التيسير في التفسير للقرآن - ج ٦

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٦

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢

حَتَّى إِذا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتابٌ) (٣٤) [سورة المؤمن : ٣٤]؟!

الجواب / ١ ـ قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم) : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لما حضرت يوسف عليه‌السلام الوفاة جمع شيعته وأهل بيته ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم أخبرهم بشدّة تنالهم ، يقتل فيها الرجال ، وتشق بطون الحبالى ، وتذبح الأطفال ، حتى يظهر الله الحق في القائم من ولد لاوي بن يعقوب ، وهو رجل أسمر طويل ، ووصفه لهم بنعته ، فتمسكوا بذلك ، ووقعت الغيبة والشدة على بني إسرائيل ، وهم ينتظرون قيام القائم أربع مائة سنة حتى إذا بشروا بولادته ، ورأوا علامات ظهوره ، اشتدت البلوى عليهم ، وحمل عليهم بالخشب والحجارة ، وطلبوا الفقيه الذي كانوا يستريحون إلى أحاديثه فاستتر ، وراسلهم ، وقالوا : كنا مع الشدة نستريح إلى حديثك ؛ فخرج بهم إلى بعض الصحارى ، وجلس يحدثهم حديث القائم ونعته وقرب الأمر ، وكانت ليلة قمراء ، فبيناهم كذلك إذ طلع عليهم موسى عليه‌السلام ، وكان في ذلك الوقت حدث السنّ ، وقد خرج من دار فرعون يظهر النزهة ، فعدل عن موكبه ، وأقبل إليهم وتحته بغلة وعليه طيلسان خز ، فلما رآه الفقيه عرفه بالنعت ، فقام إليه وانكب على قدميه فقبّلهما. ثم قال : الحمد لله الذي لم يمتني حتى رأيتك ، فلما رآه الشيعة فعل ذلك علموا أنه صاحبهم ، فانكبوا عليه ، فلم يزدهم على أن قال : أرجو أن يعجل الله فرجكم.

ثم غاب بعد ذلك ، وخرج إلى مدينة مدين ، فأقام عند شعيب ما أقام ، فكانت الغيبة الثانية أشد عليهم من الأولى ، وكانت نيفا وخمسين سنة ، واشتدّت البلوى عليهم ، واستتر الفقيه ، فبعثوا إليه : أنه لا صبر لنا على استتارك عنا ، فخرج إلى بعض الصحارى واستدعاهم ، وطيّب نفوسهم ،

٤٠١

وأعلمهم أن الله عزوجل أوحى إليه أنه مفرّج عنهم بعد أربعين سنة ؛ فقالوا بأجمعهم : الحمد لله ؛ فأوحى الله عزوجل إليه : قل لهم : قد جعلتها ثلاثين سنة لقولهم : الحمد لله ؛ فقالا : كل نعمة فمن الله ؛ فأوحى الله إليه : قل لهم : قد جعلتها عشرين سنة ؛ فقالوا : لا يأتي بالخير إلا الله ؛ فأوحى الله إليه : قل لهم : قد جعلتها عشرا ؛ فقالوا : لا يصرف السوء إلا الله ؛ فأوحى الله إليه : قل لهم : لا تبرحوا فقد أذنت في فرجكم ؛ فبينا هم كذلك ، إذ طلع موسى عليه‌السلام راكبا حمارا ، فأراد الفقيه أن يعرف الشيعة ما يتبصرون به ، وجاء موسى عليه‌السلام حتى وقف عليهم ، فسلّم عليهم ، فقال له الفقيه : ما اسمك؟ فقال : موسى. قال : ابن من؟ قال : ابن عمران. قال : ابن من؟ قال : ابن فاهث بن لاوي بن يعقوب. قال : بماذا جئت؟ قال : بالرسالة من عند الله عزوجل. فقام إليه فقبل يده ، ثم جلس بينهم ، فطيّب نفوسهم ، وأمرهم أمره ، ثم فرّقهم ، فكان بين ذلك الوقت وبين فرجهم بغرق فرعون أربعون سنة» (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ يوسف بن يعقوب (صلوات الله عليهما) حين حضرته الوفاة جمع آل يعقوب ، وهم ثمانون رجلا فقال : إن هؤلاء القبط سيظهرون عليكم ، ويسومونكم سوء العذاب ، وإنما ينجيكم الله من أيديهم برجل من ولد لاوي بن يعقوب ، اسمه موسى بن عمران عليه‌السلام غلام طويل ، جعد ، آدم ، فجعل الرجل من بني إسرائيل يسمي ابنه عمران ، ويسمّي عمران ابنه موسى ـ فذكر أبان بن عثمان ، عن أبي الحسين (٢) ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، أنه قال : ما خرج موسى حتى خرج قبله خمسون كذابا من بني إسرائيل ، كلهم يدعي أنه موسى بن عمران ـ فبلغ فرعون أنهم يرجفون

__________________

(١) كمال الدين وتمام النعمة : ص ١٤٥ ، ح ١٢.

(٢) في طبعة : عن أبي الحصين ، والظاهر أن الصواب وأبي الحسين ، انظر معجم رجال الحديث : ص ٢١ ، ح ٤٥.

٤٠٢

به ، ويطلبون هذا الغلام ، [وقال له كهنته وسحرته : إن هلاك دينك وقومك على يدي هذا الغلام] ، الذي يولد العام في بني إسرائيل ، فوضع القوابل على النساء ، وقال : لا يولد العام غلام إلا ذبح ، ووضع على أم موسى عليه‌السلام قابلة» (١).

٢ ـ قال الشيخ الطوسي : ثم قال (كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ) أي مثل ما حكم الله بضلال أولئك يحكم بضلال كل (مُسْرِفٌ) على نفسه بارتكاب معاصيه (مُرْتابٌ) أي شاك في أدلة الله (٢).

* س ١٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (٣٥) [سورة المؤمن : ٣٥]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : ثم بينهم فقال (الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ) أي يسعون بغير سلطان أي بغير حجة آتاهم الله ، ثم قال (كَبُرَ مَقْتاً) أي كبر ذلك الجدال منهم مقتا (عِنْدَ اللهِ) أي عداوة من الله. (وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا) بالله مثل ذلك. ثم قال (كَذلِكَ) أي مثل ما طبع على قلوب أولئك بأن ختم عليها علامة لكفرهم يفعل مثله (يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) من نون (قَلْبِ) جعل (مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) من صفة القلب ومن أضافه جعل (الْقَلْبِ) للمتكبر الجبار. قال أبو علي : من أضاف لا يخلو أن يترك الكلام على ظاهره أو يقدر فيه حذفا ، فإن تركه على ظاهره كان تقديره : يطبع الله على كل قلب متكبر أي على جملة القلب من المتكبر ،

__________________

(١) كمال الدين وتمام النعمة : ص ١٤٧ ، ح ١٣.

(٢) التبيان : ج ٩ ، ص ٧٦.

٤٠٣

وليس ذلك المراد وإنما يطبع على قلب كل متكبر ، والمعنى أنه يطبع على القلوب إذا كانت قلبا قلبا من كل متكبر بمعنى أنه يختم عليها (١).

* س ٢٠ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَقالَ فِرْعَوْنُ يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ (٣٦) أَسْبابَ السَّماواتِ فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً وَكَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبابٍ) (٣٧) [سورة المؤمن : ٣٦ ـ ٣٧]؟!

الجواب / ١ ـ قال علي بن إبراهيم القمّي : فبنى هامان له في الهواء صرحا ، حتى بلغ مكانا في الهواء لا يتمكّن الإنسان أن يقوم عليه من الرياح القائمة في الهواء ، فقال لفرعون : لا نقدر أن نزيد على هذا. فبعث الله رياحا ، فرمت به ، فاتّخذ فرعون وهامان عند ذلك التابوت ، وعمدا إلى أربعة أنسر ، فأخذا أفراخها وربّياها ، حتى إذا بلغت القوّة ، وكبرت ، عمدا إلى جوانب التابوت الأربعة ، فغرسا في كلّ جانب منه خشبة ، فنظرت الأنسر إلى اللحم ، فأهوت إليه ، وصّفقت بأجنحتها ، وارتفعت بهما في الهواء ، وأقبلت تطير يومها ، فقال فرعون لهامان : انظر إلى السّماء ، هل بلغناها؟ فنظر هامان ، فقال : أرى السّماء كما كنت أراها من الأرض في البعد. فقال : انظر إلى الأرض. فقال : لا أرى الأرض ، ولكنّي أرى البحار والماء.

قال : فلم تزل الأنسر ترتفع ، حتى غابت الشّمس ، وغابت عنهم البحار والماء ، فقال فرعون : يا هامان ، انظر إلى السّماء. فنظر ، فقال : أراها كما كنت أراها من الأرض. فلمّا جنّهم الليل ، نظر هامان إلى السّماء ، فقال فرعون : هل بلغناها؟ قال : أرى الكواكب كما كنت أراها من الأرض ، ولست

__________________

(١) التبيان : ج ٩ ، ص ٧٦.

٤٠٤

أرى من الأرض إلا الظلمة. قال : ثمّ حالت الرياح القائمة في الهواء بينهما ، فانقلب التابوت بهما ، فلم يزل يهوي بهما حتى وقع على الأرض ، وكان فرعون أشدّ ما كان عتوّا في ذلك الوقت. ثمّ قال الله : (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ)(١).

٢ ـ أقول : والطريف في الأمر هنا أنّ فرعون بعد قوله : (فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى) رجع خطوة إلى الوراء فنزل عن يقينه إلى الشك ، حيث قال بعد ذلك : (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كاذِباً) إذ استخدم تعبير «أظن»!

والجدير بالإشارة هنا أنّ القرآن الكريم من خلال قوله تعالى : (كَذلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ) ذكر ثلاث قضايا ذات محتوى كبير بجمل قصيرة. حيث قال :

أولا : إنّ السبب الرئيسي في انحراف فرعون عن جادة الصواب يعود إلى تزيين عمله القبيح في نظره بسبب غروره وتكبره. ثم تناول بعد ذلك نتيجة ذلك متمثلة بالضلال عن طريق الحق والهدى والنور.

وفي الجملة الثالثة لخصت الآية مآل مخططات فرعون ، هذا المآل الذي تمثل بالفشل الذريع والتباب والخسران.

* س ٢١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ (٣٨) يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ)(٣٩) [سورة المؤمن : ٣٨ ـ ٣٩]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : ثم حكى تعالى ما قال مؤمن آل فرعون

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٤٠ ، والآية من سورة القصص : ٤١.

٤٠٥

في قوله (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ) وهو الإيمان بالله وتوحيده وإخلاص العبادة له والإقرار بموسى عليه‌السلام وقال لهم أيضا على وجه الوعظ لهم والزجر عن المعاصي (يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ) يعني انتفاع قليل ، ثم يزول بأجمعه ويبقى وزره وآثامه (وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ) أي دار مقام ، وسميت دار قرار لاستقرار الجنة بأهلها واستقرار النار بأهلها. والقرار المكان الذي يستقر فيه (١).

* س ٢٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلاَّ مِثْلَها وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ)(٤٠) [سورة المؤمن : ٤٠]؟!

الجواب / قيل لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ أبا الخطاب يذكر عنك أنك قلت له : إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت ، فقال : «لعن الله أبا الخطاب ، والله ما قلت له هكذا ، ولكني قلت له : إذا عرفت الحق فاعمل ما شئت من خير يقبل منك ، إن الله عزوجل يقول : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ) ، ويقول تبارك وتعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً)(٢)» (٣).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إن في النار لنارا يتعوّذ منها أهل النار ، ما خلقت إلا لكل متكبر جبار عنيد ، ولكل شيطان مريد ، ولكل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب ، ولكل ناصب العداوة لأهل بيت محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم».

وقال : «إن أهون الناس عذابا يوم القيامة لرجل في ضحضاح من نار ،

__________________

(١) التبيان : ج ٩ ، ص ٧٩.

(٢) النحل : ٩٧.

(٣) معاني الأخبار : ص ٣٨٨ ، ح ٢٦.

٤٠٦

عليه نعلان من نار وشراكان من نار ، يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ، ما يرى أن في النار أحدا أشد عذابا منه ، وما في النار أهون عذابا منه» (١).

* س ٢٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (٤١) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ وَأُشْرِكَ بِهِ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (٤٢) لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٤٣) فَسَتَذْكُرُونَ ما أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) (٤٤) [سورة المؤمن : ٤١ ـ ٤٤]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : حكى الله تعالى أن مؤمن آل فرعون قال لهم ـ أي لقومه ـ (ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ) يعني إلى ما فيه خلاصكم : من توحيد الله وإخلاص العبادة له والإقرار بموسى عليه‌السلام و (تَدْعُونَنِي) أنتم (إِلَى النَّارِ) لأنهم إذا دعوا إلى عبادة غير الله التي يستحق بها النار ، فكأنهم دعوا إلى النار ، لأن من دعا إلى سبب الشيء فقد دعا إليه ، ومن صرف عن سبب الشيء فقد صرف عنه ، فمن صرف عن معصية الله فقد صرف عن النار ، ومن دعا إليها فقد دعا إلى النار. والدعاء طلب الطالب الفعل من غيره ، فالمحق يدعو إلى عبادة الله وطاعته وكل ما أمر الله به أو نهى عنه والمبطل يدعو إلى الشر والعصيان ، فمنهم من يدري أنه عصيان ومنهم من لا يدري ثم بين ذلك فقال (تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللهِ) وأجحد نعمه (وَأُشْرِكَ بِهِ) في العبادة (ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) مع حصول العلم ببطلانه. لأنه لا يصح أن يعلم شريك له وما لا

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٧.

٤٠٧

يصح أن يعلم باطل ، فدل على فساد اعتقادهم للشرك من هذه الجهة ثم قال (وَأَنَا أَدْعُوكُمْ) معاشر الكفار (إِلَى) عبادة (الْعَزِيزِ) يعني القادر الذي لا يقهر ، ولا يمنع لاستحالة ذلك عليه (الْغَفَّارِ) لمن عصاه إذا تاب إليه تفضلا منه على خلقه. وقوله (لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) قال الزجاج : هو رد الكلام كأنه قال لا محالة إن لهم النار.

وقال الخليل : لا جرم لا يكون إلا جوابا تقول : فعل فلان كذا فيقول المجيب : لا جرم إنه عوين والفعل منه جرم يجرم ، وقال المبرد معناه حق واستحق (لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا وَلا فِي الْآخِرَةِ) والمعنى ليس له دعوة ينتفع بها في أمر الدنيا ولا في الآخرة فأطلق ليس له دعوة ، لأنه أبلغ وإن توهم جاهل إن له دعوة ينتفع بها ، فإنه لا يعتد بذلك لفساده وتناقضه. وقال السدي وقتادة والضحاك : معناه ليس لهذه الأصنام استجابة دعاء أحد في الدنيا ولا في الآخرة. وقيل : معناه ليس لها دعوة تجاب بالإلهية في الدنيا ، ولا في الآخرة (وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللهِ) أي وجب أن مردنا إلى الله ، ووجب (أَنَّ الْمُسْرِفِينَ) بارتكاب المعاصي. وقال مجاهد : يعني بقتل النفس من غير حلها. وقال قتادة بالإشراك بالله (هُمْ أَصْحابُ النَّارِ) يعني الملازمون لها. قال الحسن : هذا كله من قول مؤمن آل فرعون. ثم قال لهم على وجه التخويف والوعظ (فَسَتَذْكُرُونَ) صحة (ما أَقُولُ لَكُمْ) إذا حصلتم في العقاب يوم القيامة. ثم أخبر عن نفسه فقال (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ) أي أسلمه إليه (إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ) أي عالم بأحوالهم ، وما يفعلونه من طاعة ومعصية. وقال السدي : معنى أفوض أسلم إليه (١).

__________________

(١) التبيان : ج ٩ ، ص ٨٠ ـ ٨٢.

٤٠٨

* س ٢٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) (٤٥) [سورة المؤمن : ٤٥]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قول الله عزوجل : (فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) : «أما لقد سلطوا عليه وقتلوه ، ولكن أتدرون ما وقاه؟ وقاه أن يفتنوه في دينه» (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «والله لقد قطعوه إربا إربا ، ولكن وقاه أن يفتنوه في دينه» (٢).

وقال أبو محمد الحسن العسكري عليه‌السلام : «قال بعض المخالفين بحضرة الصادق عليه‌السلام لرجل من الشيعة : ما تقول في العشرة من الصحابة؟ قال : أقول فيهم الخير الجميل الذي يحط الله به سيئاتي ويرفع به درجاتي. قال السائل : الحمد لله على ما أنقذني من بغضك ، كنت أظنّك رافضيا تبغض الصّحابة! فقال الرجل : ألا من أبغض واحدا من الصّحابة فعليه لعنة الله ، قال : لعلّك تتأوّل ما تقول في من أبغض العشرة من الصحابة؟ فقال : من أبغض العشرة من الصحابة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. فوثب فقبّل رأسه ، وقال : اجعلني في حلّ مما قذفتك به من الرفض قبل اليوم ، قال : أنت في حلّ وأنت أخي. ثم انصرف السائل ، وقال له الصادق عليه‌السلام : جوّدت ، لله درك ، لقد عجبت الملائكة في السماوات من حسن توريتك ، وتلفظك بما خلّصك الله ، ولم تثلم دينك ، وزاد الله في مخالفينا غمّا إلى غم ، وحجب عنهم مراد منتحلي مودتنا في أنفسهم.

فقال بعض أصحاب الصادق عليه‌السلام : يا بن رسول الله ، ما عقلنا من كلام

__________________

(١) الكافي : ج ٢ ، ص ١٧١ ، ح ١.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٨.

٤٠٩

هذا إلا موافقة صاحبنا لهذا المتعنّت الناصب ، فقال الصادق عليه‌السلام : لئن كنتم لم تفهموا ما عنى فقد فهمناه نحن ، وقد شكره الله له ، إن الموالى لأوليائنا ، المعادي لأعدائنا إذا ابتلاه الله بمن يمتحنه من مخالفيه وفّقه لجواب يسلم معه دينه وعرضه ، ويعصمه الله بالتقيّة ، إن صاحبكم هذا قال : من عاب واحدا منهم ، فعليه لعنة الله ، أي من عاب واحدا منهم هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وقال في الثانية : من عابهم أو شتمهم فعليه لعنة الله ، وقد صدق ، لأنّ من عابهم فقد عاب عليّا عليه‌السلام لأنّه أحدهم ، فإذا لم يعب عليا عليه‌السلام ولم يذمه ، فلم يعبهم ، وإنما عاب بعضهم.

ولقد كان لحزقيل المؤمن مع قوم فرعون الذين وشوا به إلى فرعون مثل هذه التورية. كان حزقيل يدعوهم إلى توحيد الله ونبوّة موسى ، وتفضيل محمد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على جميع رسل الله وخلقه ، وتفضيل علي بن أبي طالب عليه‌السلام والخيار من الأئمة على سائر أوصياء النبيين وإلى البراءة من ربوبية فرعون ، فوشى به الواشون إلى فرعون ، وقالوا : إنه ابن عمي ، وخليفتي على مملكتي ، وولي عهدي ، إن فعل ما قلتم فقد استحق العذاب على كفره لنعمتي ، وإن كنتم كاذبين فقد أستحققتم أشد العذاب لإيثاركم الدخول في مساءته.

فجاء بحزقيل وجاء بهم فكاشفوه ، وقالوا : أنت تجحد ربوبية فرعون الملك وتكفر نعماءه ، فقال حزقيل : أيها الملك ، هل جربت عليّ كذبا قط؟ قال : لا ، قال : فسلهم من ربهم؟ قالوا : فرعون. قال : ومن خالقكم؟ قالوا : فرعون هذا. قال : ومن رازقكم ، الكافل لمعايشكم ، والدافع عنكم مكارهكم؟ قالوا : فرعون هذا. قال حزقيل : أيها الملك فأشهدك ومن حضرك أن ربّهم هو ربي ، وخالقهم هو خالقي ، ورازقهم هو رازقي ، ومصلح معايشهم هو مصلح معايشي ، لا رب لي ولا خالق ولا رازق غير ربهم

٤١٠

وخالقهم ورازقهم ، وأشهدك ومن حضرك أن كل رب وخالق ورازق سوى ربهم وخالقهم ورازقهم فأنا بريء منه ومن ربوبيته ، وكافر بإلهيته.

يقول حزقيل هذا وهو يعني أن ربهم هو الله ربي ، ولم يقل : إن الذي قالوا هم إنه ربهم هو ربي ، وخفي هذا المعنى على فرعون ربي وخالقي ورازقي ، وقال لهم : يا رجال السوء ، ويا طلاب الفساد في ملكي ، ومريدي الفتنة بيني وبين ابن عمي وعضدي ، أنتم المستحقون لعذابي ، لإرادتكم فساد أمري ، وإهلاك ابن عمي ، والفتّ في عضدي. ثم أمر بالأوتاد فجعل في ساق كل واحد منهم وتد ، وفي صدره وتد ، وأمر أصحاب أمشاط الحديد فشقّوا بها لحومهم من أبدانهم ، فذلك ما قال الله تعالى : (فَوَقاهُ اللهُ) يعني حزقيل (سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا) لما وشوا به إلى فرعون ليهلكوه (وَحاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذابِ) وهم الذين وشوا بحزقيل إليه ، لما أوتد فيهم الأوتاد ، ومشط من أبدانهم لحومهم بالأمشاط» (١).

* س ٢٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ)(٤٦) [سورة المؤمن : ٤٦]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : قال رجل لأبي عبد الله عليه‌السلام : ما تقول في قول الله عزوجل : (النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَعَشِيًّا)؟ فقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ما يقول الناس فيها؟» ، فقال : يقولون إنها في نار الخلد وهم [لا] يعذبون فيما بين ذلك ، فقال عليه‌السلام : «فهم من السعداء». فقيل له : جعلت فداك ، فكيف هذا؟ فقال : «إنما هذا في الدنيا ، وأما في نار الخلد فهو قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ)(٢).

__________________

(١) تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ص ٣٥٥ ، ح ٢٤٧.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٨.

٤١١

وقال الطبرسي : عن نافع ، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي ، إن كان من أهل الجنة [فمن الجنة] ، وإن كان من أهل النار [فمن النار ، يقال : هذا مقعدك] حتى يبعثك الله يوم القيامة». أورده البخاري ومسلم في (الصحيحين).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «ذلك في الدنيا قبل يوم القيامة ، لأنّ نار القيامة لا تكون غدوّا وعشيا» ثم قال : «إن كانوا إنما يعذبون في النار غدوا وعشيا ففيما بين ذلك هم من السعداء. لا ، ولكن هذا في البرزخ قبل يوم القيامة ، ألم تسمع قوله عزوجل : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ)؟(١).

وقال سليمان الديلمي : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك من الآل؟ قال : «ذرية محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم». قلت : فمن الأهل؟ قال : «الأئمة عليهم‌السلام». فقلت : قوله عزوجل : (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ)؟ قال : «والله ما عنى إلا ابنته» (٢).

* س ٢٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنَ النَّارِ (٤٧) قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ (٤٨) وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ (٤٩) قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ)(٥٠) [سورة المؤمن : ٤٧ ـ ٥٠]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : ثم ذكر قول أهل النار ، فقال : (وَإِذْ

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٨١٨.

(٢) معاني الأخبار : ص ٩٤ ، ح ٢.

٤١٢

يَتَحاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) إلى قوله تعالى : (مِنَ النَّارِ) فردوا عليهم ، فقالوا : (إِنَّا كُلٌّ فِيها إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ) ، وقوله تعالى : (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) أي في بطلان (١).

وقال ابن طاوس في (الدروع الواقية) ، قال : ذكر أبو جعفر أحمد القمّي في كتاب (زهد النبيّ) ، عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد نزل عليه جبرئيل ، وهو متغير اللون ـ وذكر حديثا طويلا ، قال : وفي الحديث ـ : أن أهل النار إذا دخلوها ورأوا أنكالها وأهوالها ، وعلموا عذابها وعقابها ، ورأوها كما قال زين العابدين عليه‌السلام : «ما ظنك بنار لا تبقي على من تضرع إليها ، ولا تقدر على التخفيف عمن خشع لها ، واستسلم إليها ، تلقي سكّانها بأحرّ ما لديها من أليم النكال ، وشديد الوبال». يعرفون أنّ أهل الجنة في ثواب عظيم ، ونعيم مقيم ، فيؤملون أن يطعموهم أو يسقوهم ليخفف عنهم بعض العذاب الأليم ، كما قال الله جل جلاله في كتابه العزيز : (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ)(٢). قال : فيحبس عنهم الجواب إلى أربعين سنة ، ثم يجيبونهم بلسان الاحتقار والتهوين : (إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ)(٣) ، قال : فيرون الخزنة عندهم وهم يشاهدون ما نزل بهم من المصاب فيؤملون أن يجدوا عندهم فرحا بسبب من الأسباب ، كما قال الله جلال جلاله : (وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) ، قال : فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة ، ثم يجيبونهم بعد خيبة الآمال (قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) قال : فإذا يئسوا من خزنة جهنم ، رجعوا إلى مالك مقدّم الخزان ، وأمّلوا أن يخلصهم من ذلك الهوان ، كما قال الله جلّ جلاله : (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ)(٤) قال :

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٨.

(٢) الأعراف : ٥٠.

(٣) الأعراف : ٥٠.

(٤) الزخرف : ٧٧.

٤١٣

فيحبس عنهم الجواب أربعين سنة ، وهم في العذاب ، ثم يجيبهم ، كما قال الله تعالى في كتابه المكنون : (قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ)(١) قال : فإذا يئسوا من مولاهم رب العالمين الذي كان أهون شيء عندهم في دنياهم ، وكان قد آثر كل واحد منهم عليه هواه مدّة الحياة ، وكان قد قرّر عندهم (٢) بالعقل والنقل أنه واضح لهم على يد الهداة سبل النجاة ، وعرّفهم بلسان الحال أنهم الملقون بأنفسهم إلى دار النكال والأهوال ، وأن باب القبول يغلق عن الكفار بالممات أبد الآبدين ، وكان يقول لهم في أوقات كانوا في الحياة الدنيا من المكلفين بلسان الحال الواضح المبين : هب أنكم ما صدقتموني في هذا المقال ، أما تجوّزون أن أكون مع الصادقين؟ فكيف أعرضتم عني وشهدتم بتكذيبي وتكذيب من صدّقني من المرسلين والمؤمنين؟ فهلا تحرزتم من هذا الضرر المحذر الهائل؟ أما سمعتم بكثرة المرسلين ، وتكرار الرسائل. ثم كرر جل جلاله مواقفهم وهم في النار ببيان المقال ، ، فقال : (أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ)(٣). قال : فيبقون أربعين سنة في ذل الهوان لا يجابون ، وفي عذاب النيران لا يكلمون ، ثم يجيبهم الله جل جلاله : (قالَ اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ)(٤) ، قال : فعند ذلك ييأسون من كل فرج وراحة ، وتغلق أبواب جهنم عليهم ، وتدوم لديهم مآتم الهلاك والشّهيق والزفير والصراخ والنياحة (٥).

__________________

(١) الزخرف : ٧٧.

(٢) في البحار : قد قدر عندهم.

(٣) المؤمنون : ١٠٥ ـ ١٠٧.

(٤) المؤمنون : ١٠٨.

(٥) الدروع الواقية : ٥٨ «مخطوط» ، البحار : ج ٨ ، ص ٣٠٤ ، ح ٦٣.

٤١٤

* س ٢٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ (٥١) يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)(٥٢) [سورة المؤمن : ٥١ ـ ٥٢]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : في قول الله عزوجل : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) : «ذلك والله في الرجعة ، أما علمت أن أنبياء الله تبارك وتعالى كثيرا لم ينصروا في الدنيا وقتلوا ، وأئمة من بعدهم قتلوا ولم ينصروا ، فذلك في الرجعة» (١).

قال أبو جعفر عليه‌السلام : «الحسين بن علي عليهما‌السلام [منهم] ، قتل ولم ينصر بعد» ، ثم قال : «والله لقد قتل قتلة الحسين عليه‌السلام ولم يطلب بدمه بعد» (٢).

وقال علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ) يعني الأئمة عليهم‌السلام (٣).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام في قوله تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ)(٤) ، قال : «الراجفة : الحسين بن علي عليهما‌السلام ، والرادفة : علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، وأول من ينشق عنه القبر وينفض عن رأسه التراب الحسين بن علي عليهما‌السلام في خمسة وسبعين ألفا ، وهو قوله تعالى : (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)(٥).

__________________

(١) مختصر بصائر الدرجات : ص ٤٥.

(٢) كامل الزيارات : ص ٦٣ ، ص ٢.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٩.

(٤) النازعات : ٦ و ٧.

(٥) الرجعة : ٦٠ «مخطوط».

٤١٥

* س ٢٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ (٥٣) هُدىً وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٥٤) فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٥٥) إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٥٦) لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٥٧) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ (٥٨) إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ)(٥٩) [سورة المؤمن : ٥٣ ـ ٥٩]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي : ثم بين سبحانه نصرته موسى وقومه ، فقال : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْهُدى) أي : أعطيناه التوراة فيها أدلة واضحة على معرفة الله ، وتوحيده. (وَأَوْرَثْنا بَنِي إِسْرائِيلَ الْكِتابَ) أي : وأورثنا من بعد موسى بني إسرائيل التوراة ، وما فيه من البيان (هُدىً) أي : هو هدى أي : دلالة يعرفون بها معالم دينهم (وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) أي : وتذكير لأولي العقول ، لأنهم الذين يتمكنون من الانتفاع به دون من لا عقل له. ويجوز أن يكون (هُدىً) ، و (ذِكْرى) منصوبين على أن يكونا مصدرين ، وضعا موضع الحال من الكتاب ، بمعنى هاديا ومذكرا.

ويجوز أن يكون بمعنى المفعول له أي : للهدى والتذكير. ثم أمر نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالصبر فقال : (فَاصْبِرْ) يا محمد على أذى قومك ، وتحمل المشاق في تكذيبهم إياك (إِنَّ وَعْدَ اللهِ) الذي وعدك به من النصر في الدنيا ، والثواب في الآخرة (حَقٌ) لا خلف فيه (وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ) من جوز الصغائر

٤١٦

على الأنبياء قال : معناه اطلب المغفرة من الله على صغيرة وقعت منك ، ولعظيم نعمته على الأنبياء كلفهم التوبة من الصغائر. ومن لا يجوز ذلك عليهم ، وهو الصحيح ، قال : هذا تعبد من الله سبحانه لنبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالدعاء والاستغفار لكي يزيد في الدرجات ، وليصير سنة لمن بعده (١). (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) أي : نزه الله تعالى ، واعترف بشكره ، وإضافة النعم إليه ، ونفي التشبيه عنه. وقيل : نزه صفاته عن صفات المحدثين ، ونزه أفعاله عن أفعال الظالمين. وقيل : معناه صل بأمر ربك (بِالْعَشِيِ) من زوال الشمس إلى الليل (وَالْإِبْكارِ) من طلوع الفجر الثاني ، إلى طلوع الشمس ، وقيل : يريد الصلوات الخمس ، وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «قال الله ، جل جلاله : يا ابن آدم! اذكرني بعد الغداة ساعة ، وبعد العصر ساعة ، أكفك ما أهمك».

ثم قال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ) أي : يخاصمون (فِي آياتِ اللهِ) أي : في دفع آيات الله ، وإبطالها (بِغَيْرِ سُلْطانٍ) أي : حجة (أَتاهُمْ) الله إياها يتسلط بها على إنكار مذهب يخالف مذهبهم (إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ) أي : ليس في صدورهم إلا عظمة وتكبر على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجبرية (ما هُمْ بِبالِغِيهِ) أي : ما هم ببالغي مقتضى تلك العظمة ، لأن الله تعالى مذلهم. وقيل : معناه كبر بحسدك على النبوة التي أكرمك الله بها ما هم ببالغيه ، لأن الله تعالى يرفع بشرف النبوة من يشاء. وقيل : ما هم ببالغي وقت خروج الدجال. (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ) من شر اليهود ، والدجال ، ومن جميع ما يجب الاستعاذة منه (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) لأقوال هؤلاء (الْبَصِيرُ) بضمائرهم. وفي هذا تهديد لهم فيما أقدموا عليه. ثم قال سبحانه : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) مع عظمهما ، وكثرة أجزائهما ، ووقوفهما بغير عمد ، وجريان

__________________

(١) أن القرآن نزل بإياك أعني واسمعي يا جارة ، كما ورد في روايات كثيرة.

٤١٧

الفلك والكواكب ، من غير سبب (أَكْبَرُ) أي : أعظم وأهول في النفس (مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) وإن كان خلق الناس عظيما بما فيه من الحياة والحواس المهيأة لأنواع مختلفة من الإدراكات (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) لعدولهم عن الفكر فيه ، والاستدلال على صحته. والمعنى : إنهم إذا أقروا بأن الله تعالى خلق السماء والأرض ، فكيف أنكروا قدرته على إحياء الموتى ، ولكنهم أعرضوا عن التدبر ، فحلوا محل الجاهل الذي لا يعلم شيئا. (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) أي : لا يستوي من أهمل نفسه ، ومن تفكر فعرف الحق. شبه الذي لا يتفكر في الدلائل بالأعمى ، والذي يستدل بها بالبصير. (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَلَا الْمُسِيءُ) أي : وما يستوي المؤمنون الصالحون ، ولا الكافر الفاسق في الكرامة والإهانة ، والهدى والضلال (قَلِيلاً ما تَتَذَكَّرُونَ) يجوز أن تكون (ما) مزيدة. ويجوز أن تكون مصدرية. فيكون تقديره : قليلا تذكرهم أي : قل نظرهم فيما ينبغي أن ينظروا فيه مما دعوا إليه. (إِنَّ السَّاعَةَ) يعني القيامة (لَآتِيَةٌ) أي : جاثية واقعة (لا رَيْبَ فِيها) أي : لا شك في مجيئها. (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ) أي : لا يصدقون بذلك لجهلهم بالله تعالى ، وشكهم في إخباره (١).

* س ٢٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ)(٦٠) [سورة المؤمن : ٦٠]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «الدعاء هو العبادة التي قال الله عزوجل : (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) الآية ، ادع الله عزوجل ، ولا تقل : إن الأمر قد فرغ منه».

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٤٤٨ ـ ٤٥١.

٤١٨

قال زرارة : إنما يعني لا يمنعك إيمانك بالقضاء والقدر أن تبالغ بالدعاء وتجتهد فيه ، أو كما قال (١).

وقال معاوية بن عمار : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجلان افتتحا الصلاة في ساعة واحدة ، فتلا هذا القرآن ، فكانت تلاوته أكثر من دعائه ، ودعا هذا فكان دعاؤه أكثر من تلاوته ، ثم انصرفا في ساعة واحدة ، أيهما أفضل؟ قال : «كل فيه فضل ، كل حسن».

قلت : إني قد علمت أن كلا حسن ، وأن كلا فيه فضل ، فقال : «الدعاء أفضل أما سمعت قول الله عزوجل : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ) هي والله العبادة ، هي والله أفضل ، هي والله أفضل ، أليست هي العبادة؟ هي والله العبادة ، هي والله العبادة ، أليست هي أشدّهن؟ هي والله أشدهنّ ، هي والله أشدّهنّ» (٢).

وقال هشام بن سالم : قلت للصادق عليه‌السلام : يا بن رسول الله ، ما بال المؤمن إذا دعا ربما استجيب له ، وربما لم يستجب له ، وقد قال الله عزوجل : (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)؟

فقال عليه‌السلام : «إن العبد إذا دعا الله تبارك وتعالى بنيّة صادقة وقلب مخلص ، استجيب له بعد وفائه بعهد الله عزوجل ، وإذا دعا الله بغير نية وإخلاص لم يستجب له ، أليس الله تعالى يقول : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ)(٣)؟ فمن وفى وفي له» (٤).

وعن عثمان بن عيسى ، عمن حدثه ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : قلت : آيتان في كتاب الله عزوجل اطلبهما فلا أجدهما ، قال : «وما هما؟ قلت : قول

__________________

(١) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٣٩ ، ح ٧.

(٢) التهذيب : ج ٢ ، ص ١٠٤ ، ح ٣٩٤.

(٣) البقرة : ٤٠.

(٤) الاختصاص : ص ٢٤٢.

٤١٩

الله عزوجل : (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) ، فندعوه ولا نرى إجابة! قال : «أفترى الله عزوجل أخلف وعده؟» قلت : لا. قال : «فبما ذلك؟» قلت : لا أدري. قال : «ولكني أخبرك ، من أطاع الله عزوجل فيما أمره من دعائه من جهة الدعاء أجابه». قلت : وما جهة الدعاء؟ قال : «تبدأ فتحمد الله وتذكر نعمه عندك ، ثم تشكره ، ثم تصلي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم تذكر ذنوبك فتعترف بها ، ثم تستعيذ منها ، فهذا جهة الدعاء».

ثم قال : «وما الآية الأخرى؟» قلت : قول الله عزوجل : (وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)(١) ، وإني أنفق ولا أرى خلفا! قال : «أفترى الله عزوجل أخلف وعده؟» فقلت : لا. قال : «فممّ ذلك؟» قلت : لا أدري ، قال : «لو أن أحدكم اكتسب المال من حلّه وأنفقه في حله ، لم ينفق درهما إلا أخلف عليه» (٢).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إن الله تبارك وتعالى ليمنّ على عبده المؤمن يوم القيامة ، فيأمره أن يدنو منه ـ يعني من رحمته ـ فيدنو حتى يضع كفه عليه ، ثم يعرفه ما أنعم به عليه ، يقول : ألم تكن تدعوني يوم كذا وكذا ، فأجبت دعوتك؟ ألم تسألني يوم كذا وكذا ، وأعطيتك مسألتك؟ ألم تستغث بي يوم كذا وكذا ، فأغثتك؟ ألم تسألني كشف ضر كذا وكذا ، فكشفت عنك ضرك ، ورحمت صوتك؟ ألم تسألني مالا ، فملّكتك؟ ألم تستخدمني ، فأخدمتك؟ ألم تسألني أن أزوجك فلانة وهي منيعة عند أهلها ، فزوجتكها؟

قال : فيقول العبد : بلى يا رب ، أعطيتني كل ما سألتك ، وكنت يا رب أسألك الجنة ، فيقول الله له : فإني منعم لك بما سألتنيه ؛ الجنة لك مباحا ، أرضيت؟ فيقول المؤمن : نعم يا رب أرضيتني وقد رضيت. فيقول الله : عبدي

__________________

(١) سبأ : ٣٩.

(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ٣٥٢ ، ح ٨.

٤٢٠