دروس في الرسائل - ج ٥

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الرسائل - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: ياران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٣

السادس : في بيان ورود هذا الأصل على الاستصحاب.

____________________________________

والمستأجر يدّعي فردا آخر منها ، فلو لم تقم البيّنة من طرف أصلا ، تصل النوبة إلى التحالف فيتحالفان ، وتنفسخ الإجارة بالتحالف.

نظير ما إذا اختلف البائع والمشتري في المثمن مع الاتفاق على صحّة البيع ، أو اختلفا في الثمن ، فبعد التحالف ينفسخ البيع ، ويردّ كلّ من الثمن والمثمن إلى مالكه.

وأمّا التقييد ـ بقوله هنا بعد قوله : فالأقوى صحّة العقد في الشهر الأوّل ، على ما في جامع المقاصد ـ وإن لم يكن في عبارة الشيخ رحمه‌الله ، فلم يتّضح لنا إلى الآن وجهه.

المثال الثالث ما نقله الشيخ أيضا عن العلّامة رحمه‌الله وهو ما إذا اختلف المؤجر والمستأجر في تعيين المدّة أو الاجرة ، فادّعى المستأجر التعيين ، وأنكره المؤجر ، واستشكل في تقديم قول المستأجر لأصالة الصحّة.

ثمّ قال : والأقوى التقديم فيما لم يتضمّن دعوى. وقال في جامع المقاصد في شرح هذه العبارة :

إنّ المستأجر إن ادّعى تعيين المدّة أو الاجرة بأجرة المثل أو أزيد منها ، لم يتضمّن قوله دعوى شيء سوى صحّة الإجارة ، فيقدّم قوله بمقتضى أصالة الصحّة ، وإن ادّعى التعيين بأقلّ من اجرة المثل يكون مدّعيا لشيء زائد ـ على صحّة الإجارة ـ يكون ضررا على المؤجر ، فلا وجه لتقديم قوله ، إذ الزائد المذكور من لوازم صحّة الإجارة ، وليست أصالة الصحّة حجّة بالنسبة إلى اللوازم كما ذكرناه». انتهى.

السادس : والغرض من هذا الأمر السادس بيان ما هو المقصود بالبحث عن قاعدة أصالة الصحّة ، وهو بيان حكم معارضتها مع الاستصحاب.

وحاصل الكلام أنّ المصنف قدس‌سره لمّا فرغ من الكلام في تنقيح أصل القاعدة معنى وموردا ، بدأ في البحث عمّا هو المقصود بالبحث أصالة ، حيث قال :

السادس : في بيان ورود هذا الأصل على الاستصحاب.

والمراد من الورود هو مطلق التقدّم ، سواء كان من باب الورود أو من باب الحكومة ، والشاهد على ذلك ما يأتي في كلامه.

وكيف كان ، فنقول : إنّ الاستصحاب المعارض بأصالة الصحّة ، إمّا حكمي كاستصحاب

٤٠١

فنقول : أمّا تقديمه على استصحاب الفساد ونحوه فواضح ، لأن الشكّ في بقاء الحالة السابقة على الفعل المشكوك أو ارتفاعها ناشئ عن الشكّ في سببيّة هذا الفعل وتأثيره.

فإذا حكم بتأثيره فلا حكم لذلك الشكّ ، خصوصا إذا جعلنا هذا الأصل من الظواهر

____________________________________

عدم الانتقال المعبّر عنه بأصالة الفساد ، أو موضوعي كاستصحاب عدم البلوغ مثلا فيما شكّ في بلوغ أحد المتعاقدين حين العقد ، فلا بدّ من التكلّم في مقامين :

المقام الأوّل : في حكم تعارضها مع الاستصحاب الحكمي.

والمقام الثاني : في حكم معارضتها مع الاستصحاب الموضوعي.

أمّا الكلام في المقام الأوّل وهو حكم تعارضها مع الاستصحاب الحكمي ، أعني : أصالة الفساد الراجعة إلى استصحاب عدم النقل والانتقال فلا إشكال في تقديم أصالة الصحّة على الاستصحاب المذكور بالحكومة ؛ لأنّ الشكّ في ترتّب الأثر على العقد الواقع في الخارج وعدمه مسبّب عن الشكّ في كونه هو العقد الجامع لما يعتبر فيه شرعا أو لا.

فإذا قام هناك ما يقتضي كونه جامعا لما يعتبر فيه شرعا ، أعني : أصالة الصحّة ، لا يبقى شكّ في ترتّب الأثر عليه ، كي يكون مجرى أصالة الفساد.

وبالجملة ، إنّ الأصل السببي حاكم على الأصل المسبّبي ، وقد أشار إليه بقوله :

أمّا تقديمه على استصحاب الفساد ونحوه ، كأصالة عدم وجوب الردّ وبقاء السلطنة وبراءة الذمّة عن القيمة فواضح ، لأنّ الشكّ في بقاء الحالة السابقة على الفعل المشكوك وارتفاعها ناشئ عن الشكّ في سببيّة هذا الفعل وتأثيره.

وبعبارة اخرى على ما في شرح الاعتمادي ، إنّ الشكّ في حصول النقل والانتقال مثلا مسبّب عن الشكّ في استجماع المعاملة لشرائط الصحّة ، كصدورها ممّن يكون صحيح التصرّف شرعا وكونها باللغة العربيّة وبلفظ الماضي ، وغيرها ممّا يعتبر فيها شرعا.

فإذا حكم بتأثيره فلا حكم لذلك الشّك.

بمعنى أنّ أصالة الصحّة تثبت كون المعاملة جامعة لما يعتبر فيها ، فتكون حاكمة على أصالة الفساد ، وذلك لحكومة الاصل السببي على الأصل المسبّبي ، فحينئذ تكون أصالة الصحّة حاكمة على استصحاب الفساد وإن كانت من الاصول فضلا عن كونها من الأمارات كما أشار إليه بقوله :

٤٠٢

المعتبرة ، فيكون نظير حكم الشارع بكون الخارج قبل الاستبراء بولا ، الحاكم على أصالة بقاء الطهارة.

لأنّ هذا الأصل إن كان من الظواهر المعتبرة فهو كاليد دليل اجتهادي لا يقاومه الاستصحاب ، وإن كان أصلا تعبّديّا فهو حاكم على أصالة الفساد ، لأنّ مرجعها إلى استصحاب عدم تحقّق الأثر عقيب الفعل المشكوك في تأثيره ، وإذا ثبت التأثير شرعا بهذا الأصل فيترك العدم السابق.

وأمّا تقديمه على الاستصحابات الموضوعيّة المترتّب عليها الفساد ، كأصالة عدم البلوغ وعدم اختبار المبيع بالرؤية أو الكيل أو الوزن ، فقد اضطربت فيه كلمات الأصحاب ،

____________________________________

خصوصا إذا جعلنا هذا الأصل من الظواهر المعتبرة.

كما ذهب إليه جمع ، فإنّ ظاهر جمع ، بل الأكثر كما في شرح الاعتمادي هو اعتبارها من باب الظنّ الظهوري ، حيث استندوا فيها بأنّ ظاهر حال المسلم أنّه يجتنب عن الفاسد ، فالشارع أمضى هذا الظنّ الناشئ عن ظاهر حال المسلم أو عن غلبة الصحّة في أفعال المسلمين ، ويظهر من بعضهم اعتبارها من باب التعبّد لا بملاحظة الكشف ، وعلى كلّ تقدير تكون حاكمة على أصالة الفساد خصوصا على تقدير كونها من الأمارات.

فيكون نظير حكم الشارع بكون الخارج قبل الاستبراء بولا ، الحاكم على أصالة بقاء الطهارة.

وذلك أنّ النصّ قد دلّ على أنّ من بال ولم يستبرئ ثمّ توضّأ فخرج منه بلل محتمل البوليّة يجب عليه الوضوء ، مع أنّ مقتضى الاستصحاب هو بقاء الطهارة ، إلّا أنّ حكم الشارع بوجوب الوضوء يكشف عن أن الشارع قدّم هنا الظاهر على الأصل ، إذ مقتضى الظاهر هو كون الرطوبة من بقايا البول في المجرى ، فكما أنّ الشارع قدّم الظاهر على الأصل في مسألة خروج البلل قبل الاستبراء ، كذلك قدّم في المقام ظاهر حال المسلم على أصالة الفساد. هذا تمام الكلام في المقام الأوّل ، وهو تقديم أصالة الصحّة على الاستصحاب الحكمي.

وقد أشار إلى المقام الثاني بقوله :

وأمّا تقديمه على الاستصحابات الموضوعيّة المترتّب عليها الفساد ، كأصالة عدم

٤٠٣

خصوصا العلّامة وبعض من تأخّر عنه.

والتحقيق : أنّه إن جعلنا هذا الأصل من الظواهر ، كما هو ظاهر كلمات جماعة ، بل الأكثر ، فلا إشكال في تقديمه على تلك الاستصحابات ، وإن جعلناه من الاصول ، فإن اريد بالصحّة في قولهم : «إنّ الأصل الصحّة» نفس ترتّب الأثر فلا إشكال في تقديم الاستصحاب الموضوعي عليها ، لأنّه مزيل بالنسبة إليها ، وإن اريد بها كون الفعل على وجه يترتّب عليه الأثر فيكون الأصل مشخّصا للموضوع من حيث ثبوت الصحّة له ، لا مطلقا. ففي تقديمه على الاستصحاب الموضوعي نظر ، [من أنّ أصالة عدم بلوغ البائع يثبت كون الواقع في

____________________________________

البلوغ وعدم اختبار المبيع بالرؤية أو الكيل أو الوزن ، فقد اضطربت فيه كلمات الأصحاب ، خصوصا العلّامة وبعض من تأخّر عنه.

حيث صرّح العلّامة قدس‌سره في باب البيع بالرجوع إلى أصالة الصحّة وعدم الاعتناء بأصالة عدم انتقال الملك المعيّن في مسألة الاختلاف في كون المبيع حرّا أو عبدا ، وبالتوقّف في باب البيع في مسألة ما لو ادّعى الصغر أو الجنون ، وبتقديم أصالة عدم البلوغ على أصالة الصحّة في باب الضمان ، وهذا الاضطراب والاختلاف موجود في كلمات المحقّق الثاني والشهيدين على ما في شرح التنكابني.

وكيف كان ، فالتحقيق عند المصنف قدس‌سره هو التفصيل بين القول بكون أصالة الصحّة من الأمارات ، وبين القول بكونها من الاصول ، حيث يكون تقديمها على الاستصحابات الموضوعيّة على الأوّل من دون إشكال ، وعلى الثاني فيه بحث يأتي تفصيله في كلام المصنف قدس‌سره ، فقد أشار إلى التفصيل بقوله :

والتحقيق : أنّه إن جعلنا هذا الأصل من الظواهر ، كما هو ظاهر كلمات جماعة ، بل الأكثر ، فلا إشكال في تقديمه على تلك الاستصحابات.

وذلك لكون الأمارات حاكمة على الاصول ، إذ بها يرتفع موضوع الاصول.

وإن جعلناه من الاصول ... ففي تقديمه على الاستصحاب الموضوعي نظر.

وجه النظر هو اختلاف كلمات الأعلام في هذا المقام.

وملخّص الكلام كما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، هو أنّه قد يقال بحكومة الاستصحاب على أصالة الصحّة ، وقد يقال بالتعارض بينهما ، ثمّ الرجوع إلى أصالة

٤٠٤

الخارج بيعا صادرا عن غير بالغ فيترتب عليه الفساد ، كما في نظائره من القيود العدميّة المأخوذة في الموضوعات الوجوديّة.

وأصالة الحمل على الصحيح يثبت كون الواقع بيعا صادرا عن بالغ فيترتّب عليه الصحّة فيتعارضان ، لكن التحقيق أنّ أصالة عدم البلوغ توجب الفساد لا من حيث الحكم

____________________________________

الفساد ، وقد يقال بحكومتها عليه.

وجه الأوّل : إنّ الشكّ في الصحّة مسبّب عن الشكّ في حصول البلوغ مثلا ، فإذا أحرز عدم البلوغ بالاستصحاب فلا يبقى مجال للأصل الحكمي ، أعني : أصالة الصحّة.

وفيه : إنّ مفاد أصالة الصحّة ليس هو مجرّد الحكم بالصحّة نظير مفاد أصل البراءة أو الاشتغال ، حيث يكون مفاد الأول مجرّد رفع العقاب ، كما يكون مفاد الثاني مجرّد وجوب تحصيل اليقين بالبراءة ، بل هي من الاصول الإحرازية فيترتّب عليها الحكم بحصول البلوغ ، نظير قاعدة التجاوز حيث يترتب عليها حصول ما شكّ في حصوله ، وحينئذ يثبت بأصالة الصحّة البلوغ ، فتكون معارضة مع استصحاب عدم البلوغ ، فلا وجه لحكومة الاستصحاب على أصالة الصحّة ، ومن هنا يظهر وجه القول الثاني ، أعني : التعارض ، كما أشار إليه بقوله :

من أنّ أصالة عدم بلوغ البائع يثبت كون الواقع في الخارج بيعا صادرا عن غير بالغ فيترتّب عليه الفساد ، كما في نظائره من القيود العدميّة المأخوذة في الموضوعات الوجوديّة نظير استصحاب الأمر العدمي المأخوذ في الموضوع الوجودي ، مثل استصحاب عدم الفسق في العالم فيما إذا وجب إكرام العالم غير الفاسق ، فيكون موضوع وجوب الإكرام موضوعا وجوديّا مقيّدا بقيد عدمي ، فإذا شكّ في عالم أنّه صار فاسقا أم لا ، يحرز عدم فسقه بالاستصحاب ، فكذا في المقام حيث يكون موضوع الفساد ـ أعني : البيع الصادر عن غير بالغ ـ موضوعا وجوديّا مقيّدا بقيد عدمي يحرز بالاستصحاب عند الشكّ ، فيترتّب عليه الفساد.

وأصالة الحمل على الصحيح يثبت كون الواقع بيعا صادرا عن بالغ لما عرفت من أنّها من الاصول الإحرازيّة ، فيترتّب عليه الصحّة فيتعارضان فيرجع إلى أصالة الفساد.

لكنّ التحقيق فساد وجه القول بالتعارض أيضا ، والصحيح هو القول الثالث ، أعني :

٤٠٥

شرعا بصدور العقد من غير بالغ ، بل من حيث الحكم بعدم صدور عقد من بالغ ، فإنّ بقاء الآثار السابقة للعوضين مستند إلى عدم السبب الشرعي ، فالحمل على الصحيح يقتضي كون الواقع البيع الصادر من بالغ وهو السبب الشرعي في ارتفاع الحالة السابقة على العقد ، وأصالة عدم البلوغ لا توجب بقاء الحالة السابقة من حيث إحراز البيع الصادر عن غير بالغ بحكم الاستصحاب ، لأنّه لا يوجب الرجوع إلى الحالة السابقة على هذا العقد ، فإنّه

____________________________________

حكومة أصالة الصحّة على الاستصحاب الموضوعي ، كما أشار إليه بقوله : أنّ أصالة عدم البلوغ توجب الفساد لا من حيث الحكم شرعا بوجود ضدّ موضوع الصحّة ، وهو ما أشار إليه بقوله : بصدور العقد من غير بالغ ، بل من حيث الحكم شرعا بنقيض موضوع الصحّة ، أي : بعدم صدور عقد من بالغ ، فإنّ بقاء الآثار السابقة للعوضين أي : الفساد بمعنى عدم حصول النقل والانتقال مستند إلى عدم السبب الشرعي لا إلى وجود ضدّه.

وبعبارة واضحة : إنّ الفساد مستند إلى عدم صدور العقد من بالغ ، لا إلى صدور العقد من غير بالغ ، وذلك لأنّ الصحّة والفساد متناقضان ، أعني : الصحّة بمعنى ترتّب الأثر ، والفساد بمعنى عدم ترتّبه ، فموضوعاهما ـ أيضا ـ متناقضان ، أعني : صدور العقد من البالغ وعدم صدوره منه ، لا متضادّان ، أي : صدور العقد من البالغ وصدوره من غير البالغ.

والحاصل أنّ أصالة عدم البلوغ لا تفيد الفساد بطريق إثبات الضدّ حتى تعارض بأصالة الصحّة ، بأن يثبت صدور العقد من البالغ بأصالة الصحّة وصدوره عن غير البالغ بأصالة عدم البلوغ ، بل أصالة عدم البلوغ تفيد الفساد بطريق إثبات النقيض ، أي : عدم صدور العقد عن البالغ ، فتكون أصالة الصحّة المفيدة لصدور العقد من البالغ حاكمة عليها ، لأنّها تثبت ما هو السبب للنقل ، أعني : العقد الصادر عن البالغ ، كما أشار إليه بقوله :

فالحمل على الصحيح يقتضي كون الواقع البيع الصادر من بالغ وهو السبب الشرعي في ارتفاع الحالة السابقة على العقد أعني : عدم النقل والانتقال وأصالة عدم البلوغ توجب الفساد من حيث إحراز النقيض ، أعني : عدم صدور البيع من البالغ ولا توجب الفساد ، أعني : بقاء الحالة السابقة من حيث إحراز الضدّ ، أعني : البيع الصادر عن غير بالغ بحكم الاستصحاب ونكتفي بما ذكره الاستاذ الاعتمادي في توضيح الكتاب ، حيث قال : إنّما قلنا بأنّ الفساد مترتّب على عدم الصدور من البالغ ، لا على الصدور من غير بالغ ،

٤٠٦

ليس ممّا يترتّب عليه ، لأنّ عدم المسبّب من آثار عدم السبب لا من آثار ضدّه ، وفرضنا أنّه يترتّب عليه آثار أخر ، فنقول حينئذ : الأصل عدم وجود السبب ما لم يدلّ دليل شرعي على وجوده.

وبالجملة ، البقاء على الحالة السابقة على هذا البيع مستند إلى عدم السبب الشرعي ، فإذا شكّ فيه بنى على البقاء وعدم وجود السبب ما لم يدلّ دليل على كون الموجود المردّد بين السبب وغيره هو السبب ، فإذن لا منافاة بين الحكم بترتّب الآثار المترتّبة على البيع

____________________________________

لأنّه أي : الصدور من غير بالغ لا يوجب الفساد ، أي : الرجوع إلى الحالة السابقة على هذا العقد ، فإنّه أي : الفساد ليس ممّا يترتّب عليه أي : على صدور العقد من غير بالغ لأنّ عدم المسبّب من آثار عدم السبب لا من آثار ضدّه ، فإذا كانت الصحّة من آثار صدور البيع من البالغ يكون الفساد من آثار نقيضه ، وهو عدم صدور البيع من البالغ لا من آثار ضدّه وهو صدور البيع من غير البالغ.

نعم ، لا مضايقة من أن يكون للضدّ أثر آخر غير الفساد ، كما أشار إليه بقوله : وفرضنا أنّه يترتّب عليه آثار أخر ، فنقول حينئذ : الأصل عدم وجود السبب ما لم يدلّ دليل شرعي على وجوده.

وحاصل الكلام على ما في شرح الاعتمادي ، هو أنّه لو كان استصحاب عدم البلوغ للفساد بعنوان إثبات صدور العقد من غير بالغ ، لكان معارضا بأصالة الصحّة المثبتة لصدور العقد من بالغ لتضادّ موضوعهما ، وأمّا إذا كان مفيدا للفساد بعنوان إثبات عدم صدور العقد من بالغ المناقض لصدور العقد من بالغ ، لكانت أصالة الصحّة حاكمة عليه ، كما أشار إليه بقوله المتقدم ، أعني : الأصل عدم وجود السبب ، أي : عدم صدور العقد من بالغ ما لم يدلّ دليل شرعي كأصالة الصحّة على وجوده ، أي : صدور العقد من بالغ ، وبعد إثبات صدور العقد من بالغ بأصالة الصحّة لا يبقى مجال لاستصحاب عدم صدور العقد من بالغ ، كما لا يخفى.

وبالجملة ، البقاء على الحالة السابقة على هذا البيع مستند إلى عدم السبب الشرعي ، فإذا شكّ فيه بنى على البقاء وعدم وجود السبب ما لم يدلّ دليل كأصالة الصحّة على كون الموجود المردّد بين السبب وغيره هو السبب ، فإذن لا منافاة بين الحكم بترتّب الآثار

٤٠٧

الصادر من غير بالغ ، وترتّب الآثار المترتّبة على البيع الصادر عن بالغ ، لأنّ الثاني يقتضي انتقال المال عن البائع ، والأوّل لا يقتضيه ، لا أنّه يقتضي عدمه].

____________________________________

المترتّبة على البيع الصادر من غير بالغ ، وترتّب الآثار المترتّبة على البيع الصادر عن بالغ.

وحاصل الكلام في هذا المقام على ما في شرح الاعتمادي : «إنّه إذا لم يكن الفساد أثر الضدّ ـ أعني : صدور العقد من غير بالغ ، بل كان أثرا للنقيض ، أعني : عدم صدور العقد من بالغ ـ لكانت أصالة الصحّة حاكمة على أصالة عدم البلوغ من هذه الجهة كما عرفت ، وأمّا لو فرضنا ترتب أثر آخر على الضدّ أيضا ، كما فرضنا من نذر الدرهم على صدور العقد من غير بالغ ، فيجري الأصلان من دون تناف بينهما أصلا ، لأنّ أصالة الصحّة تفيد صدور العقد من البالغ لترتيب آثار الصحّة ، واستصحاب عدم البلوغ يفيد صدور العقد من غير البالغ لترتيب وجوب الدرهم لا لترتيب الفساد ، كما أشار إليه بقوله :

لأنّ الثاني ، أي : صدور البيع من البالغ يقتضي الصحّة ، بمعنى انتقال المال عن البائع ، والأوّل أعني : صدور العقد من غير البالغ لا يقتضيه أي : الانتقال لا أنّه يقتضي عدمه حتى يحصل التعارض ، وذلك لعدم كون أثره الشرعي هو الفساد ، كي يقتضي عدم انتقال المال من البائع.

٤٠٨

أصالة الصحة في الاقوال والاعتقادات

بقي الكلام في أصالة الصحّة في الأقوال والاعتقادات ، أمّا الأقوال ، فالصحّة فيها تكون من وجوه :

الأوّل : من حيث كونه حركة من حركات المكلّف ، فيكون الشكّ من حيث كونه مباحا

____________________________________

بقي الكلام).

وقبل الخوض في المقصود ينبغي الكلام في أنّ القاعدة المذكورة هل هي مختصّة بأفعال المسلمين كما هو ظاهر كلمات الأصحاب في عناوينهم ، حيث اختصّت بفعل المسلم أم تجري في أفعال الكفّار أيضا؟ كما هو مقتضى عموم السيرة ولزوم الاختلال وجهان ، بل قولان كما في التعليقة ، ويظهر من كاشف الغطاء القول الثاني.

قال صاحب التعليقة : إنّ المتعيّن هو القول الأوّل ، ثمّ قال : وما ذكر من عموم السيرة فيه أنّا سلّمنا أنّ السيرة مستمرة في جريانها في أفعال الكفّار لكنّه من جهة ما ورد من قولهم عليهم‌السلام : أقرّوهم على ما أقرّوا على أنفسهم (١)، وألزموهم على ما ألزموا على أنفسهم (٢) لا من جهة قاعدة الصحّة ، والذي يشهد بذلك أنّ الصحّة المحمولة عليها أفعالهم إنّما هي الصحّة عندهم ، والصحّة التي حملت عليها أفعال المسلمين إنّما هي الصحّة الواقعيّة.

وتظهر الثمرة فيما إذا علم المال الذي بيد أحدهم أنّه ثمن الخمر مثلا لكنّه روعي فيه شرائط الذمّة بأن يبيع في الخفاء دون الجهر ، فإنّه يجوز اشتراؤه منه ، لكن لا من جهة قاعدة الصحّة لعدم جريانها فيه ، بل من جهة القاعدة التي ذكرناها». انتهى.

فنأتي إلى ما هو المقصود بالبحث ، أعني : أصالة الصحّة في الأقوال والاعتقادات ، وقد أشار إلى الأوّل بقوله :

أمّا الأقوال ، فالصحّة فيها تكون من وجوه :

الأوّل : من حيث كونه حركة من حركات المكلّف ، فيكون الشكّ من حيث كونه مباحا

__________________

(١) انظر الوسائل ٢٦ : ١٥٨ ، أبواب ميراث الأخوة والأجداد ، ب ٤.

(٢) التهذيب ٩ : ٣٢٢ / ١١٥٦. الاستبصار ٤ : ١٤٨ / ٥٥٥. غوالي اللآلئ ٣ : ٥١٤ / ٧٦. الوسائل ٢٦ : ١٥٨ ، أبواب ميراث الاخوة والأجداد ، ب ٤ ، ح ٥.

٤٠٩

أو محرّما ، ولا إشكال في الحمل على الصحّة من هذه الحيثيّة.

الثاني : من حيث كونه كاشفا عن مقصود المتكلّم ، والشكّ من هذه الحيثيّة يكون من وجوه :

أحدها : من جهة أنّ المتكلّم بذلك القول قصد الكشف بذلك عن معنى أم لم يقصد ، بل تكلّم به من غير قصد لمعنى.

ولا إشكال في أصالة الصحّة من هذه الجهة بحيث لو ادّعى كون التكلّم لغوا أو غلطا لم يسمع منه.

الثاني : من جهة أنّ المتكلم صادق في اعتقاده ومعتقد لمؤدّى ما يقوله أم هو كاذب في هذا

____________________________________

أو محرما).

وذلك فإنّ الحركة بما هي حركة صحيحها ما يكون مباحا وفاسدها ما يكون محرّما ، كما إذا قيل : زيد قائم ، وشكّ في صدق هذا القول من القائل وكذبه ، وعلى تقدير الثاني ، هل كان الكذب لمصلحة ليكون مباحا أو كان من دون مصلحة كي يكون حراما؟ فيحمل على الصحّة ويحكم بكون ما قيل مباحا.

ولا إشكال في الحمل على الصحّة من هذه الحيثيّة.

وذلك لكون القول ـ حينئذ ـ فعلا من أفعال القائل ، فتشمله عمومات الآيات والأخبار التي استدلّ بها على أصالة الصحّة في فعل المسلم.

الثاني : من حيث كونه كاشفا عن مقصود المتكلّم ، والشكّ من هذه الحيثيّة يكون من وجوه :

أحدها : من جهة أنّ المتكلّم بذلك القول قصد الكشف بذلك عن معنى فقصد بقوله : «داري لفلان» التمليك أم لم يقصد ، بل تكلّم به من غير قصد لمعنى أصلا ، ولا ريب في الحمل على الصحّة من هذه الجهة ، بحيث لو ادّعي عدم قصد المعنى بقوله : «بعت» لم يسمع منه ، كما أشار إليه بقوله : ولا إشكال في أصالة الصحّة من هذه الجهة بحيث لو انجرّ الأمر إلى التداعي في مورد بأن ادّعى المتكلّم كون التكلّم لغوا أو للتعلّم والتمرين أو غلطا لم يسمع منه بل يتقدّم قول من يدّعي أنّه قصد بقوله : «بعت» التمليك.

الثاني : من جهة أنّ المتكلّم صادق في اعتقاده ومعتقد لمؤدّى ما يقوله أم هو كاذب في

٤١٠

التكلّم في اعتقاده؟ ولا إشكال في أصالة الصحّة هنا أيضا ، فإذا أخبر بشيء جاز نسبة اعتقاد مضمون الخبر إليه ولا يسمع دعوى أنّه غير معتقد لما يقوله.

وكذا إذا قال : «افعل كذا» جاز أن يسند إليه أنّه طالبه في الواقع ، لا أنّه مظهر للطلب صورة لمصلحة كالتوطين أو لمفسدة.

وهذان الأصلان ممّا قامت عليهما السيرة القطعيّة مع إمكان إجراء ما سلف من أدلّة تنزيه فعل المسلم عن القبيح في المقام.

____________________________________

هذا التكلّم في اعتقاده؟ ولا إشكال في أصالة الصحّة هنا أيضا ، فإذا أخبر بشيء جاز نسبة اعتقاد مضمون الخبر إليه.

فتجوز نسبة التشيّع إلى من قال : علي عليه‌السلام خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بنصّ حديث الغدير ، ونسبة التسنّن إلى من قال : أبو بكر خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

ثمّ ثمرة الحمل على الصحّة بالمعنى الثاني ـ أعني : مطابقة مضمون الخبر لاعتقاد المخبر ـ هي ترتيب الآثار الواقعيّة للمخبر به عليه بعد نفي احتمال الخطأ والسهو في مقدمات اعتقاده بالأصل العقلائي.

وكذا إذا قال : «افعل كذا» جاز أن يسند إليه أنّه طالبه في الواقع لا أنّه مظهر للطلب صورة لمصلحة في الإنشاء دون المنشأ كالتوطين بأن يريد من الأمر توطين المكلّف نفسه لامتثال الأمر ليؤجر بذلك ، كما قيل في الأمر بذبح اسماعيل عليه‌السلام ولا يريد الآمر نفس الفعل ، كما في شرح الاعتمادي أو المفسدة بأن يأمر بفعل وهو لا يريد نفس الفعل وإنّما يريد تحقّق عنوان المخالفة من المكلّف الخبيث ليصحّ عقابه ، كما في شرح الاعتمادي.

وهذان الأصلان أي : أصالة الصحّة بمعنى قصد المعنى من الكلام ، وأصالة الصحّة بمعنى مطابقة مضمون الخبر لاعتقاد المخبر ممّا قامت عليهما السيرة القطعية بل قام عليهما إجماع العقلاء ، كما قام على أصالة الحقيقة على ما في شرح الاعتمادي.

وبالجملة ، إنّ المستند في أصالة القصد واعتقاد مضمون الكلام ليس إلّا بناء العقلاء في كلام كلّ متكلّم ، كما أنّ المستند في أصالة الحقيقة ليس إلّا بناء العرف والعقلاء ، كما في بحر الفوائد مع إمكان إجراء ما سلف من أدلّة تنزيه فعل المسلم عن القبيح في المقام بأن يقال : إنّ ما سلف من الأخبار الدالّة على وجوب تصديق المؤمن وعدم اتّهامه بالكذب

٤١١

لكنّ المستند فيه ليس تلك الأدلّة.

الثالث : من جهة كونه صادقا في الواقع أو كاذبا. وهذا معنى حجيّة خبر المسلم لغيره ، فمعنى حجيّة خبره صدقه ، والظاهر عدم الدليل على وجوب الحمل على الصحيح.

والظاهر عدم الخلاف في ذلك ، إذ لم يقل أحد بحجيّة كلّ خبر صدر من مسلم ، ولا دليل يفي بعموم عليه حتى ترتكب دعوى خروج ما خرج بالدليل من الداخل.

وربّما يتوهّم وجود الدليل العامّ من مثل الأخبار المتقدّمة ، الآمرة بوجوب حمل أمر

____________________________________

وحمل أمر المؤمن على أحسنه يجري في المقام ، لأنّ تصديق المتكلّم وعدم اتّهامه بحسب اعتقاده والبناء على صدقه في خبره ، وكون مضمون الخبر مطابقا لاعتقاده حمل للكلام على أحسنه ، إلّا أن يقال : إنّ أدلة تنزيه فعل المسلم عن القبيح لا تنفي احتمال الغلط والسهو والنسيان ، هذا مضافا إلى أنّ مطلق عدم قصد المعنى ليس منافيا للتنزيه ، وكذا مطلق عدم الاعتقاد لمضمون الخبر ليس منافيا للتنزيه ، وذلك لحلّية الكذب إذا كان لمصلحة ، فأدلّة تنزيه فعل المسلم عن القبيح غير كافية إن لم نقل بأنّها غير جارية في المقام ، ولهذا قال المصنف قدس‌سره : لكن المستند فيه ليس تلك الأدلّة التنزيهيّة ، بل العمدة ما عرفت من السيرة القطعيّة.

الثالث : من جهة كونه صادقا في الواقع أو كاذبا. وهذا معنى حجيّة خبر المسلم لغيره ، فمعنى حجيّة خبره صدقه.

بمعنى مطابقته للواقع مضافا إلى مطابقته للاعتقاد ، كما قيل في معنى صدق الخبر ، فراجع المطول في المعاني والبيان.

والظاهر عدم الدليل على وجوب الحمل على الصحيح بهذا المعنى والظاهر عدم الخلاف في ذلك ، إذ لم يقل أحد بحجيّة كلّ خبر صدر من مسلم ، ولا دليل يفي بعموم عليه حتى ترتكب دعوى خروج ما خرج بالدليل من الداخل.

وحاصل الكلام في المقام : إنّه ليس في المقام ما يدلّ على حجيّة خبر المسلم من الدليل العامّ ، كي يقال بخروج خبر المسلم في أبواب الشهادات والروايات والحدسيّات عنه باعتبار كون حجيّة الخبر في هذه الأبواب مشروطة بالشرائط الخاصّة.

وربّما يتوهّم وجود الدليل العامّ من مثل الأخبار المتقدّمة ، الآمرة بوجوب حمل أمر

٤١٢

المسلم على أحسنه ، وما دلّ على وجوب تصديق المؤمن وعدم اتّهامه عموما ، وخصوصا قوله عليه‌السلام : (إذا شهد عندك المسلمون فصدّقهم) (١) وغير ذلك ممّا ذكرنا في بحث حجيّة خبر الواحد وذكرنا عدم دلالتها.

مع أنّه لو فرض دليل عامّ على حجيّة خبر كلّ مسلم كان الخارج منه أكثر من الداخل ، لقيام الإجماع على عدم اعتباره في الشهادات ولا في الروايات إلّا مع شروط خاصّة ، ولا في الحدسيّات والنظريّات إلّا في موارد خاصّة ، مثل الفتوى وشبهها.

____________________________________

المسلم على أحسنه).

ومعلوم أنّ الأمر شامل للقول كما يشمل الفعل ، ومعنى حمل القول والخبر على الأحسن ليس إلّا حمله على الصدق والمطابقة للواقع وهو المطلوب.

والجواب عن هذا التوهّم : إنّ شيئا من الآيات والأخبار غير ما دلّ على تنزيه فعل المسلم عن القبيح لا ينفع في المقام ، إذ المراد من وجوب تصديق المؤمن فيهما هو مجرّد التصديق الصوري لا التصديق بمعنى حمل الخبر على المطابقة للواقع ، كما هو المطلوب في المقام ، وقد أوضح المصنف قدس‌سره ذلك عند الاستدلال على حجيّة أخبار الآحاد فراجع ، وأمّا ما دلّ على تنزيه فعل المسلم عن القبيح ، فقد عرفت ما فيه.

مع أنّه لو فرض دليل عامّ على حجيّة خبر كلّ مسلم كان الخارج منه أكثر من الداخل ، لقيام الإجماع على عدم اعتباره في الشهادات ولا في الروايات إلّا مع شروط خاصّة كالإيمان والعدالة والضبط ولا في الحدسيّات والنظريّات إلّا في موارد خاصّة ، مثل الفتوى وشبهها كقول أهل الخبرة في تعيين القيم مثلا.

وحاصل الكلام أنّه لو فرض دليل عامّ على حجيّة خبر كلّ مسلم لكان ذلك مستلزما لتخصيص الأكثر وهو قبيح.

وتفصيل الكلام في هذا المقام على ما في شرح الاعتمادي هو أنّه قد يقال بأنّ الأصل في المقام هو حجيّة خبر المسلم إلّا ما خرج عنه ، والشاهد على ذلك هو آية الاذن (٢) وما ورد في سبب نزولها من قبول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله خبر المنافق بأنّه لم ينمّ بشيء ، وقول الصادق عليه‌السلام

__________________

(١) الكافي ٥ : ٢٩٩ / ١. الوسائل ١٩ : ٨٣ ، أبواب كتاب الوديعة ، ب ٦ ، ح ١.

(٢) التوبة : ٦١.

٤١٣

نعم ، يمكن أن يدّعى أنّ الأصل في خبر العدل الحجيّة ، لجملة ممّا ذكرناه في أخبار الآحاد ، وذكرنا ما يوجب تضعيف ذلك ، فراجع.

____________________________________

لابنه إسماعيل : فإذا شهد عندك المسلمون ، فصدّقهم).

وفيه : إنّ المراد من الإيمان والتصديق في هذه الموارد هو مجرّد التصديق الصوري ، كما مرّ ، هذا مضافا إلى لزوم تخصيص الأكثر لعدم جواز تصديق المسلم في الشهادة والرواية إلّا بشروط خاصّة ، ولا في الحدسيّات والنظريّات إلّا في موارد خاصّة كالفتوى وتعيين القيم والاروش ، ومضافا إلى الأمر بالتبيّن في خبر الفاسق. وقد يقال بأنّ الأصل حجيّة خبر غير معلوم الفسق ، لأنّ ظاهر آية النبأ (١) هو أنّ الإسلام مقتضي لحجيّة الخبر ، والفسق مانع ، فعند الشكّ فيه يدفع بالأصل فيعمل المقتضي عمله ، بل ظاهر الآية مانعيّة الفسق المعلوم.

وفيه : بعد تسليم مفهوم الوصف : أنّه كما يحتمل كون الإسلام مقتضيا للحجيّة والفسق مانعا ، كذلك يحتمل كون المقتضي هي العدالة ، فالشكّ فيها شكّ في المقتضي ، وأيضا الظاهر من الفاسق في الآية هو الفاسق الواقعي ، فيختصّ اعتبار الخبر بصورة العلم بعدم فسق المخبر. وقد أشار إلى ما ذكره من أنّ الأصل في خبر المسلم هو الحجيّة بقوله :

نعم ، يمكن أن يدّعى أنّ الأصل في خبر العدل الحجيّة ، لجملة ممّا ذكرناه في أخبار الآحاد ، وذكرنا ما يوجب تضعيف ذلك ، فراجع بحث أخبار الآحاد ، حيث حقّق أنّ آية النبأ إنّما تنفي من العادل احتمال تعمد الكذب فقط ، وأمّا سائر الجهات كالخطأ والنسيان فلا بدّ من سدّ احتمالها بأمر آخر كبناء العقلاء بعدم الاعتناء باحتمال الخطأ والنسيان ، وهذا البناء منهم مختصّ بالامور الحسيّة بعد الفحص عن المعارض ، فأين هذا من أصالة حجيّة خبر العدل كي يقال بخروج ما خرج ، وأمّا خبر العدلين فالظاهر أنّه لا كلام في أصالة حجيّة ، ويؤيّد ذلك إرسال الأصحاب هذه المسألة إرسال المسلّمات وتعليلاتهم بعموم حجيّة البيّنة ، إلّا إنّه نقل عن جمع عدم ثبوت النجاسة بقول العدلين ، وعن آخر عدم ثبوت الاجتهاد بهما ، وعن الاردبيلي قدس‌سره عدم ثبوت طلوع فجر رمضان بهما ، معلّلين ذلك بعدم الدليل على عدم اعتباره عموما ، على ما في شرح الاعتمادي ، ونذكر ما في بحر الفوائد إذ

__________________

(١) الحجرات : ٦.

٤١٤

وأمّا الاعتقادات ، فنقول : إذا كان الشكّ في أنّ اعتقاده ناشئ عن مدرك صحيح من دون تقصير عنه في مقدّماته ، أو من مدرك فاسد لتقصير منه في مقدّماته ، فالظاهر وجوب الحمل على الصحيح ، لظاهر بعض ما مرّ من وجوب حمل امور المسلمين على الحسن دون القبيح.

____________________________________

لا يخلو ذكره عن فائدة ، حيث قال ما هذا لفظه :

«لا يخفى أنّ هنا مقامات :

أحدها : إنّ الأصل في خبر المسلم الحجيّة أم لا؟ ذهب ذاهب إلى ثبوت الأصل المذكور ، وربّما ينسب إلى الشيخ رحمه‌الله والنسبة في غير محلّها ، وعلى تقدير ثبوتها فهو من جهة ذهابه إلى أنّ الأصل في المسلم العدالة من حيث ظهور الإسلام فيها ، لا أنّ الأصل في خبر المسلم الحجيّة وإن كان فاسقا ، وهذا الأصل لم يثبت عندنا ، بل الثابت بمقتضى آية النبأ وغيرها عدمه.

ثانيها : إنّ الأصل في خبر العادل الحجيّة أم لا؟ ذهب جماعة إلى ثبوت الأصل المذكور مطلقا في الأحكام والموضوعات إلى أن يجيء المخرج ، كما في مقام الترافع وغيره في الجملة ، والحقّ عدم ثبوت الأصل المذكور أيضا ، لعدم الدليل عليه ، وقد عرفت تفصيل القول فيه في الجزء الأوّل من التعليقة.

ثالثها : إنّ الأصل في خبر العدلين الحجّية أم لا؟ ذهب جماعة كثيرة إلى ثبوته سيما بالنسبة إلى الموضوعات ، وتمسّكوا له بالاستقراء والإجماع وبجملة من الأخبار المدّعى ظهورها في المدّعي ، والحق إمكان الخدشة في الأصل المذكور أيضا ، وليس المقام مقام بسط القول فيه.

رابعها : إنّ الأصل في خبر أربعة عدول الحجّية أم لا؟ والظاهر أنّه لا إشكال في ثبوته بالنسبة إلى الموضوعات ، وأمّا الأحكام فلا ، وتفصي ل القول في الشرح المذكور يظهر من الرجوع إلى ما ذكرناه في الجزء الأوّل من التعليقة». انتهى.

وأمّا الاعتقادات ، فنقول : إذا كان الشكّ في أنّ اعتقاده ناشئ عن مدرك صحيح من دون تقصير منه في مقدّماته ، أو من مدرك فاسد لتقصير منه في مقدّماته ، فالظاهر وجوب الحمل على الصحيح ، لظاهر بعض ما مرّ من وجوب حمل امور المسلمين على الحسن دون

٤١٥

وأمّا إذا شكّ في صحّته بمعنى المطابقة للواقع ، فلا دليل على وجوب الحمل على ذلك. ولو ثبت ذلك أوجب حجيّة كلّ خبر أخبر به المسلم ، لما عرفت من أنّ الأصل في الخبر كونه كاشفا عن اعتقاد المخبر ، أمّا لو ثبتت حجيّة خبره فقد يعلم أنّ العبرة باعتقاده بالمخبر به ، كما في المفتي وغيره ممّن يعتبر نظره في المطلب ، فيكون خبره كاشفا عن الحجّة لا نفسها ،

____________________________________

القبيح).

ومعنى الحمل على الصحيح أنّه لم يكن مقصّرا في مقدّمات اعتقاده ، لأنّ التقصير في المقدّمات قبيح يجب تنزيه المسلم عنه.

وأمّا إذا شكّ في صحّته بمعنى المطابقة للواقع ، فلا دليل على وجوب الحمل على ذلك أي : صحّة الاعتقاد بمعنى المطابقة للواقع ولو ثبت ذلك أوجب حجيّة كلّ خبر أخبر به المسلم ، لما عرفت من أنّ الأصل في الخبر كونه كاشفا عن اعتقاد المخبر.

وحاصل الكلام إنّك قد عرفت في أصالة الصحّة في الأقوال أنّ الأصل في القول والخبر كونه مطابقا لاعتقاد المخبر ، فإذا فرض وجود دليل على كون الأصل في الاعتقاد كونه مطابقا للواقع ، فيستنتج من هاتين المقدّمتين كون الأصل في خبر المسلم الحجيّة ، بمعنى الحكم بمطابقة مضمونه للواقع ، لأنّ الخبر مطابق لاعتقاد المخبر بمقتضى أصالة الصحّة في الأقوال ، والاعتقاد مطابق للواقع بمقتضى أصالة الصحّة في الاعتقادات ، فالنتيجة هي كون كلّ خبر أخبر به المسلم مطابق للواقع ، وهو معنى الحجيّة في الخبر.

وبالجملة ، إنّ الملازمة بين حجيّة الاعتقاد وصحّته بمعنى المطابقة للواقع ، وبين حجيّة الخبر ثابتة ، إلّا إنّه لا ملازمة بين حجيّة الخبر وحجيّة الاعتقاد ، لاحتمال مدخليّة القول بما هو في حجيّة الخبر تعبّدا من دون مدخليّة الاعتقاد أصلا ، بحيث لو علم الاعتقاد من غير طريق الخبر لا يترتّب عليه أثر أصلا ، كما لو علم اعتقاد شخص بدخول الوقت بشروعه في الأذان مثلا.

أمّا لو ثبتت حجيّة خبره في موارد كان مناط الحجيّة فيها مختلفا ، ففي بعضها يكون مناط الحجيّة مجرّد الاعتقاد ، وفي بعضها المناط هو الإخبار بالواقع ، بحيث لا يكفي مجرّد الاعتقاد ولا الاخبار بالاعتقاد ، وفي بعضها يكفي مطلق الإخبار ، كما أشار إليه بقوله : فقد يعلم أنّ العبرة باعتقاده بالمخبر به ، كما في المفتي وغيره من أهل كلّ فنّ ممّن يعتبر نظره

٤١٦

وقد يعلم من الدليل حجيّة خصوص إخباره بالواقع حتى لا يقبل منه قوله : «أعتقد بكذا» ويدلّ الدليل على حجّيّة خصوص شهادته المتحقّقة تارة بالإخبار عن الواقع ، واخرى بالإخبار بعلمه به.

والمتّبع في كلّ مورد ما دلّ عليه الدليل وقد يشتبه مقدار دلالة الدليل ، ويترتّب

____________________________________

في المطلب فإنّ الحجّة هي نفس اعتقاده بأمر بأيّ طريق انكشف لنا ، ولو بالإشارة فضلا عن الإخبار والكتابة فيكون خبره كاشفا عن الحجّة وهي الاعتقاد لا نفسها أي : الحجّة ، إذ المفروض أنّ الحجّة هي الاعتقاد لا الخبر.

وقد يعلم من الدليل حجيّة خصوص إخباره بالواقع حتى لا يقبل منه قوله «أعتقد بكذا» كإخبار العادل بالأحكام الشرعيّة حيث يكون خبره حجّة وإن كان معتقدا لخلافه ، ومن هذا القبيل أخبار البراءة التي رواها في الوسائل حيث يعمل الاصوليّون بها في الشبهات التحريميّة الحكميّة ، فيحكمون فيها بالبراءة مع عدم عمل المؤلف بها ، وهكذا باب المرافعات والدعاوى.

وقد (يدلّ الدليل على حجيّة خصوص شهادته).

ومعلوم أنّه لا يكفي في الشاهد مجرّد الاعتقاد بأيّ طريق انكشف للقاضي ، بل لا بدّ له من إظهار الشهادة عند القاضي المتحقّقة تارة بالإخبار عن الواقع بأن يقول : هذا المال لزيد ، واخرى بالإخبار بعلمه به بأن يقول : إنّا نعلم بأنّ هذا المال لزيد.

والمتّبع في كلّ مورد ما دلّ عليه الدليل وقد يشتبه مقدار دلالة الدليل.

أي : لا يعلم من الدليل ما هو الحجّة ، هل هو الاعتقاد فقط أو الإخبار فقط أو هما معا ، كما إذا شكّ في أنّ المعدّل أو الجارح فى باب الجرح والتعديل هل يكفي فيهما الاعتقاد بأيّ طريق انكشف ، كالاقتداء في الجماعة أو الكتابة ، أو لا بدّ فيهما من الإخبار؟ هذا على ما في شرح الاعتمادي مع تصرّف منّا.

ثمّ نذكر ما في بحر الفوائد ، قال في بحر الفوائد : فهل مقتضى القاعدة اعتبار الإخبار أو كفاية الاعتقاد كيف انكشف؟ ثمّ قال : ظاهر دليل الحجيّة هو اعتبار الإخبار ضرورة عدم صدق الخبر على سائر الكواشف وعلى مجرّد الاعتقاد ، وعلى تقدير عدم ظهور في البين ، كما إذا قام الإجماع على اعتبار تعديل المعدّل ، فالمتيقّن هو الاقتصار على الخبر ، ثمّ قال :

٤١٧

على ما ذكرنا قبول تعديلات أهل الرجال المكتوبة في كتبهم ، وصحّة التعويل في العدالة على اقتداء العدلين.

____________________________________

ولكن ذكر الاستاذ في الدرس : أنّه لا يبعد القول بكفاية الاعتقاد لأنّ مقتضى التأمّل وعدم الجمود على ظاهر اللفظ كون المراد حجيّة الاعتقاد ، وأيّده بوجوه ضعيفة.

ثمّ فرّع على كفاية مجرّد الاعتقاد الحكم بعدالة الإمام بواسطة اقتداء العدلين ، والحكم بدخول الوقت من جهة صلاة عدلين معتقدين بدخول الوقت ، والحكم باعتبار تعديلات أهل الرجال في مكتوباتهم كالكشّي والنجاشي والشيخ قدس‌سره.

ثمّ قال : وقد يدّعى الإجماع على اعتبار هذه التعديلات من دون حاجة إلى ثبوت أنّ الأصل اعتبار الاعتقاد في مورد ثبوت اعتبار الخبر.

وإلى بعض ذلك أشار المصنف قدس‌سره بقوله : ويترتّب على ما ذكرنا قبول تعديلات أهل الرجال المكتوبة في كتبهم ، وصحّة التعويل في العدالة على اقتداء العدلين.

قال في الشرح التنكابني في المقام ما هذا لفظه : فإنّ المعتبر في التعديل هو اعتقاد المعدّل سواء استكشف من الخبر أو من الكتابة أو من غيرهما ، وأمّا أنّه يكفي فيه الواحد أو لا بدّ من التعدّد ، فقد بناه بعضهم على كون التعديل رواية أو شهادة ، فعلى الأوّل يكفي فيه الواحد ، وعلى الثاني لا بدّ فيه من التعدّد. وحكم بعضهم ببطلان هذا البناء. من أراد فليراجع القوانين وغيرها.

وكذلك اقتداء العدلين فإنّ المعتبر في تزكية العدلين للإمام هو اعتقادهما بعدالته ، سواء استكشف من إخبارهما أو من اقتدائهما أو من غيرهما. هذا تمام الكلام في أصالة الصحّة.

٤١٨

المقام الثاني

في بيان تعارض الاستصحاب مع القرعة.

وتفصيل القول فيها يحتاج إلى بسط لا يسعه الوقت.

____________________________________

المقام الثاني : في بيان تعارض الاستصحاب مع القرعة.

كما إذا تداعيا زيد وعمرو في عين كانت في السابق ملكا لزيد وخرجت القرعة باسم عمرو ، وكما إذا شكّ في خلّية شيء وخمريّته مع سبق الخمريّة وتعيين الخلّية بالقرعة.

وتفصيل القول فيها يحتاج إلى بسط لا يسعه الوقت.

الكلام في القرعة يقع من جهات :

منها : هي مشروعيّتها.

ومنها : حكم تعارضها مع الاستصحاب وغيره من الاصول على تقدير كونها من الاصول.

ومنها : تشخيص موارد جريانها من حيث عمومها لكلّ مشكل أو اختصاصها بما هو المشتبه ، وكذا من حيث اختصاصها بالشبهة الموضوعيّة الصرفة أو عمومها للشبهة الحكميّة.

ومنها : كونها من الأمارات أو الاصول.

ومنها : إنّ أدلّة القرعة هل يعمل بعمومها مطلقا أو لا يعمل بها إلّا بعد جبر ضعفها بعمل الأصحاب؟

والعمدة من هذه الجهات هي الجهة الاولى والثانية ، وما اشير إليه في كلام المصنف هي الجهة الثانية والخامسة. هذا بيان جهات البحث في القرعة إجمالا.

وتفصيل الكلام فيها ، فنقول : أمّا أصل مشروعيّة القرعة فهو ممّا لا خلاف فيه بين المسلمين ، بل إجماعهم عليه بحيث لا يرتاب فيه ذو مسكة ، ويكفي في القطع بتحقّق الإجماع ملاحظة الإجماعات المتواترة المنقولة في ذلك من زمان الشيخين إلى زماننا هذا ، كما هو واضح لمن راجع كلماتهم ، بل يمكن دعوى الضرورة الفقهائيّة عليه ، كما في بحر الفوائد ، ثمّ قال : ويدلّ عليه قبل الإجماع الكتاب والسنّة.

٤١٩

ومجمل القول فيها : إنّ ظاهر أخبارها أعمّ من جميع أدلّة الاستصحاب ، فلا بدّ من تخصيصها بها ، فتختصّ القرعة بموارد لا يجري فيها الاستصحاب.

____________________________________

أمّا الكتاب ، فقد قال الله تعالى في بيان أحوال يونس النبي عليه‌السلام (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ)(١) أي : فقارع فصار من المغلوبين بالقرعة ، يعني فقارع يونس عليه‌السلام أهل السفينة فصار من المغلوبين كما في الرواية ، حيث روي : أنّ يونس عليه‌السلام لمّا وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل أن يأمره الله ، فركب السفينة فقالوا هنا عبد آبق من مولاه فأقرعوا فخرجت القرعة على يونس ، فرموه أو رمى بنفسه في الماء فالتقمه الحوت (٢).

وقد ورد في بعض الأخبار احتجاج الإمام الصادق عليه‌السلام بالآية على مشروعيّة القرعة (٣).

وأمّا السنّة ، فقد بلغت حدّ التواتر :

منها : ما رواه الصدوق في الفقيه والشيخ في التهذيب عن محمد بن حكم قال :

سألت أبا الحسن موسى عليه‌السلام عن القرعة في أيّ شيء ، فقال : كلّ مجهول ففيه القرعة (٤).

ومنها : مرسلة الفقيه عن الصادق عليه‌السلام فقال : ما تقارع قوم ففوّضوا أمرهم إلى الله تعالى إلّا ما خرج سهم الحقّ وقال : أي فقيه أعدل من القرعة إذا فوّض أمره إلى الله تعالى أليس الله تعالى يقول : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ)(٥)(٦).

ونكتفي بهذا المقدار رعاية للاختصار وإلّا فالروايات في هذا الباب كثيرة.

وأمّا حكم تعارض القرعة مع سائر الاصول ، فقد أشار إليه بقوله :

ومجمل القول فيها : إنّ ظاهر أخبارها أعمّ من جميع أدلّة الاستصحاب ، فلا بدّ من تخصيصها بها ، فتختصّ القرعة بموارد لا يجري فيها الاستصحاب.

__________________

(١) الصافات : ١٤١.

(٢) تفسير العياشي ٢ : ١٤٤ / ٤٦. الوسائل ٢٧ : ٢٦٣ ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ، ب ١٣ ، ح ٢٢.

(٣) المحاسن ٢ : ٤٣٩ / ٢٥٤٤. الوسائل ٢٧ : ٢٦٢ ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ، ب ١٣ ، ح ١٧.

(٤) الفقيه ٣ : ٥٢ / ١٧٤. التهذيب ٦ : ٢٤٠ / ٥٩٣. الوسائل ٢٧ : ٢٦٠ ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ، ب ١٣ ، ح ١١.

(٥) الصافات : ١٤١.

(٦) الفقيه ٣ : ٥٢ / ١٧٥. الوسائل ٢٧ : ٢٦١ ، أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى ، ب ١٣ ، ح ١٣.

٤٢٠