التيسير في التفسير للقرآن - ج ٦

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٦

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢

وقال علي بن إبراهيم ، قوله : (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ) يعني إذا طلعت الشمس (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ)(١).

وقال أبو الصلت الهروي : كان الرضا عليه‌السلام يكلم الناس بلغاتهم ، وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكل لسان ولغة ، فقلت له يوما : يا بن رسول الله ، إني لأعجب من معرفتك بهذه اللغات على اختلافها! فقال : «يا أبا الصلت ، أنا حجة الله على خلقه ، وما كان الله ليتخذ حجة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم ، أما بلغك ما قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : وأوتينا فصل الخطاب؟ فهل فصل الخطاب إلّا معرفة اللغات؟» (٢).

وقال علي بن إبراهيم : في قوله : (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) يعني نزلوا من المحراب (إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ) إلى قوله : (وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ)(٣).

وقال أبو الصلت الهروي : لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا عليه‌السلام أهل المقالات من أهل الإسلام ، والديانات : من اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، والصابئين ، وسائر أهل المقالات ، فلم يقم أحد إلا وقد ألزمه حجّته كأنه ألقم حجرا ، قام إليه علي بن محمد بن الجهم ، فقال له : يا بن رسول الله ، أتقول بعصمة الأنبياء؟ قال : «نعم» إلى أن قال : فما تعمل في قول الله تعالى في داود : (وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ)(٤) فقال له عليه‌السلام : «فما يقول من قبلكم فيه؟».

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٢٩.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ج ٢ ، ص ٢٢٨ ، ح ٣.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٢٩.

(٤) قال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله : (وَظَنَّ داوُدُ) : أي علم ، (وَأَنابَ) أي تاب». (تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٣٤).

٣٠١

فقال علي بن محمد بن الجهم : يقولون : إن داود عليه‌السلام كان يصلّي في محرابه ، فتصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من الطيور ، فقطع داود صلاته وقام ليأخذ الطير ، فخرج الطير إلى الدار ، فخرج في أثره ، فطار الطير إلى السطح ، فصعد في طلبه ، فسقط الطير في دار أوريا بن حنان ، فاطلع داود في أثر الطير فإذا بامرأة أوريا تغتسل ، فلما نظر إليها هواها ، وقد كان أخرج أوريا في بعض غزواته ، فكتب إلى صاحبه : أن قدم أوريا أمام التابوت. فقدم ، فظفر أوريا بالمشركين ، فصعب ذلك على داود ، فكتب إليه ثانية : أن قدّمه أمام التابوت. فقدّم ، فقتل أوريا (رحمه‌الله) ، فتزوج داود بامرأته.

قال : فضرب الرضا عليه‌السلام بيده على جبهته ، وقال : «إنا لله وإنا إليه راجعون ، لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله عليهم‌السلام إلى التهاون بصلاته ، حتى خرج في أثر الطير ، ثم بالفاحشة ، ثم بالقتل».

فقال : يا بن رسول الله ، فما كانت خطيئته؟ قال : «ويحك ، إن داود عليه‌السلام إنما ظن أن ما خلق الله عزوجل خلقا هو أعلم منه ، فبعث الله عزوجل إليه الملكين ، فتسورا المحراب ، فقالا : (خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَلا تُشْطِطْ وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ فَقالَ أَكْفِلْنِيها وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) ، فعجل داود عليه‌السلام على المدّعى عليه ، فقال : لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه. ولم يسأل المدعي البينة على ذلك ، ولم يقبل على المدعى عليه ، فيقول له : ما تقول؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم ، لا ما ذهبتم إليه ، ألا تسمع الله عزوجل يقول : (يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِ) إلى آخر الآية؟».

فقال : يا بن رسول الله ، فما كانت قصّته مع أوريا؟ قال الرضا عليه‌السلام :

٣٠٢

«إن المرأة في أيام داود عليه‌السلام كانت إذا مات بعلها ، أو قتل لا تتزوج بعده أبدا ، فأول من أباح الله له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها ؛ داود عليه‌السلام ، فتزوج بامرأة أوريا لما قتل وانقضت عدتها منه ، فذلك شق على [الناس من قبل] أوريا» (١).

وقال علقمة : قال الصادق عليه‌السلام ، في حديث قال فيه : «يا علقمة ، إن رضى الناس لا يملك ، وألسنتهم لا تضبط ، وكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحججه عليهم‌السلام ألم ينسبوا يوسف عليه‌السلام إلى أنه هم بالزنا؟ ألم ينسبوا أيوب عليه‌السلام إلى أنه ابتلي بذنوبه؟ ألم ينسبوا داود عليه‌السلام إلى أنه تبع الطير ، حتى نظر إلى امرأة أوريا فهواها ، وأنه قدّم زوجها أمام التابوت حتى قتل ، ثم تزوج بها؟» (٢).

* س ٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما باطِلاً ذلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ) (٢٧) [سورة ص : ٢٧]؟!

الجواب / دخل رجل من أهل العراق على أمير المؤمنين عليه‌السلام ، فقال : أخبرنا عن خروجنا إلى أهل الشام : أبقضاء من الله وقدر؟ فقال له أمير المؤمنين عليه‌السلام : «أجل ـ يا شيخ ـ فو الله ما علوتم تلعة ، ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدر».

فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي ، يا أمير المؤمنين. فقال : «مهلا ـ يا شيخ ـ لعلك تظن قضاء حتما ، وقدرا لازما ، لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب ، والأمر والنهي ، والزجر ، ولسقط معنى الوعد والوعيد ، ولم يكن

__________________

(١) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ج ١ ، ص ١٩١ ، ح ١.

(٢) أمالي الصدوق : ص ٩١ ، ح ٣.

٣٠٣

على مسيء لائمة ، ولا لمحسن محمدة ، ولكن المحسن أولى باللائمة من المذنب ، والمذنب أولى بالإحسان من المحسن ، تلك مقالة عبدة الأوثان ، وخصماء الرحمن ، وقدرية هذه الأمة ومجوسها.

يا شيخ ، إن الله عزوجل كلّف تخييرا ، ونهى تحذيرا ، وأعطى على القليل كثيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا ، ذلك ظنّ الذين كفروا ، فويل للذين كفروا من النار».

قال : فنهض الشيخ ، وهو يقول :

أنت الإمام الذي نرجو بطاعته

يوم المعاد من الرحمن غفرانا

أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا

جزاك ربك عنا فيه إحسانا

فليس معذرة في فعل فاحشة

قد كنت راكبها فسقا وعصيانا

لا لا ولا قائلا ناهيك واقعة

فيها عبدت إذن يا قوم شيطانا

ولا أحب ولا شاء الفسوق ولا

قتل الولي له ظلما وعدوانا

أنى يحب وقد صحت عزيمته

ذو العرش أعلن ذاك الله إعلانا

قال ابن بابويه : لم يذكر محمد بن عمر الحافظ في آخر هذا الحديث إلا بيتين من هذا الشعر ، من أوّله (١).

* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ) (٢٨) [سورة ص : ٢٨]؟!

الجواب / قال عبد الرحمن بن كثير ، سألت الصادق عليه‌السلام عن قوله : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) ، قال : «أمير المؤمنين عليه‌السلام

__________________

(١) التوحيد : ص ٣٨٠ ، ح ٢٨.

٣٠٤

وأصحابه ، (كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) حبتر ، وزريق ، وأصحابهما ، (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ) أمير المؤمنين عليه‌السلام وأصحابه (كَالْفُجَّارِ) حبتر ، ودلام ، وأصحابهما» (١).

وقال ابن عباس ، في قوله عزوجل : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) عليّ ، وحمزة ، وعبيدة (كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ) عتبة ، وشيبة ، والوليد (أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ) علي عليه‌السلام وأصحابه (كَالْفُجَّارِ) فلان وأصحابه (٢).

وعن أبي عبد الله عليه‌السلام ـ في حديث طويل ـ قال عليه‌السلام : «فإنه لا ينبغي لأهل الحق أن ينزلوا أنفسهم منزلة أهل الباطل ، لأن الله لم يجعل أهل الحق عنده بمنزلة أهل الباطل ، ألم يعرفوا وجه قول الله في كتابه ، إذ يقول : (أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ)؟(٣).

* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) (٢٩) [سورة ص : ٢٩]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ) أمير المؤمنين والأئمة عليهم‌السلام (وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ) فهم أهل الألباب الثاقبة (٤). قال : وكان أمير المؤمنين عليه‌السلام يفتخر بها ، ويقول : «ما أعطي أحد قبلي ولا بعدي مثل ما أعطيت» (٥).

__________________

(١) تفسير القمّي : ج ٢ ، ص ٢٣٤.

(٢) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٠٢ ، ح ٢.

(٣) الكافي : ج ٨ ، ص ١٢ ، ح ١.

(٤) في طبعة أخرى : الباقية.

(٥) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٣٤.

٣٠٥

* س ٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ (٣٠) إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ (٣١) فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ (٣٢) رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) (٣٣) [سورة ص : ٣٠ ـ ٣٣]؟!

الجواب / قال ابن بابويه في (الفقيه) : بإسناده ، قال زرارة والفضيل : قلنا لأبي جعفر عليه‌السلام : أرأيت قول الله عزوجل : (إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً)(١)؟ قال : «يعني كتابا مفروضا ، وليس يعني وقت فوتها ، إن جاز ذلك الوقت ثم صلّاها لم تكن صلاة مؤداة ، ولو كان ذلك كذلك لهلك سليمان بن داود عليه‌السلام حين صلاها لغير وقتها ، ولكن متى ذكرها صلّاها».

ثم قال ابن بابويه : إن الجهال من أهل الخلاف يزعمون أن سليمان عليه‌السلام اشتغل ذات يوم بعرض الخيل حتى توارت الشمس بالحجاب ، ثم أمر بردّ الخيل ، وأمر بضرب سوقها وأعناقها ، وقتلها ، وقال : إنها شغلتني عن ذكر ربي عزوجل. وليس كما يقولون ، جلّ نبي الله سليمان عليه‌السلام عن مثل هذا الفعل ، لأنه لم يكن للخيل ذنب فيضرب سوقها وأعناقها ، لأنها لم تعرض نفسها عليه ، ولم تشغله ، وإنّما عرضت عليه ، وهي بهائم غير مكلّفة.

والصحيح في ذلك ما روي عن الصادق عليه‌السلام أنه قال : «إن سليمان بن داود عليه‌السلام عرض عليه ذات يوم بالعشي الخيل فاشتغل بالنظر إليها حتى توارت الشمس بالحجاب ، فقال للملائكة : ردوا الشمس علي حتى أصلي صلاتي في وقتها. فردّوها ، فقام فمسح ساقيه وعنقه ، وأمر أصحابه الذين فاتتهم الصلاة معه بمثل ذلك ، وكان ذلك وضوءهم للصلاة ، ثم قام فصلى ، فلما فرغ غابت الشمس ، وطلعت النجوم : وذلك قول الله عزوجل (وَوَهَبْنا

__________________

(١) النساء : ١٠٣.

٣٠٦

لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ)(١).

وقال الطبرسي : قال بن عباس : سألت عليا عليه‌السلام عن هذه الآية ، فقال : «ما بلغك فيها ، يا بن عباس؟». قلت : سمعت كعبا يقول : اشتغل سليمان بعرض الأفراس حتى فاتته الصلاة ، فقال : ردوها علي ـ يعني الأفراس ، وكانت أربعة عشر فرسا ـ فضرب سوقها وأعناقها بالسيف ، فقتلها ، فسلبه الله ملكه أربعة عشر يوما ، لأنه ظلم الخيل بقتلها.

فقال علي عليه‌السلام : «كذب كعب ، لكن اشتغل سليمان بعرض الأفراس ذات يوم ، لأنه أراد جهاد العدو ، حتى توارت الشمس بالحجاب ، فقال ، بأمر الله تعالى للملائكة الموكلين بالشمس : ردوها علي فردت ، فصلى العصر في وقتها. وإن أنبياء الله لا يظلمون ، ولا يأمرون بالظلم ، لانهم معصومون ، مطهرون» (٢).

وقال الطبرسي : وقيل : معناه أنه سأل الله تعالى أن يرد الشمس عليه ، فردها عليه حتى صلى العصر ، فالهاء في (رُدُّوها) كناية عن الشمس. عن علي بن أبي طالب عليه‌السلام (٣).

* س ٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ (٣٤) قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ (٣٦) وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ (٣٨)

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ، ص ١٢٩ / ٦٠٦ و ٦٠٧.

(٢) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٧٤١.

(٣) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٧٤١.

٣٠٧

هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٩) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) (٤٠) [سورة ص : ٣٤ ـ ٤٠]؟!

الجواب / قال الطبرسيّ : روي أنّ الجنّ والشياطين لمّا ولد لسليمان ابن ، قال بعضهم لبعض : إن عاش له ولد لنلقين منه ما لقينا من أبيه من البلاء. فأشفق عليه‌السلام منهم عليه فاسترضعه المزن ـ وهو السحاب ـ فلم يشعر إلا وقد وضع على كرسيه ميتا ، تنبيها على أن الحذر لا ينفع من القدر ، وإنما عوقب عليه‌السلام على خوفه من الشياطين. قال : وهو المروي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (١). علي بن يقطين : قلت لأبي الحسن موسى موسى بن جعفر عليه‌السلام : أيجوز أن يكون نبي الله عزوجل بخيلا؟ فقال : «لا». فقلت له : فقول سليمان عليه‌السلام : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) ما وجهه وما معناه؟

فقال : «الملك ملكان : ملك مأخوذ بالغلبة ، والجور ، واختيار الناس ، وملك مأخوذ من قبل الله تبارك وتعالى ، كملك آل إبراهيم ، وملك طالوت ، وملك ذي القرنين. فقال سليمان عليه‌السلام : هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ، أن يقول : إنه مأخوذ بالغلبة ، والجور ، واختيار الناس ، فسخر الله تبارك وتعالى له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ، وجعل غدوّها شهرا ، ورواحها شهرا ، وسخّر له الشياطين كلّ بناء وغواص ، وعلم منطق الطير ، ومكن في الأرض ، فعلم الناس في وقته وبعده أن ملكه لا يشبه ملك الملوك المختارين من قبل الناس ، والمالكين بالغلبة والجور».

قال : فقلت له : فقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «رحم الله أخي سليمان ، ما كان أبخله!» فقال عليه‌السلام : «لقوله وجهان : أحدهما : ما كان أبخله بعرضه ، وسوء

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٧٤١.

٣٠٨

القول فيه! والوجه الآخر : يقول : ما كان أبخله إن كان أراد ما يذهب إليه الجهّال!».

ثم قال عليه‌السلام : «قد ـ والله ـ أوتينا ما أوتي سليمان ، وما لم يؤت سليمان ، وما لم يؤت أحد من العالمين ، قال الله عزوجل في قصة سليمان : (هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ) ، وقال عزوجل في قصة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(١)» (٢).

وقال علي بن إبراهيم : إن سليمان لما تزوّج باليمانية ولد منها ابن ، وكان يحبه ، فنزل ملك الموت على سليمان ، وكان كثيرا ما ينزل عليه ، فنظر إلى ابنه نظرا حديدا ففزع سليمان من ذلك ، فقال لأمّه : «إنّ ملك الموت نظر إلى ابني نظرة أظنه قد أمر بقبض روحه». فقال للجن والشياطين : «هل لكم حيلة في أن تفرّوه من الموت؟». فقال واحد منهم : أنا أضعه تحت عين الشمس في المشرق. فقال سليمان : «إن ملك الموت يخرج ما بين المشرق والمغرب» فقال واحد منهم» أنا أضعه في الأرض السابعة. فقال : «إن ملك الموت يبلغ ذلك». فقال آخر : أنا أضعه في السحاب والهواء. فرفعه ، ووضعه في السحاب ، فجاء ملك الموت ، فقبض روحه في السحاب ، فوقع جسده ميتا على كرسيّ سليمان ، فعلم أنه قد أخطأ. فحكى الله ذلك في قوله : (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ) ، والرخاء : الليّنة (وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) أي في البحر (وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) يعني مقيّدين ، قد شد بعضهم إلى بعض ، وهم الذين عصوا سليمان عليه‌السلام حين سلبه الله عزوجل ملكه (٣).

__________________

(١) الحشر : ٧.

(٢) علل الشرائع : ص ٧١ ، ح ١.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٣٥.

٣٠٩

أقول : أما قوله تعالى : (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ). هذه الآية ـ في الحقيقة ـ هي الرد المناسب على أولئك الذين يدنسون قدسية أنبياء الله العظام بادعاءات باطلة وواهية يستقونها من كتاب التوراة الحالي المحرف ، وبهذا الشكل فإنها تبرىء ساحته من كل تلك الاتهامات الباطلة والمزيفة ، وتشيد بمرتبته عند البارىء عزوجل ، حتى أن عبارة (حُسْنَ مَآبٍ) التي تبشره بحسن العاقبة والمنزلة الرفيعة عند الله ، هي ـ في نفس الوقت ـ إشارة إلى زيف الادعاءات المحرّفة التي نسبتها كتب التوراة إليه ، والتي تدعي أن سليمان أنجر في نهاية الأمر إلى عبادة الأصنام أثر زواجه من امرأة تعبد الأصنام ، وعمد إلى بناء معبد للأصنام ، إلا أن القرآن الكريم ينفي ويدحض كل تلك البدع والخرافات.

* س ٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ (٤١) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ (٤٢) وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ (٤٣) وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (٤٤) [سورة ص : ٤١ ـ ٤٤]؟!

الجواب / قال أبو بصير : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن بلية أيوب عليه‌السلام التي ابتلي بها في الدنيا ، لأي علّة كانت؟

قال : «لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا وأدى شكرها ، وكان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس من دون العرش ، فلما صعد ورأى شكر أيوب نعمة ربه حسده إبليس ، وقال : يا رب ، إن أيوب لم يؤدّ إليك شكر هذه النعمة إلا بما أعطيته من الدنيا ، ولو حرمته دنياه ، ما أدى إليك شكر نعمة أبدا ، فسلطني على دنياه حتى تعلم أنه لا يؤدي إليك شكر نعمة أبدا. فقيل له : قد سلطتك

٣١٠

على ماله وولده. قال : فانحدر إبليس فلم يبق له مالا ولا ولدا إلا أعطبه ، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا ، قال : فسلطني على زرعه. قال : قد فعلت. فجاء مع شياطينه ، فنفخ فيه ، فاحترق ، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا ، فقال : يا رب ، سلطني على غنمه. فسلطه على غنمه ، فأهلكها ، فازداد أيوب لله شكرا وحمدا. فقال : يا رب ، سلطني على بدنه. فسلطه على بدنه ، ما خلا عقله وعينيه ، فنفخ فيه إبليس ، فصار قرحة واحدة ، من قرنه إلى قدمه ، فبقي على ذلك عمرا طويلا يحمد الله ويشكره ، حتى وقع في بدنه الدود ، وكانت تخرج من بدنه فيردها ، ويقول لها : ارجعي إلى موضعك الذي خلقك الله منه. ونتن ، حتى أخرجه أهل القرية من القرية ، وألقوه في المزبلة خارج القرية. وكانت امرأته رحيمة بنت يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (صلوات الله عليهم وعليها) تتصدّق من الناس وتأتيه بما تجده».

قال : «فلمّا طال عليه البلاء ، ورأى إبليس صبره أتى أصحابا له كانوا رهبانا في الجبال ، فقال : مروا بنا إلى هذا العبد المبتلى ، نسأله عن بليّته. فركبوا بغالا شهبا وجاءوا ، فلما دنوا منه نفرت بغالهم من نتن ريحه ، فقرّبوا بعضا إلى بعض ، ثم مشوا إليه ، وكان فيهم شابّ حدث السن ، فقعدوا إليه ، فقالوا : يا أيوب ، لو أخبرتنا بذنبك لعلّ الله يجيبنا إذا سألناه ، وما نرى ابتلاءك بهذا البلاء الذي لم يبتل به أحد إلا من أمر كنت تستره.

فقال أيوب : وعزّة ربي إنه ليعلم أني ما أكلت طعاما إلا ويتيم أو ضعيف يأكل معي ، وما عرض لي أمران كلاهما طاعة لله إلا أخذت بأشدّهما على بدني.

فقال الشاب : سوأة لكم ، عمدتم إلى نبي الله فعيّرتموه حتى أظهر من عبادة ربه ما كان يسترها.

فقال أيوب : يا ربّ ، لو جلست مجلس الحكم منك لأدليت بحجتي.

٣١١

فبعث الله إليه غمامة ، فقال : يا أيوب ، أدل بحجتك ، فقد أقعدتك مقعد الحكم ، وها أنا ذا قريب ، ولم أزل. فقال : يا رب ، إنك لتعلم أنه لم يعرض لي أمران قط كلاهما لك طاعة إلا أخذت بأشدهما على نفسي ، ألم أحمدك ، ألم أشكرك ، ألم أسبّحك؟». قال : «فنودي من الغمامة بعشرة آلاف لسان : يا أيوب ، من صيّرك تعبد الله والناس عنه غافلون ، وتحمده ، وتسبحه ، وتكبره ، والناس عنه غافلون ، أتمنّ على الله بما لله فيه المنّة عليك؟ قال : فأخذ أيوب التراب ، فوضعه في فيه ، ثم قال : لك العتبى يا ربّ ، أنت فعلت ذلك بي. فأنزل الله عليه ملكا فركض برجله ، فخرج الماء ، فغسله بذلك الماء ، فعاد أحسن ما كان ، وأطرأ ، وأنبت الله عليه روضة خضراء ، ورد عليه أهله ، وماله ، وولده ، وزرعه ، وقعد معه الملك يحدثه ويؤنسه.

فأقبلت امرأته ومعها الكسر ، فلما انتهت إلى الموضع إذا الموضع متغير ، وإذا رجلان جالسان ، فبكت ، وصاحت ، وقالت : يا أيوب ، ما دهاك؟ فناداها أيوب ، فأقبلت ، فلما رأته وقد ردّ الله عليه بدنه ونعمه ، سجدت لله شكرا ، فرأى ذوائبها مقطوعة ، وذلك أنها سألت قوما أن يعطوها ما تحمله إلى أيوب من الطعام ، وكانت حسنة الذوائب ، فقالوا لها : تبيعينا ذوائبك حتى نعطيك؟ فقطعتها ودفعتها إليهم ، فأخذت منهم طعاما لأيوب ، فلما رآها مقطوعة الشعر غضب ، وحلف عليها أن يضربها مائة ، فأخبرته أنه كان سببه كيت وكيت ، فاغتمّ أيوب من ذلك ، فأوحى الله عزوجل إليه : (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ) ، فأخذ مائة شمراخ ، فضربها ضربة واحدة فخرج من يمينه.

ثم قال : (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) ، قال : فردّ الله عليه أهله الذين ماتوا قبل البلاء ، ورد الله عليه أهله الذين ماتوا بعدما أصابه البلاء ، كلهم أحياهم الله جميعا فعاشوا معه.

٣١٢

وسئل أيوب بعد ما عافاه الله تعالى : أيّ شيء كان أشدّ عليك ممّا مرّ عليك؟ فقال : شماتة الأعداء. قال : فأمطر الله عليه في داره فراش الذهب ، وكان يجمعه ، فإذا ذهب الريح منه بشيء عدا خلفه فردّه ، فقال له جبرئيل : أما تشبع ، يا أيوب؟ قال : ومن يشبع من رزق ربّه؟» (١).

وعن جعفر بن محمد ، عن أبيه عليهما‌السلام ، قال : «إن أيوب عليه‌السلام ابتلي من غير ذنب ، وإن الأنبياء لا يذنبون لأنهم معصومون مطهرون ، لا يذنبون ، ولا يزيغون ، ولا يرتكبون ذنبا صغيرا ولا كبيرا».

وقال عليه‌السلام : «إنّ أيوب عليه‌السلام مع جميع ما ابتلي به لم تنتن له رائحة ، ولا قبحت له صورة ، ولا خرجت منه مدة (٢) من دم ، ولا قيح ، ولا استقذره أحد رآه ، ولا استوحش منه أحد شاهده ، ولا تدوّد شيء من جسده ، وهكذا يصنع الله عزوجل بجميع من يبتليه من أنبيائه وأوليائه المكرمين عليه.

وإنما اجتنبه الناس لفقره وضعفه في ظاهر أمره ، لجهلهم بما له عند ربه تعالى من التأييد والفرج ، وقد قال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أعظم الناس بلاء الأنبياء ، ثم الأمثل فالأمثل ، وإنّما ابتلاه الله عزوجل بالبلاء العظيم الذي يهون معه على جميع الناس ، لئلا يدّعوا له الربوبية إذا شاهدوا ما أراد الله أن يوصله إليه من عظائم نعمه متى شاهدوه ، وليستدلوا بذلك على أن الثواب من الله تعالى ذكره على ضربين : استحقاق ، واختصاص. ولئلا يحتقروا ضعيفا لضعفه ، ولا فقيرا لفقره ، ولا مريضا لمرضه ، وليعلموا أنه يسقم من شاء ، ويشفي من شاء متى شاء ، كيف شاء بأي سبب شاء ويجعل ذلك عبرة لمن شاء ، وشقاوة لمن شاء ، وسعادة لمن شاء ، وهو عزوجل في جميع ذلك عدل في قضائه ،

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٣٩.

(٢) المدّة : ما يجتمع في الجرح من القيح. «الصحاح ـ مدد ـ ج ٢ ، ص ٥٣٧».

٣١٣

وحكيم في أفعاله ، لا يفعل بعباده إلّا الأصلح لهم ، ولا قوة لهم إلا به» (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إنّ الله عزوجل يبتلي المؤمن بكل بلية ، ويميته بكل ميتة ، ولا يبتليه بذهاب عقله ، أما ترى أيوب كيف سلط إبليس على ماله وعلى ولده ، وعلى أهله ، وعلى كل شيء منه ، ولم يسلطه على عقله ، تركه له ليوحد الله به» (٢).

* س ١٠ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (٤٥) إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦) وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ (٤٧) وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيارِ (٤٨) هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (٤٩) جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ (٥٠) مُتَّكِئِينَ فِيها يَدْعُونَ فِيها بِفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرابٍ (٥١) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ (٥٢) هذا ما تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسابِ (٥٣) إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ (٥٤) هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ (٥٦) هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ (٥٨) هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ (٥٩) قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا فَبِئْسَ الْقَرارُ (٦٠) قالُوا رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ (٦١) وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ (٦٢) أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ (٦٣) إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) (٦٤) [سورة ص : ٤٥ ـ ٦٤]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : ثم قال : (وَاذْكُرْ) يا محمد (عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) يعني : أولي القوة (إِنَّا

__________________

(١) الخصال : ص ٣٩٩ ، ح ١٠٨.

(٢) الكافي : ج ٢ ، ص ١٩٩ ، ح ٢٢.

٣١٤

أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ وَاذْكُرْ إِسْماعِيلَ) الآية (١).

قال : وفي رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، في قوله : (أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ) : «يعني أولي القوة في العبادة ، والبصر (٢) فيها ، وقوله : (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ) يقول : إن الله اصطفاهم بذكر الآخرة ، واختصّهم بها» (٣).

وقال علي بن إبراهيم : ثم ذكر الله المتّقين ، وما لهم عند الله تعالى ، فقال : (هذا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ) إلى قوله تعالى : (قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ) يعني الحور العين ، يقصر الطرف عنها والنظر من صفائها ، مع ما حكى الله من قول أهل الجنة : (إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ) أي لا ينفد أبدا ، ولا يفنى (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمِهادُ هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) ، قال : الغساق : واد في جهنم ، في ثلاث مائة وثلاثون قصرا ، وفي كل قصر ثلاث مائة بيت ، في كل بيت أربعون زاوية ، في كل زاوية شجاع (٤) ، في كل شجاع ثلاث مائة وثلاثون عقربا ، في جمجمة كل عقرب ثلاث مائة وثلاثون قلّة من سمّ ، لو أن عقربا منها نفحت سمها على أهل جهنم لوسعتهم بسمها (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) وهم الأولون ، وبنو أميّة.

ثم ذكر من كان من بعدهم ممن غصب آل محمد حقهم ، فقال : (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ) وهم بنو العباس ، فيقول

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٤٢.

(٢) في «طبعة» : الصبر.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٤٢.

(٤) الشجاع : ضرب من الحيّات. «الصحاح : ج ٣ ، ص ١٢٣٥».

٣١٥

بنو أمية : (لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ) فيقول بنو فلان : (بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنا) ، وبدأتم بظلم آل محمد (فَبِئْسَ الْقَرارُ) ، ثم يقول بنو أميّة : (رَبَّنا مَنْ قَدَّمَ لَنا هذا فَزِدْهُ عَذاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) يعنون الأولين.

ثم يقول أعداء آل محمد في النار : (ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) في الدنيا ، وهم شيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام ، (أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ)؟ ثم قال : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) فيما بينهم ، وذلك قول الصادق عليه‌السلام : «والله إنكم لفي الجنة تحبرون ، وفي النار تطلبون» (١).

وقال ميسر : دخلت على أبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال : «كيف أصحابك؟» فقلت : جعلت فداك ، نحن عندهم شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا. قال : وكان متكئا فاستوى جالسا ، ثم قال : «كيف قلت؟». قلت : والله لنحن عندهم شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا.

فقال : «أما والله ، لا يدخل النار منكم اثنان ، لا والله ولا واحد ، والله إنكم الذين قال الله عزوجل : (وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) ـ ثم قال ـ طلبوكم والله في النار ، والله فما وجدوا منكم واحدا» (٢).

وقال الشيخ في (أماليه) : عن ابن الفحّام ، بإسناده ، قال : دخل سماعة ابن مهران على الصادق عليه‌السلام ، فقال له : «يا سماعة من شر الناس؟» قال : نحن يا بن رسول الله. قال : فغضب حتى احمرت وجنتاه ثم استوى جالسا ، وكان متكئا ، فقال : «يا سماعة من شر الناس عند الناس؟» فقلت : والله ما

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٤٢.

(٢) الكافي : ج ٨ ، ص ٧٨ ، ح ٣٢.

٣١٦

كذبتك يا بن رسول الله ، نحن شرّ الناس عند الناس ، لأنهم سمونا كفارا ورافضة. فنظر إلي ، ثم قال : «كيف بكم إذا سيق بكم إلى الجنة ، وسيق بهم إلى النار ، فينظرون إليكم ، فيقولون : (ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ).

يا سماعة بن مهران ، إن من أساء منكم إساءة مشينا إلى الله تعالى يوم القيامة بأقدامنا فنشفع فيه فنشفّع ، والله لا يدخل النار منكم عشرة رجال ، والله لا يدخل النار منكم خمسة رجال ، والله لا يدخل النار منكم ثلاثة رجال ، والله لا يدخل النار منكم رجل واحد ، فتنافسوا في الدرجات ، واكمدوا عدوكم بالورع ، والله ما عنى ولا أراد غيركم ، صرتم عند أهل هذا العالم شرار الناس ، وأنتم والله في الجنة تحبرون ، وفي النار تطلبون» (١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «إن أهل النار يقولون : (ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ). يعنونكم ، ويطلبونكم فلا يرونكم في النار ، والله لا يرون أحدا منكم في النار» (٢).

* س ١١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) (٦٦) [سورة ص : ٦٥ ـ ٦٦]؟!

الجواب / قال الشيخ الطبرسي : ثم خاطب نبيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : (قُلْ) يا محمد (إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) أي : مخوف من معاصي الله ، ومحذر من عقابه (وَما مِنْ إِلهٍ) يحق له العبادة (إِلَّا اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) لجميع خلقه المتعالي بسعة مقدوراته ، فلا يقدر أحد على الخلاص من عقوبته ، إذا أراد عقابه. (رَبُّ السَّماواتِ

__________________

(١) أمالي الطوسي : ج ١ ، ص ٣٠١.

(٢) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٧٥٥.

٣١٧

وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا) من الإنس والجن وكل خلق (الْعَزِيزُ) الذي لا يغلبه شيء ، ولا يمتنع منه شيء (الْغَفَّارُ) لذنوب عباده مع قدرته على عقابهم (١).

* س ١٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (٧٠) إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ (٧١) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤) قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) (٧٥) [سورة ص : ٦٧ ـ ٧٥]؟!

الجواب / قال أبو حمزة : قلت لأبي جعفر عليه‌السلام : جعلت فداك ، إن الشيعة يسألونك عن تفسير هذه الآية (عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ)(٢). قال : «ذلك إلي ، إن شئت أخبرتهم ، وإن شئت لم أخبرهم. لكني أخبرك بتفسيرها»؟ قلت : (عَمَّ يَتَساءَلُونَ)؟ قال : فقال : «هي في أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ، كان أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يقول : ما لله عزوجل آية هي أكبر مني ، ولا لله نبأ أعظم مني» (٣).

وقال إسماعيل الجعفي : كنت في المسجد الحرام قاعدا ، وأبو جعفر عليه‌السلام في ناحية ، فرفع رأسه فنظر إلى السماء مرة ، وإلى الكعبة مرة ، ثم قال : (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ)(٤) ، وكرّر ذلك ثلاث مرات ، ثم التفت إليّ ، فقال : «أي شيء يقول أهل العراق في هذه الآية ، يا عراقي؟» قلت : يقولون أسرى به

__________________

(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٣٧٦.

(٢) النبأ : ١ ـ ٢.

(٣) الكافي : ج ١ ، ص ١٦١ ، ح ٣.

(٤) الأسراء : ١.

٣١٨

من المسجد الحرام إلى البيت المقدس.

فقال : «ليس كما يقولون ، ولكنه أسرى به من هذه إلى هذه» ـ وأشار بيده إلى السماء ـ وقال : «ما بينهما حرم» قال : «فلما انتهى به إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا جبرئيل في هذا الموضع تخذلني؟ فقال : تقدم أمامك ، فو الله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه أحد من خلق الله قبلك ، قال : فرأيت من نور ربي وحال بيني وبينه السّبحة» (١).

قال : قلت : وما السبحة ، جعلت فداك؟ فأومأ بوجهه إلى الأرض ، وأومأ بيده إلى السّماء ، وهو يقول : «جلال ربي جلال ربي» ثلاث مرات.

[قال] : «قال : يا محمد ، قلت : لبيك يا رب ، قال : فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قلت : سبحانك لا علم لي إلا ما علمتني ، قال : فوضع يده ـ أي يد القدرة ـ بين ثدييّ ، فوجدت بردها بين كتفي ، [قال :] فلم يسألني عما مضى ، ولا عمّا بقي إلّا أعلمته ، قال : يا محمد فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قال : قلت : يا ربّ ، في الدرجات ، والكفّارات ، والحسنات ، فقال : يا محمد ، قد انفضت نبوتك ، وانقطع أجلك ، فمن وصيّك؟ [فقلت : يا رب ، قد بلوت خلقك ، فلم أر من خلقك أحدا أطوع لي من علي. فقال : ولي يا محمد]. وقلت : يا رب ، إني قد بلوت خلقك ، فلم أر في خلقك أحدا أشد حبا لي من علي ، قال : ولي يا محمد ، فبشره بأنه راية الهدى ، وإمام أوليائي ، ونور لمن أطاعني ، والكلمة التي ألزمتها المتقين ، من أحبه أحبني ، ومن أبغضه أبغضني ، مع ما أني أخصّه بما لم أخص به أحدا ، فقلت : يا رب ، أخي وصاحبي ووزيري ووارثي. فقال : إنه أمر قد سبق. إنه مبتلى ومبتلى به ، مع ما أني قد

__________________

(١) سبحات الله : جلاله وعظمته ، وهي في الأصل جمع سبحة ، وقيل : أضواء وجهه. «النهاية : ج ٢ ، ص ٣٣٢».

٣١٩

نحلته ونحلته ونحلته ، ونحلته أربعة أشياء عقدها بيده ولا يفصح بها عقدها».

ثم حكى خبر إبليس ، فقال الله عزوجل : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ)(١).

وقال الأحول : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن الروح التي في آدم عليه‌السلام قوله : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) ، قال : «هذه روح مخلوقة ، والروح التي في عيسى عليه‌السلام مخلوقة» (٢).

وقال محمد بن مسلم : سألت أبا جعفر عليه‌السلام فقلت : قوله عزوجل : (يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)؟ قال : «اليد في كلام العرب : القوة والنعمة ، قال الله تعالى : (وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ)(٣) ، وقال : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ)(٤) أي بقوّة ، وقال : (وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ)(٥) أي قوّاهم ، ويقال : لفلان عندي [أياد كثيرة ، أي فواضل وإحسان ، وله عندي] يد بيضاء ، أي نعمة» (٦).

وقال محمد بن عبيد : سألت الرضا عليه‌السلام عن قول الله عزوجل لإبليس : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)؟ قال : «يعني بقدرتي [وقوّتي]» (٧).

وعن أبي سعيد الخدري ، قال : كنا جلوسا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أقبل إليه رجل ، فقال : يا رسول الله ، أخبرني عن قول الله عزوجل لإبليس : (أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ) من هم يا رسول الله الذين هم أعلى من الملائكة المقرّبين؟

__________________

(١) تفسير القمّي : ج ٢ ، ص ٢٤٣.

(٢) الكافي : ج ١ ، ص ١٠٣ ، ح ١.

(٣) سورة ص : ١٧.

(٤) الذاريات : ٤٧.

(٥) المجادلة : ٢٢.

(٦) التوحيد : ص ١٥٣ ، ح ١.

(٧) التوحيد : ص ١٥٣ ، ح ٢.

٣٢٠