التيسير في التفسير للقرآن - ج ٦

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي

التيسير في التفسير للقرآن - ج ٦

المؤلف:

الشيخ ماجد ناصر الزبيدي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار المحجّة البيضاء للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢

سورة المؤمن

* س ١ : ما هو فضل سورة المؤمن؟!

الجواب / قال أبو جعفر عليه‌السلام : «من قرأ حم المؤمن في كلّ ليلة ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وألزمه كلمة التقوى ، وجعل الآخرة له خيرا من الدنيا» (١).

ومن (خواصّ القرآن) : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : «من قرأ هذه السورة لم يقطع الله رجاءه يوم القيامة ، ويعطى ما يعطى الخائفون الذين خافوا الله في الدنيا ، ومن كتبها وعلّقها في حائط بستان اخضرّ ونما ، وإن كتبت في خانات ، أو دكان ، كثر الخير فيه وكثر البيع والشراء» (٢).

وقال الصادق عليه‌السلام : «ومن كتبها ليلا وجعلها في حائط أو بستان كثرت بركته واخضرّ وأزهر وصار حسنا في وقته ؛ وإن تركت في حائط دكان كثر فيه البيع والشراء ؛ وإن كتبت لإنسان فيه الأدرة (٣) ، زال عنه ذلك وبرىء». وقيل : الأدرة طرف من السواد ، والله أعلم.

وإن كتبت وعلّقت على من به دمامل زال عنه ذلك ؛ وكذلك للمفروق (٤) يزول عنه الفرق ؛ وإذا عجن بمائها دقيق ، ثم يبّس حتى يصير

__________________

(١) ثواب الأعمال : ١١٣.

(٢) البرهان : ج ٨ ، ص ٤٠٧.

(٣) الأدرة ، بالضم : نفخة في الخصية. «النهاية : ج ١ ، ص ٣١».

(٤) الفرق : الخوف. «لسان العرب ـ فرق ـ ج ١٠ ، ص ٣٠٤».

٣٨١

بمنزلة الكعك ، ثم يدقّ دقا ناعما ، ويجعل في إناء ضيق مغطى ، فمن احتاج إليه لوجع في فؤاده أو لمغمى عليه ، أو وجع الكبد أو الطحال ، يستفّ منه ، برىء بإذن الله تعالى» (١).

* س ٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) (٢) [سورة المؤمن : ١ ـ ٢]؟!

الجواب / ١ ـ قال سفيان بن سعيد الثوري : قلت للصادق عليه‌السلام : أخبرني يا بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن (حم) و (حم عسق)(٢)؟ قال : «أما (حم) فمعنا الحميد المجيد ، وأمّا (حم عسق) فمعناه الحليم المثيب العالم السميع القادر القوي» (٣).

٢ ـ أقول : في الآية الثانية ـ كما جرى على ذلك الأسلوب القرآني ـ حديث عن عظمة القرآن ، وإشارة إلى أنّ هذا القرآن بكل ما ينطوي عليه من عظمة وإعجاز وتحدّ ، إنما يتشكّل في مادته الخام من حروف الألف باء ... وهنا يكمن معنى الإعجاز.

يقول تعالى : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ). إنّ قدرته تعالى تعجز الأشياء الأخرى عن الوقوف إزاءه ، فقدرته ماضية في كلّ شيء ، وعزته مبسوطة ، أمّا عليه تعالى فهو في أعلى درجات الكمال ، بحيث يستوعب كل احتياجات الإنسان ويدفعه نحو التكامل.

* س ٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ إِلاَّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي

__________________

(١) البرهان : ج ٨ ، ص ٤٠٨.

(٢) الشورى : ١ و ٢.

(٣) معاني الأخبار : ص ٢٢ ، ح ١.

٣٨٢

الْبِلادِ (٤) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) (٥) [سورة المؤمن : ٣ ـ ٥]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : في قوله تعالى : (غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ) ذلك خاصة لشيعة أمير المؤمنين عليه‌السلام (ذِي الطَّوْلِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ) ، وقوله : (ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللهِ) هم الأئمة عليهم‌السلام (إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ) وهم أصحاب الأنبياء الذين تحزبوا (وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ) يعني يقتلوه (وَجادَلُوا بِالْباطِلِ) أي خاصموا (لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَ) أي يبطلوه ويدفعوه (فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ)(١).

* س ٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ (٦) الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (٧) رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨) وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠) قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١) ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٤.

٣٨٣

اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) (١٢) [سورة المؤمن : ٦ ـ ١٢]؟!

الجواب / قال أحمد بن محمد البرقيّ ـ في حديث رفعه ـ : سأل الجاثليق أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكان فيما سأله أن قال له : أخبرني عن الله عزوجل ، أين هو؟

فقال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «هو ها هنا وها هنا ، وفوق وتحت ، ومحيط بنا ومعنا ، وهو قوله تعالى : (ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا)(١) فالكرسيّ حيط بالسماوات والأرض وما بينهما وما تحت الثرى (وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى)(٢) ، وذلك قوله تعالى : (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)(٣) فالذين يحملون العرش هم العلماء الذين حملهم الله علمه ، وليس يخرج من هذه الأربعة شيء خلق [الله] في ملكوته ، وهو الملكوت الذي أراه [الله] أصفياءه ، وأراه خليله عليه‌السلام ، [فقال] : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ)(٤) ، وكيف يحمل حملة العرش الله ، وبحياته حييت قلوبهم ، وبنوره اهتدوا إلى معرفته!» (٥).

وقال صفوان بن يحيى : سألني أبو قرّة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ، فاستأذنته فأذن له فدخل ، فسأله عن الحلال والحرام ، ثم قال له : أفتقرّ أن الله محمول؟ فقال أبو الحسن عليه‌السلام : «كل محمول مفعول مضاف إلى غيره محتاج ، والمحمول اسم نقص في اللفظ ، والحامل

__________________

(١) المجادلة : ٧.

(٢) طه : ٧.

(٣) البقرة : ٢٥٥.

(٤) الأنعام : ٧٥.

(٥) الكافي : ج ١ ، ص ١٠٠ ، ح ١.

٣٨٤

الفاعل ، وهو في اللفظ مدحة ، وكذلك قول القائل فوق وتحت ، وأعلى وأسفل ، وقد قال الله : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ)(١) ، ولم يقل في كتبه إنه المحمول ، بل قال إنه الحامل في البرّ والبحر والممسك للسماوات والأرض أن تزولا ، والمحمول ما سوى الله ، ولم يسمع أحد آمن بالله وعظّمه قط قال في دعائه : يا محمول».

قال أبو قرة : [فإنه قال :] (وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ)(٢) ، وقال : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ)؟ فقال أبو الحسن عليه‌السلام : «العرش ليس هو الله ، والعرش اسم علم وقدرة ، والعرش فيه كلّ شيء ، ثم أضاف الحمل إلى غيره ، خلق من خلقه ، لأنه استعبد خلقه بحمل عرشه ، وعم حملة علمه ، وخلقا يسبّحون حول عرشه ، وهم يعملون بعلمه ، وملائكة يكتبون أعمال عباده ، واستعبد أهل الأرض بالطواف حول بيته ، والله على العرضش استوى ، كما قال ، والعرش ومن يحمله ومن حول العرش ، والله الحامل لهم ، الحافظ لهم ، الممسك القائم على كل نفس ، وفوق كل شيء ، وعلى كل شيء ، ولا يقال محمول ولا أسفل قولا مفردا لا يوصل بشيء فيفسد اللفظ والمعنى».

قال أبو قرّة : فتكذّب بالرواية التي جاءت : أن الله إذا غضب إنما يعرف غضبه ، أن الملائكة الذين يحملون العرش يجدون ثقله على كواهلهم ، فيخرّون سجدا ، فإذا ذهب الغضب خفّ ورجعوا إلى مواقفهم؟ فقال أبو الحسن عليه‌السلام : «أخبرني عن الله تبارك وتعالى ، منذ لعن إبليس إلى يومك هذا ، هو غضبان عليه ، فمتى رضي وهو في صفتك لم يزل غضبانا عليه ، وعلى أوليائه ، وعلى أتباعه؟ كيف تجترىء أن تصف ربك بالتغيير من حال إلى حال ، وأنه يجري عليه ما يجري على المخلوقين! سبحانه وتعالى لم يزل

__________________

(١) الأعراف : ١٨٠.

(٢) الحاقة : ١٧.

٣٨٥

مع الزائلين ، ولم يتغير مع المتغيرين ، ولم يتبدّل مع المتبدّلين ، ومن دونه في يده وتدبيره ، وكلّهم إليه محتاج ، وهو غنيّ عمن سواه» (١).

وقال أبو بصير : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : «يا أبا محمد ، إن لله عزوجل ملائكة يسقطون الذنوب عن ظهور شيعتنا كما تسقط الريح الورق [من الشجر] في أوان سقوطه ، وذلك قوله عزوجل : (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ... وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) والله ما أراد غيركم» (٢).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «يعني محمدا وعليا والحسن والحسين ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى (صلوات الله عليهم أجمعين) ، يعني أن هؤلاء الذين حول العرش» (٣).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «قال علي عليه‌السلام : لقد مكثت الملائكة سبع سنين أو أشهرا لا يستغفرون إلا لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولي ، وفينا نزلت هذه الآية [والتي بعدها] (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ، فقال قوم من المنافقين : من أبو علي وذريته الذين أنزلت فيه هذه الآية؟ فقال علي عليه‌السلام : سبحان الله ، أما من آبائنا إبراهيم وإسماعيل؟ أليس هؤلاء آباؤنا؟» (٤).

وقال حماد ، سئل أبو عبد الله عليه‌السلام : هل الملائكة أكثر أم بنو آدم؟ فقال : «والذي نفسي بيده لعدد الملائكة في السماوات أكثر من عدد التراب

__________________

(١) الكافي : ج ١ ، ص ١٠١ ، ح ٢.

(٢) الكافي : ج ٨ ، ص ٣٠٤ ، ح ٤٧٠.

(٣) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٧١٦ ، ح ٧.

(٤) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٢٧ ، ح ٢.

٣٨٦

في الأرض ، وما في السماء موضع قدم إلا وفيها ملك يسبحه ويقدسه ، ولا في الأرض شجرة ولا مدرة إلا وفيها ملك موكل بها يأتي الله كل يوم بعملها والله أعلم بها ، وما منهم أحد إلا ويتقرب كل يوم إلى الله بولايتنا أهل البيت ، ويستغفر لمحبينا ويلعن أعداءنا ، ويسأل الله أن يرسل عليهم العذاب إرسالا» (١).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحابُ النَّارِ) يعني بني أمية ، قوله تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعني بني أمية ، قوله تعالى : (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ) يعني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأوصياء من بعده ، يحملون علم الله (وَمَنْ حَوْلَهُ) يعني الملائكة (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) يعني شيعة آل محمد (رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا) من ولاية فلان وفلان وبني أميّة (وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ) أي ولاية عليّ وليّ الله (وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحِيمِ رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) يعني من تولى عليا عليه‌السلام ، فذلك صلاحهم (وَقِهِمُ السَّيِّئاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ) يعني يوم القيامة. [وقال أبو جعفر عليه‌السلام : «والسيئات هم بنو أمية وغيرهم وشيعتهم»](٢). (وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) لمن نجّاه [الله] من ولاية فلان وفلان ، ثم قال : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا) يعني بني أمية (يُنادَوْنَ لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمانِ) يعني إلى ولاية علي عليه‌السلام (فَتَكْفُرُونَ)(٣).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : ثم قال : (ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ) بولاية

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٥.

(٢) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٢٨ ، ح ٧.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٥.

٣٨٧

علي عليه‌السلام (وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ) يعني بعليّ عليه‌السلام (تُؤْمِنُوا) أي إذا ذكر إمام غيره تؤمنوا [به] (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ)(١).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام ، في قوله تعالى : (إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ) ، يقول : «إذا ذكر الله وحده بولاية من أمر الله بولايته كفرتم ، وإن يشرك به من ليست له ولاية تؤمنوا بأنّ له ولاية» (٢).

وقال الباقر عليه‌السلام في قوله تعالى : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ) : «هو خاص لأقوام في الرجعة بعد الموت ، فتجري في القيامة ، مبعدا للقوم الظالمين» (٣).

وقال زيد بن الحسن سألت : أبا عبد الله عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) ، [فقال :] «فأجابهم الله تعالى : (ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ) وأهل الولاية (كَفَرْتُمْ) بأنه كانت لهم ولاية (وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ) من ليست له ولاية (تُؤْمِنُوا) بأنّ لهم ولاية (فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ)(٤).

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : (ذلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ) وأهل الولاية (كَفَرْتُمْ)(٥).

وقال علي بن إبراهيم القمي : والكفر ها هنا الجحود ، قال : إذا وحد الله كفرتم ، وإن جعل لله شريكا تؤمنوا (٦).

__________________

(١) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٢٨ ، ح ٧.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٦.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٦.

(٤) الكافي : ج ١ ، ص ٣٤٩ ، ح ٤٦.

(٥) تأويل الآيات : ج ٢ ، ص ٥٣٠ ، ح ١٢.

(٦) الرجعة : ٤٣ «مخطوط».

٣٨٨

* س ٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً وَما يَتَذَكَّرُ إِلاَّ مَنْ يُنِيبُ (١٣) فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)(١٤) [سورة المؤمن : ١٣ ـ ١٤]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : ثم قال تعالى (هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ) يعني حججه ودلائله. [أقول : قال علي بن إبراهيم : قال عليه‌السلام : يعني الأئمة الذين أخبر الله ورسوله بهم](١). (وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً) من الغيث والمطر الذي ينبت ما هو رزق الخلق (وَما يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ) أي ليس يتفكر في حقيقة ذلك إلا من يرجع إليه. وقال السدي : معناه إلا من يقبل إلى طاعة الله. ثم أمر الله تعالى المكلفين ، فقال : (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ) أي وجهوا عبادتكم إليه تعالى وحده (وَلَوْ كَرِهَ) ذلك (الْكافِرُونَ) فلا تبالوا بهم (٢).

* س ٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ) (١٥) [سورة المؤمن : ١٥]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : روح القدس ، وهو خاص لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمة عليهم‌السلام (٣).

وقال أبو بصير : سألت أبا جعفر عليه‌السلام عن قول الله عزوجل : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) فقال : «جبرئيل» (٤).

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٦.

(٢) التبيان : ج ٩ ، ص ٦٢.

(٣) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٦.

(٤) مختصر بصائر الدرجات : ص ٣.

٣٨٩

وقال أبو عبد الله عليه‌السلام : «يوم التلاق يوم يلتقي أهل السماء وأهل الأرض ، ويم التناد يوم ينادي أهل النار أهل الجنة (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ)(١) ، ويوم التغابن يوم يغبن أهل الجنة أهل النار ، ويوم الحسرة يوم يؤتى بالموت فيذبح» (٢).

* س ٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٧) [سورة المؤمن : ١٦ ـ ١٧]؟!

الجواب / ١ ـ قال الشيخ الطوسي : وقوله : (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ) أي يظهرون من قبورهم ويهرعون إلى أرض الحشر وهو يوم التلاق ويوم الجمع ويوم الحشر. وقوله (لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) إنما خصهم بأنه لا يخفى عليه منم شيء وإن كان لا يخفى عليه لا منهم ولا «من» غيرهم شيء لأحد أمرين : أحدهما ـ أن تكون «من» لتبيين الصفة لا للتخصيص والتبعيض. والآخر ـ أن يكون بمعنى يجازيهم من لا يخفى عليه شيء منهم ، فذكر بالتخصيص لتخصيص الجزاء بمن يستحقه دون ما لا يستحقه ولا يحصل له من المعلوم. وقيل : لا يخفى على الله منهم شيء فلذلك صح أنه أنذرهم جميعا (٣).

٢ ـ قال أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليه‌السلام ـ في حديث تفسير حروف المعجم ـ : «فالميم ملك الله [يوم الدين] يوم لا مالك غيره ، ويقول الله عزوجل : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) ، ثم تنطق أرواح أنبيائه ورسله وحججه ،

__________________

(١) الأعراف : ٥٠.

(٢) معاني الأخبار : ص ١٥٦ ، ح ١.

(٣) التبيان : ج ٩ ، ص ٦٣.

٣٩٠

فيقولون : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) ، فيقول جل جلاله : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ)(١).

وقال عبيد بن زرارة : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «إذا أمات الله أهل الأرض لبث كمثل ما خلق الخلق ، ومثل ما أماتهم ، وأضعاف ذلك ، ثم أمات أهل السماء الدنيا ، ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا وأضعاف ذلك ، ثم أمات أهل السماء الثانية ، ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية وأضعاف ذلك ، ثم أمات أهل السماء الثالثة ، ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ما أمات أهل الأرض وأهل السماء الدنيا والسماء الثانية والسماء الثالثة وأضعاف ذلك ، وفي كل سماء مثل ذلك وأضعاف ذلك ، ثم أمات ميكائيل ، ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ، ثم أمات جبرئيل ، ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ، ثم أمات إسرافيل ، ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ذلك كله وأضعاف ذلك ، ثم أمات ملك الموت ثم لبث مثل ما خلق الخلق ومثل ذلك وأضعاف ذلك ، ثم يقول الله عزوجل : لمن الملك اليوم؟ فيرد الله على نفسه : لله الواحد القهّار ، وأين الجبارون؟ وأين الذين ادعوا معي إلها آخر؟ أين المتكبرون ونحوهم؟ ثم يبعث الخلق».

قال عبيد بن زرارة : فقلت : إن هذا الأمر كائن طولت ذلك؟ فقال : «أرأيت ما كان ، هل علمت به؟» فقلت : لا ، فقال : «فكذلك هذا» (٢).

__________________

(١) التوحيد : ص ٢٣٤ ، ح ١.

(٢) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٦.

٣٩١

* س ٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ (١٨) يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ) (١٩) [سورة المؤمن : ١٨ ـ ١٩]؟!

الجواب / قال علي بن إبراهيم : قوله تعالى : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ) يعني يوم القيامة (إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ) قال : مغمومين مكروبين ، ثم قال : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) يعني ما ينظر إلى ما يحل له أن يقبل شفاعته ، ثم كنى عزوجل عن نفسه فقال : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَما تُخْفِي الصُّدُورُ)(١).

وقال عبد الرحمن بن سلمة الجريري : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام ، عن قوله عزوجل : (يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ) ، فقال : «ألم تر إلى الرجل ينظر إلى الشيء وكأنه لا ينظر إليه ، فذلك خائنة الأعين» (٢).

* س ٩ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(٢٠) [سورة المؤمن : ٢٠]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : ثم قال (وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِ) أي يفصل بين الخلائق بمر الحق فيوصل كل واحد إلى حقه (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) من الأصنام لا يقضون بشيء من الحق. ومن قرأ بالياء فعلى الأخبار عنهم. ومن قرأ بالتاء فعلى الخطاب للكفار. ثم أخبر تعالى (إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ) أي من يجب أن يسمع المسموعات إذا وجدت المسموعات (الْبَصِيرُ) أي

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ٢٥٧.

(٢) معاني الأخبار : ص ١٤٧ ، ح ١.

٣٩٢

يجب أن يبصر المبصرات إذا وجدت المبصرات ، وحقيقتهما يرجع إلى كونه حيا لا آفة به. وقال قوم : معناه العالم بالمسموعات العالم بالمبصرات (١).

* س ١٠ : ما هو معنى قوله تعالى :

(أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ (٢١) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢٢) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ) (٢٥) [سورة المؤمن : ٢١ ـ ٢٥]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : يقول الله تعالى منبها لهؤلاء الكفار على النظر في ما نزل بالماضين جزاء على كفرهم فيتعظوا بذلك وينتهوا عن مثل حالهم ، فقال (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ) والسير والمسير واحد ، وهو الجواز في المواضع ، وقوله (فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ) أي يتكفروا في عواقب الكفار من قوم عاد وقوم لوط ، فيرون بلادهم هالكة وآثارهم دارسة ومنازلهم خالية بما حل بهم من عذاب الله ونكاله جزاء على جحودهم نعم الله واتخاذهم معه إلها غيره ، وكان الأمم الماضية أشد قوة من هؤلاء. والقوة هي القدرة ، ومنه قوله (الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)(٢) وقد يعبر بالقوة عن الصلابة ، فيقال : خشبة قوية وحبل قوي أي صلب ، وأصله من قوى الحبل ،

__________________

(١) التبيان : ج ٩ ، ص ٦٦.

(٢) هود : ٦٦ ، الشورى : ١٩.

٣٩٣

وهو شدة الفتل ثم نقل إلى معنى القدرة ، كما نقل (اسْتَكْبَرَ) عن كبر الجثة إلى كبر الشأن ، والأثر حدث يظهر به أمر ، ومنه الآثار التي هي الأحاديث عمن تقدم بما تقدم بها من أحوالهم وطرائقهم في أمر الدنيا والدين. وقوله (فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ) ومعناه فأهلكهم الله جزاء على معاصيهم (وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللهِ مِنْ واقٍ) في دفع العذاب عنهم ومنعهم من نزوله بهم. ثم بين تعالى أنه إنما فعل بهم ذلك لأنهم جاءتهم (رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) يعني بالمعجزات الظاهرات والدلالات الواضحات فكذبوهم وجحدوا رسالتهم فاستحقوا العذاب (فَأَخَذَهُمُ اللهُ) بذنوبهم أي أهلكهم الله جزاء على معاصيهم (إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ) أي قادر شديد عقابه. ثم ذكر قصة موسى عليه‌السلام فقال (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا) أي بعثناه بحججنا وأدلتنا (وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) أي حجة ظاهرة نحو قلب العصى حية وفلق البحر وغير ذلك (إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ) يعني موسى. ثم قال تعالى (فَلَمَّا جاءَهُمْ) يعني موسى عليه‌السلام (بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا) يعني فرعون وهامان وقارون (اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا) بموسى ومن معه (وَاسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ) أي استبقوهم ، قال قتادة : كان هذا الأمر بقتل الأبناء والاستحياء للنساء أمرا من فرعون بعد الأمر الأول. وقيل استحياء نسائهم للمهنة. وقيل : معناه استحيوا نساءهم وقتلوا الأبناء ليصدوهم بذلك عن أتباعه ويقطعوا عنه من يعلونه ، وإنما ذكر قصة موسى ليصبر محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على قومه كما صبر موسى قبله. ثم أخبر تعالى أن ما فعله من قتل الرجال واستحياء النساء لم ينفعه وإن كيده ، وكيد الكافرين لا يكون إلا في ضلال عن الحق (١).

__________________

(١) التبيان : ج ٩ ، ص ٦٧ وص ٦٨.

٣٩٤

* س ١١ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَقالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ)(٢٦) [سورة المؤمن : ٢٦]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : حكى الله تعالى عن فرعون أنه قال لقومه (ذَرُونِي) ومعناه اتركوني أقتل موسى ، وذلك يدل على أن في خاصة فرعون كان قوم يمنعونه من قتل موسى ، ومن معه ويخوفونه أن يدعو ربه فيهلك ، فلذلك قال ذروني أقتله وليدع ربه ، كما تقولون. وقال قوم : ذلك حين قالوا لو هو ساحر فإن قتلته قويت الشبهة بمكانه بل (أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ)(١) (وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) في دفع القتل عنه ، فإنه لا يخشى من دعائه شيء ، وهذا عنف من فرعون وتمرد وجرأة على الله وإيهام لقومه بأن ما يدعو به موسى لا حقيقة له. ثم قال فرعون (إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ) يعني موسى (دِينَكُمْ) وهو ما تعتقدونه من إلهيتي (أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ) بأن يتبعه قوم نحتاج أن نقاتله فيخرب في ما بين ذلك البلاد ، ويظهر الفساد. وقال قتادة : الفساد عند فرعون أن يعمل بطاعة الله. فمن قرأ (أَوْ أَنْ) فإنه جعل المخوف أحد الأمرين وإن جعل (أَوْ) بمعنى الواو جعل الأمرين مخوفين معا. ومن قرأ بالواو جعل المخوف الأمرين معا : تبديل الدين وظهور الفساد. والتبديل رفع الشيء إلى غيره في ما يقع موقعه إلا أنه بالعرف لا يستعمل إلا في رفع الجيد بالردي ، والفساد انتقاض الأمر بما ينافي العقل أو الشرع أو الطبع ، ونقيضه الصلاح. والإظهار جعل الشيء بحيث يقع عليه الإدراك (٢).

وقيل لأبي عبد الله عليه‌السلام ، في قول فرعون : (ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى) فقيل : من كان يمنعه؟ قال : «كان لرشده ، لأنّ الأنبياء والحجج لا يقتلهم إلا

__________________

(١) الشعراء : ٣٦.

(٢) التبيان : ج ٩ ، ص ٧١.

٣٩٥

أولاد البغايا» (١).

وقال العياشي : عن يونس بن ظبيان : قال : «إن موسى وهارون ، حين دخلا على فرعون ، لم يكن في جلسائه يومئذ ولد سفاح ، كانوا ولد نكاح كلّهم ، ولو كان فيهم ولد سفاح لأمر بقتلهما. فقالوا : (أَرْجِهْ وَأَخاهُ)(٢) وأمروه بالتأني والنظر» ثم وضع يده على صدره ، قال : «وكذلك نحن لا ينزع إلينا إلا كل خبيث الولادة» (٣).

* س ١٢ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَقالَ مُوسى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ)(٢٧) [سورة المؤمن : ٢٧]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : ثم حكى تعالى ما قال موسى عند ذلك فإنه قال (إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ) والعياذ هو الاعتصام بالشيء من عارض الشر ، عذت بالله من شر الشيطان واعتصمت منه بمعنى واحد. ومن أظهر ولم يدغم. قال : لأن مخرج الذال غير مخرج التاء. ومن أدغم فلقرب مخرجهما ، والمعنى إني اعتصمت بربي وربكم الذي خلقني وخلقكم من كل متكبر على الله متجبر عن الانقياد له لا يصدق بالثواب والعقاب فلا يخاف (٤).

* س ١٣ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ

__________________

(١) كامل الزيارات : ص ٧٨ ، ح ٧.

(٢) الأعراف : ١١١.

(٣) تفسير العياشي : ج ٢ ، ص ٢٤ ، ح ٦٢.

(٤) التبيان : ج ٩ ، ص ٧٢.

٣٩٦

يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ)(٢٨) [سورة المؤمن : ٢٨]؟!

الجواب / ١ ـ قال أبو جعفر عليه‌السلام : «كان خازن فرعون مؤمنا بموسى ، قد كتم إيمانه ستمائة سنة ، وهو الذي قال الله تعالى : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ)(١).

وعن الريان بن الصلت ، عن الرضا عليه‌السلام ـ في حديث قال فيه ـ) «فقول الله عزوجل في سورة المؤمن حكاية عن قول رجل مؤمن من آل فرعون : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ) ، وكان ابن خال فرعون ، فنسبه إلى فرعون بنسبه ، ولم يضفه إليه بدينه» (٢).

وقال عبد الله بن سليمان : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول وعنده رجل من أهل البصرة يقال له عثمان الأعمى ، وهو يقول : إن الحسن البصري ، يزعم أن الذين يكتمون العلم يؤذي ريح بطونهم أهل النار؟ فقال أبو جعفر عليه‌السلام : «فهلك إذن مؤمن آل فرعون ، ما زال العلم مكتما منذ بعث الله نوحا عليه‌السلام ، فليذهب الحسن يمينا وشمالا ، فو الله ما يوجد العلم إلّا ها هنا» (٣).

وقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الصدّيقون ثلاثة : حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي يقول (يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ)(٤) وحزقيل مؤمن آل فرعون ، وعلي بن

__________________

(١) تفسير القمي : ج ٢ ، ص ١٣٧.

(٢) عيون أخبار الرضا عليه‌السلام : ج ١ ، ص ٢٤٠ ، ح ١.

(٣) الكافي : ج ١ ، ص ٤٠ ، ح ١٥ ، وبصائر الدرجات : ص ٢٩ ، ح ١.

(٤) يس : ٢٠.

٣٩٧

أبي طالب عليه‌السلام وهو أفضلهم» (١).

٢ ـ قال الشيخ الطوسي (رحمه‌الله تعالى) : وقوله : (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ) معناه إن المؤمن قال لفرعون إن يك موسى كاذبا في ما يدعوكم إليه فوبال ذلك عليه وإن يك صادقا في ما يدعيه يصيبكم بعض الذي يعدكم ، قيل : إنه كان يتوعدهم بأمور مختلفة ، قال ذلك مظاهرة في الحجاج والمعنى أنه يلقي بعضه. والمراد يصيبكم بعضه في الدنيا. وقيل : هو من لطيف الكلام ، كما قال الشاعر :

قد يدرك المتأني بعض حاجته

وقد يكون من المستعجل الزلل (٢)

ثم قال : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ) أي لا يحكم بهداية من كان مسرفا على نفسه ومتجاوز الحد في معصية الله كذابا على الله ، ويحتمل أن يكون المراد أن الله لا يهدي إلى طريق الثواب والجنة من هو مسرف كذاب ويجوز أن يكون ذلك حكاية عما قال المؤمن من آل فرعون. ويجوز أن يكون ذلك ابتداء خبر من الله تعالى بذلك (٣).

* س ١٤ : ما هو معنى قوله تعالى :

(يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلاَّ ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشادِ (٢٩) وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ)(٣٠) [سورة المؤمن : ٢٩ ـ ٣٠]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي ، ثم قال يعني مؤمن آل فرعون (يا قَوْمِ

__________________

(١) أمالي الصدوق : ص ٣٨٥ ، ح ١٨.

(٢) قائله عمر القطامي تفسير القرطبي : ص ١٥ ، ح ٣٠٧.

(٣) التبيان : ج ٩ ، ص ٧٢.

٣٩٨

لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جاءَنا) أي لكم الملك والسلطان على أهل الأرض وذلك لا يمنع من بأس الله (قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلَّا ما أَرى وَما أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ) في ما أدعوكم من إلهيتي وتكذيب موسى. ثم حكى ما قال المؤمن فقال : (وَقالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ) عذابا (مِثْلَ) عذاب «يوم الأحزاب» قال قوم : القائل لذلك موسى نفسه ، لأن مؤمن آل فرعون كان يكتم إيمانه ، وهذا ضعيف لأن قوله هذا كقوله (أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ) وكما أظهر هذا جاز أن يظهر ذلك (١).

* س ١٥ : ما هو معنى قوله تعالى :

(مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ)(٣١) [سورة المؤمن : ٣١]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : لما حكى الله تعالى عن مؤمن آل فرعون أنه حذر قومه بالعذاب مثل عذاب يوم الأحزاب ، فسر ذلك فقال (مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ) يعني كعادته مع قوم نوح. والدأب العادة يقال : دأب يدأب دأبا فهو دائب في عمله إذا استمر فيه. والعادة تكرر الشيء مرة بعد مرة. وإنما فعل بهم ذلك حين كفروا به ، فأغرقهم الله وكقوم هود وهم عاد. وكقوم صالح : وهم ثمود والذين من بعدهم من الأنبياء وأممهم الذين كذبوهم ، فأهلكهم الله بأن استأصلهم جزاء على كفرهم. ثم أخبر أنه تعالى لا يريد ظلما للعباد ، ولا يؤثره لهم. وذلك دال على فساد قول المجبرة الذين يقولون إن كل ظلم في العالم بإرادة الله (٢).

__________________

(١) التبيان : ج ٩ ، ص ٧٣.

(٢) التبيان : ج ٩ ، ص ٧٤.

٣٩٩

* س ١٦ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَيا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ) (٣٢) [سورة المؤمن : ٣٢]؟!

الجواب / قال أبو عبد الله عليه‌السلام : («يَوْمَ التَّنادِ) يوم ينادي أهل النار أهل الجنّة : أن أفيضا علينا من الماء» (١).

* س ١٧ : ما هو معنى قوله تعالى :

(يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ)(٣٣) [سورة المؤمن : ٣٣]؟!

الجواب / قال الشيخ الطوسي : وقوله (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ) قال الحسن وقتادة : معناه منصرفين إلى النار وقال مجاهد : مارين غير معوجين ولا معجزين. وقيل : يولون مدبرين والمقامع تردهم إلى ما يكرهونه من العقاب. وقوله : (ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ) أي مانع من عذاب ينزل بكم ، وأصله المنع ، وشبه بذلك من فعل به ذلك اللطف الذي يمتنع عنده ، يقال عصمه فهو عاصم وذاك معصوم إذا فعل به ذلك اللطف. ومنه قوله (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ) أي لا مانع. ثم قال (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) أي من يحكم الله بضلاله فليس له من يحكم بهدايته على الحقيقة. ويحتمل أن يكون المراد ومن يضله الله عن طريق الجنة فما له من يهديه إليها (٢).

* س ١٨ : ما هو معنى قوله تعالى :

(وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جاءَكُمْ بِهِ

__________________

(١) تفسير العياشي : ج ٢ ، ص ١٩ ، ح ٥٠.

(٢) التبيان : ج ٩ ، ص ٧٥.

٤٠٠