدراج الكسوف والزلزلة في الآيات كما أدرج النذر ، والعهد ، واليمين ، والتحمل عن الغير ، في الملتزم. ويندرج في اليومية الأداء والقضاء وصلاة الاحتياط.

وربما ظهر من التقسيم وقوع اسم الصلاة على صلاة الأموات حقيقة عرفية ، وهو بعيد ، والأصح أنه على سبيل المجاز العرفي ، إذ لا يفهم عند الإطلاق من لفظ الصلاة عند أهل العرف إلاّ ذات الركوع والسجود أو ما قام‌

__________________

(١) الكافي ٢ : ٣٨٦ ـ ٩ ، الفقيه ١ : ١٣٢ ـ ٦١٦ ، قرب الإسناد : ٢٢ ، علل الشرائع : ٣٣٩ ـ ١ ، الوسائل ٣ : ٢٨ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١١ ح ٢.

٨

ونوافلها في الحضر أربع وثلاثون ركعة على الأشهر :

أمام الظهر ثمان ، وقبل العصر مثلها ، وبعد المغرب أربع ، وعقيب العشاء ركعتان من جلوس تعدّان بركعة ، وإحدى عشرة صلاة الليل مع ركعتي الشّفع والوتر ، وركعتان للفجر.

______________________________________________________

مقامهما ، ولأن كل صلاة يجب فيها الطهارة وقراءة الفاتحة ، لقوله عليه‌السلام : « لا صلاة إلاّ بطهور » (١) و « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » (٢) وصلاة الجنازة لا يعتبر فيها ذلك إجماعا.

ولا يخفى أنّ بعض هذه الأنواع قد يكون مندوبا كاليومية المعادة ، وصلاة العيدين في زمن الغيبة على المشهور ، وصلاة الكسوف بعد فعلها أولا ، وصلاة الطواف المستحب ، والصلاة على الميت الذي لم يبلغ الست على المشهور.

وقد أجمع علماء الإسلام على وجوب الصلوات الخمس ونفي الزائد عنها. نعم نقل عن أبي حنيفة وجوب الوتر (٣) ، وأخبارنا ناطقة بنفيه (٤). وحكي عن بعض العامة أنه قال : قلت لأبي حنيفة : كم الصلاة؟ قال : خمس ، قلت : فالوتر؟ قال : فرض ، قلت : لا أدري تغلط في الجملة أو في التفصيل (٥).

قوله : ( ونوافلها في الحضر أربع وثلاثون ركعة على الأشهر : أمام الظهر ثمان ، وقبل العصر مثلها ، وبعد المغرب أربع ، وعقيب العشاء ركعتان من جلوس تعدّان بركعة ، وإحدى عشرة صلاة الليل مع ركعتي الشّفع والوتر ، وركعتا الفجر ).

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٩ ـ ١٤٤ ، الإستبصار ١ : ٥٥ ـ ١٦٠ ، الوسائل ١ : ٢٥٦ أبواب الوضوء ب ١ ح ١.

(٢) غوالي اللآلي ١ : ١٩٦ ـ ٢ ، المستدرك ١ : ٢٧٤ أبواب القراءة ب ١ ح ٦.

(٣) كما في عمدة القاري ٧ : ١١ ، والمغني والشرح الكبير ١ : ٤١١ ، وبداية المجتهد ١ : ٩١.

(٤) الوسائل ٣ : ٥ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢.

(٥) كما في المنتهى ١ : ١٩٤.

٩

______________________________________________________

هذا مذهب الأصحاب لا نعلم فيه مخالفا ، ونقل فيه الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ الإجماع (١).

والمستند فيه على الجملة ما رواه الشيخان : الكليني والطوسي ـ رحمهما الله تعالى ـ في الحسن ، عن فضيل بن يسار ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « الفريضة والنافلة إحدى وخمسون ركعة ، منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدّان بركعة ، والنافلة أربع وثلاثون ركعة » (٢).

وعلى التفصيل ما رواه الشيخان أيضا ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عليّ بن حديد ، عن عليّ بن النعمان ، عن الحارث النضري ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : « صلاة النهار ست عشرة ركعة : ثمان إذا زالت ، وثمان بعد الظهر ، وأربع ركعات بعد المغرب ، يا حارث لا تدعها في سفر ولا حضر ، وركعتان بعد العشاء كان أبي يصلّيهما وهو قاعد وأنا أصلّيهما وأنا قائم ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي ثلاث عشرة ركعة من الليل » (٣) وفي الطريق عليّ بن حديد ، وقال الشيخ في الاستبصار : إنه ضعيف جدّا لا يعول على ما ينفرد به (٤). وقد روى هذه الرواية الشيخ في التهذيب بطريق آخر ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن عليّ بن النعمان (٥) ، وعلى هذا فتكون صحيحة ، لكن قيل : إنّ مثل ذلك يمسي اضطرابا وإنه مضعف للخبر. وفيه بحث ليس هذا محله.

وقد روى نحو هذه الرواية أحمد بن محمد بن أبي نصر ، قال : قلت لأبي‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ١٩٩.

(٢) الكافي ٣ : ٤٤٣ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ٤ ـ ٢ ، الإستبصار ١ : ٢١٨ ـ ٧٧٢ ، الوسائل ٣ : ٣٢ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٣ ح ٣.

(٣) الكافي ٣ : ٤٤٦ ـ ١٥ ، التهذيب ٢ : ٤ ـ ٥ ، الوسائل ٣ : ٣٣ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٣ ح ٩.

(٤) الاستبصار ٣ : ٩٥.

(٥) التهذيب ٢ : ٩ ـ ١٦ ، الوسائل ٣ : ٣٣ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٣ ح ٩.

١٠

______________________________________________________

الحسن عليه‌السلام : إن أصحابنا يختلفون في صلاة التطوع ، بعضهم يصلّي أربعا وأربعين ، وبعضهم يصلّي خمسين ، فأخبرني بالذي تعمل به أنت كيف هو حتى أعمل بمثله؟ فقال عليه‌السلام : « أصلّي واحدة وخمسين ركعة » ثم قال : « أمسك ـ وعقد بيده ـ الزوال ثمانية ، وأربعا بعد الظهر ، وأربعا قبل العصر ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين قبل العشاء الآخرة ، وركعتين بعد العشاء من قعود تعد بركعة من قيام ، وثمان صلاة الليل ، والوتر ثلاثا ، وركعتي الفجر ، والفرائض سبع عشرة ، فذلك إحدى وخمسون ركعة » (١) وعلى هذه الروايات عمل الأصحاب.

وقد روي في غير المشهور أنها ثلاث وثلاثون بإسقاط الركعتين بعد العشاء ، روى ذلك جماعة من أصحابنا منهم الحسين بن سعيد ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد بن عثمان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنهار ، فقال : « ومن يطيق ذلك؟! » ثم قال : « ألا أخبرك كيف أصنع أنا؟ » فقلت : بلى ، فقال : « ثماني ركعات قبل الظهر وثمان ركعات بعدها » قلت : فالمغرب؟ قال : « أربع بعدها » قلت : فالعتمة؟ قال : « كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي العتمة ثم ينام » وقال بيده هكذا فحركها ، قال ابن أبي عمير : ثم وصف كما ذكر أصحابنا (٢).

وروى الحلبي في الحسن ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام هل قبل العشاء الآخرة وبعدها شي‌ء؟ فقال : « لا ، غير أني أصلّي بعدها ركعتين ولست أحسبهما من صلاة الليل » (٣).

وروي أنها تسع وعشرون : ثمان للظهر ، وركعتان بعدها ، وركعتان قبل‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٤٤ ـ ٨ ، التهذيب ٢ : ٨ ـ ١٤ ، الوسائل ٣ : ٣٣ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٣ ح ٧.

(٢) التهذيب ٢ : ٥ ـ ٧ ، الوسائل ٣ : ٣٥ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٣ ح ١٥.

(٣) الكافي ٣ : ٤٤٣ ـ ٦ ، التهذيب ٢ : ١٠ ـ ١٩ ، الوسائل ٣ : ٦٨ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢٧ ح ١.

١١

______________________________________________________

العصر ، وركعتان بعد المغرب ، وركعتان قبل العشاء ، والليلية مع الوتر وركعتي الفجر ثلاث عشرة ركعة ، رواه الشيخ عن أبي بصير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التطوع بالليل والنهار ، فقال : « الذي يستحب أن لا يقصر عنه : ثمان ركعات عند زوال الشمس ، وبعد الظهر ركعتان ، وقبل العصر ركعتان ، وبعد المغرب ركعتان ، وقبل العتمة ركعتان ، ومن السحر ثمان ركعات ، ثم يوتر والوتر ثلاث ركعات مفصولة ، ثم ركعتان قبل صلاة الفجر » (١).

وروي أنها سبع وعشرون بإسقاط الركعتين قبل العشاء ، رواه الشيخ في الصحيح ، عن زرارة قال ، قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : إني رجل تاجر أختلف وأتجر فكيف لي بالزوال ، والمحافظة على صلاة الزوال ، وكم تصلّى؟ قال : « تصلّي ثمان ركعات إذا زالت الشمس ، وركعتين بعد الظهر ، وركعتين قبل العصر ، فهذه اثنتا عشرة ركعة ، وتصلّي بعد المغرب ركعتين ، وبعد ما ينتصف الليل ثلاث عشرة ركعة منها الوتر ومنها ركعتا الفجر ، فتلك سبع وعشرون ركعة سوى الفريضة ، وإنما هذا كله تطوع وليس بمفروض ، إن تارك الفريضة كافر ، وإن تارك هذا ليس بكافر ولكنها معصية ، لأنه يستحب إذا عمل الرجل عملا من الخير أن يدوم عليه » (٢) ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح ، عن عبد الله بن سنان قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « لا تصلّ أقل من أربع وأربعين ركعة » (٣).

ولا تنافي بين هذه الروايات ، إذ لا دلالة فيما تضمن الأقل على نفي استحباب الزائد ، وإنما يدل على أن ذلك العدد آكد استحبابا من غيره ، وربما‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٦ ـ ١١ ، الإستبصار ١ : ٢١٩ ـ ٧٧٧ ، الوسائل ٣ : ٤٢ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٤ ح ٢.

(٢) التهذيب ٢ : ٧ ـ ١٣ ، الوسائل ٣ : ٤٢ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٤ ح ١.

(٣) التهذيب ٢ : ٦ ـ ٩ ، الإستبصار ١ : ٢١٩ ـ ٧٧٥ ، الوسائل ٣ : ٤٣ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٤ ح ٤.

١٢

______________________________________________________

كان في قوله عليه‌السلام (١) : « لا تصلّ أقل من أربع وأربعين ركعة » إشعار باستحباب الزائد.

وهنا فوائد :

الأولى : المشهور بين الأصحاب أن نافلة الظهر ثمان ركعات قبلها ، ونافلة العصر ثمان ركعات قبلها. وقال ابن الجنيد : يصلى قبل الظهر ثمان ركعات ، وثمان ركعات بعدها ، منها ركعتان نافلة العصر (٢). ومقتضاه أن الزائد ليس لها ، وربما كان مستنده رواية سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « صلاة النافلة ثمان ركعات حين تزول الشمس قبل الظهر ، وست ركعات بعد الظهر ، وركعتان قبل العصر » (٣) وهي لا تعطي كون الست للظهر ، مع أنّ في رواية البزنطي إنه يصلي أربع بعد الظهر ، وأربع قبل العصر (٤).

وبالجملة : فليس في الروايات دلالة على التعيين بوجه ، وإنما المستفاد منها استحباب صلاة ثمان ركعات قبل الظهر ، وثمان بعدها ، وأربع بعد المغرب ، من غير إضافة إلى الفريضة ، فينبغي الاقتصار في نيتها على ملاحظة الامتثال بها خاصة.

قيل : وتظهر فائدة الخلاف في اعتبار إيقاع الست قبل القدمين أو المثل إن جعلناها للظهر ، وفيما إذا نذر نافلة العصر ، فإن الواجب الثمان على المشهور ، وركعتان على قول ابن الجنيد (٥).

ويمكن المناقشة في الموضعين ، أما الأول : فبأن مقتضى النصوص اعتبار‌

__________________

(١) في « ح » زيادة : في صحيحة ابن سنان.

(٢) نقله عنه في المختلف : ١٢٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٥ ـ ٨ ، الوسائل ٣ : ٣٥ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٣ ح ١٦.

(٤) المتقدمة في ص ١٠.

(٥) كما في المهذب البارع ١ : ٢٨٠.

١٣

______________________________________________________

إيقاع الثمان التي قبل الظهر قبل القدمين أو المثل ، والثمان التي بعدها قبل الأربعة أو المثلين ، سواء جعلنا الست منها للظهر أم العصر.

وأما الثاني فلأن النذر يتبع قصد الناذر ، فإن قصد الثماني أو الركعتين وجب ، وإن قصد ما وظفه الشارع للعصر أمكن التوقف في صحة النذر ، لعدم ثبوت الاختصاص كما بيناه.

الثانية : يكره الكلام بين المغرب ونافلتها ، لما رواه الشيخ ، عن أبي الفوارس ، قال : نهاني أبو عبد الله عليه‌السلام أن أتكلم بين الأربع ركعات التي بعد المغرب (١). وكراهة الكلام بين الأربع يقتضي كراهة الكلام بينها وبين المغرب بطريق أولى. ويشهد له أيضا ما رواه الشيخ عن أبي العلاء الخفاف ، عن جعفر بن محمد عليه‌السلام ، قال : « من صلّى المغرب ثم عقّب ولم يتكلم حتى يصلّي ركعتين كتبنا له في عليتين ، فإن صلّى أربعا كتبت له حجة مبرورة » (٢).

وذكر المفيد ـ رحمه‌الله ـ في المقنعة : أنّ الأولى القيام إلى نافلة المغرب عند الفراغ منها قبل التعقيب ، وتأخيره إلى أن يفرغ من النافلة (٣). واحتج له في التهذيب بهذه الرواية ، وهي إنما تعطي استحباب فعل النافلة قبل الكلام بما لا يدخل في التعقيب ، لا استحباب فعلها قبل التعقيب.

وقال الشهيد ـ رحمه‌الله ـ في الذكرى : الأفضل المبادرة بها ـ يعني نافلة المغرب ـ قبل كل شي‌ء سوى التسبيح (٤). ونقل عن المفيد ـ رحمه‌الله ـ مثله (٥) ، واستدل عليه بأن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعلها كذلك ، فإنه لما بشّر بالحسن عليه‌السلام صلّى ركعتين بعد المغرب شكرا ، فلما بشّر بالحسين‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١١٤ ـ ٤٢٥ ، الوسائل ٤ : ١٠٥٧ أبواب التعقيب ب ٣٠ ح ١.

(٢) التهذيب ٢ : ١١٣ ـ ٤٢٢ ، الوسائل ٤ : ١٠٥٧ أبواب التعقيب ب ٣٠ ح ٢.

(٣) المقنعة : ١٨.

(٤) الذكرى : ١٢٤.

(٥) المقنعة : ١٩.

١٤

______________________________________________________

عليه‌السلام صلّى ركعتين ولم يعقب حتى فرغ منها (١). ومقتضى هذه الرواية أولوية فعلها قبل التسبيح أيضا ، إلاّ أنها مجهولة السند ، ومعارضة بالأخبار الصحيحة المتضمنة للأمر بتسبيح الزهراء عليها‌السلام قبل أن يثني المصلّي رجليه من صلاة الفريضة (٢).

الثالثة : روى ابن بابويه ـ رحمه الله تعالى ـ في من لا يحضره الفقيه ، في الصحيح ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنه قال : « من قال في آخر سجدة من النافلة بعد المغرب ليلة الجمعة ، وإن قال كل ليلة فهو أفضل : اللهم إني أسألك بوجهك الكريم واسمك العظيم أن تصلّي على محمد وآل محمد وأن تغفر لي ذنبي العظيم ، سبع مرات انصرف وقد غفر له » (٣) وذكر الشهيد ـ رحمه‌الله ـ في الذكرى (٤) أن محل هذا الدعاء السجدة الواقعة بعد السبع ، ولا يبعد أن يكون وهما.

الرابعة : قال في المنتهى (٥) : سجود الشكر في المغرب ينبغي أن يكون بعد نافلتها ، لما رواه الشيخ عن حفص الجوهري ، قال : صلّى بنا أبو الحسن عليه‌السلام صلاة المغرب فسجد سجدة الشكر بعد السابعة ، فقلت له : كان آباؤك يسجدون بعد الثلاثة فقال : « ما كان أحد من آبائي يسجد إلاّ بعد السبعة » (٦) وفي السند ضعف ، مع أنه روى جهم بن أبي جهم ، قال : رأيت أبا الحسن موسى عليه‌السلام وقد سجد بعد الثلاث الركعات من‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢٨٩ ـ ١٣١٩ ، التهذيب ٢ : ١١٣ ـ ٤٢٤ ، علل الشرائع : ٣٢٤ ـ ١ ، الوسائل ٣ : ٦٤ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ٢٤ ح ٦.

(٢) الوسائل ٤ : ١٠٢١ أبواب التعقيب ب ٧.

(٣) الفقيه ١ : ٢٧٣ ـ ١٢٤٩ ، الوسائل ٥ : ٧٦ أبواب صلاة الجمعة وآدابها ب ٤٦ ح ١.

(٤) الذكرى : ١١٣.

(٥) المنتهى ١ : ١٩٦.

(٦) التهذيب ٢ : ١١٤ ـ ٤٢٦ ، الإستبصار ١ : ٣٤٧ ـ ١٣٠٨ ، الوسائل ٤ : ١٠٥٨ أبواب التعقيب ب ٣١ ح ١.

١٥

______________________________________________________

المغرب ، فقلت له : جعلت فداك رأيتك سجدت بعد الثلاث فقال : « ورأيتني؟ » فقلت : نعم ، قال : « فلا تدعها فإن الدعاء فيها مستجاب » (١) والظاهر أنّ المراد به سجدة الشكر. والكل حسن إن شاء الله تعالى.

الخامسة : ذكر جمع من الأصحاب أنّ الجلوس في الركعتين اللتين بعد العشاء أفضل من القيام ، لورود النص على الجلوس فيهما في الروايات الكثيرة ، كقوله عليه‌السلام في حسنة الفضيل بن يسار : « منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدّان بركعة » (٢) وفي رواية البزنطي : « وركعتين بعد العشاء من قعود تعدّ بركعة من قيام » (٣).

ويمكن القول بأفضلية القيام فيهما ، لقوله عليه‌السلام في رواية سليمان بن خالد : « وركعتان بعد العشاء الآخرة تقرأ فيهما مائة آية قائما أو قاعدا ، والقيام أفضل » (٤) وفي الطريق عثمان بن عيسى وهو واقفي (٥).

ويشهد له أيضا قوله عليه‌السلام في رواية الحارث النضري : « وركعتان تصليهما بعد العشاء كان أبي يصليهما وهو قاعد وأنا أصليهما وأنا قائم » (٦) فإن مواظبته عليه‌السلام على القيام فيهما تدل على رجحانه ، وجلوس أبيه عليه‌السلام ربما كان للمشقة ، فإنه عليه‌السلام كان رجلا جسيما يشق عليه القيام في النافلة على ما ورد في بعض الأخبار (٧) ، لكن في السند نظر تقدمت‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢١٧ ـ ٩٦٧ ، التهذيب ٢ : ١١٤ ـ ٤٢٧ ، الإستبصار ١ : ٣٤٧ ـ ١٣٠٩ ، الوسائل ٤ : ١٠٥٨ أبواب التعقيب ب ٣١ ح ٢ وفيه الراوي : جهم بن أبي جهيمة.

(٢) المتقدمة في ص ١٠.

(٣) المتقدمة في ص ١٠.

(٤) التهذيب ٢ : ٥ ـ ٨ ، الوسائل ٣ : ٣٥ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٣ ح ١٦.

(٥) كما في رجال النجاشي : ٣٠٠ ـ ٨١٧.

(٦) الكافي ٣ : ٤٤٦ ـ ١٥ ، التهذيب ٢ : ٤ ـ ٥ ، الوسائل ٣ : ٣٣ أبواب أعداد الفرائض ب ١٣ ح ٩. بتفاوت يسير.

(٧) الكافي ٣ : ٤١٠ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ١٦٩ ـ ٦٧٤ ، ١٧٠ ـ ٦٧٧ ، الوسائل ٤ : ٦٩٦ أبواب القيام ب ٤ ح ١.

١٦

______________________________________________________

الإشارة إليه (١).

السادسة : المستفاد من الروايات الصحيحة المستفيضة أنّ الوتر اسم للركعات الثلاثة ، لا الركعة الواحدة الواقعة بعد الشفع كما يوجد في بعض عبارات المتأخرين (٢).

والمعروف من مذهب الأصحاب أن الركعة الثالثة مفصولة عن الأوليين بالتسليم ، والمستند فيه ما رواه الشيخ في الصحيح ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « والوتر ثلاث ركعات مفصولة » (٣).

وفي الصحيح ، عن أبي ولاّد حفص بن سالم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التسليم في الركعتين في الوتر ، فقال : « نعم ، فإن كان لك حاجة فاخرج واقضها ثم عد فاركع ركعة » (٤).

وفي الصحيح عن أبي ولاّد أيضا ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « لا بأس أن يصلّي الرجل الركعتين من الوتر ثم ينصرف فيقضي حاجته » (٥).

وفي الصحيح ، عن معاوية بن عمار قال ، قال لي : « إقرأ في الوتر في ثلاثتهن بقل هو الله أحد ، وسلّم في الركعتين توقظ الراقد وتأمر بالصلاة » (٦).

وقد ورد في عدة أخبار التخيير بين الفصل وعدمه ، كصحيحة يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن التسليم في ركعتي الوتر ،

__________________

(١) في ص ١٠.

(٢) منهم الشهيد الأول في الذكرى : ١١٢ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : ١٧٥.

(٣) التهذيب ٢ : ٦ ـ ١١ ، الإستبصار ١ : ٢١٩ ـ ٧٧٧ ، الوسائل ٣ : ٤٢ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٤ ح ٢.

(٤) الكافي ٣ : ٤٤٩ ـ ٢٩ ، التهذيب ٢ : ١٢٧ ـ ٤٨٧ ، المحاسن : ٣٢٥ ـ ٧١ ، الوسائل ٣ : ٤٥ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٥ ح ١.

(٥) الفقيه ١ : ٣١٢ ـ ١٤٢٠ ، التهذيب ٢ : ١٢٨ ـ ٤٨٩ ، الوسائل ٣ : ٤٦ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٥ ح ٨.

(٦) التهذيب ٢ : ١٢٨ ـ ٤٨٨ ، الوسائل ٣ : ٤٦ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٥ ح ٧.

١٧

______________________________________________________

فقال : « إن شئت سلّمت وإن شئت لم تسلّم » (١) وصحيحة معاوية بن عمار قال ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : [ أسلّم ] (٢) في ركعتي الوتر؟ فقال : « إن شئت سلّمت وإن شئت لم تسلّم » (٣).

وأجاب عنها الشيخ في التهذيب تارة بالحمل على التقية ، وتارة بأن السلام المخيّر فيه هو : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الواقعة بعد : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، لأن بالسلام علينا يتحقق الخروج من الصلاة ، فإن شاء أتى بالصيغة الأخرى وإن شاء تركها. وتارة بأن المراد بالتسليم ما يستباح به من الكلام وغيره تسمية للمسبب باسم السبب (٤). وكل ذلك خروج عن الظاهر من غير ضرورة ، ولو قيل بالتخيير بين الفصل والوصل ، واستحباب الفصل كان وجها قويا.

السابعة : يستحب أن يقرأ في الركعتين الأوليين من الوتر بالتوحيد أو المعوذتين بعد الحمد ، وفي الركعة الثالثة بالتوحيد مرة واحدة ، لما رواه الشيخ في الصحيح ، عن عبد الرحمن بن الحجاج ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن القراءة في الوتر ، فقال : « كان بيني وبين أبي باب فكان إذا صلّى يقرأ بقل هو الله أحد في ثلاثتهن ، وكان يقرأ قل هو الله أحد فإذا فرغ منها قال : كذلك الله أو كذلك الله ربي » (٥).

وفي الصحيح ، عن يعقوب بن يقطين ، قال : سألت العبد الصالح عن القراءة في الوتر ، وقلت : إن بعضا روى قل هو الله أحد في الثلاث ، وبعضا‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٢٩ ـ ٤٩٤ ، الإستبصار ١ : ٣٤٨ ـ ١٣١٥ ، الوسائل ٣ : ٤٨ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٥ ح ١٦.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) التهذيب ٢ : ١٢٩ ـ ٤٩٥ ، الإستبصار ١ : ٣٤٩ ـ ١٣١٦ ، الوسائل ٣ : ٤٨ أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ب ١٥ ح ١٧.

(٤) التهذيب ٢ : ١٢٩.

(٥) التهذيب ٢ : ١٢٦ ـ ٤٨١ ، الوسائل ٤ : ٧٩٨ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٦ ح ٢.

١٨

______________________________________________________

روى [ في الأوليين ] (١) المعوذتين ، وفي الثالثة قل هو الله أحد فقال : « اعمل بالمعوذتين وقل هو الله أحد » (٢).

الثامنة : يستحب القنوت في الركعة الثالثة من الوتر ، لقوله عليه‌السلام في صحيحة ابن سنان في القنوت : « وفي الوتر في الركعة الثالثة » (٣).

ومحله قبل الركوع ، لقوله عليه‌السلام في صحيحة معاوية بن عمار : « ما أعرف قنوتا إلاّ قبل الركوع » (٤) وروى معاوية بن عمار في الصحيح : إنه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن القنوت في الوتر قال : « قبل الركوع » قال : فإن نسيت أقنت إذا رفعت رأسي؟ قال : « لا » (٥).

ويستحب الدعاء فيه بما سنح للدين والدنيا ، لصحيحة إسماعيل بن الفضل ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عما أقول في وتري ، فقال : « ما قضى الله على لسانك وقدّره » (٦).

وحسنة الحلبي ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إنه سأله عن القنوت في الوتر هل فيه شي‌ء موقت يتبع ويقال؟ فقال : « لا ، أثن على الله عزّ وجلّ ، وصلّ على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، واستغفر لذنبك العظيم » ثم قال : « كل ذنب عظيم » (٧).

ومن المستحبات الأكيدة فيه الاستغفار سبعين مرة ، فروى معاوية بن عمار‌

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) التهذيب ٢ : ١٢٧ ـ ٤٨٣ ، الوسائل ٤ : ٧٩٨ أبواب القراءة في الصلاة ب ٥٦ ح ٥.

(٣) التهذيب ٢ : ٨٩ ـ ٣٣٢ ، الاستبصار ١ : ٣٣٨ ـ ١٢٧٣ وفيه : عن ابن مسكان ، الوسائل ٤ : ٩٠٠ أبواب القنوت ب ٣ ح ٢.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٠ ـ ١٣ ، الوسائل ٤ : ٩٠١ أبواب القنوت ب ٣ ح ٦.

(٥) الفقيه ١ : ٣١٢ ـ ١٤٢١ ، الوسائل ٤ : ٩١٦ أبواب القنوت ب ١٨ ح ٥.

(٦) التهذيب ٢ : ١٣٠ ـ ٤٩٩ ، الوسائل ٤ : ٩٠٨ أبواب القنوت ب ٩ ح ٣.

(٧) الكافي ٣ : ٤٥٠ ـ ٣١ ، التهذيب ٢ : ١٣٠ ـ ٥٠٢ ، الوسائل ٤ : ٩٠٨ أبواب القنوت ب ٩ ح ٢.

١٩

______________________________________________________

في الصحيح ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول في قول الله عزّ وجلّ ( وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (١) : « في الوتر في آخر الليل سبعين مرة » (٢).

وروى عمر بن يزيد في الصحيح ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « من قال في وتره إذا أوتر : أستغفر الله وأتوب إليه سبعين مرة ، وواظب على ذلك حتى تمضي سنة كتبه الله عنده من المستغفرين بالأسحار ، ووجبت له المغفرة من الله عزّ وجلّ » (٣).

وروى عبد الله بن أبي يعفور ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « استغفر الله في الوتر سبعين مرة ، تنصب يدك اليسرى وتعدّ باليمنى الاستغفار ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يستغفر الله في الوتر سبعين مرة ويقول : هذا مقام العائذ بك من النار سبع مرات » (٤).

وروي عن علي بن الحسين سيد العابدين عليه‌السلام أنه كان يقول : العفو العفو ثلاثمائة مرة في السحر (٥).

ويستحب الدعاء فيه لإخوانه بأسمائهم ، وأقلّهم أربعون ، فروى الكليني في الصحيح ، عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدرّ الرزق ويدفع المكروه » (٦) وفي الحسن ، عن‌

__________________

(١) الذاريات : ١٨.

(٢) التهذيب ٢ : ١٣٠ ـ ٤٩٨ ، علل الشرائع ٣٦٤ ـ ١ بتفاوت يسير ، الوسائل ٤ : ٩١٠ أبواب القنوت ب ١٠ ح ٧.

(٣) الفقيه ١ : ٣٠٩ ـ ١٤٠٨ ، وفي المحاسن : ٥٣ ـ ٨٠ ، وفيهما وفي الوسائل : استغفر الله ربي وأتوب إليه. والخصال : ٥٨١ ـ ٣ ، وثواب الأعمال : ٢٠٥ ـ ١ ، بتفاوت يسير ، الوسائل ٤ : ٩٠٩ أبواب القنوت ب ١٠ ح ٢ ، ٣.

(٤) الفقيه ١ : ٣٠٩ ـ ١٤٠٩ ، علل الشرائع : ٣٦٤ ـ ٢ ، الوسائل ٤ : ٩١١ أبواب القنوت ب ١١ ح ١.

(٥) الفقيه ١ : ٣١٠ ـ ١٤١١ ، الوسائل ٤ : ٩١٠ أبواب القنوت ب ١٠ ح ٥ ، بتفاوت يسير.

(٦) الكافي ٢ : ٥٠٧ ـ ٢ ، الوسائل ٤ : ١١٤٥ أبواب الدعاء ب ٤١ ح ١.

٢٠