دروس في الكفاية - ج ٥

الشيخ محمّدي البامياني

دروس في الكفاية - ج ٥

المؤلف:

الشيخ محمّدي البامياني


الموضوع : أصول الفقه
الناشر: منشورات شركة دار المصطفى (ص) لإحياء التراث
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٤

عد أنه ميسوره ، كما (١) ربما يقوم الدليل على سقوط ميسور عرفي لذلك ، أي : للتخطئة ، وأنه (٢) لا يقوم بشيء من ذلك (٣).

وبالجملة : ما لم يكن دليل على الإخراج أو الإلحاق ، كان المرجع هو الإطلاق (٤) ، ويستكشف منه (٥) : أن الباقي قائم بما يكون المأمور به (٦) قائما بتمامه ، ...

______________________________________________________

ميسورا للواجد ، وضمير «أنه» راجع على الفاقد ، وضمير «ميسوره» راجع على الواجد.

(١) هذا معادل لقوله : «ربما يلحق به شرعا» يعني : كما ربما يلحق شرعا غير الميسور العرفي بالعرفي ، كذلك يخرج الميسور العرفي عن حيّز قاعدة الميسور لتخطئة الشرع للعرف في عدّ الفاقد هنا ميسورا ، وذلك لعدم قيامه بشيء من مصلحة الواجد ، فلا يكون الفاقد حينئذ ميسورا له.

والحاصل : أن الميزان في تشخيص الميسور هو العرف إلا أن يسقطه الشارع بأن يخطئه في تشخيصه نفيا أو إثباتا ، فيخرجه عن الميسور الذي يكون من صغريات قاعدة الميسور ، أو يلحقه بصغرياتها مع عدم كونه ميسورا عرفيا ، فإن المعول عليه حينئذ هو هذا الدليل لا العرف.

ومع شك العرف في صدق الميسور على الفاقد وعدم قيام دليل على حكمه يرجع إلى ما تقدم قبيل هذا من قولنا : «بل يرجع إلى ما تقدم من استصحاب وجوب الباقي على فرض صحته ...» الخ.

(٢) عطف على «تخطئة» ومفسر لها ، وضميره راجع على «ميسور».

(٣) أي : الملاك الداعي إلى التشريع ؛ بحيث لو اطلع العرف على ذلك لاعترف بخطئه في عد الفاقد ميسورا.

(٤) أي : إطلاق دليل قاعدة الميسور ؛ لما مر من : أن المدار في تشخيص الميسور نظر العرف ، فهو الحجة ما لم يتصرف الشارع فيه نفيا أو إثباتا على التفصيل المتقدم.

نعم ؛ مع شك العرف في تشخيص الميسور لا يرجع إلى القاعدة ؛ بل يرجع إلى استصحاب وجوب الباقي أو غيره على ما تقدم.

(٥) أي : يستكشف من الإطلاق أن الباقي وهو الفاقد قائم بتمام ملاك الواجد أو بمقدار يوجب إيجاب الباقي في الواجب واستحبابه في المستحب ؛ لكن هذا الاستكشاف مبني على لحاظ الملاك في كون الفاقد ميسورا. وأما بناء على لحاظ نفس أجزاء المركب في ذلك مع الغض عن ملاك الواجد فلا يستكشف منه ذلك.

(٦) أي : الواجد ، و «قائما» خبر «يكون» وضمير «بتمامه» راجع على «ما» الموصول

٤٦١

أو (١) بمقدار يوجب إيجابه في الواجب واستحبابه في المستحب ، وإذا قام دليل على أحدهما (٢) فيخرج أو يدرج تخطئة أو تخصيصا في الأول (٣) ، وتشريكا في الحكم من دون الاندراج في الموضوع (٤) في الثاني (٥) ، فافهم (٦).

______________________________________________________

المراد به الملاك.

(١) عطف على «بما» يعني : ويستكشف من الإطلاق : «أن الباقي قائم بمقدار من الملاك يوجب إيجاب الباقي ...» الخ.

(٢) أي : الإخراج والإلحاق ، فيخرج بدليل الإخراج أو يدرج بدليل الإلحاق.

(٣) وهو الإخراج عن الميسور العرفي كصلاة فاقد الطهورين على المشهور ، حيث إنها مما يعد ميسورا لصلاة واجد الطهورين ؛ لكن الشارع لم يعتن بهذا الميسور العرفي وأخرجه منه إما تخطئة للعرف في تمييز الميسور ، وإما تخصيصا لعموم قاعدة الميسور. وإن شئت فقل : إن الإخراج إما موضوعي إن كان تخطئة ، وإما حكمي إن كان تخصيصا.

(٤) كالتنزيلات الشرعية ، نظير تنزيل الطواف منزلة الصلاة في الحكم مع عدم تصرف في الموضوع.

(٥) وهو الإلحاق ، والأولى إضافة التخطئة إلى التشريك كما ذكرها في قوله : «نعم ؛ ربما يلحق به شرعا ما لا يعد بميسور عرفا بتخطئته للعرف» ، فحق العبارة أن تكون هكذا : «وتشريكا في الحكم من دون الاندراج في الموضوع ، أو تخطئة للعرف بالإدراج في الموضوع في الثاني».

(٦) لعله إشارة إلى : أن المعيار في صدق الميسور على الباقي إن كان هو قيامه بتمام الغرض القائم بالمأمور به الواجد أو بمقدار يوجب التشريع ، كان ذلك مسقطا لنظر العرف عن الاعتبار في تشخيص الميسور في الماهيات المخترعة الشرعية ، ضرورة : أن العرف لا يطلع غالبا أو دائما على الملاكات حتى يقدر على تمييز ميسورها عن غيره ، فاللازم حينئذ : إناطة العمل بقاعدة الميسور بعمل الأصحاب في كل مورد بالخصوص ؛ إذ المفروض : عدم قدرة العرف على معرفة الميسور ، فعملهم يكشف عن كون ذلك المورد ميسورا وموردا للقاعدة. ولعل هذا صار منشأ لذهاب المشهور إلى عدم العلم بها إلا مع إحراز عملهم بها ، وإلا فمع البناء على اعتبار الميسور العرفي لا وجه للتوقف في العمل بها وإناطته بعمل المشهور.

أو إشارة إلى : أن تصرف الشارع بالإدراج أو الإخراج ليس تخطئته للعرف في

٤٦٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الموضوع ؛ بل هو إما تشريك وإما تخصيص ، وكلاهما تصرف في الحكم. وعليه :

فيكون نظر العرف في تشخيص الميسور متبعا إلا فيما قام الدليل على التخصيص أو التشريك ، فمع عدم قيام دليل عليهما يكون الميسور العرفي مجرى لقاعدة الميسور ، من دون توقف جريانها فيه على عمل الأصحاب ؛ إذ الملحوظ هو الميسور بالنظر إلى أجزاء المأمور به ، لا إلى ملاكه حتى يتوقف العمل بها على عملهم الكاشف عن كونه ميسورا ملاكيا عند الأئمة «عليهم الصلاة والسلام».

وكيف كان ؛ فلا ينبغي الإشكال في جريان القاعدة في المرتبة النازلة من كل جزء من أجزاء المركب مع تعذر المرتبة العالية ؛ كعدم الإشكال في جريانها في تعذر جميع مراتب جزء من الأجزاء مع تيسر بعضها الآخر.

أو إشارة إلى : أن الدليل الشرعي إذا قام على الإخراج أو الإدراج فهو من باب التخصيص في الحكم أو التشريك فيه لا من باب التخطئة في الموضوع ؛ إذ لا وجه لتخطئة العرف في عدهم الفاقد ميسورا أو غير ميسور ، فإن ملاك الصدق وعدمه أمر مضبوط عندهم وهو كون الفاقد واجدا لمعظم الأجزاء مثلا أو غير واجد له ، فإن كان واجدا فهو ميسور وإلا فهو مباين.

نعم ؛ للشارع أن يخرج تخصيصا أو يلحق تشريكا من جهة اطلاعه على عدم قيامه بشيء مما قام به الواجد مع كونه ميسورا عرفا ، أو بقيامه بتمام ما قام به الواجد أو بمعظمه مع عدم كونه ميسورا عرفا.

خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدس‌سره»

يتلخص البحث في أمور :

١ ـ بيان محل الكلام وهو يتوقف على مقدمة وهي صور المسألة :

١ ـ أن يكون لكل من دليلي المركب والجزء إطلاق.

٢ ـ أن يكون لخصوص دليل المركب إطلاق.

٣ ـ عكس هذه الصورة.

٤ ـ أن لا يكون لأحدهما إطلاق

إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أن مورد البحث هي الصورة الرابعة ، حيث يدور أمرها بين أن يكون الجزء جزءا والشرط شرطا مطلقا حتى حال العجز كي يسقط بتعذره أمر

٤٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

سائر الأجزاء ، أو في خصوص حال التمكن منه حتى لا يسقط بتعذره أمر الكل.

والمرجع هو الأصل العملي من البراءة العقلية ، فإن العقاب على ترك الباقي الناقص الفاقد للجزء أو الشرط بلا بيان.

٢ ـ والإشكال على البراءة العقلية بجريان البراءة الشرعية ، حيث يكون مقتضى حديث الرفع ونحوه نفي الجزئية أو الشرطية في حال التعذر ، ولازم ذلك : وجوب الباقي وعدم تقيده بالمتعذر.

مدفوع ؛ بعدم جريان البراءة الشرعية في نفي الجزئية أو الشرطية في حال التعذر ؛ إذ لازم جريانها هو وجوب الباقي ، وهو ينافي حصول الامتنان المعتبر في البراءة الشرعية ؛ إذ الامتنان إنما هو في نفي التكليف لا في إثباته.

٣ ـ وفي المسألة قولان ؛ قول : بعدم وجوب الباقي بالبراءة العقلية وهو مختار المصنف «قدس‌سره» ، وقول : بوجوب الباقي.

وقد استدل عليه بوجوه :

منها : الاستصحاب وتقريبه بوجهين :

أحدهما : أن يستصحب الوجوب الجامع بين الغيري والنفسي بأن يقال : إن الصلاة كانت واجبة مع السورة والاستقبال والستر مثلا ، ويشك في حدوث الوجوب لها مقارنا لتعذر بعض أجزائها أو شرائطها ، فيستصحب طبيعي الوجوب الجامع بين الغيري المرتفع بتعذر البعض والنفسي المحتمل حدوثه للباقي مقارنا لارتفاع الوجوب الغيري وهذا قسم ثالث من أقسام استصحاب الكلي.

وثانيهما : كون المستصحب خصوص الوجوب النفسي القائم بالكل بدعوى : بقاء الموضوع بالمسامحة العرفية ، وجعل التعذر من الجزء أو الشرط من قبيل حالات الموضوع لا من مقوماته فيقال : هذا الباقي كان واجبا نفسيا سابقا الآن كما كان. هذا تمام الكلام في وجوب الباقي بالاستصحاب.

والإشكال عليه أنه بالتقريب الأول كان قسم الثالث من أقسام استصحاب الكلي وهو ليس بحجة كما يأتي في باب الاستصحاب ، وأما صحة الاستصحاب بالتقريب الثاني فمنوطة بالمسامحة العرفية في تعيين موضوع الاستصحاب ، فعلى المسامحة العرفية يجري الاستصحاب وإلا فلا.

٤ ـ وجوب الباقي بقاعدة الميسور المستفادة من الأخبار ، وهي النبوي والعلويان ؛

٤٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الأول : قوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» : «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم».

الثاني : قوله «عليه‌السلام» : «الميسور لا يسقط بالمعسور».

الثالث : قوله «عليه‌السلام» : «ما لا يدرك كله لا يترك كله».

وأما دلالة هذه الروايات على المطلوب فواضحة ؛ لأن المستفاد منها هو : عدم سقوط التكليف بتعذر بعض الأجزاء والشرائط ؛ بل يجب على المكلف الإتيان بما يتمكن منه ؛ لأن الميسور لا يسقط بالمعسور ، وما لا يتمكن المكلف من إتيان كله لا يجوز له ترك الكل ؛ بل عليه الإتيان بما يتمكن منه. وكذلك النبوي ظاهر في وجوب إتيان ما يتمكن منه المكلف من بعض الأجزاء بعد عدم التمكن من الجميع ؛ لأن كلمة «من» في قوله «صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» : «فأتوا منه» تبعيضية.

٥ ـ الجواب عن الاستدلال بهذه الأخبار : بأنه لا يصح الاستدلال بها على ما هو المطلوب في المقام ، وأما عدم صحة الاستدلال بالنبوي : فلأن الاستدلال به مبني على أن تكون كلمة «من» تبعيضية ، بحسب الأجزاء ، وليس الأمر كذلك ؛ بل إنها تبعيضية بحسب الأفراد كما هو مورده.

وكذلك المراد بالميسور ـ في العلوي ـ يحتمل أن يكون بحسب الأفراد لا الأجزاء ، فلا يصح الاستدلال به لكونه مجملا وخارجا عن محل الكلام على أحد الاحتمالين.

وأما الرواية الثالثة : فيرد على الاستدلال بها :

أولا : أن كلمة «كل» مجملة لدورانها بين العموم بحسب الأفراد والأجزاء.

ثانيا : إجمال قوله «عليه‌السلام» : «لا يترك» ودورانه بين إرادة الوجوب بالخصوص وإرادة الأعم من الوجوب والندب ، فلا يصح الاستدلال بها ؛ لأنه بناء على الاحتمال الثاني لا يستفاد منها وجوب الإتيان بالباقي ، فالنتيجة هي : عدم تمامية الاستدلال بهذه الروايات على وجوب الباقي عند تعذر بعض الأجزاء.

٦ ـ رأي المصنف «قدس‌سره» :

١ ـ جريان البراءة العقلية عن وجوب الباقي ؛ لأن العقاب على ترك الباقي بلا بيان.

٢ ـ عدم صحة الاستدلال بالاستصحاب على وجوب الباقي.

٣ ـ عدم تمامية الاستدلال «بقاعدة الميسور» على وجوب الباقي.

٤٦٥

تذنيب (١) : لا يخفى أنه إذا دار الأمر بين جزئية شيء أو شرطيته وبين مانعيته أو

______________________________________________________

في دوران الأمر بين الجزئية والشرطية وبين المانعية والقاطعية

(١) الغرض من عقدة : بيان حكم شيء دار أمره بين الجزئية والمانعية والقاطعية ، أو بين الشرطية والمانعية والقاطعية ، ولا بد قبل التعرض لحكمه من بيان صوره وهي أربعة :

الأولى : دوران شيء بين جزئيته ومانعيته كالاستعاذة بعد تكبيرة الإحرام ؛ لاحتمال كل من جزئيتها ومانعيتها ، وكالسورة الثانية لاحتمال جزئيتها ومانعيتها ، وكونها مبطلة للصلاة بناء على مبطلية القران بين السورتين.

الثانية : دورانه بين جزئيته وقاطعيته ، كما إذا فرض أن الاستعاذة إن لم تكن جزءا كانت من القواطع المبطلة للصلاة ، وإن وقعت بين الأجزاء ، لا في الأجزاء ، وهذا هو الفارق بين القاطع وبين المانع الذي تختص مبطليته بما إذا وقع في نفس الأجزاء ، ويعبّر عن بعض الموانع بالقاطع ؛ لكونه قاطعا للهيئة الاتصالية المعتبرة في الصلاة على ما قيل.

وهناك فرق آخر بين المانع والقاطع وهو : أن الأول يمنع عن تأثير المقتضي فيقابل الشرط الذي يكمل اقتضاء المقتضي ، ويوجب إتمام تأثيره ، وأما الثاني : فهو ما يتخلل بين الأجزاء ويقطع المقتضي ، فهو يمنع عن وجود المقتضي ، بينما الأول يمنع عن تأثيره بعد وجوده.

الثالثة : دورانه بين الشرطية والمانعية ؛ كالجهر بالقراءة في ظهر الجمعة للقول بوجوبه أي : شرطيته ، والقول بمبطليته أي : مانعيته.

الرابعة : دورانه بين الشرطية والقاطعية ؛ كجواب السلام في أثناء الصلاة إذا شك في أنه شرط أو قاطع.

إذا عرفت صور الدوران ، فاعلم : أن المصنف «قدس‌سره» بنى على جريان حكم المتباينين فيها ، حيث إنه لا جامع بين المشروط بشيء والمشروط بشرط لا ، فلا يمكن الإتيان بهما معا ، مثلا : إذا كان الجهر بالقراءة واجبا كانت الأجزاء مشروطة بوجوده ، وإذا كان الإخفات واجبا والإجهار مبطلا كانت الأجزاء مشروطة بعدم الجهر ، ولا جامع بين الوجود والعدم ، فلا يمكن الإتيان بالطبيعة المأمور بها في واقعة واحدة إلا بأحدهما ، ويمكن الاحتياط بإتيانها مع كليهما في واقعتين. وهذا هو ضابط المتباينين ، فلا يكون المقام من قبيل دوران الأمر بين المحذورين حتى يكون الحكم فيه التخيير كما ذهب إليه الشيخ «قدس‌سره» ، بتقريب : أنه على تقدير جزئيته أو شرطيته يجب الإتيان به ،

٤٦٦

قاطعيته لكان من قبيل المتباينين ، ولا يكاد يكون من الدوران بين المحذورين (١) ؛ لإمكان الاحتياط (٢) بإتيان العمل مرتين مع ذلك الشيء (٣) مرة ، وبدونه أخرى كما هو أوضح من أن يخفى (٤).

______________________________________________________

وعلى فرض المانعية أو القاطعية يحرم الإتيان به ، فيدور أمره بين الوجوب والحرمة ، وهذا هو الدوران بين المحذورين.

(١) هذا إشارة إلى ما أفاده الشيخ «قدس‌سره» من اندراج المقام في الدوران بين المحذورين ؛ لإجرائه البراءة فيما إذا دار أمره بين الجزئية والمانعية ، أو الشرطية والقاطعية ، بناء على عدم حرمة المخالفة القطعية غير العملية كما في دوران الأمر بين المحذورين على ما صرح هو «قدس‌سره» بذلك في العلم الإجمالي من مباحث القطع ، والمخالفة الالتزامية المترتبة على الأصل الجاري في الطرفين لا محذور فيها ؛ لعدم وجوبها عنده ، فلا محالة يكون الحكم في دوران الأمر بين المحذورين هو التخيير بين الفعل والترك.

(٢) هذا دفع توهم كون المقام من الدوران بين المحذورين.

توضيح هذا الدفع : أن ضابط الدوران بين المحذورين ـ وهو احتمال الموافقة والمخالفة في كل من الفعل والترك وعدم إمكان الموافقة القطعية كما في المرأة المحلوف على مباشرتها أو تركها في وقت خاص ، حيث إن في كل فعل المباشرة وتركها احتمال الموافقة والمخالفة ـ لا ينطبق على المقام ؛ لإمكان الموافقة القطعية فيه بتكرار العمل بأن يؤتى بالصلاة تارة مع الجهر بالقراءة ، وأخرى بدونه ، مع وجود احتمال المخالفة مع كل من الفعل والترك الناشئين عن احتمال المطلوبية.

غاية الأمر : أن ما لا ينطبق عليه الواجب لا يقع لغوا واقعا مع صدوره لغرض عقلائي وهو القطع بامتثال أمر الشارع.

والحاصل : أنه مع العلم الإجمالي بالتكليف وإمكان الامتثال القطعي ولو بالاحتياط المستلزم لتكرار العمل لا يحكم العقل بالتخيير بين الفعل والترك ، ولا يرخص في ترك الإطاعة.

(٣) أي : الشيء الذي دار أمره بين الجزئية والمانعية والقاطعية ، أو بين الشرطية والمانعية والقاطعية ، وضمير «بدونه» راجع على «ذلك الشيء».

(٤) نعم ؛ لو لم يتمكن من الإتيان مرتين ، كما لو كان الوقت ضيقا ـ مثلا ـ كان من دوران الأمر بين المحذورين ، ويكون المرجع التخيير.

٤٦٧

خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدس‌سره»

يتخلص البحث في أمور :

١ ـ بيان صور المسألة :

١ ـ دوران شيء بين جزئيته ومانعيته كالاستعاذة بعد تكبيرة الإحرام.

٢ ـ دورانه بين جزئيته وقاطعيته كما إذا فرض أن الاستعاذة إن لم تكن جزءا كانت من القواطع المبطلة للصلاة.

٣ ـ دورانه بين الشرطية والمانعية كالجهر بالقراءة في ظهر الجمعة.

٤ ـ دورانه بين الشرطية والقاطعية كجواب السلام في أثناء الصلاة لا يعلم أنه شرط أم قاطع.

٢ ـ المصنف بنى على جريان حكم المتباينين في المقام ، حيث إنه لا جامع بين المشروط بشيء والمشروط بشرط لا ؛ إذ لا جامع بين الوجود والعدم ، فلا يمكن الإتيان بهما معا ، ويمكن الاحتياط بإتيان الطبيعة المأمور بها مع كليهما.

هذا ضابط المتباينين ، فلا يكون المقام من دوران الأمر بين المحذورين كما ذهب إليه الشيخ «قدس‌سره» ، بتقريب : أنه على تقدير جزئية الشيء أو شرطيته يجب الإتيان به وعلى فرض مانعيته أو قاطعيته يحرم الإتيان به ، وهذا معنى الدوران بين المحذورين.

٣ ـ قد أجاب المصنف عن قول الشيخ : بأن ضابط الدوران بين المحذورين هو احتمال الموافقة والمخالفة في كل من الفعل والترك ، وعدم إمكان الموافقة القطعية ، وهذا الضابط لا ينطبق على المقام لإمكان الموافقة القطعية بتكرار العمل ؛ بأن يؤتى بالصلاة تارة مع الجهر بالقراءة وأخرى بدونه.

٤ ـ رأي المصنف «قدس‌سره» :

إن حكم المقام من قبيل دوران الأمر بين المتباينين. فيجب الاحتياط فيه كما يجب في دوران الأمر بين المتباينين.

٤٦٨

فهرس الجزء الخامس

في الكشف والحكومة............................................................. ٥

عدم الإهمال في النتيجة على الحكومة.............................................. ١١

التفصيل في إهمال النتيجة وتعيينها على الكشف.................................... ١٤

طرق تعميم النتيجة على الكشف................................................. ٢٥

الطريق الثالث من طرق تعميم النتيجة............................................. ٣١

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................. ٣٤

إشكال خروج القياس من عموم النتيجة............................................ ٤١

محذور النهي عن العمل بالقياس إذا كان مطابقا للواقع............................... ٤٧

قياس حجية الظن في حال الانسداد بحجية العلم في حال الانفتاح..................... ٥٠

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................. ٥٨

في الظّن المانع والممنوع........................................................... ٦٣

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................. ٦٨

الظّن بألفاظ الآية أو الرواية...................................................... ٦٩

تقليل الاحتمالات المتطرقة في الرواية............................................... ٧٣

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................. ٧٦

الظن بالاشتغال والامتثال........................................................ ٧٩

الظّن في الأمور الاعتقادية....................................................... ٨٣

الاستدلال على كفاية الظن في أصول الدين........................................ ٩١

أقسام الجاهل القاصر من حيث المعذورية وعدمها................................... ٩٥

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................. ٩٧

جبر السند أو الدلالة بالظن غير المعتبر............................................ ٩٩

٤٦٩

الجبر والوهن والترجيح بمثل القياس............................................... ١٠٩

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ١١٢

المقصد السابع : في الأصول العملية............................................. ١١٥

في أصالة البراءة............................................................... ١٢٣

الاستدلال بالكتاب على البراءة................................................. ١٢٤

الإشكال على الاستدلال بالآية على البراءة...................................... ١٢٦

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ١٢٨

الاستدلال بالسنة على البراءة................................................... ١٣٠

تقريب الاستدلال بحديث الرفع على البراءة....................................... ١٣٢

توضيح اعتراض المصنف على الشيخ الأنصاري................................... ١٣٨

توضيح ما هو المرفوع بحديث الرفع.............................................. ١٤٢

توضيح بعض العناوين المذكورة في حديث الرفع.................................... ١٤٦

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ١٤٨

الاستدلال بحديث الحجب على البراءة........................................... ١٥٠

الإشكال على أن الاستدلال بحديث الحجب..................................... ١٥٢

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ١٥٣

الاستدلال بحديث السعة على البراءة............................................ ١٥٦

توضيح الجواب عن الاستدلال بحديث السعة..................................... ١٥٩

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ١٦١

الاستدلال بحديث «كل شيء مطلق» على البراءة................................ ١٦٢

توضيح بعض عبارات المتن..................................................... ١٦٧

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ١٦٩

الاستدلال بالإجماع على البراءة................................................. ١٧١

الاستدلال بالعقل على البراءة................................................... ١٧٣

توضيح الإشكال على الاستدلال بالعقل على البراءة............................... ١٧٥

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ١٨٢

٤٧٠

في أدلة الأخباريين على وجوب الاحتياط......................................... ١٨٤

الاستدلال بالسنة على وجوب الاحتياط......................................... ١٨٦

توضيح إشكال المصنف على الشيخ الأنصاري.................................... ١٩١

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٢٠١

في الاستدلال بالعقل على وجوب الاحتياط...................................... ٢٠٦

توضيح الإشكال على الاستدلال بالعقل......................................... ٢٠٩

توضيح بعض عبارات المتن..................................................... ٢١٣

الاستدلال بحكم العقل بالحظر في الأفعال غير الضرورية على وجوب الاحتياط........ ٢١٧

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٢٢٣

تنبيهات البراءة................................................................ ٢٢٦

التنبيه الأول من تنبيهات البراءة هو اشتراط جريان البراءة بعدم وجود أصل موضوعي... ٢٢٦

بيان أقسام الشبهة الموضوعية مع أحكامها....................................... ٢٢٨

إشكال المصنف على الشيخ الأنصاري في تفسير الميتة............................. ٢٣٥

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٢٤١

التنبيه الثاني : في تصحيح الاحتياط في العبادة مع الشك في الأمر................... ٢٤٤

توضيح الإشكال على الاحتياط في العبادة والمناقشة فيه............................ ٢٤٥

توضيح إشكال المصنف على جواب الشيخ الأنصاري على إشكال الاحتياط في العبادة ٢٥١

ما هو مختار المصنف في الجواب عن إشكال الاحتياط في العبادة..................... ٢٥٦

تصحيح الاحتياط في العبادة بأخبار من بلغ...................................... ٢٦٠

بيان مفاد أخبار من بلغ....................................................... ٢٦٢

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٢٦٩

التنبيه الثالث : في دفع توهم لزوم الاحتياط في الشبهات التحريمية الموضوعية.......... ٢٧٥

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٢٨١

التنبيه الرابع : في التبعيض في الاحتياط المخل بالنظام.............................. ٢٨٣

٤٧١

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٢٨٧

فصل : في دوران الأمر بين المحذورين أو أصالة التخيير............................. ٢٨٩

توضيح بعض عبارات المتن..................................................... ٢٩١

توضيح التوهم مع المقدمة مع الجواب عنه......................................... ٢٩٥

توضيح بعض عبارات المتن..................................................... ٢٩٩

اعتراض المصنف على الشيخ الأنصاري.......................................... ٣٠٤

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٣١٠

في أصالة الأشغال............................................................. ٣١٥

الأقوال المعروفة في المسألة...................................................... ٣١٨

بطلان التفصيل بين الشبهة المحصورة وغيرها...................................... ٣٢٦

اعتراض المصنف على الشيخ الأنصاري.......................................... ٣٢٩

في منجزية العلم الإجمالي في التدريجيات.......................................... ٣٣٢

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٣٣٤

في تنبيهات الاشتغال.......................................................... ٣٣٧

التنبيه الأول : مانعية الاضطرار عن تنجيز التكليف بالعلم الإجمالي.................. ٣٣٧

الخلاف بين الشيخ والمصنف................................................... ٣٣٨

توضيح بعض عبارات المتن..................................................... ٣٤٠

دفع الإشكال مع المقدمة....................................................... ٣٤٣

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٣٤٥

التنبيه الثاني : في خروج بعض الأطراف عن محل الابتلاء........................... ٣٤٦

توضيح بعض عبارات المتن..................................................... ٣٤٩

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٣٥٣

التنبيه الثالث : في الشبهة غير المحصورة.......................................... ٣٥٥

في الأقوال في تعريف الشبهة غير المحصورة........................................ ٣٥٩

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٣٦٠

التنبيه الرابع : في حكم الملاقي في بعض أطراف العلم الإجمالي...................... ٣٦٢

٤٧٢

توضيح بعض عبارات المتن..................................................... ٣٦٥

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٣٧٤

المقام الثاني : في دوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين............................... ٣٧٦

توضيح بعض عبارات المتن..................................................... ٣٧٩

دعوى انحلال العلم الإجمالي مخالفة للغرض....................................... ٣٨٢

الخلاف بين العدلية والأشاعرة في كون الحكام تابعة للمصالح والمفاسد................ ٣٨٦

إشكال المصنف على الشيخ الأنصاري.......................................... ٣٩٢

الوجه الثالث والرابع من وجوه الإشكال على الشيخ الأنصاري....................... ٣٩٧

في عدم وجوب الاحتياط شرعا................................................. ٤٠٠

في وجه عدول المصنف عن البراءة عن الحكم التكليفي إلى البراءة في الحكم الوضعي.... ٤٠٣

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٤٠٦

في حكم الأجزاء التحليلية...................................................... ٤١١

في تنبيهات الأقل والأكثر : الأول : الشك في الشرطية والخصوصية.................. ٤١٥

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٤١٩

الثاني : حكم ناسي الجزئية..................................................... ٤٢١

جواب المصنف على إشكال الشيخ بوجهين...................................... ٤٢٥

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٤٢٨

الثالث : في زيادة الجزء عمدا أو سهوا........................................... ٤٣٠

يقول المصنف بالصحة في جميع موارد الزيادة العمدية والسهوية...................... ٤٣٥

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٤٣٨

الرابع : في تعذر الجزء أو الشرط................................................ ٤٤١

قاعدة الميسور................................................................ ٤٤٧

توضيح الإشكال على الاستدلال بقوله «إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم» على قاعدة الميسور         ٤٥٠

المناقشة في رواية «ما لا يدرك كله لا يترك كله»................................... ٤٥٦

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٤٦٣

٤٧٣

في دوران الأمر بين الجزئية والشرطية وبين المانعية والقاطعية.......................... ٤٦٦

خلاصة البحث مع رأي المصنف................................................ ٤٦٨

الفهرس...................................................................... ٤٦٩

٤٧٤