قلت : (وَالْمُؤْتَفِكاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ)(١) ، قال : «أولئك قوم لوط ، ائتفكت عليهم ، انقلبت عليهم (٢).
وعن أبي عبد الله عليهالسلام ، عن أبيه عليهالسلام ـ في حديث الأسياف الخمسة ـ قال : «وأما السيف المكفوف [فسيف] على أهل البغي والتأويل ، قال الله عزوجل : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) ، فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على التنزيل فسئل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : من هو؟ فقال : خاصف النعل ، يعني أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال عمار بن ياسر : قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثلاثا وهذه الرابعة ، والله لو ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات من هجر لعلمنا أنا على الحق وأنهم على الباطل ، وكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين عليهالسلام ما كان من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في أهل مكة يوم فتح مكة ، فإنه لم يسب لهم ذرية ، وقال : من أغلق بابه فهو آمن ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ، وكذلك قال أمير المؤمنين عليهالسلام يوم البصرة ، نادى فيهم : لا تسبوا لهم ذرية ، ولا تجهزوا على جريح ، ولا تتبعوا مدبرا ، ومن أغلق بابه وألقى سلاحه فهو آمن (٣).
* س ٨ : ما هو معنى قوله تعالى :
(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (١٠) [سورة الحجرات : ١٠]؟!
الجواب / قال عبد الله بن العباس : لمّا نزلت (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) آخى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين المسلمين ، فآخى بين أبي بكر وعمر ، وبين عثمان
__________________
(١) التوبة : ٧٠.
(٢) الكافي : ج ٨ ، ص ١٨٠ ، ح ٢٠٢.
(٣) الكافي : ج ٥ ، ص ١١ ، ح ٢.
وعبد الرحمن ، وبين فلان وفلان حتى آخى بين أصحابه أجمعهم على قدر منازلهم ، ثم قال لعلي بن أبي طالب عليهالسلام : «أنت أخي وأنا أخوك (١).
وقال حذيفة بن اليمان : آخى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين الأنصار والمهاجرين أخوّة الدين ، وكان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال : «هذا أخي. قال حذيفة : فرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سيد المرسلين ، وإمام المتقين ، وسيد ولد آدم ، ورسول رب العالمين ، الذي ليس له في الأنام شبة ولا نظير ، وعلي بن أبي طالب أخوه (٢).
وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه (٣).
وقال أيضا : «مثل الأخوين مثل اليدين تغسل إحداهما الأخرى (٤).
وقال الإمام الصادق عليهالسلام : «المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد إذا اشتكى شيئا منه وجد ألم ذلك في سائر جسده وأرواحهما من روح واحدة (٥).
كما نقرأ حديثا آخر عنه عليهالسلام يقول فيه : «المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشّه ولا يعده عدة فيخلفه (٦).
* س ٩ : ما هو معنى قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)(١١) [سورة الحجرات : ١١]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم : فإنها نزلت في صفية بنت حيي بن
__________________
(١) الأمالي : ج ٢ ، ص ١٩٩.
(٢) الأمالي : ج ٢ ، ص ١٩٩.
(٣) المحجة البيضاء : ج ٣ ، ص ٣٣٢.
(٤) المصدر السابق.
(٥) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٣ ، ح ٣ و ٤.
(٦) المصدر السابق.
أخطب ، وكانت زوجة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وذلك أن عائشة وحفصة كانتا تؤذيانها وتشتمانها ، وتقولان لها : يا بنت اليهودية. فشكت ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم [لها] : «ألا تجيبيهما؟ فقالت : بماذا يا رسول الله؟ قال : «قولي : إن أبي هارون نبي الله ، وعمي موسى كليم الله ، وزوجي محمد رسول الله ، فما تنكران مني؟ فقالت لهما. فقالتا : هذا علمك رسول الله. فأنزل الله في ذلك : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ) إلى قوله تعالى : (وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ)(١).
وعن جميل بن درّاج ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : دخل عليه الطيّار وأنا عنده ، فقال [له] : جعلت فداك ، رأيت قول الله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) في غير مكان من مخاطبة المؤمنين ، أيدخل في هذا المنافقون؟ قال : «نعم ، يدخل في هذا المنافقون والضلال ، وكل من أقر بالدعوة الظاهرة (٢).
* س ١٠ : ما هو معنى قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (١٢) [سورة الحجرات : ١٢]؟!
الجواب / نذكر مجموعة من الروايات التي وردت في الكافي باب النهي عن سوء الظن وطلب عثرات المؤمنين ، والغيبة ومعناها.
قال أبو عبد الله عليهالسلام : «إذا اتهم المؤمن أخاه ، انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء (٣).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «من اتهم أخاه في دينه فلا حرمة بينهما ، ومن
__________________
(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٣٢١.
(٢) الكافي : ج ٨ ، ص ٢٧٤ ، ح ٤١٣.
(٣) الكافي : ج ٢ ، ص ١٣٧ ، ح ٥.
عامل أخاه بمثل ما يعامل الناس فهو بريء مما ينتحل (١).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «قال أمير المؤمنين عليهالسلام في كلام له : ضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك ما يقلبك منه ، ولا تظننّ بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا (٢).
وعن أبي جعفر ، وأبي عبد الله عليهماالسلام ، قالا : «أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرجل على الدّين ، فيحصي عليه عثراته وزلاته ليعنفه بها يوما ما (٣).
وقال إسحاق بن عمار : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا معشر من أسلم بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه ، لا تذموا المسلمين ، ولا تتبعوا عوراتهم ، فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته ، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في بيته (٤).
وقال أبو جعفر عليهالسلام : «أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرجل على الدين ، فيحصي عليه عثراته وزلاته ، ليعنفه بها يوما ما (٥).
وقال أبو جعفر عليهالسلام : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا معشر من أسلم بلسانه [ولم يسلم بقلبه] ، لا تتبعوا عثرات المسلمين ، فإنه من تتبع عثرات المسلمين تتبع الله عثرته ليفضحه (٦).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا تطلبوا عثرات المؤمنين ، فإنه من تتبع عثرات أخيه ، تتبع الله عثراته ، ومن تتبع الله عثراته يفضحه ولو في جوف بيته (٧).
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٩ ، ح ٢.
(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٩ ، ح ٣.
(٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٤ ، ح ١.
(٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٤ ، ح ٢.
(٥) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٤ ، ح ٣.
(٦) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٤ ، ح ٤.
(٧) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٥ ، ح ٥.
وقال أبو جعفر عليهالسلام : «أقرب ما يكون العبد إلى الكفر أن يؤاخي الرجل الرجل على الدين فيحصي عليه زلاته ليعيره بها يوما ما (١).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «أبعد ما يكون العبد من الله أن يكون الرجل يؤاخي الرجل وهو يحفظ [عليه] زلّاته ليعيّره بها يوما ما (٢).
وقال أبو جعفر عليهالسلام : «يجب للمؤمن على المؤمن أن يستر عليه سبعين كبيرة (٣).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الغيبة أسرع في دين الرجل المسلم من الأكلة في جوفه.
قال : «وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : الجلوس في المسجد انتظارا للصلاة عبادة ما لم يحدث ، قيل : يا رسول الله ، وما يحدث؟ قال : الاغتياب (٤).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أذناه ، فهو من الذين قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٥) (٦).
وقال داود بن سرحان : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الغيبة ، قال : «هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل ، وتبثّ عليه أمرا قد ستره الله عليه لم يقم عليه فيه حدّ (٧).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «سئل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما كفّارة الاغتياب؟ قال : أن تستغفر الله لمن اغتبته كلما ذكرته (٨).
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٥ ، ح ٦.
(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٥ ، ح ٧.
(٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٥ ، ح ٨.
(٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٦ ، ح ١.
(٥) النور : ١٩.
(٦) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٦ ، ح ٢.
(٧) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٦ ، ح ٣.
(٨) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٦ ، ح ٤.
وقال أبو عبد الله عليهالسلام : «من بهت مؤمنا أو مؤمنة بما ليس فيه ، بعثه الله في طينة خبال حتى يخرج مما قال.
قال ابن أبي يعفور : قلت : وما طينة خبال؟ قال : «صديد يخرج من فروج المومسات (١).
وقال يحيى الأزرق : قال لي أبو الحسن عليهالسلام : «من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه مما عرفه الناس لم يغتبه ، ومن ذكره من خلفه بما هو فيه مما لا يعرفه الناس اغتابه ، ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته (٢).
وقال عبد الرحمن بن سيابة : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه ، وأما الأمر الظاهر [فيه] مثل الحدّة والعجلة ، فلا ، والبهتان أن تقول فيه ما ليس فيه (٣).
وقال المفيد : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «الغيبة أشدّ من الزنا ، فقيل : ولم ذلك يا رسول الله؟ فقال : «صاحب الزنا يتوب فيتوب الله عليه ، وصاحب الغيبة يتوب فلا يتوب الله عليه حتى يكون صاحبه الذي يحلّله (٤).
وقال الشيخ ورام : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ثلاث لا ينجو منهن أحد : الظّنّ ، والطيرة ، والحسد ، وسأحدّثكم بالمخرج من ذلك : إذا ظننت فلا تحقق ، وإذا تطيّرت فامض ، وإذا حسدت فلا تبغ (٥).
* س ١١ : ما هو معنى قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (١٣) [سورة الحجرات : ١٣]؟!
الجواب / قال حنان : سمعت أبي يروي عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال :
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٦ ، ح ٥.
(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٦ ، ح ٦.
(٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٦٦ ، ح ٧.
(٤) الاختصاص : ص ٢٢٦.
(٥) تنبيه الخواطر : ج ١ ، ص ١٢٧.
«كان سلمان جالسا مع نفر من قريش في المسجد ، فأقبلوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم ، حتى بلغوا سلمان ، فقال له عمر بن الخطاب : أخبرني من أنت ، ومن أبوك ، وما أصلك؟ فقال : أنا سلمان بن عبد الله ، كنت ضالا فهداني الله عزوجل بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكنت مملوكا فأعتقني الله بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هذا نسبي وهذا حسبي.
قال : «فخرج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسلمان (رضي الله عنه) يكلمهم ، فقال له سلمان : يا رسول الله ، ما لقيت من هؤلاء ، جلست معهم فأخذوا ينتسبون ويرفعون في أنسابهم ، حتى إذا بلغوا إلي ، قال عمر بن الخطاب : من أنت ، وما أصلك ، وما حسبك؟ فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : فما قلت له يا سلمان؟ قال : قلت له : أنا سلمان بن عبد الله ، كنت ضالا فهداني الله عز ذكره بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكنت عائلا فأغناني الله بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكنت مملوكا فأعتقني الله عز ذكره بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، هذا نسبي وهذا حسبي ، فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا معشر قريش ، إن حسب الرجل دينه ، ومروءته خلقه ، وأصله عقله ، قال الله عزوجل : (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) ، ثم قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا سلمان ليس لأحد من هؤلاء عليك فضل إلا بتقوى الله عزوجل ، وإن كان التقوى لك عليهم فأنت أفضل (١).
وقال أبو عبد الله محمد بن موسى بن نصر الرازي : سمعت أبي يقول : قال رجل للرضا عليهالسلام : والله ما على وجه الأرض رجل أشرف منك أباء ، فقال : «التقوى شرفهم ، وطاعة الله أحاطتهم.
فقال له آخر : أنت والله خير الناس ، فقال له : «لا تحلف يا هذا ، خير مني من كان أتقى لله تعالى ، وأطوع له ، والله ما نسخت هذه الآية آية
__________________
(١) الكافي : ج ٨ ، ص ١٨١ ، ح ٢٠٣.
(وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ)(١).
وقال سلمان الفارسي (رحمهالله) : دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في مرضه الذي قبض فيه ، فجلست بين يديه وسألته عما يجد وقمت لأخرج ، فقال لي : «اجلس يا سلمان ، فسيشهدك الله عزوجل أمرا إنه لمن خير الأمور. فجلست ، فبينا أنا كذلك ، إذ دخل رجال من أهل بيته ، ورجال من أصحابه ، ودخلت فاطمة ابنته فيمن دخل ، فلما رأت ما برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الضعف ، خنقتها العبرة ، حتى فاض دمعها على خدها ، فأبصر ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : «ما يبكيك يا بنية ، أقرّ الله عينك ولا أبكاها؟ قالت : «وكيف لا أبكي وأنا أرى ما بك من الضعف. قال لها : «يا فاطمة ، توكلي على الله ، واصبري كما صبر آباؤك من الأنبياء ، وأمهاتك من أزواجهم ، ألا أبشرك يا فاطمة؟ قالت : «بلى يا نبي الله ـ أو قالت ـ يا أبه قال : «أما علمت أن الله تعالى اختار أباك فجعله نبيا ، وبعثه إلى كافة الخلق رسولا ، ثم اختار عليا فأمرني فزوجتك إياه ، واتخذته بأمر ربي وزيرا ووصيا ، يا فاطمة إن عليا أعظم المسلمين على المسلمين بعدي حقا وأقدمهم سلما وأعلمهم علما ، وأحلمهم حلما ، وأثبتهم في الميزان قدرا. فاستبشرت فاطمة عليهاالسلام فأقبل عليها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : «هل سررتك يا فاطمة؟ قالت : «نعم يا أبه.
قال : «أفلا أزيدك في بعلك وابن عمك من مزيد الخير وفواضله؟ قالت : «بلى يا نبيّ الله. قال : «إنّ عليا أول من آمن بالله عزوجل ورسوله من هذه الأمة ، هو وخديجة أمك ، وأول من وازرني على ما جئت به. يا فاطمة إنّ عليا أخي وصفيي وأبو ولدي ، إن عليا أعطي خصالا من الخير لم يعطها أحد قبله ولا يعطاها أحد بعده ، فأحسني عزاك واعلمي أن أباك لا حقّ
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ج ٢ ، ص ٢٣٦ ، ح ١٠.
بالله عزوجل».
قالت : «يا أبه قد سررتني وأحزنتني. قال : «كذلك يا بنية أمور الدنيا ، يشوب سرورها حزنها ، وصفوها كدرها ، أفلا أزيدك يا بنية؟ قالت : «بلى يا رسول الله».
قال : «إن الله تعالى خلق الخلق فجعلهم قسمين ، فجعلني وعليا في خيرهما قسما ، وذلك قوله عزوجل : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ)(١) ثم جعل القسمين قبائل فجعلنا في خيرها قبيلة ، وذلك قوله عزوجل : (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) ، ثم جعل القبائل بيوتا ، فجعلنا في خيرها بيتا في قوله سبحانه : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)(٢) ، ثم إن الله تعالى اختارني من أهل بيتي ، واختار عليا والحسن والحسين واختارك ، فأنا سيد ولد آدم ، وعليّ سيد العرب ، وأنت سيدة النساء ، والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، ومن ذريتكما المهديّ ، يملأ الأرض عدلا كما ملئت من قبله جورا (٣).
وقال أبو عبد الله عليهالسلام ، في قوله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) ، قال : «أعملكم بالتقية (٤).
وقال أبو الحسن عليهالسلام ، في قول الله تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) ، قال : «أشدكم تقية (٥).
وقال الطبرسي : ذهب قوم فقالوا : الشعوب من العجم ، والقبائل من العرب ، والأسباط من بني إسرائيل ، وروي ذلك عن الصادق عليهالسلام (٦).
__________________
(١) الواقعة : ٢٧.
(٢) الأحزاب : ٣٣.
(٣) الأمالي : ج ٢ ، ص ٢١٩.
(٤) أمالي الطوسي : ج ٢ ، ص ٢٧٤.
(٥) المحاسن : ص ٢٥٨ ، ح ٣٠٢.
(٦) مجمع البيان : ج ٩ ، ص ٢٠٧.
* س ١٢ : ما هو معنى قوله تعالى :
(قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) (١٥) [سورة الحجرات : ١٤ ـ ١٥]؟!
الجواب / ١ ـ وردت روايات عديدة عن طريق أهل البيت عليهمالسلام تبين الإيمان والإسلام نذكر منها :
أ ـ قال أبو بصير : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) ، فمن زعم أنهم آمنوا فقد كذب ، ومن زعم أنهم لم يسلموا فقد كذب (١).
ب ـ قال جميل بن دراج : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عزوجل : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) ، فقال لي : «ألا ترى أن الإيمان غير الإسلام (٢).
ج ـ قال القاسم الصيرفي شريك المفضل : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «الإسلام يحقن به الدم ، وتؤدى به الأمانة ، وتستحل به الفروج ، والثواب على الإيمان (٣).
د ـ قال أحدهما عليهماالسلام : «الإيمان إقرار وعمل ، والإسلام إقرار بلا عمل (٤).
ه ـ قال سفيان بن السمط : سأل رجل أبا عبد الله عليهالسلام عن الإسلام
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٢١ ، ح ٥.
(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٠ ، ح ٣.
(٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٠ ، ح ١.
(٤) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٠ ، ح ٢.
والإيمان ، ما الفرق بينهما؟ فلم يجبه ، [ثم سأله فلم يجبه] ثم التقيا في الطريق وقد أزف من الرجل الرحيل ، فقال له أبو عبد الله عليهالسلام : «كأنه قد أزف منك رحيل؟ فقال : نعم ، فقال : «فالقني في البيت. فلقيه ، فسأله عن الإسلام والإيمان ، ما الفرق بينهما؟ فقال : «الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس ، شهادة أن لا إله إلا الله [وحده لا شريك له] وأن محمدا عبده ورسوله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحجّ البيت ، وصيام شهر رمضان ، فهذا الإسلام.
وقال : «الإيمان : معرفة هذا الأمر مع هذا ، فإن أقرّ بها ولم يعرف هذا الأمر ، كان مسلما وكان ضالا (١).
و ـ قال سماعة : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أخبرني عن الإسلام والإيمان ، أهما مختلفان؟ فقال : «إنّ الإيمان يشارك الإسلام ، والإسلام لا يشارك الإيمان.
فقلت : فصفهما لي ، فقال : «الإسلام : شهادة أن لا إله إلا الله ، والتصديق برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، به حقنت الدماء ، وعليه جرت المناكح والمواريث ، وعلى ظاهره جماعة الناس ، والإيمان : الهدى ، وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام ، وما ظهر من العمل [به] والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة. إن الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر ، والإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن وإن اجتمعا في القول والصفة (٢).
ز ـ قال فضيل بن يسار : سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «إن الإيمان يشارك الإسلام ، ولا يشاركه الإسلام ، إن الإيمان ما وقر (٣) في القلوب ،
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٠ ، ح ٤.
(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٢١ ، ح ١.
(٣) أي ثبت.
والإسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء ، والإيمان يشرك الإسلام ، والإسلام لا يشرك الإيمان (١).
ح ـ قال أبو الصباح الكناني : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أيهما أفضل الإيمان أو الإسلام؟ فإن من قبلنا يقولون : إن الإسلام أفضل من الإيمان؟ فقال : «الإيمان أرفع من الإسلام.
قلت : فأوجدني ذلك. قال : «ما تقول فيمن أحدث في المسجد الحرام متعمّدا؟ قال : قلت يضرب ضربا شديدا. قال : «أصبت. قال : «فما تقول فيمن أحدث في الكعبة متعمدا؟. قلت : يقتل. قال : «أصبت ، ألا ترى أن الكعبة أفضل من المسجد ، وأن الكعبة تشرك المسجد ، والمسجد لا يشرك الكعبة؟ وكذلك الإيمان يشرك الإسلام ، والإسلام لا يشرك الإيمان (٢).
ط ـ عن حمران بن أعين ، عن أبي جعفر عليهالسلام ، قال : سمعته يقول : «الإيمان : ما استقر في القلب وأقضى به إلى الله عزوجل ، وصدّقه العمل بالطاعة لله عزوجل ، والتسليم لأمره والإسلام : [ما ظهر من قول أو فعل ، وهو الذي عليه جماعة الناس من الفرق كلّها ، وبه حقنت الدماء ، وعليه جرت المواريث وجاز النكاح واجتمعوا على الصلاة والزكاة والصوم والحجّ ، فخرجوا بذلك من الكفر وأضيفوا إلى الإيمان ، الإسلام] لا يشرك الإيمان ، والإيمان يشرك الإسلام ، وهما في القول والعمل ، يجتمعان ، كما صارت الكعبة في المسجد والمسجد ليس في الكعبة ، وكذلك الإيمان يشرك الإسلام والإسلام لا يشرك الإيمان ، وقد قال الله عزوجل : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) فقول الله عزوجل أصدق القول.
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٢١ ، ص ٣.
(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٢١ ، ص ٤.
قلت : فهل للمؤمن من فضل على المسلم في شيء من الفضائل والأحكام والحدود وغير ذلك؟ فقال : [لا] هما يجريان في ذلك مجرى واحدا ، ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما ، وما يتقربان به إلى الله.
قلت : أليس الله عزوجل يقول : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها)(١) ، وزعمت أنهم مجتمعون على الصلاة والزكاة ، والصوم والحج مع المؤمن؟ قال : «أليس قد قال الله عزوجل : (فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً)(٢) فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله عزوجل لهم حسناتهم لكل حسنة سبعين ضعفا ، فهذا فضل المؤمن ، ويزيده في حسناته على قدر صحة إيمانه أضعافا كثيرة ، ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير.
قلت : أرأيت من دخل في الإسلام أليس هو داخلا في الإيمان؟ فقال : «لا ، ولكنه [قد] أضيف إلى الإيمان وخرج من الكفر. وسأضرب لك مثلا تعقل له فضل الإيمان على الإسلام : أرأيت لو أبصرت رجلا في المسجد ، أكنت شاهدا أنك رأيته في الكعبة؟ قلت : لا يجوز لي ذلك ، قال : «فلو أبصرت رجلا في الكعبة ، أكنت شاهدا أنه دخل المسجد الحرام؟ قلت : نعم. قال : «وكيف ذلك؟. قلت : إنه لا يصل إلى دخول الكعبة حتى يدخل المسجد الحرام ، فقال : «أصبت وأحسنت. ثم قال : «كذلك الإسلام والإيمان (٣).
ي ـ قال عبد الرحيم القصير : كتبت مع عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله عليهالسلام ، أسأله عن الإيمان ما هو؟ فكتب إليّ مع عبد الملك بن أعين : «سألت ـ رحمك الله ـ عن الإيمان ، والإيمان هو الإقرار باللسان وعقد في
__________________
(١) الأنعام : ١٦٠.
(٢) البقرة : ٢٤٥.
(٣) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٢ ، ج ٥.
القلب ، وعمل بالأركان ، والإيمان بعضه من بعض ، هو دار ، وكذلك الإسلام دار والكفر دار ، فقد يكون العبد مسلما قبل أن يكون مؤمنا ، ولا يكون مؤمنا حتى يكون مسلما ، فالإسلام قبل الإيمان ، وهو يشارك الإيمان ، فإذا أتى العبد كبيرة من كبائر المعاصي ، أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عزوجل عنها ، كان خارجا عن الإيمان ، ساقطا عن اسم الإيمان ، وثابتا عليه اسم الإسلام ، فإن تاب واستغفر وعاد إلى دار الإيمان ، ولا يخرجه إلى الكفر إلا الجحود والاستحلال ؛ أن يقول للحلال : هذا حرام ، وللحرام : هذا حلال ، ودان بذلك ، فعندها يكون خارجا من الإسلام والإيمان ، داخلا في الكفر ، وكان بمنزلة من دخل الحرم ثم دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثا ، فأخرج عن الكعبة وعن الحرم ، فضربت عنقه ، وصار إلى النار (١).
ك ـ قال أبو الصلت الهروي : سألت الرضا عليهالسلام عن الإيمان؟ فقال عليهالسلام : «الإيمان عقد بالقلب ، ولفظ باللسان ، وعمل بالجوارح ، لا يكون الإيمان إلا هكذا (٢).
ل ـ قال علي بن إبراهيم : قوله تعالى : (لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً) أي ينقصكم (٣).
م ـ قال علي بن إبراهيم القمي : قوله تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا) أي لم يشكّوا (وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية ، قال : نزلت في أمير المؤمنين عليهالسلام (٤).
وقال ابن عباس أنه قال في قول الله عزوجل : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ
__________________
(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٢٣ ، ح ١.
(٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ج ١ ، ص ٢٢٧ ، ح ٣.
(٣) تفسير القمّي : ج ٢ ، ص ٣٢٢.
(٤) نفس المصدر السابق.
آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ) ، قال ابن عباس : ذهب علي عليهالسلام بشرفها وفضلها (١).
* س ١٣ : ما هو معنى قوله تعالى :
(قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (١٦) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (١٧) إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ) (١٨) [سورة الحجرات : ١٦ ـ ١٨]؟!
الجواب / قال علي بن إبراهيم ، قوله : (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ) ، أي أتعلّمون [الله] دينكم (٢).
وقال جماعة من المفسرين إنه بعد نزول ما تقدم من الآيات آنفا جاء النبي طائفة من الأعراب وحلفوا أنهم صادقون في ادعائهم بأنهم المؤمنون وظاهرهم وباطنهم سواء فنزلت الآية الأولى من الآيات محل البحث وأنذرتهم أن لا يحلفوا فالله يعرف باطنهم وظاهرهم ولا يخفى عليه خافية في السماوات ولا في الأرض (٣).
وقال الشيخ في (مصباح الأنوار) : بإسناده يرفعه إلى جابر بن عبد الله عليهالسلام ، قال : كنت مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في حفر الخندق ، وقد حفر الناس وحفر علي عليهالسلام ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بأبي من يحفر وجبرئيل يكنس التراب بين يديه وميكائيل يعينه ، ولم يكن يعين أحدا قبله من الخلق.
ثم قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لعثمان بن عفان : «احفر فغضب عثمان وقال : لا
__________________
(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٦٠٧ ، ح ٨.
(٢) تفسير القمّي : ج ٢ ، ص ٣٢٢.
(٣) مجمع البيان : ج ٩.
يرضى محمد أن أسلمنا على يده حتى يأمرنا بالكدّ ، فأنزل الله على نبيه : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(١).
قال علي بن إبراهيم : قوله تعالى : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) نزلت في عثمان يوم الخندق ، وذلك أنه مرّ بعمار بن ياسر وهو يحفر الخندق ، وقد ارتفع الغبار من الحفر ، فوضع عثمان كمّه على أنفه ومر ، فقال عمّار :
لا يستوي من يعمر المساجدا |
|
يظل فيها راكعا وساجدا |
كمن يمر بالغبار حائدا |
|
يعرض عنه جاهدا معاندا |
فالتفت إليه عثمان فقال : يابن السوداء ، إيّاي تعني؟ ثم أتى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال له : لم ندخل معك لتسب أعراضنا ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «قد أقلتك إسلامك فاذهب. فأنزل الله تعالى : (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي لستم صادقين (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ)(٢).
__________________
(١) مصباح الأنوار : ٣٢٥.
(٢) تفسير القمّي : ج ٢ ، ص ٣٢٢.
تفسير
سورة ق
رقم السورة ـ ٥٠ ـ
سورة ق
* س ١ : ما هو فضل سورة (ق)]؟!
الجواب / قال أبو جعفر عليهالسلام : «من أدمن في فرائضه ونوافله قراءة سورة ق ، وسّع الله [عليه في] رزقه ، وأعطاه الله كتابه بيمينه ، وحاسبه حسابا يسيرا (١).
ومن خواصّ القرآن : روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنّه قال : «من قرأ هذه السورة ، هوّن الله عليه سكرات الموت ، ومن كتبها وعلقها على مصروع أفاق من صرعته وأمن من شيطانه ، وإن كتبت وشربتها امرأة قليلة اللبن كثر لبنها (٢).
* س ٢ : ما هو معنى قوله تعالى :
(ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ (١) بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ فَقالَ الْكافِرُونَ هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ (٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً ذلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ (٣) قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤) بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥) أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨) وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ) (٩) [سورة ق : ١ ـ ٩]؟!
الجواب / عن ابن بابويه : بإسناده المذكور في أوائل السور المصدرة
__________________
(١) ثواب الأعمال : ص ١١٥.
(٢) البرهان : ج ٩ ، ص ١٦٧.
بالحروف المقطعة ، عن سفيان بن سعيد الثوري ، عن الصادق عليهالسلام ، وسئل عن معنى (ق)؟ قال : «[وأمّا] (ق) فهو الجبل المحيط بالأرض ، وخضرة السماء منه ، وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها (١).
وقال أبو جعفر عليهالسلام : «إن الله عزوجل خلق جبلا محيطا بالدنيا من زبرجدة خضراء ، وإنما خضرة السماء من خضرة ذلك الجبل ، وخلق خلفه خلقا لم يفترض عليهم شيئا مما افترض على خلقه من صلاة وزكاة ، وكلهم يلعن رجلين من هذه الأمة (٢).
وفي كتاب (منهج التحقيق إلى سواء الطريق) لبعض الإمامية ـ في حديث طويل ـ في سؤال الحسن أباه عليهماالسلام ، أن يريه ما فضله الله تعالى به من الكرامة ، وساق الحديث إلى أن قال : ثم إن أمير المؤمنين عليهالسلام أمر الريح فصارت بنا إلى جبل (ق) فانتهينا إليه ، فإذا هو من زمردة خضراء ، وعليها ملك على صورة النسر ، فلما نظر إلى أمير المؤمنين عليهالسلام قال الملك : السلام عليك يا وصي رسول رب العالمين وخليفته ، أتأذن لي في الرد؟ فرد عليهالسلام وقال له : «إن شئت تكلم ، وإن شئت أخبرتك عما تسألني عنه. فقال الملك : بل تقول يا أمير المؤمنين. قال : «تريد أن آذن لك أن تزور الخضر عليهالسلام. فقال : نعم ، قال عليهالسلام : «قد أذنت لك. فأسرع الملك بعد أن قال : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).
ثم تمشينا على الجبل هنيئة ، فإذا بالملك قد عاد إلى مكانه بعد زيارة الخضر عليهالسلام. فقال سلمان : يا أمير المؤمنين ، رأيت الملك ما زار الخضر إلا حين أخذ إذنك؟ فقال عليهالسلام : «والذي رفع السماء بغير عمد لو أن أحدهم رام أن يزول من مكانه بقدر نفس واحد ، لما زال حتى آذن له ، وكذا يصير
__________________
(١) معاني الأخبار : ص ٢٢ ، ح ١.
(٢) مختصر بصائر الدرجات : ص ١١.