دروس في الرسائل - ج ٤

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الرسائل - ج ٤

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
المطبعة: ياران
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٨٣

وأمّا إذا لم يكن العدم مستندا إلى القضيّة العقليّة ، بل كان لعدم المقتضي

____________________________________

فإذا حكم العقل بوجود حكم نظرا إلى وجود مناطه الذي هو العلّة التامّة له ، فلا يجوز للشرع أن يحكم بوجود ذلك الحكم في هذا المورد من جهة اخرى وبمناط آخر ، وإلّا لزم ؛ إمّا خطأ العقل في إدراكه ، أو جواز اجتماع علّتين مستقلّتين على معلول واحد ، وكلاهما باطل.

أمّا بطلان الثاني فواضح لا يحتاج إلى البيان.

وأمّا بطلان الأوّل ، فلأنّ المفروض عدم خطئه ؛ فلا بدّ ـ حينئذ ـ من أن يكون المناط والموضوع في حكم العقل هو المناط والموضوع في حكم الشرع ، ولا يعقل أن يكون حكم الشرع مستندا إلى مناط وموضوع آخر غير ما هو المناط والموضوع في حكم العقل ، ولهذا تكون الأحكام الشرعيّة الوجوديّة الواردة في موارد الأحكام العقليّة دائما مستندة إلى الأحكام العقليّة ، بخلاف الأحكام الشرعيّة العدميّة فإنّها قد تكون مستندة إلى الأحكام العقليّة وقد لا تكون ، وحكمها حكم الأحكام العقليّة في عدم جريان الاستصحاب فيما إذا كانت مستندة إليها ، كما أشار المصنّف قدس‌سره بقوله :

(كعدم وجوب الصلاة مع السورة على ناسيها ، فإنّه لا يجوز استصحابه بعد الالتفات).

وعدم وجوب الصلاة مع السورة ممّا يحكم به العقل في حقّ الناسي حال النسيان ، ويحكم به الشرع ـ أيضا ـ بقاعدة الملازمة وهي : «كلّ ما حكم به العقل حكم به الشرع» ، إلّا أنّه لا يجوز استصحاب العدم المذكور بعد الالتفات ، وذلك لتبدّل الموضوع والعنوان ، لأنّ عدم وجوب الصلاة مع السورة كان بعنوان الناسي وقد ارتفع ـ وتبدّل بالذاكر.

(كما صدر من بعض) ، أي : صدر استصحاب العدم من بعض ، كالمحقّق القمّي قدس‌سره حيث (مال إلى الحكم بالإجزاء في هذه الصورة ، وأمثالها من موارد الأعذار العقليّة) كالنسيان والعجز ، والجهل عن قصور وغيرها ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي (الرافعة للتكليف مع قيام مقتضيه) حيث تكون في قراءة السورة مصلحة تقتضي وجوبها على المكلّف ، إلّا أنّه مرتفع عن ذوي الأعذار العقليّة ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

ونكتفي بتوضيح العبارة بما جاء فيه ، لما فيه من كفاية التوضيح حيث قال : (وأمّا إذا لم يكن العدم مستندا إلى القضيّة العقليّة) تمهيد مقدّمة لتوجيه استصحاب حال العقل

٣٢١

وإن كانت القضيّة العقليّة موجودة أيضا ، فلا بأس باستصحاب العدم المطلق بعد ارتفاع القضيّة العقليّة.

ومن هذا الباب استصحاب حال العقل المراد به في اصطلاحهم استصحاب البراءة والنفي ، فالمراد استصحاب الحال التي يحكم العقل على طبقها ، وهو عدم التكليف ، لا الحال المستندة إلى العقل ، حتى يقال : إنّ مقتضى ما تقدّم هو عدم جواز استصحاب عدم التكليف عند ارتفاع القضيّة العقليّة ، وهي قبح تكليف غير المميّز أو المعدوم.

____________________________________

المتداول في الألسنة.

وحاصل كلام المصنّف قدس‌سره هو جريان الاستصحاب في العدم إذا لم يكن مستندا إلى القضيّة العقليّة ، بأن كان العدم مستندا إلى عدم المقتضي ، وحكم العقل بالعدم في القضيّة العقليّة كان مستندا إلى وجود المانع ، كما أشار إليه بقوله : (فلا بأس باستصحاب العدم المطلق).

أي : من دون تقييده بكونه مستندا إلى عدم المقتضي أو وجود المانع بعد ارتفاع القضيّة العقليّة ، كاستصحاب عدم التكليف الثابت حال الصغر ، كحرمة شرب التتن بعد البلوغ إذا شكّ فيه مع ارتفاع القضيّة العقليّة بعد البلوغ ، لأنّ حكم العقل بعدم التكليف حال الصغر كان مستندا إلى وجود المانع ، أي : عدم التمييز ، وقد ارتفع بالتمييز ، وحكم الشرع كان مستندا إلى عدم المقتضي إلى زمن البلوغ ، فيجوز استصحاب العدم السابق لعدم كونه مستندا إلى حكم العقل.

(ومن هذا الباب) ، أي : من باب عدم استناد القضيّة الشرعيّة إلى العقليّة ، كما في شرح الاستاذ المتقدّم (استصحاب حال العقل المراد به في اصطلاحهم استصحاب البراءة والنفي ، فالمراد استصحاب الحال التي يحكم العقل على طبقها ، وهو عدم التكليف) حال الصغر(لا الحال المستندة إلى العقل) ، أي : لا استصحاب نفس حكم العقل بعدم التكليف من جهة وجود المانع.

(حتى يقال : إنّ مقتضى ما تقدّم) من عدم جريان الاستصحاب في حكم العقل ولا في حكم الشرع إذا كان مستندا إليه (هو عدم جواز استصحاب عدم التكليف عند ارتفاع القضيّة العقليّة ، وهي قبح تكليف غير المميّز أو المعدوم) ، بل المراد باستصحاب حال

٣٢٢

وممّا ذكرنا ظهر أنّه لا وجه للاعتراض على القوم في تخصيص استصحاب حال العقل باستصحاب النفي والبراءة ، بأنّ الثابت بالعقل قد يكون عدميّا وقد يكون وجوديّا ، فلا وجه للتخصيص.

وذلك لما عرفت من أنّ الحال المستند إلى العقل المنوط بالقضيّة العقليّة لا يجري فيه الاستصحاب وجوديّا كان أو عدميّا. وما ذكره من الأمثلة يظهر الحال فيها ممّا تقدّم.

____________________________________

العقل هو استصحاب العدم المطلق الذي يطابق حكم العقل.

(وممّا ذكرنا ظهر أنّه لا وجه للاعتراض على القوم في تخصيص استصحاب حال العقل باستصحاب النفي والبراءة).

أي : ممّا ذكرنا من عدم جريان الاستصحاب في حكم العقل وجوديّا كان أو عدميّا ، ظهر أنّه لا وجه لاعتراض صاحب الفصول قدس‌سره على ما ارتكبه القوم من تخصيص استصحاب حال العقل باستصحاب النفي والبراءة.

والحاصل أنّ القوم خصّوا استصحاب حال العقل باستصحاب البراءة قبل البلوغ ، فاعترض عليهم صاحب الفصول قدس‌سره بأنّ حكم العقل لا يختصّ بالأمر العدمي ، بل قد يكون أمرا وجوديّا.

وقد أشار المصنّف قدس‌سره إلى حاصل ما في الفصول بقوله :

(بأنّ الثابت بالعقل قد يكون عدميّا) كعدم التكليف حال العدم أو الصغر ، وعدم الزوجيّة وعدم الملكيّة الثابتين قبل تحقّق موضوعهما ، (وقد يكون وجوديّا) كإباحة الأشياء قبل الحذر شرعا ، وكتحريم التصرّف في مال الغير ، ووجوب ردّ الوديعة ، واشتراط العلم والقدرة في التكليف.

(فلا وجه للتخصيص) ، بل كلّما شكّ في بقاء حكم من أحكام العقل يجري فيه استصحاب حال العقل ، فلا معنى لاختصاص استصحاب حال العقل بالبراءة الأصليّة.

هذا ملخّص اعتراض صاحب الفصول قدس‌سره وقد أشار المصنّف قدس‌سره إلى وجه عدم ورود هذا الاعتراض على القوم بقوله : (لما عرفت من أنّ الحال المستند إلى العقل المنوط بالقضيّة العقليّة لا يجري فيه الاستصحاب وجوديّا كان أو عدميّا).

وحاصل كلام المصنّف قدس‌سره في ردّ هذا الاعتراض ، هو أنّ القوم لم يفصّلوا في

٣٢٣

الثالث : إنّ دليل المستصحب إمّا أن يدلّ على استمرار الحكم إلى حصول رافع أو غاية ،

____________________________________

الاستصحاب بين الأحكام الوجوديّة المستندة إلى العقل والعدميّة المستندة إليه ، بأن قالوا باعتباره في القسم الثاني دون الأوّل ، حتى يرد عليهم الاعتراض المذكور ، بل هم مطبقون على عدم الفرق بينهما في عدم جريان الاستصحاب فيهما ، فحينئذ ليس مرادهم من حال العقل هو الحال المستند إليه ، بل مرادهم من حال العقل هو الحال الذي في مورد حكم العقل من غير استناد إليه ، كعدم التكليف حال الصغر كما مرّ ، ولم يوجد في العدميّات ما لم يكن مستندا إلى حكم العقل إلّا عدم التكليف حال الصغر ، فحكموا بجواز استصحابه وسمّوه باستصحاب حال العقل لكونه مطابقا لحكم العقل ، وقد يسمّى بالبراءة الأصليّة أيضا.

(وما ذكره من الأمثلة يظهر الحال فيها ممّا تقدّم).

أي : ما ذكره صاحب الفصول قدس‌سره من الأمثلة لكلّ من الأمر العدمي والوجودي ، يظهر الحال في الجميع غير مثال عدم التكليف حال الصغر حيث يجري فيه الاستصحاب.

(ممّا تقدّم) من أنّه لا يعقل الشكّ في موضوع حكم العقل ، وعلى فرض تحقّقه لا يحكم العقل أصلا ، فإنّ موضوع حكم العقل في جميع موارده يجب أن يكون مبيّنا مفصلا ، إذ حكم العقل بقبح التصرّف في مال الغير أو حسن ردّ الوديعة ، الكاشف عن حكم الشرع بالحرمة والوجوب ، لا يمكن أن يكون على سبيل الإهمال ، ولا يعقل فرض الشكّ فيه ، إذ لا يجوز للحاكم أن يحكم في مورد لا يعلم ما هو الموضوع لحكمه ، وإلّا لم يكن حاكما ، وهكذا حال حكمه بعدم الشيء من جهة عدم موضوعه حيث لا يتصوّر فيه شكّ ، كما في بحر الفوائد بتلخيص منّا.

(الثالث : إنّ دليل المستصحب إمّا أن يدلّ على استمرار الحكم إلى حصول رافع أو غاية).

والرافع هو ما له تأثير في رفع الحكم الثابت بحيث لولاه لاستمر الحكم ، كالحدث مثلا بالنسبة إلى الطهارة.

والغاية هي ما كان كاشفا عن انتهاء استعداد الحكم السابق ، كالليل بالنسبة إلى وجوب صوم النهار ، وقيل : إنّ الفرق بينهما هو كون الغاية أعمّ من الرافع ، فإنّها قد تكون رافعة ،

٣٢٤

وإمّا أن لا يدلّ.

وقد فصّل بين هذين القسمين المحقّق في المعارج ، والمحقّق الخوانساري في شرح الدروس ، فأنكرا الحجيّة في الثاني واعترفا بها في الأوّل مطلقا ، كما يظهر من المعارج ، أو بشرط كون الشكّ في وجود الغاية ، كما يأتي من شارح الدروس.

____________________________________

كالطلاق بالنسبة إلى استمرار أثر عقد النكاح ، وقد تكون غير رافعة ، كالليل بالنسبة إلى وجوب صوم النهار.

وكيف كان ، فإنّ الدليل إمّا يدلّ على استمرار الحكم كما عرفت ، (وإمّا أن لا يدلّ) كالدليل الدالّ على ثبوت خيار الغبن بحيث كان ساكتا عن كونه فوريّا أو مستمرا إلى غاية ، فيشكّ في الاقتضاء والاستعداد ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي بتصرّف.

(وقد فصّل بين هذين القسمين المحقّق في المعارج ، والمحقّق الخوانساري في شرح الدروس ، فأنكرا الحجيّة في الثاني).

وهو ما لا يدلّ دليل الحكم على الاستمرار ، فحينئذ لا يبقى دليل على الإبقاء ، لكي يستصحب.

(واعترفا بها في الأوّل).

أي : قالا بالحجيّة فيما إذا كان الدليل دلّ على الاستمرار(مطلقا ، كما يظهر من المعارج ، أو بشرط كون الشكّ في وجود الغاية ، كما يأتي من شارح الدروس).

وتوضيح التفصيل المنسوب إلى المحقّق والخوانساري قدس‌سرهما مذكور في شرح الاستاذ الاعتمادي ، حيث قال ما هذا نصّه : «فإنّ صور الشكّ في الرافع خمسة :

الأوّل : الشكّ في وجوده ، كالشكّ في الحدث.

الثاني : الشكّ في رافعيّة الموجود ، كرافعيّة المذي.

الثالث : الشكّ في اندراجه في الرافع ، كدخول الخفقة في النوم.

الرابع : الشكّ في مصداقيّته للرافع ، كتردّد الرطوبة بين البول والمذي.

الخامس : تردّد المتيقّن السابق بين ما يرتفع بهذا وما لا يرتفع به ، كما إذا غسل ثوبه مرّة.

وشكّ في تنجّسه بالدم المرتفع بها ، أو بالبول المتوقّف بالمرّتين.

وكذا الغاية فقد يشكّ في وجودها ، كدخول الليل ، وقد يشكّ في غائيّة الموجود ،

٣٢٥

وتخيّل بعضهم ـ تبعا لصاحب المعالم ـ أنّ قول المحقّق قدس‌سره ، موافق للمنكرين ، لأنّ محلّ النزاع ما لم يكن الدليل مقتضيا للحكم في الآن اللاحق لو لا الشكّ في الرافع.

____________________________________

ككون خفاء الأذان حدّ الترخص ، وقد يشكّ في اندراجه في الغاية ، كدخول ما بين الاستتار وذهاب الحمرة في الليل ، وقد يشكّ في مصداقيّته للغاية ، كما إذا وجب مشي فرسخ بنذر مثلا ، فمشى إلى موضع شكّ في كونه فرسخا ، وقد يتردّد المتيقّن بين ما تحصل غايته بهذا وما لا تحصل به ، كما إذا خفي أذان المحلّة دون البلد ، فشكّ في أنّ المناط هو المحلّة ليحصل به حدّ الترخص ، أو البلد ليتوقّف على خفاء أذانه.

فالمحقّق يقول بالاستصحاب مطلقا أي : في جميع الصور ، والخوانساري في الصورة الأولى وهي الشكّ في أصل وجود الرافع ، لكنّ هذا مناف لما يأتي من إسناد القول الحادي عشر إليه ، وهو اعتبار الاستصحاب في صورة الشكّ في وجود الرافع مع زيادة الشكّ في مصداق الغاية ، وأيضا مناف لما يأتي من إسناد القول التاسع إلى المحقّق قدس‌سره وهو اعتبار الاستصحاب في صور الشكّ في الرافع دون صور الشكّ في الغاية ، فالنسبة بين مذهبهما عموم من وجه ، مادة الاجتماع وهي الشكّ في وجود الرافع ، ومادة الافتراق من جانب الخوانساري هي الشكّ في مصداق الغاية ، ومن جانب المحقّق هي الشكّ في الرافع من جهة الاشتباه المفهومي ، كالشكّ في رافعيّة الخفقة لاحتمال دخولها في مفهوم النوم ، ثمّ إنّ هذا التفصيل مختصّ بالشكّ في الحكم الكلّي ، ولا ربط له بالحكم الجزئي ولا الموضوع الخارجي» انتهى. بتوضيح منّا.

(وتخيّل بعضهم ـ تبعا لصاحب ـ المعالم أنّ قول المحقّق قدس‌سره ، موافق للمنكرين) فكان المحقّق ممّن يقول بعدم حجيّة الاستصحاب ، وذلك (لأنّ محلّ النزاع ما لم يكن الدليل مقتضيا للحكم في الآن اللاحق) ، أي : لأنّ محلّ النزاع إنّما هو الشكّ في المقتضي ، وأمّا الاستصحاب في مورد الشكّ في الرافع فممّا لا نزاع فيه ، بل يسلّم المنكرون حجيّته فيه ، والناكرون لحجيّته إنّما ينكرون اعتباره في الشكّ في المقتضي فقط.

ثمّ إنّ المحقّق قدس‌سره لمّا خصّ اعتبار الاستصحاب بمورد الشكّ في الرافع ، وهو مورد دلالة الدليل على استمرار الحكم إلى حصول الرافع ، كما عرفت في المتن ، فتخيّل بعضهم أنّه من المنكرين لما عرفت من عدم النزاع في حجيّة الاستصحاب في ما ذكره من الشكّ

٣٢٦

وهو غير بعيد بالنظر إلى كلام السيّد والشيخ وابن زهرة وغيرهم ، حيث إنّ المفروض في كلامهم هو كون دليل الحكم في الزمان الأوّل قضيّة مهملة ساكتة عن حكم الزمان الثاني ، ولو مع فرض عدم الرافع.

إلّا أنّ الذي يقتضيه التدبّر في بعض كلماتهم ـ مثل إنكار السيّد لاستصحاب البلد المبني على ساحل البحر ، مع كون الشكّ فيه نظير الشكّ في وجود الرافع للحكم الشرعي ، وغير ذلك ممّا يظهر للمتأمّل ويقتضيه الجمع بين كلماتهم وبين ما يظهر من بعض استدلال المثبتين

____________________________________

في الرافع ، وإنّما النزاع في الشكّ في المقتضي ، وهو ينكره فيه. هذا تمام الكلام في وجه التخيّل.

فيقول المصنّف قدس‌سره : إنّ ما تخيّل من خروج الشكّ في الرافع عن محلّ النزاع غير بعيد من ظاهر كلام غير واحد منهم ، كالسيد والشيخ وابن زهرة قدس‌سرهم ، وقد أشار إليه بقوله :

(وهو غير بعيد بالنظر إلى كلام السيّد والشيخ وابن زهرة وغيرهم ... إلى آخره).

حيث جعلوا محلّ البحث في الشكّ في المقتضي كثبوت خيار الغبن في الجملة ، فالشكّ في الرافع كأنّه خارج عن محيط النزاع ، كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

(إلّا أنّ الذي يقتضيه التدبّر في بعض كلماتهم مثل إنكار السيّد لاستصحاب البلد المبني على ساحل البحر ، مع كون الشكّ فيه نظير الشكّ في وجود الرافع للحكم).

لأنّ البلد يستمر في البقاء إلى أن يرفعه طغيان البحر مثلا ، كاستمرار الطهارة إلى أن يرفعها الحدث.

والذي يقتضيه الجمع بين الكلمات ، وما يظهر من بعض استدلال المثبتين ، وما يظهر من استدلال النافين ، هو عموم النزاع وعدم اختصاص محلّ النزاع بمورد الشكّ في المقتضي فقط.

فلا بدّ حينئذ من تقريب كلّ واحد من هذه الامور الدالة على تعميم محلّ النزاع ، فنقول :

إنّ الجمع بين الكلمات يتحقّق بالتزام عموم محلّ النزاع ، إذ لا يمكن لشخص واحد القول بإنكار الاستصحاب واعتباره معا ، مع أنّك ترى أنّ شخصا واحدا قد يدّعي اعتبار الاستصحاب وقد ينكره ، فلا بدّ من حمل دعوى الاعتبار على مورد الشكّ في الرافع ،

٣٢٧

والنافين ـ هو عموم النزاع لما ذكره المحقّق.

فما ذكره في المعارج أخيرا ليس رجوعا عمّا ذكره أوّلا ، بل لعلّه بيان لمورد تلك الأدلّة التي

____________________________________

وحمل الإنكار على مورد الشكّ في المقتضي.

ودلالة استدلال المثبتين على التعميم واضحة ، حيث استدلّوا على اعتبار الاستصحاب بأنّ المقتضي موجود ... إلى آخره ، وهذا الاستدلال صريح في مورد الشكّ في الرافع.

وهكذا يظهر التعميم من استدلال النافين أيضا ، وذلك كاستدلالهم بأنّه لو كان الاستصحاب حجّة للزم ترجيح بيّنة النافي على بيّنة المثبت في مورد تعارض البيّنات ، لاعتضاد بيّنة النافي باستصحاب العدم ، ومن المعلوم أنّ الأعدام ممّا فيه اقتضاء الاستمرار ، والوجود رافع ، فيكون الشكّ في مورد استصحاب العدم شكّا في وجود الرافع.

فالمتحصّل من الجميع ، هو عدم اختصاص محلّ النزاع بالشكّ في المقتضي ، كما تخيّل البعض ، بل هو شمول النزاع وعمومه (لما ذكره المحقّق) من حجيّة الاستصحاب في الشكّ في الرافع ، إذ حجيّة الاستصحاب في الشكّ في الرافع ليس إجماعيّا ، بل هو محلّ النزاع بين العلماء ، فما ذكره صاحب المعالم قدس‌سره من أنّ المحقّق قدس‌سره من المنكرين مطلقا ، ليس في محلّه ، فتأمّل وراجع.

(فما ذكره في المعارج أخيرا ليس رجوعا عمّا ذكره أوّلا).

وهذا الكلام من المصنّف قدس‌سره اعتراض على صاحب المعالم قدس‌سره حيث تخيّل رجوع المحقّق قدس‌سره أخيرا عمّا ذكره أوّلا.

ولا بدّ هنا من بيان منشأ هذا التخيّل أوّلا ثمّ بيان الاعتراض.

فنقول : أمّا منشأ التخيّل ، فحاصله : إنّ المحقّق قدس‌سره ذكر أوّلا اعتبار الاستصحاب وفاقا للمفيد رحمه‌الله القائل باعتبار الاستصحاب مطلقا ، ثمّ بيّن الأدلّة الدالّة على اعتباره ، ثمّ نقل عن السيد المرتضى قدس‌سره إنكار اعتبار الاستصحاب ، ثمّ قال : والذي نختاره أن ننظر في دليل الحكم المشكوك ، فإن اقتضاه مطلقا نحكم باستمراره ، وظاهر كلامه هذا هو اعتبار الاستصحاب في الشكّ في الرافع ، ومن هنا توهّم صاحب المعالم قدس‌سره بأنّ المحقّق قد رجع

٣٢٨

ذكرها لاعتبار الاستصحاب ، وأنّها لا تقتضي اعتبارا أزيد من مورد يكون الدليل فيه مقتضيا للحكم مطلقا ويشكّ في رافعه.

____________________________________

أخيرا حيث خصّ اعتبار الاستصحاب في الشكّ في الرافع عمّا ذكره أوّلا من القول باعتباره مطلقا.

ثمّ قال بأنّ المحقّق يكون من المنكرين كالسيّد رحمه‌الله ، وذلك لأنّ الاستصحاب في مورد الشكّ في الرافع خارج عن محلّ النزاع ، وإنّما النزاع في حجيّة الاستصحاب في مورد الشكّ في المقتضي ، وهو أنكره أخيرا ، وإن كان في البدء من المثبتين ، كالمفيد رحمه‌الله.

وبالجملة ، إنّ المحقّق قدس‌سره كان أوّلا من المثبتين ثمّ رجع عن مختاره فصار من المنكرين. هذا تمام الكلام في تخيّل صاحب المعالم قدس‌سره ومنشئه.

وأمّا اعتراض المصنّف قدس‌سره عليه ، فحاصله :

إنّ الشكّ في الرافع ليس خارجا عن محيط النزاع ، كما تخيّل صاحب المعالم قدس‌سره ، بل إنّه داخل في محلّ النزاع أيضا ، وأنّ مختار المحقّق قدس‌سره أوّلا وآخرا هو اعتبار الاستصحاب في الشكّ في الرافع فقط ، وحينئذ لا يكون كلامه أخيرا رجوعا عمّا ذكره أوّلا ، كما تخيّله صاحب المعالم قدس‌سره.

(بل لعلّه) ، أي : ما ذكره أخيرا(بيان لمورد تلك الأدلّة التي ذكرها) أوّلا(لاعتبار الاستصحاب ، وأنّها لا تقتضي اعتبارا أزيد من مورد يكون الدليل فيه مقتضيا للحكم مطلقا ويشكّ في رافعه).

قال الاستاذ الاعتمادي في هذا المقام :

«وربّما يقال بأنّ تعبير المحقّق بأنّ الدليل إن اقتضاه مطلقا يحكم باستمراره يحتمل المعنيين :

أحدهما : أن يدلّ الدليل بنفسه على بقاء الحكم كقوله : لا تخرج من المنزل يوم الجمعة ، أو أكرم زيدا ما دمت حيّا ، فإنّ ثبوت الحكم في جميع آنات الجمعة أو الحياة مستفاد من نفس الدليل ، فلو شكّ في ثبوته في آن من هذه الآنات يتمسّك بأصالة العموم واستصحابه ، ولو شكّ في اعتبار قيد من الصحّة والمرض وغير ذلك يتمسّك بأصالة الإطلاق أو استصحابه ، واستصحاب العموم والإطلاق ليس من الاستصحاب المصطلح ،

٣٢٩

وأمّا باعتبار الشكّ في البقاء فمن وجوه أيضا :

أحدها : من جهة أنّ الشكّ قد ينشأ من اشتباه الأمر الخارجي ، مثل الشكّ في حدوث البول أو كون الحادث بولا أو وذيا ، ويسمّى بالشبهة في الموضوع ، سواء كان المستصحب حكما شرعيّا جزئيّا ، كالطهارة في المثالين ، أم موضوعا ، كالرطوبة والكرّيّة ، وعدم نقل اللفظ عن معناه الأصلي ، وشبه ذلك.

وقد ينشأ من اشتباه الحكم الشرعي الصادر من الشارع ، كالشكّ في بقاء نجاسة

____________________________________

بل هو أخذ بالظاهر بحكم العرف وأهل اللسان.

ثانيهما : أن يثبت بالدليل كون المستصحب مقتضيا للاستمرار إلى حصول الرافع ، كالطهارة ، فإنّ قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ)(١) الآية ، لا يدلّ على استمرار الطهارة ، بل قام الإجماع مثلا على أنّ الطهارة إذا حصلت تستمر إلى حصول رافع ، وكذا النكاح وغيره ، فعند الشكّ في الرافع يتمسّك بالاستصحاب.

فصاحب المعالم حمل كلام المحقّق على المعنى الأوّل الذي لا معنى للاستصحاب فيه بالاتّفاق ، فجعله من المنكرين له ، والمصنّف قدس‌سره حمله على المعنى الثاني ، فجعله من المثبتين له في مورد الشكّ في الرافع ، والحقّ معه ، لأنّ المحقّق مثّل بالنكاح وهو من قبيل اقتضاء المستصحب للاستمرار ، لا من قبيل دلالة الدليل عليه وهو (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(٢) مثلا». انتهى كلامه دامت إفاداته.

(وأمّا باعتبار الشكّ في البقاء فمن وجوه أيضا : أحدها : من جهة أنّ الشكّ قد ينشأ من اشتباه الأمر الخارجي ، مثل الشكّ في حدوث البول أو كون الحادث بولا أو وذيا) مع كون معلوميّة حكم الوذي كالبول شرعا.

(ويسمّى بالشبهة في الموضوع ، سواء كان المستصحب حكما شرعيّا جزئيّا ، كالطهارة في المثالين ، أم موضوعا ، كالرطوبة) ، أي : كاستصحاب بقاء الرطوبة واليبوسة (والكرّيّة ، وعدم نقل اللفظ عن معناه الأصلي) إلّا أن يقال : إنّ عدم نقل اللفظ عن معناه الأصلي خارج عن المقام ، لكونه أصلا لفظيّا مبنيّا على الظهور ، فتأمّل.

__________________

(١) المائدة : ٦.

(٢) المائدة : ١.

٣٣٠

المتغيّر بعد زوال تغيّره ، وطهارة المكلّف بعد حدوث المذي منه ، ونحو ذلك.

والظاهر دخول القسمين في محلّ النزاع ، كما يظهر من كلام المنكرين حيث ينكرون استصحاب حياة زيد بعد غيبته عن النظر ، والبلد المبني على ساحل البحر ، ومن كلام المثبتين حيث يستدلّون بتوقّف نظام معاش الناس ومعادهم على الاستصحاب.

____________________________________

(وقد ينشأ من اشتباه الحكم الشرعي الصادر من الشارع).

وحاصل الكلام ، هو تقسيم الاستصحاب باعتبار الشكّ إلى الاستصحاب في الشبهة الموضوعيّة ، والاستصحاب في الشبهة الحكميّة ، وذلك لأنّ منشأ الشكّ في مورد الاستصحاب إذا كان هو الأمر الخارجي كالأمثلة المذكورة ، فيسمّى بالشبهة في الموضوع ، وإذا كان الاشتباه في نفس الحكم الشرعي الكلّي فيسمّى بالشبهة في الحكم.

ونتيجة هذا التقسيم وإن كانت ترجع إلى تقسيم المستصحب إلى الحكم الشرعي وغيره ، وقد تقدّم هذا التقسيم في التقسيم الثاني ، إلّا أنّ الغرض منه هناك غير ما هو الغرض منه هنا ، وذلك لأنّ الغرض من تعرّضه سابقا كان لبيان نقل القول بالتفصيل بين الاستصحاب في الحكم الشرعي وغيره ، وكيفيّة ذلك التفصيل بأنّه على نحو التعاكس أو غيره.

ولكنّ الغرض من هذا التقسيم هنا هو بيان أنّ الاستصحاب في الشبهة الموضوعيّة داخل في محلّ النزاع ، كالاستصحاب في الشبهة الحكميّة ، أو أنّه خارج عن محلّ النزاع في الاستصحاب المعنون في الاصول ، حتى يكون التطرّق إليه فيه من باب الاستطراد لا غير.

وقد وقع الكلام في أنّه حجّة إجماعا ، كما يظهر من غير واحد من الأخباريّين ، أو أنّه كالاستصحاب في الشبهة الحكميّة محلّ للخلاف والنزاع ، كما هو الحقّ عند المصنّف قدس‌سره الذي أشار إليه بقوله :

(والظاهر دخول القسمين) ، أي : الشبهة في الموضوع والشبهة في الحكم (في محلّ النزاع ، كما يظهر من كلام المنكرين حيث ينكرون استصحاب حياة زيد بعد غيبته عن النظر ، والبلد المبني على ساحل البحر) مع كون هذين المثالين من الشبهة الموضوعيّة ، فيدلّ هذا الإنكار على عدم اعتبار الاستصحاب في الشبهة الموضوعيّة إجماعا ، بل يكون

٣٣١

ويحكى عن الأخباريّين اختصاص الخلاف بالثاني ، وهو الذي صرّح به المحدّث البحراني ، ويظهر من كلام المحدّث الاسترآبادي ، حيث قال في فوائده :

«اعلم أنّ للاستصحاب صورتين معتبرتين باتّفاق الأمّة ، بل أقول : اعتبارهما من ضروريّات الدين :

إحداهما : إنّ الصحابة وغيرهم كانوا يستصحبون ما جاء به نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلى أن يجيء ناسخه.

الثانية : إنّا نستصحب كلّ أمر من الامور الشرعيّة ، مثل كون الرجل مالك أرض وكونه

____________________________________

داخلا في محلّ النزاع ، كما يظهر ذلك من كلام المثبتين (حيث يستدلّون بتوقّف نظام معاش الناس ومعادهم على الاستصحاب) ، فإنّهم يعودون إلى بيوتهم المبنيّة على ساحل البحر بعد نيل مقاصدهم ورفع حوائجهم بالسفر مع احتمالهم خرابها وانعدامها بسبب طغيان البحر ، وليس ذلك إلّا من باب اعتبار الاستصحاب في الشبهة الموضوعيّة.

والحاصل من كلام المنكرين واستدلال المثبتين هو كون الشبهة الموضوعيّة داخلة في محلّ النزاع أيضا ، فتنبه.

(ويحكى عن الأخباريّين اختصاص الخلاف بالثاني) ، أي : في الشبهة الحكميّة كما صرّح به المحدّث البحراني قدس‌سره.

(ويظهر من كلام المحدّث الاسترآبادي ، حيث قال في فوائده : اعلم أنّ للاستصحاب صورتين معتبرتين باتّفاق الامّة ، بل أقول اعتبارهما من ضروريات الدين :

إحداهما : إنّ الصحابة وغيرهم كانوا يستصحبون ما جاء به نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إلى أن يجيء ما ينسخه).

فاستصحاب عدم النسخ إذن من ضروريات الدين ، إلّا أن يقال بأنّه خارج عن المقام ، لعدم كونه من الاستصحاب المصطلح ، بل أخذ بظاهر الدليل الدالّ على دوام الحكم ، كاستصحاب العموم والإطلاق.

و (الثانية : إنّا نستصحب كلّ أمر من الامور الشرعيّة).

أي : سواء كان ممّا تعلّق به حكم في الشريعة أو حكما شرعيّا ، كالطهارة والنجاسة في الأمثلة المذكورة وهي قوله :

٣٣٢

زوج امرأة ، وكونه عبد رجل ، وكونه على وضوء ، وكون الثوب طاهرا أو نجسا ، وكون الليل أو النهار باقيا ، وكون ذمّة الإنسان مشغولة بصلاة أو طواف ، إلى أن يقطع بوجود شيء جعله الشارع سببا مزيلا لنقض تلك الامور.

ثمّ ذلك الشيء قد يكون شهادة العدلين.

وقد يكون قول الحجّام المسلم ومن في حكمه ، وقد يكون قول القصّار ومن في حكمه ، وقد يكون بيع ما يحتاج إلى الذبح والغسل في سوق المسلمين ، وأشباه ذلك من الامور

____________________________________

(مثل كون الرجل مالك أرض ، وكونه زوج امرأة ، وكونه عبد رجل ، وكونه على وضوء ، وكون الثوب طاهرا أو نجسا ، وكون الليل أو النهار باقيا ، وكون ذمّة الإنسان مشغولة بصلاة أو طواف).

والحاصل أنّ الامّة اتّفقوا على إجراء الاستصحاب في الأمثلة المذكورة مع كون الشبهة فيها موضوعيّة ، فيجري الاستصحاب فيها ما لم تقم أمارة معتبرة شرعا على زوال الحالة السابقة ، كما أشار إليه قدس‌سره بقوله :

(إلى أن يقطع بوجود شيء جعله الشارع سببا مزيلا لنقض تلك الامور ، ثمّ ذلك الشيء) أي : الأمارة المعتبرة المزيلة (قد يكون شهادة العدلين) لأنّ البيّنة ممّا اعتبره الشارع في الموضوعات.

(وقد يكون قول الحجّام المسلم) حيث يقبل قوله إذا أخبر بتطهيره موضع الحجامة ، (وقد يكون قول القصّار) فيقبل قوله بغسل الثياب وتطهيرها(ومن في حكمه) كالزوجة حيث يقبل قولها بتطهير ما في يدها من الأثاث.

ولعلّ المراد بمن في حكمه هو المميّز غير البالغ إذا كان حجّاما أو قصّارا ، لكونه في حكم المسلم وإن لم يكن مسلما حقيقة ، لعدم الاعتبار بتكلّمه بالشهادتين ، كما في التنكابني.

(وقد يكون بيع ما يحتاج إلى الذبح والغسل) والأوّل كاللحم ، والثاني كالطعام ، فبيعهما في سوق المسلمين علامة للحكم بذبح ما يحتاج إليه ، وطهارة ما يحتاج إليها ، فلا يجري استصحاب عدم التذكية أو عدم الغسل ، لأنّ سوق المسلمين أمارة معتبرة شرعا تمنع عن الاستصحاب (وأشباه ذلك من الامور الحسيّة) كاستصحاب الخمريّة والخلّيّة وغيرهما ،

٣٣٣

الحسيّة». انتهى.

ولو لا تمثيله باستصحاب الليل والنهار ، لاحتمل أن يكون معقد إجماعه الشكّ من حيث المانع وجودا أو منعا ، إلّا أنّ الجامع بين جميع أمثلة الصورة الثانية ليس إلّا الشبهة الموضوعيّة ، فكأنّه استثنى من محلّ الخلاف صورة واحدة من الشبهة الحكميّة ، أعني : الشكّ في النسخ وجميع صور الشبهة الموضوعيّة.

وأصرح من العبارة المذكورة في اختصاص محلّ الخلاف بالشبهة الحكميّة ما حكى عنه في الفوائد أنّه قال في جملة كلام له :

«إنّ صور الاستصحاب المختلف فيه راجعة إلى أنّه إذا ثبت حكم بخطاب شرعي في موضوع في حال من حالاته نجريه في ذلك الموضوع عند زوال الحالة القديمة وحدوث نقيضها فيه. ومن المعلوم أنّه إذا تبدّل قيد موضوع المسألة بنقيض ذلك القيد اختلف

____________________________________

كما في شرح الاستاذ الاعتمادي.

وقوله : (أشباه ذلك) إشارة إلى ما ذكره من الأمثلة ، مثل كون الرجل مالك أرض وكونه زوج امرأة وكونه عبد رجل ... إلى آخره.

(ولو لا تمثيله باستصحاب الليل والنهار ، لاحتمل أن يكون معقد إجماعه الشكّ من حيث المانع وجودا أو منعا).

أي : ما ذكره المحدّث الاسترآبادي قدس‌سره من الأمثلة للصورة الثانيّة كلّها من قبيل الشكّ في وجود الرافع ، أو رافعيّة الموجود ، إلّا مثال استصحاب الليل والنهار حيث إنّها من قبيل الشكّ في المقتضي ، ولو لا هذا المثال لاحتمل أن يكون مراده من الصورة الثانية كالصورة الاولى ، هو الاستصحاب عند الشكّ في الرافع ، ولكن نظرا إلى المثال يكون مراده من الصورة الثانية هو مطلق الشبهة الموضوعيّة سواء كان الشكّ فيها من قبيل الشكّ في الرافع أو من قبيل الشكّ في المقتضي ، فتأمّل.

(وأصرح من العبارة المذكورة في اختصاص محلّ الخلاف بالشبهة الحكميّة ما حكى عنه في الفوائد أنّه قال في جملة كلام له : إنّ صور الاستصحاب المختلف فيه راجعة إلى أنّه إذا ثبت حكم بخطاب شرعي في موضوع في حال من حالاته) ، أي : حالات ذلك الموضوع كثبوت النجاسة للكرّ حال تغيّره (نجريه في ذلك الموضوع عند زوال الحالة القديمة وحدوث

٣٣٤

موضوع المسألتين. فالذي سمّوه استصحابا راجع في الحقيقة إلى إسراء حكم لموضوع إلى موضوع آخر متّحد معه بالذات مختلف بالقيد والصفات». انتهى.

الثاني : من حيث إنّ الشكّ بالمعنى الأعمّ الذي هو المأخوذ في تعريف الاستصحاب ، قد يكون مع تساوي الطرفين ، وقد يكون مع رجحان البقاء أو الارتفاع ، فلا إشكال في دخول الأوّلين في محلّ النزاع. وأمّا الثالث ، فقد يتراءى من بعض كلماتهم عدم وقوع الخلاف فيه.

____________________________________

نقيضها فيه) ، أي : نجري الحكم الثابت في حال في ذلك الموضوع عند زوال الحال المذكور وحدوث نقيضه في الموضوع ، أي : نجري الحكم بالنجاسة في الكرّ عند زوال تغيّره ، ومن المعلوم أنّ الشبهة في هذا المثال حكميّة ، فلذا يكون كلام الاسترآبادي قدس‌سره هنا أصرح في اختصاص محلّ النزاع بالشبهة الحكميّة ممّا تقدّم منه.

(الثاني) : أي : الوجه الثاني من وجوه تقسيم الاستصحاب (من حيث إنّ الشكّ بالمعنى الأعمّ الذي هو المأخوذ في تعريف الاستصحاب ... إلى آخره) وحاصل كلام المصنّف قدس‌سره يتّضح بعد الإشارة إلى مقدّمة قصيرة وهي :

إنّ الشكّ في الاصطلاح وإن كان بمعنى تساوي الطرفين ، إلّا أنّ المراد به في الأخبار ، كما في اللغة هو خلاف اليقين ، فيشمل الظنّ أيضا ، وبهذه المقدّمة يتّضح لك ما في المتن من أنّ الشكّ المأخوذ في تعريف. الاستصحاب ـ حيث قيل بأنّ الاستصحاب هو كون شيء يقيني الحصول في السابق مشكوك البقاء في اللّاحق ـ هو بالمعنى الأعمّ.

والشكّ بهذا المعنى (قد يكون مع تساوي الطرفين) بأن يكون احتمال البقاء والارتفاع متساويين (وقد يكون مع رجحان البقاء أو الارتفاع) والأوّل بأن يكون مطنونا ، والثاني بأن يكون الارتفاع مظنونا ، ويعبّر عنه بالظنّ بالخلاف.

(فلا إشكال في دخول الأوّلين) وهما الشكّ مع تساوي الطرفين ورجحان البقاء (في محلّ النزاع).

(وأمّا الثالث) وهو مورد الظنّ بالخلاف ، (فقد يتراءى من بعض كلماتهم عدم وقوع الخلاف فيه).

من جهة عدم اعتبار الاستصحاب مع الظنّ بالخلاف ، إذ بعض التعابير في تعريف الاستصحاب يدلّ على اشتراط عدم الظنّ بالخلاف في الاستصحاب ، كتعبير شارح

٣٣٥

قال شارح المختصر :

«معنى استصحاب الحال أنّ الحكم الفلاني قد كان ولم يظنّ عدمه ، وكلّ ما كان كذلك فهو مظنون البقاء. وقد اختلف في صحّة حجيّة الاستدلال به لإفادته الظنّ ، وعدمها لعدم إفادته». انتهى.

والتحقيق أنّ محلّ الخلاف إن كان في اعتبار الاستصحاب من باب التعبّد والطريق الظاهري عمّ صورة الظنّ الغير المعتبر بالخلاف.

وإن كان من باب إفادة الظنّ ، كما صرّح به شارح المختصر ، فإن كان من باب الظنّ الشخصي ، كما يظهر من كلمات بعضهم ، كشيخنا البهائي في الحبل المتين وبعض من تأخّر عنه ، كان محلّ الخلاف في غير صورة الظنّ بالخلاف ، إذ مع وجوده لا يعقل ظنّ البقاء ، وإن كان من باب إفادة نوعه الظنّ لو خلّي وطبعه ، وإن عرض لبعض أفراده ما يسقطه عن إفادة الظنّ ، عمّ الخلاف صورة الظنّ بالخلاف أيضا.

____________________________________

المختصر حيث قال : (معنى استصحاب الحال أنّ الحكم الفلاني قد كان ولم يظنّ عدمه ، وكلّ ما كان كذلك فهو مظنون البقاء).

ثمّ يقول المصنّف قدس‌سره :

(والتحقيق أنّ محلّ الخلاف إن كان في اعتبار الاستصحاب من باب التعبّد والطريق الظاهري) المستفاد من الأخبار(عمّ صورة الظنّ الغير المعتبر بالخلاف).

أي : عمّ النزاع صورة الظنّ بالخلاف إذا كان الظنّ بالخلاف من الظنون غير المعتبرة ، وأمّا إذا كان من الظنون المعتبرة فيجب العمل به دون الاستصحاب لتقديم الدليل على الأصل.

(وإن كان من باب إفادة الظنّ) ، أي : فإن كان اعتبار الاستصحاب من باب إفادة الظنّ بالبقاء ، كما هو المصرّح به في كلام شارح المختصر ، فإن كان اعتباره من باب إفادة الظنّ الشخصي ، كما يظهر من الشيخ البهائي قدس‌سره كان محلّ الخلاف مختصّا بغير صورة الظنّ بالخلاف ، وذلك لعدم حصول الظنّ الفعلي الشخصي مع الظنّ بالخلاف ، وإن كان من باب إفادة الظنّ النوعي كان محلّ الخلاف شاملا لجميع الصور حتى صورة الظنّ بالخلاف ، إذ حصول الظنّ لو خلّي وطبعه لا ينافي الظنّ بالخلاف فعلا ، كما هو واضح في المتن.

٣٣٦

ويمكن أن يحمل كلام العضدي على إرادة أنّ الاستصحاب من شأنه بالنوع أن يفيد الظنّ عند فرض عدم الظنّ بالخلاف ، وسيجيء زيادة توضيح لذلك إن شاء الله.

الثالث : من حيث إنّ الشكّ في بقاء المستصحب قد يكون من جهة المقتضي ، والمراد به الشكّ من حيث استعداده وقابليّته في ذاته للبقاء ، كالشكّ في بقاء الليل والنهار ، وخيار الغبن بعد الزمان الأوّل ، وقد يكون من جهة طروّ الرافع مع القطع باستعداده للبقاء.

____________________________________

غاية الأمر إذا كان الظنّ بالخلاف من الظنون المعتبرة شرعا يجب العمل به دون الاستصحاب ، وذلك لحكومة دليل اعتبار الظنّ على دليل الاستصحاب ، فتأمّل جيدا.

(ويمكن أن يحمل كلام العضدي) وهو قوله : «وكلّ ما كان كذلك فهو مظنون البقاء» على صورة إرادة الظنّ النوعي المقيّد بعدم الظنّ الشخصي بالخلاف ، فتكون ـ حينئذ ـ صورة الظنّ الشخصي بالخلاف خارجة عن محلّ النزاع ، كما في التنكابني بتلخيص منّا.

(الثالث : من حيث إنّ الشكّ في بقاء المستصحب قد يكون من جهة المقتضي ، والمراد به الشكّ من حيث استعداده وقابليّته في ذاته للبقاء ، كالشكّ في بقاء الليل والنهار ، وخيار الغبن).

والشبهة في مثال الشكّ في بقاء النهار والليل موضوعيّة ، كما عرفت سابقا ، وفي مثال خيار الغبن حكميّة ، فكما أنّ المكلّف في خيار الغبن لا يعلم أنّه فوري حتى لا يكون له استعداد البقاء ، أو ليس كذلك حتى يكون له استعداد البقاء ، كذلك في الليل والنهار قد لا يعلم مقدار قابليّة بقائهما بحسب الساعات والدقائق ، فإنّ لهما حدّ محدود وينقضيان في تمام ذلك الحدّ.

(وقد يكون من جهة طروّ الرافع مع القطع باستعداده للبقاء).

كالطهارة حيث تكون مقتضية للبقاء إلى عروض الحدث الرافع لها ، فالشكّ فيها يكون من جهة طروّ الرافع مع القطع باستعدادها للبقاء.

قال الاستاذ الاعتمادي في المقام ما هذا نصّه : «والفرق بين هذا التفصيل ، والتفصيل المتقدّم عن المحقّق والخوانساري ، مضافا إلى أنّ التفصيل المتقدّم كان باعتبار دلالة الدليل على الاستمرار وعدمه ، وهذا كائن باعتبار الشكّ في الرافع أو المقتضي ، ففي مثال الطهارة مثلا يمكن الحكم باعتبار الاستصحاب بمجرّد ملاحظة دلالة الدليل على

٣٣٧

وهذا على أقسام : لأنّ الشكّ إمّا في وجود الرافع ، كالشكّ في حدوث البول ، وإمّا أن يكون في رافعيّة الموجود ، إمّا لعدم تعيّن المستصحب وتردّده بين ما يكون الموجود رافعا وبين ما لا يكون ، كفعل الظهر المشكوك كونه رافعا لشغل الذمّة بالصلاة المكلّف بها قبل

____________________________________

استمرارها إلى حصول الرافع ، كما صنعه المحقّق الخوانساري. ويمكن الحكم به بملاحظة أنّه شكّ في الرافع ، وأدلّة الاستصحاب من الأخبار وغيرها تفيد اعتباره فيه ، كما صنع المصنّف قدس‌سره ، وفي مثال خيار الغبن يمكن منع الاستصحاب لكون دليله مهملا ساكتا ويمكن منعه لأنّه من الشكّ في المقتضي.

وبالجملة ـ مضافا إلى ذلك ـ أنّ الشكّ في الغاية بصورة الخمس مورد للاستصحاب على التفصيل المتقدّم ، لدلالة الدليل على الاستمرار إلى حصول الغاية ، لا على هذا التفصيل ، لأنّه شكّ في المقتضي ، وأيضا التفصيل المتقدّم كان مختصّا بالشبهة الحكميّة ، وهذا يعمّها والشبهة الموضوعيّة». انتهى.

(وهذا على أقسام).

أي : الشكّ من جهة طروّ الرافع على أقسام تأتي في كلام المصنّف قدس‌سره إلّا أنّ المصنّف قدس‌سره لم يتعرّض لأقسام الشكّ في المقتضي ، وهي أربعة كما في تعليقة المرحوم غلام رضا رحمه‌الله :

أحدها : أن يكون الشكّ في استعداده من جهة عدم العلم بحقيقته ، بمعنى أنّه بحسب الجنس معلوم ، والشكّ في استعداده إنّما يكون ناشئا من جهة عدم العلم بنوعه ، كالسراج حيث يكون الشكّ في بقائه ناشئا عن الشكّ في استعداد شحمه هذا مثاله الخارجي ، ومثاله الشرعي كخيار الغبن ، حيث لا يعلم أنّه فوري ، أو إلى أيام عديدة أو إلى الأبد.

وثانيها : أن يكون المقتضي من حيث الاستعداد معلوما ، والشكّ إنّما هو في أنّه من النوع الطويل العمر والاستمرار ، أو من قليله كما إذا كان وجود حيوان في دار وشكّ في أنّه من نوع الإنسان حتى يمكن بقاؤه في مدة طويلة ، أو من نوع الديدان لكي لا يكون كذلك ، هذا مثاله الخارجي ، ومثاله الشرعي هو الخيار إذا تردّد بين خيار المجلس وغيره.

وثالثها : ما كان محرز الاستعداد والقابليّة من حيث الجنس والنوع ، والشكّ فيه إنّما هو من جهة الشكّ في ابتداء وجوده ، مثاله في العرف هو السراج إذا كان استعداد شحمه

٣٣٨

العصر يوم الجمعة من جهة تردّده بين الظهر والجمعة ، وإمّا للجهل بصفة الموجود من كونه رافعا كالمذي ، أو مصداقا لرافع معلوم المفهوم كالرطوبة المردّدة بين البول والودي ، أو مجهول المفهوم.

____________________________________

محرزا ، والشكّ في بقائه من جهة الشكّ في ابتداء اشغاله ، وفي الشرع خيار الحيوان ، فإنّ زمان الخيار معلوم أنّه ثلاثة أيّام ، والشكّ فيه إنّما هو من جهة عدم العلم بأوّل زمان وقوع البيع.

ورابعها : ما كان الشكّ في استعداد المستصحب ناشئا عن الشكّ في مناطه وموضوعه ، وهذا إنّما يكون فيما إذا كان للمستصحب موضوع يأتي بمقام التبدّل إلى غيره في ثاني الزمان ، فبعث ذلك شكّا في بقائه ، كالماء المتغيّر بالنجس إذا زال تغيّره من قبل نفسه ، حيث لا يعلم أنّ موضوع النجاسة هل هو مجرّد حصول التغيّر فلا تزول بزواله لكون العلّة الموجدة هي المبقية ، أو هو استمرار التغيّر فتزول النجاسة بزواله؟ هذا تمام الكلام في أقسام الشكّ في المقتضي مع التوضيح والتلخيص.

وأمّا أقسام الشكّ في الرافع فهي خمسة :

أحدها : ما يكون الشكّ فيه شكّا في وجود الرافع ، كالشك في حدوث البول بعد الطهارة ، وهذا دائما يكون في الشبهة الموضوعيّة إلّا فيما إذا كان الشكّ في النسخ.

وثانيها : ما يكون الشكّ فيه شكّا في رافعيّة الموجود من جهة الجهل بحكم الموجود من حيث كونه رافعا كالمذي ، وهذا لا يكون إلّا في الشبهة الحكميّة.

وثالثها : ما يكون الشكّ فيه شكّا في رافعيّته من جهة الجهل بكونه مصداقا لكلّي مجمل المفهوم مع العلم بحكمه من حيث كونه رافعا ، كالخفقة والخفقتين إذا شكّ في صدق النوم عليهما لإجمال في مفهوم النوم ، كما أشار إليه بقوله : (أو مجهول المفهوم).

ورابعها : ما يكون الشكّ في رافعيّته من جهة الجهل بكونه مصداقا لرافع معلوم المفهوم ، كالبلل المردّد بين البول وغيره.

وخامسها : ما يكون الشكّ في رافعيّته من جهة عدم تعيّن المستصحب ، وتردّده بين ما يكون الموجود رافعا له ، وبين ما لا يكون كذلك ، مثاله : ما إذا تردّد النجس الواقع على البدن مثلا بين كونه بولا لكي تفتقر إزالته إلى الغسل مرّتين ، وبين غيره لكي يكتفي في

٣٣٩

ولا إشكال في كون ما عدا الشكّ في وجود الرافع محلّا للخلاف ، وإن كان يشعر ظاهر استدلال بعض المثبتين بأنّ المقتضي للحكم الأوّل موجود ... إلى آخره ، يوهم الخلاف.

____________________________________

غسله بمرّة واحدة ، فإنّه إذا اقتصر فيه بمرّة واحدة يقع الشكّ في رافعيّة الموجود من جهة تردّد المستصحب بين البول وغيره.

وقد مثّل لذلك في المتن بفعل الظهر المشكوك كونه رافعا للثابت في الذمّة من الصلاة المكلّف بها قبل العصر يوم الجمعة.

وغير خفي أنّ هذا المثال إنّما يتمّ إن جعل المستصحب فيه اشتغال الذمّة بالصلاة ، فإنّه يفتقر إلى الامتثال لا محالة ، وإذا امتثل بأن أتى بالظهر فقط ، يقع الشكّ في كونه رافعا لذلك الاشتغال من جهة تردّد المستصحب بين كونه هو الاشتغال بالظهر أو الجمعة ، وأمّا إذا جعل المستصحب نفس الشاغل ، أعني : الصلاة المردّدة بين الظهر والجمعة ، فكونه مثالا لهذا القسم غير خال عن النظر ، فإنّه ـ حينئذ ـ منطبق على ما مضى في بعض أقسام الشكّ في المقتضي من المثال بالحيوان المردّد بين الحيوانين ، فإنّ الذمّة لا تكون إلّا بمثابة الدار الموجود فيها حيوان تردّد بين كونه طويل العمر وقصيره.

ولعلّ ظاهر عبارته هو إرادة الوجه الأوّل. هذا تمام الكلام في استيفاء الأقسام لكلّ من الشكّ في المقتضي والرافع ، ولم يتعرّض في المتن لاستقصاء أقسام الأوّل ، ولعلّ نظره إلى عدم وجود القول بالتفصيل بينها. هذا تمام الكلام في ما ذكره المرحوم غلام رضا قدس‌سره بتوضيح وتلخيص منّا.

ولنرجع إلى شرح بعض ما في المتن طبقا لما جاء في شرح الاستاذ الاعتمادي.

(ولا إشكال في كون ما عدا الشكّ في وجود الرافع) ، وهو الشكّ في المقتضي ، والشكّ في رافعيّة الموجود بصورة الأربع (محلّا للخلاف) وليس عدم اعتبار الاستصحاب في الشكّ في المقتضي متّفقا عليه.

(وإن كان يشعر ظاهر استدلال بعض المثبتين بأنّ المقتضي للحكم الأوّل موجود ... إلى آخره ، يوهم الخلاف).

وهو اختصاص النزاع بمورد الشكّ في الرافع ، والاتّفاق على عدم اعتبار الاستصحاب في الشكّ في المقتضي.

٣٤٠