دروس في الرسائل - ج ٥

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الرسائل - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: ياران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٥٣

مثلا : صحّة الإيجاب عبارة عن كونه بحيث لو تعقّبه قبول صحيح لحصل أثر العقد في مقابل فاسده الذي لا يكون كذلك ، كالإيجاب بالفارسي ، بناء على القول باعتبار العربيّة. فلو تجرّد الايجاب عن القبول لم يوجب ذلك فساد الإيجاب.

فإذا شكّ في تحقّق القبول من المشتري بعد العلم بصدور الإيجاب من البائع ، فلا تقضي أصالة الصحّة في الإيجاب بوجود القبول ، لأن القبول معتبر في العقد لا في الإيجاب.

وكذا لو شكّ في تحقّق القبض في الهبة أو في الصرف أو السلم ، بعد العلم بتحقّق الإيجاب والقبول ، لم يحكم بتحقّقه من حيث أصالة صحّة العقد.

وكذا لو شكّ في إجازة المالك لبيع الفضولي ، لم يصحّ إحرازها بأصالة الصحّة.

____________________________________

تترتّب على صحّة الجزء ، وجميع ما ذكرناه مذكور في المتن على نحو التفصيل من دون حاجة إلى التوضيح.

ثمّ وجه عدم جريان أصالة الصحّة في الجميع هو عدم شمول الأدلّة.

قال الاستاذ الاعتمادي ـ في ذيل قول المصنف قدس‌سره : لم يصحّ إحرازها بأصالة الصحّة ـ :

«توضيح المطلب : إنّ صحّة الفعل عبارة عن كونه بحيث يترتّب عليه الأثر المقصود منه ، والأثر المقصود من كلّ فعل إنّما هو بحسب وسعه ومرتبته ، فأثر الإيجاب ـ مثلا بحسب وسعه ومرتبته ـ هو حصول النقل والانتقال على تقدير تحقّق سائر ما يعتبر في المعاملة ، ويقال له الصحّة التأهليّة ، فصحّة الإيجاب كونه بحيث يترتّب عليه الأثر المذكور ، كوقوعه بلفظ كامل من شخص كامل بمعوض كامل ، فالأثر المطلوب من العقد لا يطلب من الإيجاب وحده.

وحينئذ فإذا تحقّق الإيجاب وشكّ في صحّته من جهة احتمال انتفاء شيء ممّا يعتبر فيه ، كالعربيّة يجري فيه أصالة الصحّة ، أي : يحكم بترتّب الأثر المطلوب منه ، وهو حصول النقل على تقدير تحقّق سائر ما يعتبر في المعاملة.

وأمّا إذا تحقّق الإيجاب وشكّ في صحّته من جهة تحقّق القبول ، لا تجري أصالة الصحّة لإثبات القبول كي يحكم بحصول النقل والانتقال ؛ لأن القبول ليس من الامور المعتبرة في الإيجاب ، بل في العقد وحصول النقل والانتقال ليس أثرا مقصودا من الإيجاب ، بل من العقد ، وكذا لا يمكن إثبات تحقّق القبول بأصالة صحّة العقد ، وذلك

٣٨١

وأولى بعدم الجريان ما لو كان العقد في نفسه لو خلّي وطبعه مبنيّا على الفساد ، بحيث يكون المصحّح طارئا عليه ، كما لو ادّعى بائع الوقف وجود المصحّح له ، وكذا الراهن أو المشتري من الفضولي إجازة المرتهن والمالك.

وممّا يتفرّع على ذلك أيضا أنّه لو اختلف المرتهن ـ الآذن في بيع الرهن ـ والراهن البائع

____________________________________

لعدم إحراز العقد حتى يحرز صحته بالأصل. انتهى» مع تصرّف منّا.

وأولى بعدم الجريان ما لو كان العقد في نفسه لو خلّي وطبعه مبنيّا على الفساد ... إلى آخره.

وجه الأولويّة أحد وجهين :

الأوّل : مرجوحيّة ظهور حال المسلم في الصحّة في هذا الفرض بالنسبة إلى غيره ممّا لا يكون العقد مبنيّا على الفساد.

الثاني : إنّ أصالة عدم المصحّح في غير هذا الفرض معارضة بأصالة عدم وجود المفسد بخلافها هنا.

ثمّ تفصيل الكلام في هذا المقام على ما في شرح الاستاذ الاعتمادي ، حيث قال :

«توضيح الكلام : إنّ العقد قد يكون بطبعه مبنيّا على الصحّة ، غاية الأمر أنّه يحتاج إلى المكمّل كبيع الصرف والسلم والهبة ، فإنّ هذه المعاملات لا تكمل إلّا بالقبض ، كبيع الفضولي للمالك فإنّه لا يكمل إلّا بإذن المالك ، كما أنّ الإيجاب لا يكمل إلّا بالقبول ، وقد يكون بطبعه مبنيّا على الفساد محتاجا إلى المصحّح ، كبيع الوقف فإنّه باطل إن لم يكن الوقف في معرض التلف مثلا.

فنقول : إذا شكّ في القسم الأوّل في الصحّة والفساد من جهة الشكّ في حصول المكمّل لا تقتضي أصالة الصحّة في العقد حصوله كما مرّ ، والحال أنّ أصالة عدم حصول المكمّل هنا معارض بأصالة عدم طروّ المفسد وهو عدم حصول المكمّل ، فإذا شكّ في القسم الثاني في الصحّة والفساد من جهة الشكّ في حصول المصحّح ، فأصالة صحّة العقد لا تقتضي حصوله بطريق أولى ؛ لأنّ أصالة عدم حصول المصحّح هنا لا تعارض بأصالة عدم طروّ المفسد ، لأنّ الفساد هنا لا يحتاج إلى طروّ المفسد ، كي ينفى بأصالة عدم طروّ المفسد ، بل الفساد حاصل بالطبع». انتهى مع تلخيص وتصرّف.

٣٨٢

له ـ بعد اتفاقهما على رجوع المرتهن عن إذنه في تقديم الرجوع على البيع فيفسد ، أو تأخّره فيصحّ ـ فلا يمكن أن يقال ، كما قيل من أنّ أصالة صحّة الإذن تقضي بوقوع البيع صحيحا ، ولا أنّ أصالة صحّة الرجوع تقضي بكون البيع فاسدا ، لأنّ الإذن والرجوع كلاهما قد فرض وقوعهما على الوجه الصحيح ، وهو صدوره عمّن له أهليّة ذلك والتسلّط عليه.

فمعنى ترتّب الأثر عليهما أنّه لو وقع فعل المأذون عقيب الإذن ترتّب عليه الأثر ، ولو وقع فعله بعد الرجوع كان فاسدا. أمّا لو لم يقع عقيب الأوّل فعل ، بل وقع في زمان ارتفاعه ، ففساد هذا الواقع لا يخلّ بصحّة الإذن ، وكذا لو فرض عدم وقوع الفعل عقيب الرجوع فانعقد صحيحا ، فليس هذا من جهة فساد الرجوع ، كما لا يخفى.

____________________________________

وممّا يتفرّع على ذلك أيضا.

أي : كما يتفرّع على الأمر المذكور عدم جواز التمسّك بأصالة صحّة الإيجاب لإثبات تحقّق القبول ، وعدم جواز التمسّك بأصالة صحّة العقد لإثبات حصول القبض أو الإجازة أو طروّ المصحّح ، كذلك يتفرع عليه أيضا أنّه لو اختلف المرتهن ـ الآذن في بيع الرهن ـ والراهن البائع له ـ بعد اتفاقهما على رجوع المرتهن عن إذنه في تقديم الرجوع على البيع فيفسد ، أو تأخّره فيصحّ ـ فلا يمكن أن يقال ، كما قيل.

أي : القائل صاحب الجواهر من أنّ أصالة صحّة الإذن تقضي بوقوع البيع صحيحا ، ولا أنّ أصالة صحّة الرجوع تقضي بكون البيع فاسدا ، لأنّ الإذن والرجوع كلاهما قد فرض وقوعهما على الوجه الصحيح ، وهو صدوره عمّن له أهليّة ذلك والتسلّط عليه ... إلى آخره.

والحاصل على ما في شرح الاعتمادي «أنّ صحّة الإذن عبارة عن صدوره من أهله باختياره ، بحيث لو انضمّ إليه سائر ما يعتبر في المعاملة من الإيجاب والقبول المعتبرين وعدم رجوع المرتهن عن الإذن قبل العقد حصل النقل ، والفرض القطع بصحّة الإذن بالمعنى المذكور.

فعدم حصول شيء آخر ممّا يعتبر في المعاملة الموجب لعدم حصول النقل لا يضر بصحّة الإذن ، وحينئذ فإذا شكّ في حصول الإيجاب أو القبول أو وقوعهما عقيب الإذن فلا معنى للتمسّك بأصالة صحّة الإذن لإثبات حصول سائر ما يعتبر في المعاملة ، وكذا صحّة

٣٨٣

نعم ، بقاء الإذن إلى أن يقع البيع قد يقضي بصحّته ، وكذا أصالة عدم البيع قبل الرجوع ربّما يقال إنّها تقضي بفساده. لكنّهما لو تمّا لم يكونا من أصالة صحّة الإذن بناء على أنّ عدم وقوع البيع بعده يوجب لغويّته ، ولا من أصالة صحّة الرجوع اللتان تمسّك بهما بعض المعاصرين تبعا لبعض.

____________________________________

الرجوع عبارة عن صدوره من أهله باختياره ، بحيث لو انضمّ إليه سائر ما يعتبر في التأثير ، كوقوع المعاملة عقيبه حصل الفساد ، والفرض القطع بصحّته بهذا المعنى.

فعدم وقوع المعاملة عقيبه الموجب لعدم الفساد لا يضر بصحّة الرجوع بالمعنى المذكور ، وحينئذ فإذا شكّ في حصول العقد قبله أو بعده لا معنى للتمسّك بأصالة صحّة الرجوع لإثبات وقوع العقد بعده ، ولا يخفى أنّه ليس في كلام صاحب الجواهر أثر من أصالة صحّة الإذن ولا وجه لتوهّمها أصلا ، لأنّه وقع مقطوع الصحّة.

نعم ، لتوهّمها مجال بالنسبة إلى الرجوع ، والموجود في كلامه هو أصالة صحّة البيع وأصالة صحّة الرجوع ، واستصحاب الإذن وأصالة عدم وقوع البيع قبل الرجوع». انتهى.

نعم ، بقاء الإذن إلى أن يقع البيع قد يقضي بصحّته ، وكذا أصالة عدم البيع قبل الرجوع ربّما يقال إنّها تقضي بفساده ، لكنّهما لو تمّا لم يكونا من أصالة صحّة الإذن بناء على أنّ عدم وقوع البيع بعده يوجب لغويّته أي : الإذن ، ولا من أصالة صحّة الرجوع اللتان تمسّك بهما بعض المعاصرين ، أعني : صاحب الجواهر.

وحاصل الكلام على ما في شرح الاعتمادي أنّ صاحب الجواهر توهّم أنّ صحّة الإذن عبارة عن وقوع البيع بعده وصحّة الرجوع عبارة عن تأخّر البيع عنه ، ومنشأ توهّمه هو أنّه لو لم يقع البيع بعد الإذن ، لكان الإذن لغوا ، كما أنّه لو لم يتأخّر عن الرجوع كان الرجوع لغوا ، كما أشار إلى ذلك بقوله :

بناء على أنّ عدم وقوع البيع بعده يوجب لغويّته.

حيث يكون مفاده كون استصحاب الإذن في قوّة أصالة صحّة الإذن الموجبة لوقوع البيع بعده ، لئلّا يكون الإذن لغوا.

وبعبارة اخرى استصحاب الإذن يكون مستلزما لوقوع البيع بعده ، لئلّا يكون الإذن لغوا.

٣٨٤

والحقّ في المسألة ما هو المشهور من الحكم بفساد البيع وعدم جريان أصالة الصحّة في المقام ، لا في البيع ، كما استظهره الكركي ، ولا في الإذن ، ولا في الرجوع.

أمّا في البيع ، فلأن الشكّ إنّما وقع في رضاء من له الحقّ وهو المرتهن ، وقد تقدّم أنّ صحّة الإيجاب والقبول لا يقضي بتحقّق الرضا ممّن يعتبر رضاه ، سواء كان مالكا كما في البيع الفضولي ، أم كان له حقّ في المبيع كالمرتهن.

وأمّا في الإذن ، فلما عرفت من أنّ صحّته تقضي بصحّة البيع إذا فرض وقوعه عقيبه لا بوقوعه عقيبه ، كما أنّ صحّة الرجوع تقضي بفساد ما يفرض وقوعه بعده ، لا أنّ البيع وقع

____________________________________

فيرد عليه أنّ استصحاب الإذن حينئذ أصل مثبت ، فلا يتمّ إلّا على القول بالأصل المثبت ، وأمّا أصالة عدم وقوع البيع قبل الرجوع فمضافا إلى أنّه مثبت معارض بأصالة عدم الرجوع قبل البيع.

وكيف كان ، فأصالة صحّة الرجوع لا تثبت كون البيع واقعا بعده ، كما أنّ أصالة صحّة الإذن لا توجب كون البيع واقعا بعده.

والحقّ في المسألة ما هو المشهور من الحكم بفساد البيع وعدم جريان أصالة الصحّة في المقام ، لا في البيع ، كما استظهره الكركي ، حيث قال بجريان أصالة الصحّة في البيع.

ولا في الإذن ، ولا في الرجوع.

أمّا الحكم بفساد البيع ، فلأحد وجهين :

الأول : هو استصحاب بقاء الرهن المستلزم لفساد البيع.

الثاني : هو تقديم قول المرتهن المدّعي للفساد مع اليمين لكونه منكرا ، لمطابقة قوله لاستصحاب بقاء الرهن.

وأمّا عدم جريان أصالة الصحّة في البيع ، فقد أشار إليه بقوله :

فلأن الشكّ إنّما وقع في رضاء من له الحقّ وهو المرتهن ، وقد تقدّم أنّ صحّة الإيجاب والقبول لا يقضي بتحقّق الرضا.

لما عرفت غير مرّة من أنّ صحّة الإيجاب والقبول عبارة عن كونهما بحيث لو انضمّ إليهما رضا المرتهن مثلا يترتّب عليهما الأثر ، فلا تقتضي تحقّق الرضا.

وأمّا عدم جريان أصالة الصحّة في الإذن ، فقد أشار إليه بقوله :

٣٨٥

بعده. والمسألة بعد محتاجة إلى التأمّل بعد التتبّع في كلمات الأصحاب.

الرابع : إنّ مقتضى الأصل ترتيب الشاكّ جميع ما هو من آثار الفعل الصحيح عنده ،

____________________________________

فلما عرفت من أنّ صحّته تقضي بصحّة البيع إذا فرض وقوعه عقيبه ، فلا تقضي بوقوعه بعده.

أمّا عدم جريان أصالة الصحّة في الرجوع ، فلما عرفت غير مرّة وأشار إليه بقوله :

كما أنّ صحّة الرجوع تقضي بفساد ما يفرض وقوعه بعده ، فلا تقضي بوقوع البيع بعده. هذا تمام الكلام في الأمر الثالث.

الرابع : والغرض من هذا الأمر الرابع هو إثبات أنّ مقتضى أصالة الصحّة ترتيب الشاكّ جميع ما هو من آثار الفعل الصحيح عنده على الفعل الصادر من غيره بعد حمله فعله على الصحّة ، كما أشار إليه بقوله :

إنّ مقتضى الأصل ترتيب الشاكّ جميع ما هو من آثار الفعل الصحيح عنده.

وقبل الدخول في البحث ينبغي تحرير ما هو محلّ الكلام في المقام ، فنقول : إنّ الفعل الصادر من المسلم على قسمين :

الأوّل : ما لا يتّصف بالصحيح والفاسد ، كالغسل من حيث هو هو ما لم يقصد به عنوان التطهير ، كما أشار إليه بقوله : فإنّ الغسل من حيث هو ليس فيه صحيح وفاسد.

والثاني : ما يتّصف بالصحيح والفاسد ، كالغسل بعنوان التطهير وغيره.

ثمّ القسم الأوّل خارج عن محلّ الكلام ؛ وذلك فإنّ الفعل المشكوك لا بدّ أن يكون مردّدا بين الصحيح والفاسد ، كي يحمل على الصحّة بأصالة الصحّة. هذا تمام الكلام في تحرير محلّ الكلام.

وقد اورد على المصنف قدس‌سره بأنّ الصحيح ما يترتّب عليه أثره الشرعي ، فالغسل ممّا يتصف بالصحيح والفاسد ، لأنّ الغسل «بالفتح» إن وقع على الوجه المعتبر شرعا ترتّب عليه أثره سواء كان الإتيان به بعنوان التطهير أم لا. فلا وجه ـ حينئذ ـ بإخراجه عن محلّ النزاع.

وكيف كان ، فينبغي ذكر ما يتصوّر للقسم الثاني من الصور إجمالا قبل مجيئها في المتن تفصيلا ، فنقول : إنّ القسم الثاني ـ أعني : ما يتّصف بالصحيح والفاسد من الفعل المشكوك

٣٨٦

____________________________________

من حيث الصحّة والفساد ـ على قسمين :

أحدهما : ما يترتّب على صحيحه هو إسقاط التكليف عن غير الفاعل.

وثانيهما : ما يترتّب على صحيحه أثر آخر.

وعلى كلا التقديرين ما يترتّب على الصحيح من الحكم الشرعي.

تارة : يترتب على ما كان صحيحا ولو عند الفاعل ، كالصلاة على الميّت المسقطة للتكليف عن غير المصلّي ، حيث تكون صحّتها عند المصلّي كافية في إسقاط التكليف عن غيره ، وإن كان اعتقاده في الصحّة مخالفا لاعتقاد غيره ، كما قيل.

واخرى : يترتّب على ما كان صحيحا في الواقع ، كصلاة الإمام بالنسبة إلى المأموم على قول.

ولا إشكال في جريان أصالة الصحّة وترتّب جميع ما هو من آثار الفعل الصحيح في القسم الأوّل ، أعني : ما يكون الحكم الشرعي مترتّبا على الصحّة ولو عند الفاعل.

وإنّما الإشكال في القسم الثاني ، أعني : ما يكون الحكم الشرعي مترتّبا على الصحيح الواقعي.

ثمّ ترتّب إسقاط التكليف عن الغير بحمل فعل الفاعل على الصحّة على أنحاء :

منها : كون الفاعل نائبا عن ذلك الغير ، كالحجّ عن العاجز وكالصلاة عن الميّت بالنسبة إليه.

ومنها : أن يكون الفاعل آلة ، كإعانة العاجز في وضوئه.

ومنها : أن يكون الفاعل فاعلا بالتسبيب من الغير ، كالصلاة عن الميّت من جهة استيجار الولي.

ثمّ الفرق بين كونه آلة وبين كونه فاعلا بالتسبيب : إنّ التسبيب عبارة عن تنزيل الفاعل نفسه منزلة المنوب عنه ، فكأنّه نفسه ، والآلة عبارة عن جعل نفسه آلة للمنوب عنه ، لا أنّه نفسه.

وكيف كان ، هذا تمام الكلام في بيان المحتملات والأقسام على نحو الإجمال ، وتركنا النقض والإبرام فيها رعاية للاختصار ، فنبدأ في توضيح ما يحتاج إليه طبقا لما في شرح

٣٨٧

فلو صلّى شخص على ميّت ، سقط عنه ، ولو غسل ثوبا بعنوان التطهير حكم بطهارته. وإن شكّ في شروط الغسل من إطلاق الماء ووروده على النجاسة ، لا إن علم بمجرّد غسله ، فإنّ الغسل من حيث هو ليس فيه صحيح وفاسد.

____________________________________

الاستاذ الاعتمادي.

إنّ مقتضى الأصل بعد إحراز عنوان العمل والشكّ في صحّته وفساده ترتيب الشاكّ جميع ما هو من آثار الفعل الصحيح عنده في صورة تطابق الاعتقادين ، بل مطلقا على ما مرّ تفصيله في الموضع الأوّل.

فإذا حجّ زيد نيابة عن عمرو العاجز عن الحجّ وأحرز العنوان ، أي : علم أنّه قصد الحجّ والنيابة وشكّ في صحّة حجّه ، فمقتضى الأصل ترتيب جميع الآثار حتى سقوط التكليف عن عمرو ، فإنّه أثر وقوع الفعل عنه صحيحا ، كما أنّ استحقاق زيد للاجرة أثر صدور الفعل عنه صحيحا.

فلو صلّى شخص على ميّت بعنوان الصلاة عليه سقط عنه ، أي : سقط التكليف عن الشاكّ بعد حمله فعل المصلّي على الصحّة.

ولو غسل ثوبا بعنوان التطهير حكم بطهارته ، بأن يترتّب عليه آثار الطهارة.

وإن شكّ في شروط الغسل من إطلاق الماء ووروده على النجاسة إذا غسل بالقليل ، لا إن علم بصورة الصلاة من دون إحراز العنوان في مثال الصلاة على الميّت ، أو علم بمجرّد غسله من دون إحراز أنّه للتطهير أو التنظيف ، أو التبليل في مثال غسل الثوب.

فإنّ الغسل من حيث هو ، أي : من دون العنوان ليس فيه صحيح وفاسد.

وبالجملة ، الفعل المشكوك الصحّة والفساد الذي يريد الشاكّ ترتيب الأثر عليه إن لم يكن من العناوين القصديّة كالدفن ، فإنّ تحقّقه في الخارج لا يتوقّف على قصده ، تجري فيه أصالة الصحّة وترتّب آثارها من دون توقّف على إحراز العنوان بمعنى أنّه محرز أبدا.

وإن كان من العناوين القصديّة ، كالتطهير والصلاة على الميّت ، والحجّ عن العاجز ، فما لم يحرز العنوان لا معنى لأصالة الصحّة ، وبعد إحرازه تترتّب جميع الآثار وهو المقصود بالبحث.

ففي مثال الحجّ يحكم باستحقاق الاجرة ؛ لأنّه أثر صدور الفعل عنه صحيحا ويحكم

٣٨٨

ولذا لو شوهد من يأتي بصورة عمل من صلاة أو طهارة أو نسك حجّ ولم يعلم قصده تحقّق هذه العبادات لم يحمل على ذلك.

نعم ، لو أخبر بأنّه كان بعنوان تحقّقه ، أمكن قبول قوله من حيث إنّه مخبر عادل أو من حيثيّة اخرى ، وقد يشكل الفرق بين ما ذكر من الاكتفاء بصلاة الغير على الميّت بحمله على الصحيح ، وبين الصلاة عن الميّت تبرّعا أو بالإجارة ، فإنّ المشهور عدم الاكتفاء بها ، إلّا أن يكون عادلا.

ولو فرّق بينهما بأنّا لا نعلم وقوع الصلاة من النائب في مقام إبراء الذمّة وإتيان الصلاة

____________________________________

بسقوط التكليف عن عمرو ، لأنّه أثر وقوع الفعل عنه صحيحا.

ولذا ، أي : ولأجل أنّ أصالة الصحّة إنّما تجري بعد إحراز العنوان في العناوين القصديّة لو شوهد من يأتي بصورة عمل من صلاة أو طهارة أو نسك حجّ ولم يعلم قصده تحقّق هذه العبادات لم يحمل على ذلك ، أي : لا تقضي أصالة الصحّة حمل العمل على قصد العنوان.

نعم ، لو أخبر بأنّه كان بعنوان تحقّقه ، أي : لو أخبر الفاعل عن قصد العنوان.

أمكن قبول قوله من حيث إنّه مخبر عادل أو من حيثيّة اخرى ، ككونه ثقة أو ذي اليد ، أو كون القصد ممّا لا يعلم إلّا من قبله.

وقد يشكل الفرق بين ما ذكر من الاكتفاء بصلاة الغير على الميّت بحمله على الصحيح ، وبين الصلاة قضاء عن الميّت تبرّعا أو بالإجارة ، فإنّ المشهور عدم الاكتفاء بها ، إلّا أن يكون عادلا.

وحاصل الإشكال على المشهور ـ حيث فرّقوا بين الصلاة على الميّت وبين الصلاة عنه بحمل الأوّل على الصحيح عند الشكّ دون الثاني ـ هو عدم الفرق بين موارد النيابة وغيرها ؛ لأنّ مقتضى الأصل بعد إحراز العنوان ترتيب آثار الصحّة حتى سقوط التكليف عن غير الفاعل ، سواء كان منوبا عنه أو غيره ، فكما يسقط التكليف عن الشاكّ بأصالة صحّة صلاة من صلّى على الميّت ، كذلك يسقط التكليف عن الغير في موارد النيابة بعد حمل فعل النائب على الصحيح ، مع أنّ المشهور لم يكتفوا بصلاة النائب عن الميّت ، بل اعتبروا في النائب العدالة.

٣٨٩

على أنّها صلاة ، لاحتمال تركه لها بالمرّة أو إتيانه بمجرّد الصورة ، لا بعنوان أنّها صلاة عنه ، اختصّ الإشكال بما إذا علم من حاله كونه في مقام الصلاة وإبراء ذمّة الميّت ، إلّا أنّه يحتمل عدم مبالاته بما يخلّ بالصلاة ، كما يحتمل ذلك في الصلاة على الميّت ، إلّا أن يلتزم بالعمل على الصحّة في هذه الصورة.

ولهذا يجب عليه مراعاة الأجزاء والشروط المعتبرة في المباشر. ولهذا الاعتبار قد حكم بعضهم باشتراط العدالة في من يوضّئ العاجز عن الوضوء إذا لم يعلم العاجز ، لصدور

____________________________________

ولو فرّق بينهما بأنّا لا نعلم وقوع الصلاة من النائب في مقام إبراء الذمّة وإتيان الصلاة على أنّها صلاة ، لاحتمال تركه لها بالمرّة أو إتيانه بمجرّد الصورة ، لا بعنوان أنّها صلاة عنه ، اختصّ الإشكال بما إذا علم من حاله كونه في مقام الصلاة وإبراء ذمّة الميّت ، إلّا أنّه يحتمل عدم مبالاته بما يخلّ بالصلاة ، كما يحتمل ذلك في الصلاة على الميّت.

ملخّص توجيه الفرق بين الصلاة على الميّت ـ حيث اكتفى المشهور في سقوطها عن الشاكّ بأصالة الصحّة ، وبين الصلاة قضاء عن الميّت حيث لم يكتفوا في سقوطها عن الولي بأصالة الصحّة ، بل اعتبروا العدالة ـ هو أنّهم اكتفوا بها في الأوّل ، لفرضهم الكلام فيما إذا أحرز قصد العنوان وشكّ في الصحّة ، كما هو الغالب ، سيّما بملاحظة أنّ نفس المصلّي ـ أيضا ـ مكلّف بالواجب الكفائي.

ولم يكتفوا بها في الثاني لفرضهم الكلام فيما إذا لم يحرز قصد العنوان ، بل احتمل الترك رأسا أو الإتيان بالصورة أو بدون قصد النيابة ، وبديهي أنّ أصالة الصحّة لا تنفع لإحراز قصد العنوان ، فلا بدّ من اعتبار العدالة.

وملخّص اعتراضه رحمه‌الله على ذلك هو أنّهم اعتبروا العدالة في النائب من دون تقييد بصورة عدم إحراز قصد العنوان. وحينئذ فالتوجيه المذكور يدفع الإشكال بالنسبة إلى مورد عدم إحراز قصد العنوان ، فيختصّ الإشكال بصورة إحرازه ، إلّا أن يلتزموا فيها بكفاية أصالة الصحّة.

وبالجملة ، إن كان مراد المشهور اعتبار العدالة في صورة عدم إحراز قصد العنوان فقط ، فلا إشكال فيه ، وإن كان مرادهم اعتبارها مطلقا ، ففيه الإشكال المتقدّم ، كما في شرح الاعتمادي.

٣٩٠

الفعل عن الموضّئ صحيحا ، ولعلّه لعدم إحراز كونه في مقام إبراء ذمّة العاجز ، لا لمجرّد احتمال عدم مبالاته في الأجزاء والشرائط ، كما قد لا يبالي في وضوء نفسه.

ويمكن أن يقال ـ فيما إذا كان الفعل الصادر من المسلم على وجه النيابة عن الغير ، المكلّف بالعمل أوّلا وبالذات ، كالعاجز عن الحجّ ـ : إنّ لفعل النائب عنوانين :

أحدهما : من حيث إنّه فعل من أفعال النائب ، ولهذا يجب عليه مراعاة الأجزاء والشروط. وبهذا الاعتبار تترتّب عليه جميع آثار صدور الفعل الصحيح منه ، مثل استحقاق الاجرة وجواز استيجاره ثانيا ، بناء على اشتراط فراغ ذمّة الأجير في صحّة استيجاره ثانيا.

____________________________________

وقد حكم بعضهم باشتراط العدالة فيمن يوضّئ العاجز عن الوضوء إذا لم يعلم العاجز ، لصدور الفعل عن المتوضئ صحيحا.

وظاهر إطلاق الحكم باشتراط العدالة هو اعتبارها مطلقا وعدم كفاية أصالة الصحّة في سقوط التكليف حتى فيما إذا احرز العنوان وشكّ في مجرّد الصحّة والفساد.

ولعلّه لعدم إحراز كونه في مقام إبراء ذمّة العاجز ، لا لمجرّد احتمال عدم مبالاته في الأجزاء والشرائط ، كما قد لا يبالي في وضوء نفسه.

أي : يحتمل أن يكون مرادهم اعتبار العدالة فيما إذا لم يحرز منه قصد العنوان. وأمّا إذا احرز منه ذلك وشكّ في مجرّد الصحّة والفساد ، فيكفي فيه أصالة الصحّة ، كما إذا توضّأ لنفسه واحتمل عدم مبالاته بفساده وصحّته ، فإنّه تجري فيه أصالة الصحّة.

ويمكن توجيه كلام المشهور وتصحيح اعتبار العدالة في النائب حتى في صورة إحراز قصد العنوان وكون الشكّ في مجرّد الصحّة والفساد.

وهو أن يقال ـ فيما إذا كان الفعل الصادر عن المسلم على وجه النيابة عن الغير ، المكلّف بالعمل أوّلا وبالذات ، كالعاجز عن الحجّ ـ : إنّ لفعل النائب عنوانين وجهتين :

وهما جهة استناده إلى الفاعل ، وجهة استناده إلى غيره ، والذي تقتضيه أصالة الصحّة في فعل المسلم إنّما هو الحكم بصحّته من الجهة الاولى وترتيب آثار الفعل الصحيح عليه من هذه الجهة ـ كاستحقاق الاجرة ، وجواز استيجاره ثانيا بناء على اشتراط فراغ ذمّة الأجير في صحّة استيجاره ثانيا كما في المتن ـ لا الحكم بصحّته من الجهة الثانية ، كي

٣٩١

والثاني : من حيث إنّه فعل للمنوب عنه ، حيث إنّه بمنزلة الفاعل بالتسبيب أو الآلة.

____________________________________

يترتّب عليها براءة ذمّة الغير ، بل لا بدّ فيه من طريق شرعي آخر ، كعدالة الفاعل مثلا. هذا غاية ما يمكن أن يقال في توجيه كلام المشهور حيث اعتبروا العدالة في النائب.

ومن هنا يظهر وجه اشتراط جماعة العدالة في الموضّئ غيره.

قال المحقّق الآشتياني في المقام بعد كلام طويل ما هذا لفظه : «فالحقّ أنّ أصالة الصحّة في نفسها تقضي بعدم الفرق بين الأقسام والحكم بحصول براءة الذمّة ورفع التكليف في جميعها ، إلّا أنّ هنا شيئا يمكن أن يحكم بالنظر إليه بوجوب رفع اليد عن أصالة الصحّة في مواضع الإشكال من الأقسام المذكورة التي عرفتها.

وهو أنّ قضيّة آية النبأ (١) بمقتضى التعليل هو التبيّن في جميع ما يصدر من الفاسق والتثبّت فيه سواء كان قولا أو فعلا ، فلو كلّف الشخص بإيجاد فعل ولو تسبيبا ، ووجب عليه ذلك لم يجزه إيجاده ببدن الفاسق وفعله بجعله واسطة في رفع التكليف المتوجّه إليه ، لاحتمال عدم إتيانه بالفعل على الوجه المعتبر في الشرع ، والمفروض عدم ما يرفع هذا الاحتمال في الفاسق لعدم وجود الملكة الرادعة له ، بخلاف العادل فإنّ ما فيه من الملكة الرادعة تمنع من إقدامه بالمعصية. ومن هنا حكموا بعدم جواز جعله وصيّا وقيّما ووليّا في الأوقاف وغيرها». انتهى مورد الحاجة من كلامه قدس‌سره.

والمستفاد من كلامه قدس‌سره أنّ اعتبار العدالة في موارد النيابة وغيرها ليس له مدخليّة في جريان أصالة الصحّة ، بل هي تجري في كلّ فعل صادر عن المسلم عند الشكّ في إخلال ما يعتبر فيه ، إلّا أنّ إخبار الفاعل بإتيان العمل الصحيح إذا كان نائبا لا يقبل إذا لم يكن عادلا. وكيف كان ، فنرجع إلى توضيح بعض ما في المتن طبقا لما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

والثاني : من حيث إنّه فعل للمنوب عنه ، حيث إنّه بمنزلة الفاعل بالتسبيب أو الآلة.

وجه كون المنوب عنه بمنزلة الفاعل بالتسبيب هو أنّه سبب لفعل النائب ، كما في الحجّ عن العاجز ، وأمّا وجه كونه بمنزلة الفاعل بالآلة ، فلأجل جعله النائب آلة للفعل ، كما في التوضّؤ للعاجز.

__________________

(١) الحجرات : ٦.

٣٩٢

وكان الفعل بعد قصد النيابة والبدليّة قائما بالمنوب عنه. وبهذا الاعتبار يراعى فيه القصر والإتمام في الصلاة ، والتمتّع والقران في الحجّ ، والترتيب في الفوائت. والصحّة من الحيثيّة الاولى لا تثبت الصحّة من هذه الحيثيّة الثانية ، بل لا بدّ من إحراز صدور الفعل الصحيح عنه على وجه التسبيب.

وبعبارة اخرى : إن كان فعل الغير يسقط التكليف عنه ، من حيث إنّه فعل الغير ، كفت أصالة الصحّة في السقوط ، كما في الصلاة على الميّت. [وكما في فعل الوكيل والأجير الذي لا يعتبر فيه قصد النيابة].

____________________________________

وكان الفعل بعد قصد النيابة والبدليّة قائما بالمنوب عنه. وبهذا الاعتبار يراعى فيه القصر والإتمام في الصلاة ، والتمتّع والقران في الحجّ ، والترتيب في الفوائت.

وحاصل الكلام في هذا المقام أنّ أصالة الصحّة إنّما تجري في هذا الفعل من حيث إنّه فعل الفاعل ؛ لأنّه المتيقّن من أدلّة أصالة الصحّة لا من حيث إنّه فعل المنوب عنه.

والصحّة من الحيثيّة الاولى لا تثبت الصحّة من هذه الحيثيّة الثانية ، وإن قلنا باعتبار هذا الأصل من باب الأماريّة ، لاختصاص اعتبارها بالحيثيّة الاولى.

بل لا بدّ من اعتبار كون النائب عادلا ، ليوجب خبره إحراز صدور الفعل الصحيح عنه على وجه التسبيب.

وملخّص الكلام أنّ فعل النائب المحرز فيه قصد العنوان من حيث إنّه فعله يحمل على الصحّة ، وأمّا من حيث إنّه فعل للمنوب عنه لا يحمل على الصحّة ، وذلك لعدم الدليل.

وبعبارة اخرى : إن كان فعل الغير يسقط التكليف عنه ، أي : عن الآخر من حيث إنّه فعل الغير ، كفت أصالة الصحّة في السقوط ، كما في الصلاة على الميّت حيث إنّها بما أنّها فعل الغير توجب سقوط التكليف عن سائر المكلّفين ، فإذا شكّ في صحّتها من جهة إخلال المصلّي بما يعتبر فيها تجري أصالة الصحّة.

وإن كان إنّما يسقط التكليف عنه من حيث اعتبار كونه فعلا له ، أي : للحامل على الصحّة بأن يكون الفاعل مجرّد آلة ، كما في توضّؤ العاجز أو عمل بالتسبيب ، كما أشار إليه بقوله :

ولو على وجه التسبيب ، كما إذا كلّف بتحصيل فعل بنفسه مع التمكّن أو ببدل غيره

٣٩٣

وإن كان إنّما يسقط التكليف عنه من حيث اعتبار كونه فعلا له ولو على وجه التسبيب ـ كما إذا كلّف بتحصيل فعل بنفسه أو ببدل غيره ، كما في استنابة العاجز للحجّ ـ لم تنفع أصالة الصحّة في سقوطه ، بل يجب التفكيك بين أثري الفعل من الحيثيّتين ، فيحكم باستحقاق النائب الاجرة وعدم براءة ذمّة المنوب عنه من الفعل ، وكما في استيجار الولي للعمل عن الميّت.

[لكن يبقى الإشكال في استيجار الولي للعمل عن الميّت ، إذ لا يعتبر فيه قصد النيابة عن الولي ، وبراءة ذمّة الميّت من آثار صحّة فعل الغير من حيث هو فعله ، لا من حيث اعتباره فعلا للولي. فلا بدّ أن يكتفي فيه بإحراز إتيان صورة الفعل بقصد إبراء ذمّة الميّت ، ويحمل

____________________________________

مع عدم التمكّن ، كما في استنابة العاجز للحجّ.

فإنّ فعل النائب يسقط التكليف عن المنوب عنه لا بما هو فعله ، بل بما هو فعل للمنوب عنه.

لم تنفع أصالة الصحّة في سقوطه ، بل يجب التفكيك بين أثري الفعل من الحيثيّتين ، فيحكم باستحقاق النائب الاجرة وعدم براءة ذمّة المنوب عنه من الفعل إن لم يكن النائب عادلا.

ولكن يبقى الإشكال في استيجار الولي للعمل عن الميّت ، إذ لا يعتبر فيه قصد النيابة عن الولي ، وبراءة ذمّة الميّت من آثار صحّة فعل الغير من حيث هو فعله ، لا من حيث اعتباره فعلا للولي.

وحاصل الإشكال في مثال استيجار الولي للعمل عن الميّت على ما في شرح الاعتمادي ، هو أنّ التوجيه المذكور ـ أعني : اعتبار الحيثيّتين ـ لا يتأتى في فعل النائب عن الميّت ، إذ لا يلزم فيه اعتبار كونه فعلا للميّت أو للمستأجر ؛ أعني : الولي أو الوصي.

أمّا الأوّل ؛ فلأن براءة ذمّة الميّت تحصل بمجرّد قصد إتيان ما عليه ، نظير التّبرع بأداء دين الغير ، فلا حاجة إلى قصد تنزيل نفسه منزلة الميّت أو تنزيل فعله منزلة فعله.

وأمّا الثاني ؛ فلأنّ المقصود إبراء ذمّة الميّت ، فلا وجه لاعتبار قصد النيابة عن الولي ، كما لا معنى له في الوصي.

فلا بدّ أن يكتفي فيه بإحراز إتيان صورة الفعل بقصد إبراء ذمّة الميّت ، ويحمل على

٣٩٤

على الصحيح من حيث الاحتمالات الأخر].

ولا بدّ من التأمّل في هذا المقام ـ أيضا ـ بعد التتبّع التامّ في كلمات الأعلام.

الخامس : إنّ الثابت من القاعدة المذكورة الحكم بوقوع الفعل بحيث تترتّب عليه الآثار الشرعيّة المترتّبة على العمل الصحيح ، أمّا ما يلازم الصحّة من الامور الخارجة عن حقيقة الصحيح فلا دليل على ترتّبها عليه.

____________________________________

الصحيح من حيث الاحتمالات الأخر ، كاحتمال عدم المبالاة بالأجزاء والشرائط ، نظير ما مرّ في الصلاة على الميت. هذا تمام الكلام في الأمر الرابع.

الخامس : والغرض من البحث في هذا الأمر الخامس هو أنّ الثابت بقاعدة أصالة الصحّة خصوص الآثار الشرعيّة المترتّبة على العمل الصحيح بلا واسطة أصلا ، دون ما يلازمه الصحّة من الامور الخارجة عنها.

وبعبارة واضحة أنّ اللوازم العاديّة أو العقليّة لا تثبت بأصالة الصحّة ، حتى على القول بكونها من الأمارات ، بأن يكون اعتبارها من باب الظنّ النوعي ، فضلا عن كونها من الاصول ، بأن يكون اعتبارها من باب التعبّد.

أمّا عدم إثبات غير الأحكام الشرعيّة بها على القول باعتبارها من باب التعبّد فظاهر ، لأنّها تكون ـ حينئذ ـ من الاصول المثبتة ، وعدم اعتبار الأصل المثبت عند المصنف قدس‌سره لا يختص بالاستصحاب.

وأمّا على القول باعتبارها من باب الظنّ النوعي وهو ظهور حال المسلم ، فلعدم دليل على اعتبار هذا الظهور إلّا من حيث كشفه عن صدور الفعل الصحيح عنه من حيث هو ، وأمّا كشفه عن لوازمه غير الشرعيّة ، فليس ممّا قام الدليل على اعتباره.

وما يقال : ـ من أنّه إذا كان الشيء معتبرا من باب الظنّ والطريقيّة لا يفرّق في وجوب ترتّب الآثار الشرعيّة عليه بين ما يترتّب على مورده بلا واسطة أو مع الواسطة ـ مدفوع ، بأنّه إنّما هو فيما قام الدليل على اعتبار هذا الشيء بلسان كشفه ولحاظ طريقيّته المطلقة ، لا فيما إذا قام على اعتبار كشفه ببعض الاعتبارات ، فإنّ الأصل في الظنّ عدم الاعتبار.

فإذا قام الدليل من الإجماع والسيرة على اعتبار ظهور حال المسلم والأخذ به في صدور الفعل الصحيح عنه بالنسبة إلى ما يترتّب شرعا على الفعل الصحيح الصادر من

٣٩٥

فلو شكّ في أنّ الشراء الصادر من الغير كان بما لا يملك ، كالخمر والخنزير ، أو بعين من أعيان ماله ، فلا يحكم بخروج تلك العين من تركته ، بل يحكم بصحّة الشراء وعدم انتقال شيء من تركته إلى البائع لأصالة عدمه.

____________________________________

المسلم فلا معنى للتعدّي عنه إلى الحكم بوجوب ترتّب غيره ممّا يترتّب على لوازمه ومقارناته.

ومن هنا ظهر وجه تصريح بعض الأصحاب كالعلّامة رحمه‌الله وغيره بعدم اعتبار أصالة الصحّة بالنسبة إلى غير الآثار الشرعيّة المترتّبة على الفعل الصحيح بلا واسطة ، مع ذهابهم إلى اعتبار أصالة الصحّة من حيث ظهور حال المسلم.

فالمتحصّل من الجميع هو عدم إثبات اللوازم غير الشرعيّة بأصالة الصحّة.

وحينئذ فلو شكّ في أنّ الشراء الصادر من الغير كان بما لا يملك ، كالخمر والخنزير ، أو بعين من أعيان ماله ، فلا يحكم بخروج تلك العين من تركته ، بل يحكم بصحّة الشراء وعدم انتقال شيء من تركته إلى البائع لأصالة عدمه.

نعم ، لا يجوز للوارث التصرّف في المبيع ومجموع تركته ، لعلمه إجمالا بعدم كون المجموع ملكا للمورّث ، فلا بدّ من الصلح أو إقامة البيّنة على العين المملوك. مثلا : إذا شكّ في أنّ الثمن هو الخمر ليفسد البيع أو شيء من هذه الأعيان المملوكة يحكم بالصحّة.

ولا يثبت بذلك خروج شيء من هذه الأعيان عن ملك المشتري ، لأنّ صحّة البيع تتوقّف على كون الثمن ممّا يملك ، ولا تتوقّف على كونه شيئا من الأعيان فهو قيد زائد وإن كان بينهما ملازمة اتّفاقية.

إذ المفروض هو القطع بعدم كون الثمن دينا في الذمّة ، بل هو إمّا شيء ممّا لا يملك أو شيء من هذه الأعيان ، إلّا أنّ الأصل استصحابا كان أو غيره كأصالة الصحّة لا يثبت غير اللوازم الشرعيّة.

وكذا لو قلنا باعتبار أصالة الصحّة من باب الأماريّة ، إذ لم يقم دليل على اعتباره بلحاظ طريقيّته المطلقة ، بل قام الإجماع والسيرة على الأخذ بظهور حال المسلم في صحّة عمله بالنسبة إلى اللوازم الشرعيّة فقط ، كما عرفت. هذا تمام الكلام في شرح المثال الأوّل ، على

٣٩٦

وهذا نظير ما ذكرنا سابقا ، من أنّه لو شكّ في صلاة العصر أنّه صلّى الظهر أم لا ، يحكم بفعل الظهر من حيث كونه شرطا لصلاة العصر ، لا فعل الظهر من حيث هو ، حتى لا يجب إتيانه ثانيا ، إلّا أن يجري قاعدة الشكّ في الشيء بعد التجاوز عنه.

قال العلّامة في القواعد ، في آخر كتاب الإجارة : «لو قال : آجرتك كلّ شهر بدرهم ، فقال : بل سنة بدينار ، ففي تقديم قول المستأجر نظر.

____________________________________

ما في شرح الاعتمادي. وقد قلنا غير مرّة إنّا قد اكتفينا في توضيح العبارات بما في شرح الاستاذ الاعتمادي لكونه أجود الشروح لهذا الغرض.

وهذا ، أي : الحكم بشيء وعدم الحكم بلازمه في باب أصالة الصحّة نظير ما ذكرنا في باب قاعدة التجاوز ، من أنّه لو شكّ في صلاة العصر أنّه صلّى الظهر أم لا أنّه يحكم بفعل الظهر من حيث كونه شرطا لصلاة العصر.

ولا يحكم بلازمه ، أعني : فعل الظهر ، كما أشار إليه بقوله :

لا فعل الظهر من حيث هو واجب نفسي ، حتى لا يجب إتيانه ثانيا ، إلّا أن يجري قاعدة الشكّ في الشيء بعد التجاوز عنه.

ملخّص الكلام أنّه يحتمل في هذا المثال عدم وجوب إتيان الظهر ، لا من باب اعتبار الأصل المثبت ، بل من باب إجراء قاعدة التجاوز في كلتا الجهتين ، أي : من جهة كون تقدّم الظهر شرطا لصحّة العصر ومن حيث كونها واجبة في نفسها.

قال العلّامة في القواعد ، في آخر كتاب الإجارة.

والمقصود من نقل كلام العلّامة هو الاستشهاد به على أنّ الثابت بقاعدة أصالة الصحّة هو القيود التي لها مدخليّة في ترتّب الصحّة دون غيرها.

وحاصل ما نقله عن العلّامة ـ فيما إذا اختلف المؤجر والمستأجر ـ هو أنّ المؤجر يدّعي فساد الإجارة لعدم تعيين المدة ، حيث يقول : آجرتك كلّ شهر بدرهم ، فالمعاملة فاسدة إمّا رأسا كما هو المشهور ، أو في غير الشهر الأوّل كما عليه العلّامة والشهيد.

والمستأجر يدّعي صحّة المعاملة ، حيث يقول : بل سنة بدينار ، فالمعاملة صحيحة لتعيين المدة.

قال العلّامة : ففي تقديم قول المستأجر نظر.

٣٩٧

فإن قدّمنا قول المالك فالأقوى صحّة العقد في الشهر الأوّل. وكذا الإشكال في تقديم قول المستأجر لو ادّعى اجرة مدّة معلومة أو عوضا معيّنا. وأنكر المالك التعيين فيهما.

____________________________________

وقد استشهد المصنف قدس‌سره بقول العلّامة ، أعني : «ففي تقديم قول المستأجر نظر» ، على أنّ اللوازم غير الشرعيّة لا تثبت بأصالة الصحّة ، فلا بدّ حينئذ من بيان وجه النظر في كلام العلّامة ، كي يتّضح محل استشهاد المصنف قدس‌سره.

أمّا وجه النظر ، فهو أنّ أصالة الصحّة في المسألة المذكورة معارضة بأصالة عدم الإجارة سنة فتتساقطان ، فيرجع إلى أصالة الفساد ، ومن هنا يعلم عدم إثبات اللّازم العقلي بأصالة الصحّة ، إذ لو كانت أصالة الصحّة مفيدة لإثبات اللّازم العقلي الاتفاقي ، أعني : إجارة سنة بدينار ، لم يكن وجه لجريان أصالة عدم الإجارة سنة ، كي تعارض بأصالة الصحّة.

فيكون ما ذكره العلّامة من النظر في تقديم قول المستأجر شاهدا لما اختاره المصنف قدس‌سره من عدم إثبات اللوازم غير الشرعيّة بأصالة الصحّة.

ثمّ قال العلّامة : فإن قدّمنا قول المالك لكونه موافقا لأصالة الفساد بعد تساقط أصالتي الصحّة وعدم إجارة السنة ، فالأقوى صحّة العقد في الشهر الأول ، لأنّه المتّفق عليه بينهما.

وكذا الإشكال في تقديم قول المستأجر لو ادّعى اجرة مدّة معلومة.

أي : مثل الإشكال المتقدّم ـ في تقديم قول المستأجر لو اختلفا في المدّة والاجرة ـ آت فيما إذا اختلفا في تعيين المدّة أو الاجرة ، بأن ادّعى المستأجر اجرة معلومة كدينار مثلا ، أو عوضا معيّنا كثوب مخصوص مثلا ، وأنكر المؤجر التعيين في الاجرة أو في العوض ، بحيث لزم الغرر والجهالة.

وبعبارة اخرى أنّ المستأجر يدّعي تعيين المدّة مع اتفاقهما على الاجرة ، بأن قال : استأجرت الدار شهرا ، أو يدّعي تعيين العوض مع اتفاقهما على المدة ، بأن قال : استأجرت الدار بالدينار.

وأنكر المالك التعيين فيهما.

وجه الإشكال أنّه إذا ادّعى تعيين الشهر فهو مدّع لتعين الاجرة ، إلّا أنّ أصالة الصحّة تقتضي الصحّة من الجهة الاولى ولا تثبت الصحّة من الجهة الثانية ، فالأصل هو العدم.

٣٩٨

والأقوى التقديم فيما لم يتضمّن دعوى». انتهى.

____________________________________

وكذا في تعيين العوض المعيّن ، فالمستفاد من هذا الإشكال هو عدم إثبات اللّازم العقلي الاتفاقي بأصالة الصحّة.

ثمّ قال : والأقوى التقديم فيما لم يتضمّن دعوى. انتهى.

وحاصل الكلام في المقام على ما في شرح الاعتمادي ، هو أنّه إذا كان مدّعي الصحّة مدّعيا لأمر زائد على الصحّة ، كما في مثال دعوى استئجار السنة بالدينار ، فلا يقدّم قوله ، لأصالة عدم ما يدّعيه من الزيادة ، والاصول لا تثبت غير اللوازم الشرعيّة.

وإن لم يكن مدّعيا لأمر زائد لازم لمدّعاه فيقدّم قوله ، كما إذا قال : استأجرت شهرا بدرهم ، وقال المالك : بل كلّ شهر بدرهم ، فإنّ استئجار شهر واحد بدرهم واحد مسلّم عندهما ، إلّا أنّ المستأجر يدّعيه بنحو التعيين الموجب للصحّة ، والمالك يدّعيه بنحو الجهالة الموجب للبطلان.

وكما إذا قال : آجرتك الدار شهرا ، وقال المستأجر : بل شهرا بدرهم ، وفرضنا أنّ الدرهم اجرة المثل. نعم ، لو كان العوض المعيّن أقلّ من اجرة المثل يكون دعوى التعيين متضمّنا لدعوى ، وهي قلّة الاجرة والأصل عدمها.

قال في الأوثق : ظاهر كلماتهم في المسألة اختلافهما في كون المبيع عبدا أو حرّا ، أو كونه خلّا أو خمرا ، يعطي خلاف ذلك ؛ لأن ظاهرهم الحكم بكون المبيع عبدا أو خلّا بمجرّد أصالة الصحّة.

والحال أنّ دعوى الصحّة هنا ـ أيضا ـ تتضمّن دعوى ؛ لأنّ الصحّة تتوقّف على كون المبيع ممّا يملك ، وأمّا كونه عبدا وخلّا ، فأمر زائد. ثمّ ذكر توجيها تركناه رعاية للاختصار ، بل نذكر ما في تقرير سيّدنا الاستاذ دام ظله ، حيث قال في مثال اختلاف المستأجر والمؤجر في المدّة والاجرة ما هذا لفظه :

«وتحقيق هذا البحث يقتضي التكلّم في مقامين :

المقام الأوّل : في صحّة الإجارة وفسادها فيما إذا قال المؤجر : آجرتك كلّ شهر بدرهم.

المقام الثاني : في حكم الاختلاف المذكور على القول بالصحّة وعلى القول بالفساد.

أمّا المقام الأوّل ، فالمشهور فيه فساد الإجارة لعدم تعيين المدّة وهو شرط في صحّة

٣٩٩

____________________________________

الإجارة ، وذهب بعضهم إلى صحّتها بالنسبة إلى الشهر الأوّل ، وفسادها بالنسبة إلى غيره ، وهو التحقيق.

أمّا الفساد بالنسبة إلى غير الشهر الأوّل ، فلعدم معلوميّة المدّة ، بل ربّما تكون غرريّة ، كما إذا اختلفت الاجرة في الشهور كما في المشاهد المشرّفة ، فإنّ إجارة الدار في أيّام الزيارة ليست متساوية مع غيرها.

وأمّا الصحّة بالنسبة إلى الشهر الأوّل ، فلأن عقد البيع والإجارة وأمثالهما وإن كان بحسب اللفظ واحدا ، إلّا أنّه بحسب اللّب ينحلّ إلى عقود متعدّدة بتعدّد المتعلّق ، فقوله : آجرتك الدار كلّ شهر بدرهم ، ينحلّ إلى إجارات متعدّدة بتعدّد الشهور ، فلا مانع من صحّة الإجارة بالنسبة إلى الشهر الأوّل ، لكون المدّة معلومة ، ولا يضرّ بها بطلان الإجارة بالنسبة إلى غيره.

ولذا ذكرنا أنّ بيع ما يملك وما لا يملك وبيع ما يملك وما لا يملك صحيح بالنسبة إلى ما يملك وما يملك.

والأوّل ، كما إذا باع منّا من الحنطة من ماله ، ومنّا من الحنطة من مال زيد بدرهمين ، وقال : بعتك منّين من الحنطة كلّ منّ بدرهم ، فلم يمضه زيد.

والثاني كما إذا باع شاة وخنزيرا ، وقال : بعتك الشاة والخنزير كلّ واحدة منهما بدرهم ، فالبيع من هذه الجهة نظير العام الاستغراقي ينحلّ إلى بيوع متعدّدة بحسب تعدّد أفراد المبيع ، بل ينحلّ بحسب أجزاء مبيع واحد على تقدير تساوي الأجزاء من حيث القيمة.

وأمّا المقام الثاني ، فعلى القول بالفساد يكون المؤجر مدّعيا للفساد والمستأجر مدّعيا للصحّة ، ولا وجه لتقديم قول المستأجر ، لعدم إحراز وقوع الإجارة على السنة ليحكم بصحّتها بمقتضى أصالة الصحّة ، وجريانها في الإجارة ، على إجمالها لا يثبت وقوعها على السنة ، وكون منفعة الدار للمستأجر فيها ، إلّا على القول بالأصل المثبت ، ولا نقول به ـ كما تقدّم ـ فيحكم بتقديم قول المؤجر وفساد الإجارة إلّا أن يثبت المستأجر صحّتها.

وأمّا على القول بصحّة الإجارة بالنسبة إلى الشهر الأوّل ، فيكون المؤجر أيضا مدّعيا للصحّة ، فيدخل في باب التداعي ، إذ المؤجر يدّعي فردا من الإجارة الصحيحة ،

٤٠٠