التيسير في التفسير للقرآن - ج ٧

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٧

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢

مهّدا ، يتلاعنان في دورهما ، ويتبرّأ كل منهما من صاحبه ، يقول لقرينه : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) ، فيجيبه الأشقى على رثوثة : (يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولاً) ، فأنا الذكر الذي عنه ضلّ ، والسبيل الذي عنه مال ، والإيمان الذي به كفر ، والقرآن الذي إيّاه هجر ، والدّين الذي به كذب ، والصراط الذي عنه نكب (١).

وقال أبو جعفر : «ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم آل محمد حقهم ، إنكم في العذاب مشتركون (٢).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام ـ في حديث يذكر فيه حال الكافرين يوم القيامة ـ قال : «ثم يدفع ـ يعني الكافر ـ في صدره دفعة ، فيهوي على رأسه سبعين ألف عام حتى يواقع الحطمة ، فإذا واقعها دقّت عليه وعلى شيطانه ، وجاذبه الشيطان بالسلسلة ، كلما رفع رأسه ونظر إلى قبح وجهه ، كلح في وجهه ، قال : فيقول : (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) ، ويحك كما أغويتني أحمل عني من عذاب الله من شيء. فيقول : يا شقي ، كيف أحمل عنك من عذاب الله من شيء ، وأنا وأنت في العذاب مشتركون (٣).

* س ١١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٤٠) فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) (٤٢) [سورة الزخرف : ٤٠ ـ ٤٢]؟!

الجواب / ١ ـ قال الشيخ الطبرسي (رحمه‌الله) : (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ

__________________

(١) الكافي : ج ٨ ، ص ٢٧ ، ح ٤.

(٢) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٥٧ ، ح ١٣.

(٣) الاختصاص : ص ٣٦٢.

٦١

تَهْدِي الْعُمْيَ) شبه الكفار في عدم انتفاعهم بما يسمعونه ويرونه بالصم والعمي ((وَمَنْ كانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) أي بين ظاهر مضاف.

٢ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «فإمّا نذهبن بك يا محمد من مكة إلى المدينة ، فإنّا رادوك إليها ومنتقمون منهم بعلي بن أبي طالب عليه‌السلام (١).

وقال محمد بن علي عليهما‌السلام ، قال جابر بن عبد الله الأنصاري : إني لأدناهم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجة الوداع بمنى ، فقال : «لأعرفنكم ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، وأيم الله لئن فعلتموها لتعرفنّي في الكتيبة التي تضاربكم. ثم التفت إلى خلفه [فقال] : «أو علي أو علي أو علي ثلاثا ، فرأينا أن جبرئيل عليه‌السلام غمزه ، وأنزل الله عزوجل : (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) بعلي (أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ)(٢) ، ثم نزلت : (قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَإِنَّا عَلى أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ)(٣) ، ثم نزلت : (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ) من أمر علي بن أبي طالب (إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ)(٤) وإن عليا لعلم للساعة لك ولقومك ولسوف تسألون عن محبة علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٥).

٣ ـ قال الشيخ الطبرسيّ (رحمه‌الله تعالى) : «أو نريك الذي واعدناهم معناه : أو نبقينك ونرينك في حياتك ما وعدناهم من العذاب (فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) أي قادرون على الانتقام منهم ، وعقوبتهم في حياتك : وبعد وفاتك (٦).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٤.

(٢) الزخرف : ٤٢.

(٣) المؤمنون : ٩٣ ـ ٩٦.

(٤) الزخرف : ٤٣.

(٥) الأمالي : ج ١ ، ص ٣٧٣.

(٦) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٨٣.

٦٢

* س ١٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) (٤٤) [سورة الزخرف : ٤٣ ـ ٤٤]؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام : «... ثم أوحى الله إلى نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ) في علي عليه‌السلام (إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، يعني إنك على ولاية علي ، وعليّ هو الصراط المستقيم (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله تبارك وتعالى : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) ، قال : «الذكر : القرآن ، ونحن قومه ، ونحن المسؤولون (٢).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذكر ، وأهل بيته (صلوات الله عليهم) أهل الذكر ، وهم المسؤولون ، أمر الله الناس يسألونهم ، فهم ولاة الناس وأولاهم ، فليس يحل لأحد من الناس أن يأخذ هذا الحق الذي افترضه الله لهم (٣).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «قوله : (وَلِقَوْمِكَ) يعني عليا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) (وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) عن ولايته (٤).

* س ١٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ)(٤٥) [سورة الزخرف : ٤٥]؟!

الجواب / قال أبو الربيع : حججنا مع أبي جعفر عليه‌السلام ، في السنة التي

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٦.

(٢) الكافي : ج ١ ، ص ١٦٤ ، ح ٥ ، وبصائر الدرجات : ص ٥٧ ، ح ١.

(٣) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٦١ ، ح ٢٥.

(٤) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٦٢ ، ح ٢٧.

٦٣

حج فيها هشام بن عبد الملك ، وكان معه نافع مولى عمر بن الخطّاب ، فنظر نافع إلى أبي جعفر عليه‌السلام في ركن البيت ، وقد اجتمع عليه الناس ، فقال : يا أمير المؤمنين ، من هذا الذي قد تداكّ عليه الناس؟ فقال : هذا نبيّ أهل الكوفة ، هذا محمد بن علي. فقال : اشهد لآتينّه ، فلأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها إلا نبي أو ابن نبيّ أو وصيّ نبي. قال : فاذهب فاسأله لعلك تخجله.

فجاء نافع حتى اتكأ على الناس ، ثم أشرف على أبي جعفر عليه‌السلام ، فقال : يا محمد بن علي ، إني قرأت التوراة والأنجيل والزبور والفرقان ، وقد عرفت حلالها وحرامها ، وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيب فيها إلا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي. قال : فرفع أبو جعفر عليه‌السلام رأسه ، فقال : «سل عما بدا لك فقال : أخبرني كم بين عيسى ومحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من سنة؟ فقال : «أخبرك بقولي أو بقولك؟ قال : أخبرني عن القولين جميعا. قال : «أما في قولي فخمس مائة سنة ، وأما في قولك فست مائة سنة.

قال : فأخبرني عن قول الله عزوجل لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) ، من الذي سأل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان بينه وبين عيسى خمس مائة سنة؟ [قال :] فتلا أبو جعفر عليه‌السلام هذه الآية : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا)(١) ، فكان من الآيات التي أراها الله تبارك وتعالى محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث أسرى به إلى بيت المقدس أن حشر الله عزّ ذكره الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين ، ثم أمر جبرئيل عليه‌السلام فأذن شفعا ، وأقام شفعا ، وقال في أذانه : حي على خير العمل ، ثم تقدم

__________________

(١) الإسراء : ١.

٦٤

محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فصلى بالقوم ، فلما انصرف ، قال [لهم] : على ما تشهدون؟ وما كنتم تعبدون؟ قالوا : نشهد أن لا إله لا الله وحده لا شريك له ، وأنك رسول الله ، أخذ على ذلك عهودنا ومواثيقنا. قال نافع : صدقت ، يا أبا جعفر (١). وأضاف في تفسير القمّي : أنتم والله أوصياء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخلفاؤه في التوراة ، وأسماؤكم في الإنجيل والزبور وفي القرآن ، وأنتم أحق بالأمر من غيركم (٢).

وقال الطبرسي : عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : ، في قوله تعالى : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا) : «فهذا من براهين نبينا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي أتاه الله إياها ، وأوجب به الحجة على سائر خلقه ، لأنه لما ختم به الأنبياء ، وجعله الله رسولا إلى جميع الأمم ، وسائر الملل ، خصه بالارتقاء إلى السماء عند المعراج ، وجمع له يومئذ الأنبياء ، فعلم منهم ما أرسلوا به وحملوه من عزائم الله وآياته وبراهينه ، وأقروا أجمعين بفضله ، وفضل الأوصياء والحجج في الأرض من بعده ، وفضل شيعة وصيّة من المؤمنين والمؤمنات ، الذين سلّموا لأهل الفضل فضلهم ، ولم يستكبروا عن أمرهم ، وعرف من أطاعهم وعصاهم من أممهم ، وسائر من مضى ومن غبر ، أو تقدم أو تأخر (٣).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لما عرج بي إلى السماء ، انتهى بي المسير مع جبرئيل إلى السماء الرابعة ، فرأيت بيتا من ياقوت أحمر ، فقال لي جبرئيل : يا محمد ، هذا البيت المعمور ، خلقه الله قبل خلق السماوات والأرضين بخمسين ألف عام ، فصل فيه. فقمت للصلاة ، وجمع الله النبيين والمرسلين ، فصفهم جبرئيل صفا ، فصليت بهم.

__________________

(١) الكافي : ج ٨ ، ص ١٢٠ ، ح ٩٣.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٥.

(٣) الاحتجاج : ص ٢٤٨.

٦٥

فلما سلّمت أتاني آت من عند ربي ، فقال : يا محمد ، ربك يقرئك السلام ، ويقول لك : سل الرسل : على ماذا أرسلتم من قبلي؟ فقلت : معاشر الأنبياء والرسل ، على ماذا بعثكم ربي قبلي؟ قالوا : على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب ، وذلك قوله تعالى : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا)(١).

* س ١٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ (٤٧) وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (٤٨) [سورة الزخرف : ٤٦ ـ ٤٨]؟!

الجواب / أقول : في هذه الآيات إشارة إلى جانب مما جرى بين نبي الله موسى بن عمران عليه‌السلام وبين فرعون ، ليكون جوابا لمقالة المشركين التي لا أساس لها بأن الله إن كان يريد أن يرسل رسولا ، فلماذا لم يختر رجلا من أثرياء مكة والطائف لهذه المهمة العظمى؟

وذلك لأن فرعون كان قد أشكل على موسى نفس هذا الإشكال ، وكان منطقه عين هذا المنطق ، إذ جعل موسى في معرض التقريع والتوبيخ والسخرية للباسه الصوفي وعدم امتلاكه لأدوات الزينة ، ويبلغ أمير المؤمنين علي عليه‌السلام في هذا الباب غايته حيث يقول : «ولقد دخل موسى بن عمران وأخوه هارون عليهما‌السلام على فرعون وعليهما مدارع الصوف وبأيديهما العصي ، فشرطا له أن أسلم بقاء ملكه ودوام عزّه ، فقال : ألا تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العز وبقاء الملك وهما بما ترون من حال الفقر والذل ، فهلّا ألقي عليهما

__________________

(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٦٣ ، ح ٣٠.

٦٦

أساورة من ذهب ، إعظاما للذهب وجمعه ، واحتقارا للصوف ولبسه ، ولو أراد الله سبحانه بأنبيائه حيث بعثهم أن فتح لهم كنوز الذهبان ، ومعادن العقيان ، ومغارس الجنان ، وأن يحشر معهم طيور السماء ووحوش الأرض لفعل ، ولو فعل لسقط البلاء ، وبطل الجزاء (١).

فقالت الآية الأولى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ).

المراد من الآيات : المعجزات التي كانت لدى موسى ، والتي كان يثبت حقانيته بواسطتها ، وكان أهمها العصا واليد البيضاء. الملاء ، من مادة الملأ ، أي القوم أو الجماعة الذين يتبعون هدفا واحدا ، وظاهرهم يملأ العيون لكثرتهم ، وقرآنيا فإن هذه الكلمة تعني الأشراف والأثرياء أو رجال البلاط عادة.

والتأكيد على صفة : (رَبِّ الْعالَمِينَ) هو في الحقيقة من قبيل بيان مدعى مقترن بالدليل ، لأن من هو ربّ العالمين ومالكهم ومعلمهم هو الذي له أهلية العبودية ، لا المخلوقات الضعيفة المحتاجة كالفراعنة والأصنام!

ولنر الآن ماذا كان أول تعامل لفرعون وآل فرعون مع الأدلة المنطقية والمعجزات البينة لموسى عليه‌السلام؟

يقول القرآن الكريم في الآية التالية : (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) وهذا الموقف هو الموقف الأول لكل الطواغيت والجهال المستكبرين أمام القادة الحقيقيين ، إذ لا يأخذون دعوتهم وأدلتهم بجدية ليبحثوا فيها ويصلوا إلى الحقيقة ، ثم يجيبونهم بسخرية واستهزاء ليفهموا الآخرين أن دعوة هؤلاء لا تستحق البحث والتحقيق والإجابة أصلا ، وليست

__________________

(١) نهج البلاغة ، الخطبة ١٩٢ الخطبة القاصعة.

٦٧

أهلا للتلقي الجاد.

إلا أننا أرسلنا بآياتنا الواحدة تلو الأخرى لإتمام الحجة : (وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها)(١) والخلاصة : أننا أريناهم من آياتنا ما كل واحدة أعظم من أختها وأبلغ وأشد ، لئلا يبقى لهم أي عذر وحجة ولينزلوا عن دابة الغرور والعجب والأنانية ، وقد أريناهم بعد معجزتي العصا واليد البيضاء معاجز الطوفان والجراد والقمل والضفادع وغيرها.

ثم تضيف الآية : (وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فمرة أتاهم الجفاف والقحط ونقص الثمرات كما جاء في الآية : (وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ)(٢).

وكان العذاب أحيانا بتبدل لون ماء النيل إلى لون الدم ، فلم يعد صالحا للشرب ، ولا للزراعة ، وأحيانا كانت الآفات النباتية تقضي على مزارعهم.

* س ١٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠) وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ (٥٢) فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (٥٤) [سورة الزخرف : ٤٩ ـ ٥٤]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : ثم حكى قول فرعون وأصحابه

__________________

(١) التعبير بالأخت في لغة العرب يعني ما يوازي الشيء في الجنس والمرتبة كالأختين في الموازاة.

(٢) الأعراف : ١٣٠.

٦٨

[لموسى عليه‌السلام] ، فقال : (وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) أي يا أيها العالم (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ).

[أقول : إلا أن موسى رغم كل هذه التعبيرات اللاذعة والمحقرة لم يكف عن السعي لهدايتهم مطلقا ، ولم ييأس نتيجة عنادهم وتعصبهم ، بل استمر في طريقه ، ودعا ربه مرات كي تهدأ عواصف البلاد ، وهدأت ، لكنهم كما تقول الآية التالية : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) وإن التعبير ب «نادى يوحي بأن فرعون قد عقد مجلسا عظيما لخبراء البلد ومستشاريه ، وخاطبهم جميعا بصوت عال فقال ما قال أو أنه أمر أن يوزع نداؤه كرسالة في جميع أنحاء البلاد.

والتعبير بالأنهار ، المراد منه نهر النيل ، بسبب أن هذا النهر العظيم كالبحر المترامي الأطراف ، وكان يتشعب إلى فروع كثيرة تروي كل المناطق العامرة في مصر.

قال بعض المفسرين : كان لنهر النيل (٣٦٠) فرعا ، وكان أهمها : نهر الملك ، ونهر طولون ، ونهر دمياط ، ونهر تنيس.

أما لماذا يؤكد فرعون على نهر النيل خاصة؟ فذلك لأن كل عمران مصر وثروتها وقوتها وتطورها كان يستمد طاقته من النيل من هنا فإن فرعون كان يدلّ به ، ويفتخر به على موسى. والتعبير ب (تَجْرِي مِنْ تَحْتِي) لا يعني أن نهر النيل يمر من تحت قصري ، كما قال ذلك جمع من المفسرين ، لأن نهر النيل كان أعظم من أن يمر من تحت قصر فرعون ، وإن كان المراد أنه كان يمر بمحاذاة قصره ، فإن كثيرا من قصور مصر كانت على هذه الحال ، وكان أغلب العمران على حافتي هذا الشط العظيم ، بل المراد أن هذا النهر تحت أمري ، ونظام تقسيمه على المزارع والمساكن حسب التعليمات التي أريدها].

٦٩

ثم قال فرعون : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) يعني موسى (وَلا يَكادُ يُبِينُ) ، قال : لم يبن الكلام ، ثم قال : (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ) أي هلا ألقي عليه أسورة (مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ)؟ يعني مقارنين (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ) لما دعاهم (فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ)(١).

* س ١٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥) فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ) (٥٦) [سورة الزخرف : ٥٥ ـ ٥٦]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله عزوجل : (فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) فقال : «إن الله عزوجل لا يأسف كأسفنا ، ولكنه خلق أولياء لنفسه ، يأسفون ويرضون ، وهم مخلوقون مربوبون ، فجعل رضاهم رضا نفسه ، وسخطهم سخط نفسه ، لأنه جعلهم الدعاة إليه ، والأدلاء عليه ، فلذلك صاروا كذلك ، وليس أن ذلك يصل إلى الله كما يصل إلى خلقه ، لكن هذا معنى ما قال من ذلك ، وقد قال : من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة ودعاني إليها. وقال : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ)(٢) ، وقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ)(٣).

فكل هذا وشبهه على ما ذكرت لك ، وهكذا الرضا والغضب وغيرهما من الأشياء مما يشاكل ذلك ، ولو كان يصل إلى الله الأسف والضجر ، وهو الذي خلقهما وأنشأهما ، لجاز لقائل هذا أن يقول : إن الخالق يبيد يوما ، لأنه إذا دخله الغضب والضجر ، دخله التغيير ، وإذا دخله التغيير لم يؤمن عليه الإبادة ، ثم لم يعرف المكوّن من المكوّن ، ولا القادر من المقدور عليه ، ولا

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٥.

(٢) النساء : ٨٠.

(٣) الفتح : ١٠.

٧٠

الخالق من المخلوق ، تعالى الله عن هذا [القول] علوا كبيرا ، بل هو الخالق للأشياء لا لحاجة ، فإذا كان لا لحاجة استحال الحد والكيف فيه ، فافهم إن شاء الله تعالى (١).

وقال علي بن إبراهيم القمي : (فَلَمَّا آسَفُونا) أي عصونا (انْتَقَمْنا مِنْهُمْ) لأنه لا يأسف عزوجل كأسف الناس (٢).

٢ ـ أقول : تقول الآية الثانية كاستخلاص لنتيجة مجموع ما مر من كلام : (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ).

السلف في اللغة يعني كل شيء متقدم ، ولذلك يقال للأجيال السابقة : سلف ، وللأجيال الآتية : خلف ، ويسمون المعاملات التي تتم قبل الشراء سلفا ، لأن ثمن المشتري يدفع من قبل.

والمثل يقال للكلام الدائر بين الناس كعبرة ، ولما كانت قصة فرعون والفراعنة ومصيرهم المؤلم عبرة عظمى ، فقد ذكرت في هذه القصة كعبرة للأقوام الآخرين.

* س ١٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ (٥٧) وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاَّ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ (٥٨) إِنْ هُوَ إِلاَّ عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ (٥٩) وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ) (٦٠) [سورة الزخرف : ٥٧ ـ ٦٠]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «قال بينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ١١٢ ، ح ٦ ، والتوحيد : ص ١٦٨ ، ح ٢.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٥.

٧١

جالسا ، إذ أقبل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن فيك شبها من عيسى بن مريم ، لو لا أن تقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصارى في عيسى بن مريم ، لقلت فيك قولا لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك ، يلتمسون بذلك البركة. قال : فغضب الأعرابيان والمغيرة بن شعبة وعدّة من قريش ، فقالوا : ما رضي أن يضرب لابن عمه مثلا إلا عيسى بن مريم! فأنزل الله على نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ وَقالُوا أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنا عَلَيْهِ وَجَعَلْناهُ مَثَلاً لِبَنِي إِسْرائِيلَ وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ) يعني من بني هاشم (مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ).

[وفي رواية قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الصّدود في العربية : الضحك](١).

قال : فغضب الحارث بن عمرو الفهري ، فقال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك أن بني هاشم يتوارثون هرقلا بعد هرقل ؛ فأمطر علينا حجارة من السماء ، أو ائتنا بعذاب أليم ، فأنزل الله عليه مقالة الحارث ، ونزلت عليه هذه الآية : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)(٢) ، ثم قال له : يا بن عمرو ، إما تبت ، وإما رحلت. فقال : يا محمد بل تجعل لسائر قريش شيئا مما في يدك ، فقد ذهبت بنو هاشم بمكرمة العرب والعجم ، فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ليس ذلك إليّ ، ذلك إلى الله تبارك وتعالى ، فقال : يا محمد ، قلبي ما يتابعني على التوبة ، ولكن أرحل عنك ؛ فدعا براحلته فركبها ، فلما صار بظهر المدينة ، أتته جندلة فرضخت هامته ، ثم أتى الوحي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ) بولاية علي (لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللهِ ذِي الْمَعارِجِ)(٣).

__________________

(١) معاني الأخبار : ص ٢٢٠ ، ح ١.

(٢) الأنفال : ٣٣.

(٣) المعارج : ١ ـ ٣.

٧٢

قال أبو بصير : قلت له : جعلت فداك إنا لا نقرؤها هكذا ، فقال : «هكذا والله نزل بها جبرئيل على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهكذا والله مثبت في مصحف فاطمة عليها‌السلام. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمن حوله من المنافقين : انطلقوا إلى صاحبكم ، فقد أتاه ما استفتح به ؛ قال الله عزوجل : (وَاسْتَفْتَحُوا وَخابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)(١).

* س ١٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١) وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)(٦٢) [سورة الزخرف : ٦١ ـ ٦٢]؟!

الجواب / قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في حديث ـ : «وإن عليا لعلم للساعة لك ولقومك ولسوف تسألون عن علي بن أبي طالب (٢).

وقال شرف الدين النجفي : جاء في تفسير أهل البيت عليهم‌السلام : أن الضمير في (إنّه) يعود إلى علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، لما روي بحذف الإسناد ، عن زرارة بن أعين ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ) ، قال : «عنى بذلك أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا علي ، أنت علم هذه الأمة ، فمن اتبعك نجا ، ومن تخلف عنك هلك وهوى (٣).

وقال علي بن إبراهيم : ثم ذكر الله خطر أمير المؤمنين عليه‌السلام وعظم شأنه عنده تعالى ، فقال : (وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِها وَاتَّبِعُونِ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) يعني أمير المؤمنين عليه‌السلام (٤).

__________________

(١) الكافي : ج ٨ ، ص ٥٧ ، ح ١٨ ، والآية من سورة إبراهيم : ١٥.

(٢) المناقب : ص ٢٧٥ ، ح ٣٢١.

(٣) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٧٠ ، ح ٤٥.

(٤) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٦.

٧٣

وقال عبد الرحمن بن كثير ، قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : [قوله تعالى] : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ)(١)؟ فقال : «الذّكر : القرآن ، ونحن قومه ، ونحن المسؤولون (وَلا يَصُدَّنَّكُمُ الشَّيْطانُ) يعني الثاني ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)(٢).

* س ١٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ قالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (٦٣) إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦٤) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ)(٦٥) [سورة الزخرف : ٦٣ ـ ٦٥]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي : ثم أخبر سبحانه عن حال عيسى عليه‌السلام حين بعثه الله نبيا فقال : (وَلَمَّا جاءَ عِيسى بِالْبَيِّناتِ) أي بالمعجزات الدالة على نبوته. وقيل : بالإنجيل ... (قالَ) لهم (قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ) أي بالنبوة ... وقيل : بالعلم بالتوحيد ، والعدل والشرائع. (وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ) قيل : إن المعنى كل الذي تختلفون فيه ، كقول لبيد : «أو يخترم بعض النفوس حمامها أي كل النفوس ، وكقول القطامي : (قد يدرك المتأني بعض حاجته ، وقد يكون من المستعجل الزلل) أي كل حاجته ... قال الزجاج : والصحيح أن البعض لا يكون في معنى الكل ، والذي جاء به عيسى في الإنجيل. إنما هو بعض الذي اختلفوا فيه. وبين لهم في غير الإنجيل ما احتاجوا إليه. وقول الشاعر : «أو يخترم بعض النفوس حمامها إنما يعني نفسه. وقيل : معناه لأبين لكم ما تختلفون فيه من أمور الدين دون أمور

__________________

(١) الزخرف : ٤٤.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٦.

٧٤

الدنيا. (فَاتَّقُوا اللهَ) بأن تجتنبوا معاصيه ، وتعملوا بالطاعات (وَأَطِيعُونِ) فيما أدعوكم إليه (إِنَّ اللهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ) الذي تحق له العبادة (فَاعْبُدُوهُ) خالصا ، ولا تشركوا به شيئا. (هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) يفضي بكم إلى الجنة ، وثواب الله. (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ) يعني اليهود والنصارى اختلفوا في أمر عيسى (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ) قد مر تفسير الآية في سورة مريم (١).

* س ٢٠ : ما هو معنى قوله تعالى :

(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٦٦) [سورة الزخرف : ٦٦]؟!

الجواب / قال زرارة بن أعين ، سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً) ، قال : «هي ساعة القائم عليه‌السلام ، تأتيهم بغتة (٢).

* س ٢١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(الْأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ) (٦٧) [سورة الزخرف : ٦٧]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام ـ في حديث أبي بصير ـ قال له : «يا أبا محمد (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) ، والله ما أراد بهذا غيركم (٣).

وقال علي بن إبراهيم ، في معنى الآية : يعني : الأصدقاء يعادي بعضهم بعضا ، قال : وقال الصادق صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ألا كل خلة كانت في الدنيا في غير الله ،

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٩١.

(٢) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٧١ ، ح ٤٦.

(٣) الكافي : ج ٨ ، ص ٣٥ ، ح ٦.

٧٥

فإنها تصير عداوة يوم القيامة.

وقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «وللظالم غدا بكفّه عضّة ، والرحيل وشيك ، وللأخلاء ندامة إلا المتقين (١).

وقال علي عليه‌السلام ، في خليلين مؤمنين ، وخليلين كافرين ، ومؤمن غني ومؤمن فقير ، وكافر غني وكافر فقير : «فأما الخليلان المؤمنان فتخالا حياتهما في طاعة الله تبارك وتعالى ، وتباذلا عليها وتوادّا عليها ، فمات أحدهما قبل صاحبه ، فأراه الله منزله في الجنة ، يشفع لصاحبه ، فقال : يا رب خليلي فلان ، كان يأمرني بطاعتك ، ويعينني عليها ، وينهاني عن معصيتك ، فثبته على ما ثبتني عليه من الهدى حتى تريه ما أريتني ؛ فيستجيب الله له حتى يلتقيان عند الله عزوجل ، فيقول كل واحد لصاحبه : جزاك الله من خليل خيرا ، كنت تأمرني بطاعة الله ، وتنهاني عن معصيته.

وأما الكافران فتخالا بمعصية الله ، وتباذلا عليها ، وتوادّا عليها ، فمات أحدهما قبل صاحبه ، فأراه الله تعالى منزله في النار. فقال : يا ربّ خليلي فلان كان يأمرني بمعصيتك ، وينهاني عن طاعتك ، فثبته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتى تريه ما أريتني من العذاب ؛ فيلتقيان عند الله يوم القيامة ، يقول كل واحد منهما لصاحبه : جزاك الله عني من خليل شرّا ، كنت تأمرني بمعصية الله ، وتنهاني عن طاعته. قال : ثم قرأ : (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ).

«ويدعى بالمؤمن الغنيّ يوم القيامة إلى الحساب فيقول الله تبارك وتعالى : عبدي. قال : لبيك يا رب ، قال : ألم أجعلك سميعا بصيرا ، وجعلت لك مالا كثيرا؟ قال : بلى يا رب. قال : فما أعددت للقائي؟ قال :

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٧.

٧٦

آمنت بك ، وصدقت رسلك ، وجاهدت في سبيلك. قال : فماذا فعلت فيما آتيتك؟ قال : أنفقته في طاعتك. قال : فماذا أورثت في عقبك؟ قال : خلقتني وخلقتهم ، ورزقتني ورزقتهم ، وكنت قادرا على أن ترزقهم كما رزقتني ، فوكلت عقبي إليك. فيقول الله عزوجل : صدقت ، اذهب ، فلو تعلم مالك عندي لضحكت كثيرا.

ثم يدعى بالمؤمن الفقير ، فيقول : يا عبدي ، فيقول : لبيك يا رب ، فيقول : ماذا فعلت؟ فيقول : يا رب هديتني لدينك ، وأنعمت علي ، وكففت عني ما لو بسطته لخشيت أن يشغلني عما خلقتني له. فيقول الله عزوجل : صدق عبدي لو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا.

ثم يدعى بالكافر الغني فيقول له : ما أعددت للقائي؟ فيعتل فيقول : ما أعددت شيئا. فيقول : ماذا فعلت فيما أتيتك؟ فيقول : ورثته عقبي ، فيقول : من خلقك؟ فيقول : أنت. فيقول : من رزقك؟ فيقول : أنت. فيقول : من خلق عقبك؟ فيقول : أنت. قال : ألم أك قادرا أن أرزق عقبك كما رزقتك؟ فإن قال : نسيت ، هلك ، وإن قال : لم أدر ما أنت ؛ هلك ، فيقول الله عزوجل : لو تعلم مالك عندي لبكيت كثيرا.

ثم يدعى بالكافر الفقير ، فيقول له : يا بن آدم فما فعلت فيما أمرتك؟ فيقول : ابتليتني ببلاء الدنيا حتى أنسيتني ذكرك ، وشغلتني عما خلقتني له. فيقول : فهل دعوتني فأرزقك ، وسألتني فأعطيك؟ فإن قال : رب نسيت ؛ هلك ، وإن قال : لم أدر ما أنت ؛ لك ، فيقول : لو تعلم مالك عندي لبكيت كثيرا (١).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٧.

٧٧

* س ٢٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ)(٦٨) [سورة الزخرف : ٦٨]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي (رحمه‌الله تعالى) : قوله : (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) أي يقال لهم وقت الخوف : يا عبادي! لا خوف عليكم من العذاب اليوم (وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) من فوات الثواب (١).

* س ٢٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ (٦٩) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (٧٠) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (٧١) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٧٢) لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْها تَأْكُلُونَ (٧٣) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ (٧٤) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ)(٧٦) [سورة الزخرف : ٦٩ ـ ٧٦]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا) : يعني الأئمة عليهم‌السلام (وَكانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) أي تكرمون (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ) أي قصاع وأواني (وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ) إلى قوله تعالى : (مِنْها تَأْكُلُونَ) فإنه محكم (٢).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إن الرجل في الجنة يبقى على مائدته أيام الدنيا ، ويأكل في أكلة واحدة بمقدار ما أكله في الدنيا.

ثم ذكر الله عزوجل ما أعدّه لأعداء آل محمد عليهم‌السلام ، فقال : (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) أي آيسون

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٩٣.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٨.

٧٨

من الخير ، فذلك قول أمير المؤمنين عليه‌السلام : «وأما أهل المعصية فخلدهم في النار ، وأوثق منهم الأقدام ، وغل منهم الأيدي إلى الأعناق ، وألبس أجسادهم سرابيل القطران ، وقطعت لهم منها ثياب من مقطعات النيران ، هم في عذاب قد اشتد حره ، ونار قد أطبق على أهلها ، لا تفتح عنهم أبدا ، ولا يدخلهم ريح أبدا ، ولا ينقضي لهم غم أبدا ، العذاب أبدا شديد ، والعقاب أبدا جديد ، لا الدار زائلة فتفنى ، ولا آجال القوم تقضى (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله عزوجل : (وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) ، [قال] : «وما ظلمناهم بتركهم ولاية أهل بيتك ، ولكن كانوا هم الظالمين (٢).

* س ٢٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ (٧٧) لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ)(٧٨) [سورة الزخرف : ٧٧ ـ ٧٨]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : ثم حكى نداء أهل النار ، فقال : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) قال : أي نموت ، فيقول مالك : (إِنَّكُمْ ماكِثُونَ).

ثم قال الله تعالى : (لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِ) يعني بولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام (وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) يعني لولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والدليل على أن الحق ولاية أمير المؤمنين عليه‌السلام قوله تعالى : (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ) يعني ولاية علي عليه‌السلام (فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ) آل محمد حقهم (ناراً)(٣).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٨.

(٢) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٧١ ، ح ٤٧.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٨٩ ، والآية من سورة الكهف : ٢٩.

٧٩

وقال ابن طاوس (رحمه‌الله): ـ في حديث ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، في أهل النار ـ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فإذا يئسوا من خزنة جهنم ؛ رجعوا إلى مالك مقدم الخزان ، وأملوا أن يخلصهم من ذلك الهوان ، قال الله جل جلاله : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) ، قال : فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة وهم في العذاب ، ثم يجيبهم كما قال الله تعالى في كتابه المكنون : (قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ) ، قال : فإذا يئسوا من مولاهم رب العالمين الذي كان أهون شيء عندهم في دنياهم ، وكان قد آثر كلّ واحد منهم هواه عليه مدة الحياة (١).

* س ٢٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (٧٩) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)(٨٠) [سورة الزخرف : ٧٩ ـ ٨٠]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : ثم ذكر على أثر هذا خبرهم ، وما تعاهدوا عليه في الكعبة ، أن لا يردوا الأمر في أهل بيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) إلى قوله تعالى (لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)(٢).

وقال أبو بصير قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : [قوله تعالى] : (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ)؟ قال : وهاتان الآيتان نزلتا فيهم (٣) ذلك اليوم ، قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «لعلك ترى أنه كان يوم يشبه يوم كتب الكتاب ، إلا يوم قتل الحسين عليه‌السلام ، وذلك كان سابقا في علم الله عزوجل الذي أعلمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذا كتب الكتاب قتل الحسين عليه‌السلام ، وخرج الملك من بني هاشم ، فقد كان ذلك كلّه (٤).

__________________

(١) الدروع الواقية : ص ٥٨ «مخطوط.

(٢) تفسير القمّي : ج ٢ ، ص ٢٨٩.

(٣) انظر بداية الحديث في الكافي.

(٤) الكافي : ج ٨ ، ص ١٨٠ ، ح ٢٠٢.

٨٠