تفسير الثمرات اليانعة - ج ١

يوسف بن أحمد بن عثمان [ الفقيه يوسف ]

تفسير الثمرات اليانعة - ج ١

المؤلف:

يوسف بن أحمد بن عثمان [ الفقيه يوسف ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مكتبة التراث الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٣٥

المذكورة ، ومنعه بعضهم ، قال : لأنه إن لم يبين كان خطابا بما لا يفهم ، وإن بين طال الكلام.

وأجيب : بأنه يحتمل أن يذكر لمصلحة لا نطلع عليها.

وأما المبين : فهو نقيض المجمل ، وهو يطلق على ما عرف المراد به ، من لفظه ، ولم يحتج إلى غيره.

ويطلق على ما ورد بيانا لمجمل تقدمه ، وكذا المفسر ، والمفصل ، والبيان يطلق عموما على نصب الأدلة ، يقال : بين الله تعالى الأحكام ، والمراد نصب الأدلة عليها ، ويطلق خصوصا على الأدلة التي يعلم بها المراد بالخطاب المجمل ، قال تعالى : (هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ) [آل عمران ١٣٨] ويطلق على العلم الحادث ؛ لأنه لما يتبين به الشيء ، كما أن ما يتحرك به الشيء هو الحركة ، ولهذا لا يوصف الله تعالى بأنه متبين ، لما كان عالما لذاته لا بعلم حادث ، ولا مشاحة في العبارة ، لكن المشهور في الإصطلاح أنه الأدلة.

وأما الظاهر والمؤول

أما الظاهر فله معنيان ، لغوي واصطلاحي ، ففي اللغة ـ الظاهر : الواضح ، وهو (١) لما ظهر وانكشف (٢).

وأما في الإصطلاح : فقال ابن الحاجب : ما دل دلالة ظنية إما

__________________

(١) في نسخ (لأنه لما ظهر وانكشف).

(٢) وفي الفصول (الظاهر لغة الواضح ، واصطلاحا : اللفظ السابق إلى الفهم منه معنى راجح مع احتماله لمعنى مرجوح ، ودلالته ظنية في العمليات بخلاف النص ، وهو إما بالوضع كأسد ، أو شرعا كالصلاة ، أو بالعرف كالدابة ، وقد يصير نصا لعارض) الفصول ٢١٢.

٤١

بالوضع كالأسد ، أو بالعرف كالغائط لقضاء الحاجة ، وقيل : ما يفهم المراد به من نفسه ، ويمكن تأويله (١) ، وذلك يكون في الأسماء ، والأفعال والحروف.

مثال الحروف (إلى) فالظاهر أنه للغاية ، ويتأول (٢) على الجمع ، ومن الظاهر صيغة الأمر أنها للوجوب ، وأن تؤول بالندب ، وصيغة النهي أنها للتحريم ، وإن تؤولت على الكراهة ، وصيغة النفي كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (لا صيام لمن لم يبيت الصيام) والظاهر نفي الإجزاء ، والتأويل : نفي الكمال.

أما المؤول : ففي اللغة : من آل يؤول ، إذ رجع.

وفي الاصطلاح : حمل الظاهر على المجمل المرجوح لدليل (٣) يصيره راجحا (٤).

وينقسم التأويل إلى : قريب ، فيرجح بأدنى مرجح ، وبعيد (٥) فيحتاج قوة في الترجيح ، وقد يكون متعذرا فيرد (٦).

وأما النص فله معنيان ، لغوي واصطلاحي ، أما اللغوي فهو : مأخوذ

__________________

(١) في نخ ب (ويمكن امتثاله). وفي الفصول (هو السابق إلى الفهم منه معنى راجح مع احتماله لمعنى مرجوح).

(٢) في نخ أ (ومتأول على الجمع).

(٣) في الفصول (لدليل قطعي أو ظني يصيره راجحا) الفصول ٢١٢.

(٤) مثل أسد للرجل الشجاع ، وتأويل قوله تعالى (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) أي : أهلها ، واليد بالنعمة في قوله تعالى (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ) ، ومنه (وَجاءَ رَبُّكَ) أي : أمره (فصول).

(٥) في الفصول (وقد يكون ممكنا قريبا ، فيرجح بأدنى مرجح ، وبعيدا فيحتاج إلى الأقوى ، ومتوسطا ، وهي مقبولة ، ومتعذرا فيرد. (الفصول ٢١٢).

(٦) وذلك كتأويل الباطنية التي لا يحملها اللفظ بحقيقته ولا مجازه ، وكتأويل المرجئة آية الثواب بالترغيب ، وآية العقاب بالتهديد (فصول وكافل).

٤٢

من الظهور والتجلي ، ومنه منصة العروس ، ويقال : نصت الضبية رأسها إذا رفعته قال امرؤ القيس (١) :

وجيد كجيد الريم ليس بفاحش

إذا هي نصته ولا بمعطل

ويقال : نص الرجل في السير إذا رفع فيه ، وفي الحديث : (كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يسير العنق (٢) في إفاضته من عرفة في طريق المأزمين ، فإذا وجد فرجة نص ، ويروى فجوة).

وأما في الاصطلاح فقيل : إنه يطلق على أحد ثلاثة أشياء.

الأول : لما ظهرت دلالته فيدخل في هذا الظاهر ، وقد حكي عن الشافعي (٣) أنه سمى الظواهر نصوصا ، وهو مطابق للمعنى اللغوي.

الثاني : وهو الأشهر أنه اللفظ الذي لا يتطرق إليه احتمال ولا تأويل ، والذي لا يفيد إلا ما هو نص فيه ، فلو قال : اضرب عبيدي ـ فهو

__________________

(١) ستأتي ترجمته.

(٢) العنق : سير سريع معتدل. (والحديث أخرجه البخاري في كتاب الحج ، باب السير إذا دفع من عرفة ، ومسلم في كتاب الحج ، باب الإفاضة من عرفات إلى المزدلفة. وأبو داود ٢ / ١٩١ رقم ١٩٢٣. وابن ماجه ٢ / ١٠٠٤ رقم ٣٠١٧. ح / س

(٣) محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع القرشي المطلبي ، الشافعي أبو عبد الله ، شهرته معروفة ، وعلومه موصوفة ، وقد صنف فيه الزمخشري كتابا وغيره ، حتى بلغ كلامهم إلى حد الغلو ، قال أبو عبيد : ما رأيت رجلا قط أكمل من الشافعي ، قال الشافعي : قدمت على مالك ، وقد حفظت الموطأ ، فقال لي : احضر من يقرأ لك ، فقلت : أنا قارئ ، فقرأت عليه الموطأ حفظا ، فقال لي : إن يكن أحد يفلح فهذا الغلام ، وكان ابن عيينة يرجع إليه ، وهو غلام ، وأفتى وهو ابن خمس عشرة ، قالوا : وهو أول من صنف في أصول الفقه ، واستنبطه ، وأما تشيعه فظاهر ، وهو أحد دعاة الإمام يحي بن عبد الله ، وامتحن بسبب ذلك ، وله أشعار تدل على ذلك ، ولد في اليوم الذي توفي فيه أبو حنيفة بمدينة غزة ، وتوفي يوم الجمعة بمصر آخر يوم من رجب سنة ٢٠٤ ه‍ ودفن بالقرافة الصغرى.

٤٣

نص في جملة العبيد لا في التعيين لواحد منهم ، وكذا قولنا : الخمسة نص على ما تضمنته ، ومنه قوله تعالى : (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) [الفتح : ٢٩] وقوله : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) [الإخلاص : ١] وقد ادعى بعض الأصوليين عزة (١) النص في كتاب الله فيما يرتبط بحكم شرعي.

والمعنى الثالث : أن النص عبارة عن القول الذي يتجلى معناه ، ولا يتطرق إليه احتال مقبول يعضده دليل ، فأما ما لم بعضده دليل فلا يخرجه الاحتمال عن كونه نصا ، فعلى هذا تتسع النصوص في كتاب الله تعالى.

وأما العام والخاص

فحقيقة العام : ما دل على مسميات باعتبار أمر اشتركت فيه مطلقا ضربة (٢) ، هذا حد ابن الحاجب ، وزيق كثيرا من الحدود بقوله : «ما دل» ولم يقل : كل لفظ دل ليدخل في هذا العموم في المعاني كما سيأتي (٣).

وقوله : «على مسميات» يخرج المسمى الواحد (٤). وقوله : «باعتبار أمر اشتركت فيه» احترز بذلك من أسماء العدد كعشرة فإنها دلت على مسميات لا باعتبار أمر اشتركت فيه بل باعتبار وضع اسم العدد.

__________________

(١) أي : قلته وندرته.

(٢) أي : دفعة واحدة ، ليخرج نحو رجل وامرأة ، فإنه يدل على مسماه لا دفعة بل دفعات على البدل. (انظر شرح مختصر المنتهى ٢ / ١٠٠ حاشية فصول ١٥٧).

(٣) وهو أي : العموم حقيقة في الألفاظ ؛ لأنه من عوارضها ، وفي المعاني مجاز ، وفاقا للجمهور ، وقال رازي الحنفية** وابن الحاجب : حقيقة .. ونصره الحفيد ، وقيل : بالوقف (فصول ١٥٧. ١٥٨) فهو مشترك بينهما عندهما (عقد قرشي) وزاد في الفصول (وقيل : ليس من عوارضها لا حقيقة ولا مجازا).

(٤) في حاشية الفصول ١٥٧ (وقوله : على مسميات. أخرج المفرد والمثنى ، وقوله باعتبار أمر اشتركت فيه ليخرج نحو عشرة لواحد ، فإن لفظ عشرة دال على آحاده لا باعتبار أمر اشتركت فيه ، لأن آحاد العشرة أجزاء للعشرة لا جزئيات ، فلا يصدق على واحد وأجزائه عشرة).

٤٤

وقوله : «مطلقا» احتراز عن المعهودين كقوله : ضرب زيد عمرا ؛ لأنه ليس بعام ، وإن دل على مسميات.

وقوله : «ضربة» احترز به عن النكرة ؛ لأنها وإن دلت على مسميات فعلى طريق البدل.

والخاص خلاف هذا : وهو ما دل على مسمى واحد.

والعموم ينقسم إلى عموم في اللفظ والمعنى ، كقوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) [المائدة ٣٨] فاللفظ عمومه ظاهر على قول المنصور بالله (١) ، وأبي علي (٢) ، والمعنى أنه ورد القطع للزجر.

وعموم في المعنى دون اللفظ ، وهو ما أشعر فيه بالتعليل ، كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الهرة : (إنها ليست بنجس) ونحو قول الراوي : (سها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسجد) فالعلة أفادت العموم.

وعموم في اللفظ دون المعنى : وهو ما خص من العموم ولم يبق

__________________

(١) الإمام عبد الله بن حمزة بن سليمان بن علي بن حمزة بن أبي هاشم الحسني ، القاسمي ، الإمام المنصور بالله أبو محمد ، مولده بعيشان لإحدى عشرة بقيت من ربيع الأولى سنة ٥٦١ ه‍ ونشأنه ما سمع بمثلها ، وله زهد ، وورع عظيم ، أما مصنفاته فلو لم يكن منها إلا الشافي لكفاه مفخرة ، فكيف وهي تنيف على أربعين منها : العقيدة المنصورية ، وشرحها الفقيه حميد بالعمدة مجلدين ، وزبد الأدلة لطيف جدا ، والرسالة الناصحة وشرحها ، والدرة الشفافة ، وغيرهما في الكلام ، والمهذب ، والصادر في الفقه ، والحديقة شرح السيلقية في الحديث ، وصفوة الاختيار في أصول الفقه ، قال عليه‌السلام في الشافي : أنا أحفظ خمسين ألف حديث ، بويع له في ربيع الأول سنة ٥٩٤ ه‍ وقيل : غير ذلك ، وتوفي عليه‌السلام محصورا بكوكبان سنة ٦١٤ ه‍ ودفن بها ، ثم نقل إلى بكر ، ثم إلى ظفار ، قال الفقيه : ولم تشتهر دعوة إمام قبله ، حتى وصلت الجيل والديلم

(٢) لأنهما يقولان المشتق من العام [عام] كما ذكره في المعيار عن أبي علي.

٤٥

تحته إلا واحد كقوله تعالى : (إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا) [المائدة : ٥٥] الآية ، إذا جوّز (١) بقاء الواحد فقط ؛ لأن فيه خلافا بين الأصوليين.

وألفاظ العموم «كمن ـ لمن يعقل ، وما ـ لما لا يعقل ، وأين ـ في المكان ، وما ـ الظرفية في الزمان (٢) ، وكذا متى ، ومتى ما ، وحيث وحيثما ، والنفي في النكرات ، وأي ـ فيما استفهم عنه (٣) ، ولفظ الجنس (٤) ، واسم الجمع إذا دخل عليهما الألف واللام كالرجل والرجال عند أبي علي (٥) ، خلافا لأبي هاشم (٦) في الأخيرين ، وكل في ......

__________________

(١) في ب (إذا جوزنا).

(٢) نحو (إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً).

(٣) نحو (أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ) الآية أي : أنحن أم أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. (تلخيص).

(٤) في الفصول (والثاني : الجنس. المفرد كالرجل ، واسم الجنس ، وهو ما يطلق على القليل والكثير كالماء ، ومختار أئمتنا والجمهور عمومهما إذا عرفا بالأداة لغير عهد ولم يرد بهما تنكير) (الفصول ١٦١)

(٥) محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمزة بن أبان مولى عثمان بن عفان الجبائي ، الشيخ أبو علي المتكلم ، أخذ العلم عن أبي يوسف يعقوب بن عبد الله السحام البصري ، وله مقالات مشهورة في الأولين ، وابنه أبو هاشم تقدم ، قال الحاكم : هو الذي سهل علم الكلام ، وذلّله ، وله شرح على مسند ابن أبي شيبة ، وتفسير القرآن مائة جزء ، قيل : جملة مصنفات أبي علي مائة ألف ورقة ، وخمسين ألف ورقة ، الورقة نصف كراس ، وقرأ عليه أبو الحسن الأشعري ، وخالفه وجرت بينهما مناظرات طويلة ، ولأبي علي عناية في الرد على الفلاسفة ، والملحدة ، وتقرير العدل والتوحيد ، ولد سنة ٢٣٥ ه‍ وتوفي في شعبان سنة ٣٠٢ ه‍ وجباه مدينة في خوزستان

(٦) أبو هاشم هو : عبد السلام بن محمد بن سلام ـ مخففا ـ ابن خالد بن أبان بن حمران ، مولى عثمان بن عثمان ، الجبائي ، المعتزلي ، أبو هاشم ، قال ابن خلكان : هو الإمام في مذهب الاعتزال ، المتكلم ابن المتكلم ، العالم ابن العالم ، كان هو وأبوه من كبار العلماء ، وولادته سنة ٢٤٦ ه‍ قلت : وهو العام الذي مات فيه القاسم بن إبراهيم ، قال ابن خلكان : توفي يوم الأربعاء لاثنتي عشرة بقيت من ـ

٤٦

التأكيد (١).

وإذا اطلع المكلف على العام فقال الأكثر : إنه لا يعمل به إلا بعد البحث عن الخاص.

وعن أبي بكر الصيرفي (٢) : يجوز له العمل به ، ابتداء ما لم يظهر المخصص ، ثم إن الأكثر قالوا : يكفي من البحث [للمطلع] ما يفيد الظن لعدم المخصص ، وقال الباقلاني (٣) : «لا بد من القطع على انتفاء المخصص» (٤).

__________________

ـ شعبان سنة ٣٢١ ه‍ ببغداد ، ودفن في مغار البستان عند الجانب الشرقي ، وفي هذه السنة توفي الطحاوي كما مر ، قال الحاكم : لم يبلغ أحد مبلغه في الكلام ، قلت : هذا الشيخ ممن غلا فيه المعتزلة ، وأكثر الزيدية ، وقلده الجمهور في تقدير عظمة الله على قدر عقله ، ودعواه الإحاطة بمعرفة الله ، حتى روي عنه أنه أقسم ما يعلم الله من ذاته إلا ما يعلمه ، والعجب ممن تبعه في ذلك ، واقتاد بزمامه إلى أودية المهالك.

(١) التقييد بالتأكيد لا وجه له.

قال في الفصول ١٦٠ : (وكل في الاثبات ، وإذا كانت في حيز النفي بأن أخرت عن أداته من غير فصل نحو ما كل بيع حلالا ، أو جعلت معمولة للفعل المنفي نحو : لم أجد كل الدراهم ، وكل الدراهم لم أجد توجه النفي إلى الشمول خاصة ، وأفاد ثبوته لبعض ، وإلا عم كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (كل ذلك لم يكن).

(٢) الصيرفي : هو محمد بن عبد الله أبو بكر الصيرفي الفقيه الأصولي ، تفقه على ابن سريج ، وله مصنفات في أصول الفقه وغيره ، توفي بمصر سنة ثلاثين وثلاثمائة. طبقات الشافعية ٢ / ١١٦. (حاشية الفصول ١٦٤).

(٣) الباقلاني هو : محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر ، أبو بكر ، من كبار علماء الكلام الأشاعرة ، ولد بالبصرة سنة ٣٣٨ ه‍ وتوفي ببغداد سنة ٤٠٣ ه‍.

(٤) قال في الفصول ١٦٦ : (والمختار أنه إن كان عمليا فكالجمهور ، وإن كان علميا وجب كونه قطعيا مقارنا عند بعض علمائنا ، أو قطعيا فقط عند أكثرهم ، ويبحث عنه حتى يعلم انتفاؤه. المهدي : بألا يوجد بعد البحث فيعرف أنه لو كان موجودا لوجب على الله أن ينبه عليه بخاطر أو نحوه.

٤٧

وأما المطلق والمقيد

فحقيقة المطلق : ما دل على شائع في جنسه ، فيخرج بهذا المعارف (١) لأنها ليست بشائعة ، ويخرج العموم لأنه يدل بعمومه.

ومثاله قولنا : (رقبة) فهي تصلح للمسلمة والكافرة.

والمقيد بخلاف المطلق (٢).

واعلم أن المطلق والمقيد إذا كانا في حكمين مختلفين مثل أن يقول : صم متتابعا ويقول : صل (٣). فإنا لا نقيد الصلاة بالتتابع وفاقا ، وكذا إذا قال : اكس من ثياب العراق ، وقال : اعتق فلانا ، فإنا لا نقيد العتق (٤) بأن يكون من عبيد العراق ، وإن كان الحكم واحدا ، فإن اختلف السبب كعتق الظهار ، وعتق اليمين ، فالمذهب والحنفية (٥) لا يقيد أحدهما بالآخر ، وقول للشافعي : يقيد أحدهما بالآخر (٦).

وهذا إذا كانا مثبتين ، فأما لو كان الحكمان منفيين معا ، مثل : لا

__________________

(١) الشخصية كزيد ، فالمعارف تخرج كلها لتقييدها ببعض معين ، وجميع الاستغراقات نحو الرجال ، وكل الرجال ، ولا رجل للتقييد بالاستغراق. فحينئذ معناه : ما دعل على حصة ممكنة الصدق على حصص كثيرة من الحصص المندرجة تحت مفهوم كلي لذلك اللفظ ، كلرجل مثلا. شرح كافل.

(٢) فهو المخرج من شائع في جنسه كرقبة مؤمنة ، فهي وإن كانت مطلقة في جنسها من حيث هي رقبة مؤمنة ، فهي مقيدة بالنسبة إلى مطلق الرقبة (فصول ١٩٣).

(٣) القياس أن يقول : وطف ، ولكن المراد مجرد التمثيل فلا مشاحة.

(٤) نخ أ (فلا يقيد العتق).

(٥) الحنفية هم : أتباع أبي حنيفة ، سيأتي منهم : أبو يوسف ، ومحمد ، والطحاوي ، وأبو بكر الرازي ، ويقال : أكثر المعتزلة حنفية.

(٦) زاد في الفصول ١٩٤ (أئمتنا ، والمعتزلة ، والأشعرية ، وصحح للشافعي ـ إن قام دليل على الحمل من قياس أو غيره حمل عليه وإلا فلا).

٤٨

تعتق مكاتبا كافرا ، وقال : لا تعتق مكاتبا ، فإن المطلق لا يقيد ؛ لأنه يمتثل هاهنا في الأمرين (١).

وأما المفرد والمشترك

فالمفرد : اللفظ الواحد الدال على معنى واحد.

والمشترك : اللفظ الواحد (٢) الدال على معنيين مختلفين بوضعين دلالة مستوية (٣) ، وهو واقع في اللغة ، وفي القرآن ، كالقرء للحيض والطهر ، وعسعس للإقبال والادبار ، ومنعه بعضهم (٤) لأنه يخل بالتفاهم ، وأجيب بحصول الفهم بالقرائن ، أو بأن الفائدة تحصل بأنه أراد أحد الأمرين جملة.

وأما المحكم والمتشابه

فقد قال تعالى : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) [آل عمران : ٧].

واعلم أن للمحكم والمتشابه معنيين ، الأول يرجع إلى اللغة ، والثاني يرجع إلى تفسير الآية ، أما الأول : فالمحكم ـ هو المتقن (٥) ؛ لأن

__________________

(١) وهكذا في الفصول ١٩٤ ولفظه (ولا يحمل مطلق النهيين على مقيدهما ، نحو لا تعتق المكاتب لا تعتق المكاتب الكافر). وعبارة ابن الحاجب (لا تعتق مكاتبا ـ بالتنكير ـ قال : وأنت تعلم أن هذا .. الخ. قال شارحه : والمثال المطابق لا تعتق المكاتب من غير قصد للاستغراق ، كما في اشتر اللحم.

(٢) قيد الوحدة مخرج للمتباينة نحو جمل ، ثور ، فرس ، تمت عقد قرشي.

(٣) قوله دلالة مستوية ـ مخرج للحقيقة والمجاز.

(٤) ومنعه بعضهم (ثعلب ، وأبو زيد ، والبلخي ، والأبهري) مطلقا ، وقوم في القرآن ، وقوم فيه وفي السنة ، والرازي بين النقيضين. فصول ٧٤.

(٥) بدليل قوله تعالى (كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ).

٤٩

الإحكام الإتقان ، وعلى هذا القرآن كله محكم بهذا المعنى ، وهو الإتقان في النظم ، وحسن الترتيب ، والبلاغة والفصاحة.

والمتشابه : ما يشبه بعضه بعضا ـ وهذا يلزم منه أن يكون القرآن جميعه متشابها من هذا المعنى ؛ لأنه يشبه بعضه بعضا في الفصاحة والإتقان ، وتصديق بعضه لبعض (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء : ٨٢].

وأما المعنى الثاني فقد ذكر في تفسير الآية وجوه ، الذي يصحح منها أن المحكم : ما اتضح معناه ، وبعد عن (١) الإحتمال ، والمتشابه : خلافه ، وهو ما خفي معناه ، واحتمل وجوها.

وقوله تعالى : (هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ) [آل عمران : ٧] أي المحكمات أصل الكتاب ، بمعنى : أن المتشابهات ترد إليها ، وهذا كقوله تعالى : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) [الأنعام : ١٠٣] محكم ، وقوله تعالى : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [القيامة : ٢٣] متشابه فيرد إلى المحكم ، ويتأول على ما لا يخالفه ، ومثل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) [الأعراف : ٢٨] هذا محكم ، وقوله تعالى : (أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها) [الإسراء : ١٦] هذا متشابه ، وقد قال ابن الحاجب : المتشابه الذي لا يتضح معناه ؛ إما لاشتراك نحو : (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة : ٢٢٨] أو إجمال وهذا كقوله : تعالى : (أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ) [البقرة : ٢٣٧] أو ظهور تشبيه وهذا كقوله تعالى : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) [القمر : ١٤] وكقوله تعالى : (وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ) [الذاريات : ٤٧].

وقيل : إن المحكم الذي يعمل به وهو الناسخ ، والمتشابه المنسوخ

__________________

(١) في أ (وبعد من الاحتمال).

٥٠

الذي لا يعمل به ، وهذا مروي عن ابن عباس (١) ، وقتادة (٢) ، .....

__________________

(١) عبد الله بن العباس بن عبد المطلب ، القرشي الهاشمي ، بحر الأمة ، وترجمان القرآن ، ولد عام الشعب ، قبل الهجرة بثلاث سنين ، وحنكه النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بريقه ، وقال : اللهم فقه في الدين ، وعلمه التأويل ، فلذلك لم ينقل عن الصحابة ما نقل عنه ، ويسمى البحر لسعة علمه ، وهو أحد العبادلة ، وأحد الستة المكثرين في الرواية ، وكان يجلس يوما للتفسير ، ويوما للفقه ، ويوما للشعر ، ويوما لأيام العرب ، وكان عمر يرجع إلى قوله ، ويعتد به على حداثة سنة ، وشهد مع علي عليه‌السلام حروبه ، واستعمله على البصرة ، فجرى منه شيء ، فكتب إليه علي عليه‌السلام ، وأغلظ له ففارق البصرة إلى الطائف ، وتعقبه قتل علي عليه‌السلام ، توفي بالطائف سنة ٧٠ ه‍ عن ٧١ سنة ، وقد كف بصره ، صلى عليه محمد بن الحنفية ، وقال : اليوم مات رباني هذه الأمة ، وقيل : إنهم وقفوا عنده ، فأتى طائر أبيض دخل في كمه ، والتمس فلم يوجد ، وسمع قائلا بعد دفنه يقول : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) الآية.

(٢) قتادة هو : قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي ، أبو الخطاب البصري ، وكان أكمه سمع أنس بن مالك ، وعبد الله بن سرحين ، وأبا الطفيل من الصحابة ، ومن التابعين ابن المسيب ، والحسن ، وابن سيرين ، وعكرمة ، وخلق ، وروى عنه الأعمش ، وشعبة ، وحميد الطويل ، وأمم كثير ، قال بكر بن عبد الله : من سره أن ينظر إلى أحفظ الناس فهو قتادة ، وقال ابن المسيب : ما أتاني عراقي أحفظ من قتادة ، واتى رجل إلى ابن سيرين فقال : رأيت حمامة التقطت لؤلؤة وأخرجتها أكبر ما دخلت ، وأخرى التقطتها وأخرجتها أصغر ، وثالثة أخرجتها كما دخلت ، فقال ابن سيرين : الأولى الحسن يزيد في الحديث من وعظه ، والثانية : ابن سيرين يتشكك فينقص منه ، والثالثة : قتادة فهو أحفظ الناس.

ووقف ببابه أعرابي يسأل ، ثم سرق عليهم قدحا ، فحج قتادة بعد عشرين سنة ، فسمع رجلا فقال : هذا سارق القدح ، فسألوه فأقر ، فحفظ الصوت هذه المدة ، قال ابن سعيد : كان ثقة ، حجة ، مأمونا ، ووصل إلى ابن المسيب فأكثر مسألته ، قال له ابن المسيب : أكل ما سألتني عنه تحفظه ، فأعاد عليه ما سأله مسألة مسألة ، وما أجاب به الحسن فيهن ، فقال له : ما كنت أظن الله خلق مثلك ، وكان في التفسير آية ، لا يتقدمه غيره ، ولد سنة ٦١ ه‍ ومات سنة ١١٧ ه‍ عن ٥٦ سنة ، روى له أئمتنا كلهم والجماعة ، قال المنصور بالله : كان قتادة ممن يقول بالعدل والتوحيد ، وهو مشهور عنه.

٥١

والربيع (١) ، والضحاك (٢) ، والسدي (٣).

وروي عن ابن عباس في قوله تعالى : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ) [آل عمران : ٧] هي الثلاث الآيات في سورة الأنعام : (قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام : ١٥١ ـ ١٥٣].

قيل : ونظيرها في بني اسرائيل (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء : ٢٣].

وقيل : المحكم ما فيه من الحلال والحرام ، وما سواه متشابه ، يصدق بعضه.

__________________

(١) الربيع هو : الربيع بن سليمان بن عبد الجبار المرادي ، أبو محمد المصري ، المؤذن ، صاحب الشافعي الفقيه المشهور ، قال ابن حجر : ثقة من الحادية عشرة [توفي] سنة ٢٧٠ ، وله ٩٦ سنة.

(٢) الضحاك ـ اين ما ورد في كتب أئمتنا ـ هو الضحاك بن مزاحم الهلالي ، أبو القاسم ، وأبو محمد ، الخراساني ، حدث عن ابن عباس ، وعنه جويبر ، وأبو إسحاق ، وآخرون ، وثقه المؤيد بالله ، وابن معين وابن حبان ، وأبو زرعة ، وقال ابن حجر : صدوق من الخامسة ، مات بعد المائة رحمه‌الله.

(٣) السدي : هو إسماعيل بن عبد الرحمن السدي ، تابعي ، حجازي الأصل ، سكن الكوفة ، صاحب التفاسير ، والمغازي ، والسير ، كان إماما عارفا بالوقائع والأيام ، مات سنة ١٢٨ ه‍.

٥٢

بعضا ، وهذا مروي عن مجاهد (١) وعكرمة (٢).

وعن واصل بن عطاء (٣) ، وعمرو بن عبيد (٤) : المحكم ـ الوعيد الملتحق بالفسقة من مرتكبي الكبائر ، والمتشابه : الوعيد لأهل الصغائر.

وقيل : المحكم ـ الحلال والحرام ، والوعد والوعيد. والمتشابه : القصص والأمثال ، وقيل : المحكم ما فصله الله تعالى لنبيئه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الكتاب من قصص الأنبياء ، ولم تختلف فيه الألفاظ ، والمتشابه : ما

__________________

(١) مجاهد : هو أبو الحجاج مجاهد بن جبر المخزومي ولاء ، مقرىء ، مفسر ، حافظ ، أجمعت الأمة على إمامته ، توفي ساجدا قيل سنة ١٠٠ ه‍. ح / س.

(٢) عكرمة بن عبد الله البربري ، أبو عبد الله ، مولى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، أصله من البربر وهب لعبد الله بن عباس ، فاجتهد في تعليمه القرآن والسنة ، حدث عن ابن عباس ، وابن عمر ، وأبي سعيد ، وأبي هريرة ، والحسن بن علي ، وعائشة وغيرهم ، وهو أحد فقهاء مكة ، وتابعيها ، وقال له ابن عباس : افت الناس ، وقيل لسعيد بن جبير : هل أحد أعلم منك؟ قال : عكرمة ، وقد تكلم فيه بعضهم ، ولم يسمع ؛ لأنه احتج به أهل الأسانيد والسنن ، ومات ابن عباس رحمه‌الله وهو على الرق فباعه علي بن عبد الله من خالد بن يزيد بأربعة آلاف ، فقال له عكرمة : ما خير لك ، بعث علم أبيك بأربعة آلاف ، فاستقال البيع ، ورده وأعتقه ، توفي رحمه‌الله سنة ١٠٧ ه‍.

(٣) واصل بن عطاء الغزال ، كان نادرة الزمان في فصاحته ، رأس المعتزلة ، ومتكلمهم ، وكان يغشى مجلس الحسن ، ثم ناظره في المنزلة بين المنزلتين ، والحسن ينكرها ، واعتزل واصل ، وتبعه عمرو بن عبيد الزاهد ، فقال الحسن : ما فعلت المعتزلة فسموا بذلك ، وأرسل واصل عثمان الطويل فتبعه سواد الكوفة ، واعترضه الصادق في مسائل ، وتسببه إلى الابتداع.

(٤) عمرو بن عبيد هو : عمرو بن عبيد بن باب ، التيمي ولاء ، أبو عثمان ، البصري ، شيخ المعتزلة في عصره ، ومفتيها ، اشتهر بالزهد ، ولد سنة ٨٠ ه‍ وتوفي بمران قرب مكة سنة ١٤٤ ه‍.

٥٣

اختلفت فيه الألفاظ من قصصهم عند التكرار ، كما قال تعالى في قصة نوح : (قُلْنَا احْمِلْ) [هود : ٤٠] وقال فيها في موضع آخر : (فَاسْلُكْ) [المؤمنون : ٢٧]. وقال في عصا موسى : (فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى) [طه : ٢٠] وقال في موضع آخر : (فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) [الأعراف : ١٠٧] وهذا مروي عن ابن زيد (١).

وقال بعضهم : المحكم ـ ما عرف العلماء تأويله ، وفهموا معناه ، والمتشابه : ما استأثر الله بعلمه ، كوقت خروج الدجال ، ونزول عيسى عليه‌السلام ، وطلوع الشمس من مغربها ، وقيام الساعة ، وهذا مروي عن جابر بن عبد الله (٢).

__________________

(١) هو : أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، الحسيني ، الهاشمي ، الكوفي ، أبو عبد الله ، فقيه أهل البيت ، أمه عالية بنت الفضل ، قال المنصور بالله : «كان أحمد فاضلا ، عالما ، ناسكا ، زاهدا ، ورعا ، حج ثلاثين ماشيا ، قال أبو العباس :» توفي والده عيسى ، وكان صغيرا فلم يرو عن أبيه شيئا ، وروى عن حسين بن علوان ، وغيره ، وعنه محمد بن منصور وولداه علي ومحمد ، ولد سنة ١٥٩ ه‍ وقيل بعد ذلك ، ولما توفي والده أوصله صباح الزعفراني إلى المهدي العباسي ، فبقي إلى أيام الرشيد ، ثم خرج ، ثم أخذ ، وحبس فخلص واختفى إلى أن مات بالبصرة ، وقد عمي وجاوز الثمانين سنة ٢٤٠ ه‍ على رواية الإمام ابن عنبة ، وعلى رواية الشيخ أبي الفرج سنة ٢٤٧ ه‍ وهو الموافق لما سيأتي في ترجمة عبد الله بن موسى ، أخرج حديثه أئمتنا الخمسة ، والهادي في النكاح ، وفي الأمالي ، وفي الجامع الكافي أكثر رواية الفقه عن أحمد بن عيسى ، وفيه عنه أنه يجيز الإمامة مع العدالة الظاهرة في غير أولاد السبطين ، وقد حكى المتأخرون إجماع العترة على خلافه.

(٢) جابر بن عبد الله هو : جابر بن عبد الله بن حرام ـ بمهملة ، وراء ـ الأنصاري ، ثم السلمي ـ بفتحتين ـ صحابي جليل ، من علماء الصحابة ، ووالده صحابي أيضا ، غزا جابر مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسع عشرة غزوة ، وتوفي رحمه‌الله بالمدينة ، بعد السبعين ، وهو ابن أربع وتسعين سنة.

٥٤

وقيل : المحكم ـ ما يعرف المراد به من غير نظر ، والمتشابه : ما يحتاج إلى النظر ، وهذا مروي عن الأصم (١) ، والزجاج (٢).

وقيل : المحكم ـ ما أجمع على تأويله. والمتشابه : ما ليس فيه بيان قاطع.

وقيل : المحكم ـ فاتحة الكتاب التي لا تجزي الصلاة إلا بها.

وقيل : المحكم ـ سورة الإخلاص.

وقيل : المتشابه ـ أمر القدر ، وقيل : أوائل السور مثل (حم) ونحوه.

وقوله تعالى : (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا) [آل عمران ٧].

اختلف العلماء هل يوقف على قوله (إِلَّا اللهُ) ويكون قوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) جملة مستأنفة ، أو يوقف على قوله : (فِي الْعِلْمِ) ويكون الواو في (وَالرَّاسِخُونَ) عاطفة للراسخين على الله تعالى ، فقيل : إن

__________________

(١) الأصم هو : محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان ، أبو العباس الأصم ، المحدث ، ولد بنيسابور سنة ٢٤٧ ه‍ وتوفي بها سنة ٣٤٦ ه

(٢) الزجاج هو : إبراهيم بن محمد ، أبو إسحاق الزجاج ، النحوي ، اللغوي ، المفسر ، علامة الآدات ، وحامي السنة والكتاب ، كان بحرا لا تقطعه الألواح ، ولا تخوضه الملاح ، وكان تبحره في علم الأدب ، من ذوي الدين المتين ، والورع المستبين ، أخذ عن نحاة المصرين ـ المبرد من البصرة ، وثعلب من الكوفة ، وله تفسير جليل في إعراب القرآن ، وزعم بعضهم أن الزمخشري عيال على تفسيره ، كان الزجاج يخرط الزجاج فنسب إليه ، وإليه ينسب تلميذه عبد الرحمن الزجاجي ، أبو القاسم مصنف الجمل ، توفي رحمه‌الله تعالى سنة عشر وثلاثمائة ، وهي السنة التي توفي فيها المرتضى الهادي الزيدي النحوي ، وابن المنذر ، وابن جرير الطبري ، قال العامري : وقيل : توفي سنة إحدى عشرة وثلاثمائة.

٥٥

الوقف على قوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ويبتدأ بقوله : (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ) ويكون الضمير في قوله : (يَقُولُونَ) إلى بعض ما تقدم وهم (وَالرَّاسِخُونَ) لا إلى المعطوف عليه ، وهو الباري جل وعلا ، وهذا بناء على أن القرآن كله مبين ، وأن الله سبحانه لا يخاطب بما لا يعلم (١) ، وأن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يمت حتى بيّن جميع ما في القرآن ، ولذلك قال تعالى : (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) [النحل : ٤٤] ولا يجوز أن يبين ما لا يعلم (٢) ، فإذا كان عالما له فهو لا يكتم عن الأمة شيئا من العلم ؛ ولأن المفسرين لم يتوقفوا عن شيء في القرآن ، وكان ابن عباس يقول : «أنا ممن يعلم تأويله» وهذا قول الأكثر (٣).

ومنهم من قال : الوقف على قوله : (إِلَّا اللهُ) ويبتدئ بقوله : (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) بناء على أن في القرآن ما لا يعرف معناه إلا الله تعالى ، وهذا مروي عن عائشة (٤) ، وعروة بن الزبير (٥) ، ورواية عن ابن عباس ،

__________________

(١) في ب (لا يخاطب إلا بما يعلم).

(٢) في ب (ما لم يعلم).

(٣) لفظ الفصول ١٢٤ (بعض السلف وأئمتنا والجمهور) ويعلم الراسخون في العلم تأويله لوقوع الخطاب به (بعض السلف وأكثر الفقهاء والمحدثون) لا يعلمونه لعدم الخطاب به (الهادي) يعلمون منه ما يتعلق به التكليف دون غيره ك (حم عسق) ، (القاسم) وقد يطلع الله عليه بعض أصفيائه (الامامية) لا يعلمه إلا الامام كالمحكم

(٤) عائشة هي : أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر بن قحافة زوج النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، تزوجها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ا قبل الهجرة بمكة ، وهي بنت ست ، وقيل : سبع ، وبنى بها في المدينة ، وهي بنت تسع ، وتوفي وهي ابنة ثماني عشرة ، وماتت بالمدينة سنة خمس وخمسين ، وقيل : ثمان وخمسين ، عن خمس وستين ، ودفنت بالبقيع ليلا ، وصلى عليها أبو هريرة ، وكانت من أفقه النساء ، ومن المفتين بالمدينة ، وهي من رواة الألوف.

(٥) عروة بن الزبير هو : عروة بن الزبير بن العوام الأسدي ، القرشي ، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة ، ولد عام ٢٢ ه‍ وتوفي بالمدينة عام ٩٣ ه‍ ، ولم يشارك في شيء من الأحداث.

٥٦

واختاره الكسائي (١) ، والفراء (٢) ، والفضل بن سلمة (٣) ، ومحمد بن جرير (٤) ، لكن اختلفوا بعد ذلك ، فمنهم من أطلق ، وضعّف ؛ لأنه يلزم من الخطاب بما لا يعلم ، وذلك قبيح.

وقال القاضي الباقلاني في البرهان ـ وهو الذي تأول عليه قول الكسائي ، ومن ذكر معه صاحب شرح البرهان (٥) ـ : إنه يجوز أن يخاطب الله بما لا يفهم فيما لا تكليف علينا فيه ، كقيام الساعة ، وأجل الدنيا ، وطلوع الشمس من مغربها ، ونحو ذلك ، لا فيما فيه تكليف علينا ، وهذا

__________________

(١) الكسائي هو : علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي بالولاء ، الكوفي ، أبو الحسن ، الكسائي ، إمام في اللغة ، والنحو ، والقراءة ، توفي بالري سنة ١٨٩ ه‍ عن سبعين عاما ، له تصانيف منها (معاني القرآن) ح / س.

(٢) الفراء هو : يحي بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي ، أبو زكرياء ، إمام الكوفيين ، وأمير المؤمنين في النحو ، ولد بالكوفة سنة ١٤٤ ه‍ يميل إلى الاعتزال ، نزيل بغداد ، روى الحديث في مصنفاته عن قيس بن الربيع ، وأبي الأحوص ، وهو أجل أصحاب الكسائي ، وناظر سيبويه مع الكسائي ، واتفق بأبي عمرو الجرمي وناظره في العامل المعنوي كالإبتداء فألزمه الجرمي في باب ما أضمر عامله مثله ، وهو وشيخه إماما نحاة الكوفة ، وله تصانيف في إعراب القرآن ، والنحو ، واللغة ، ومنها (معاني القرآن) وتوفي في طريق مكة سنة ٢٠٧ ه‍.

(٣) الفضل بن سلمة هو : فضل بن سلمة بن جرير الجهني بالولاء ، أبو سلمة ، حافظ ، من علماء المالكية ، أندلسي من أهل بجانة ، أصله من البيرة ، رحل إلى المشرق مرتين ، أقام فيهما عشرة أعوام ، له مختصر في المدونة ، ومختصر للواضحة ، زاد فيه من فقهه ، مات سنة ٣١٩ ه‍.

(٤) محمد بن جرير هو : أبو جعفر محمد بن جرير الطبري ، المتوفى سنة ٣١١ ه‍ من أشهر مفسري عصره ، وأوسعهم علما ، وكتابة في التفسير ، وتفسيره أكثره من المأثور ، وهو شيخ طبقته ، وقد توفي سنة ٣٠٩ ه

(٥) البرهان للباقلاني ، وشرح البرهان للجويني.

٥٧

قول الغزالي (١).

وأما الأمر والنهي

أما الأمر ـ فنذكر حقيقته ، وجملة من أحكامه ، أما حقيقته فيطلق الأمر على القول المخصوص حقيقة وفاقا (٢) ، واختلفوا في إطلاقه على غير القول ، فقال الأكثر : إنه مجاز في الفعل ، وغيره من الشأن ، والغرض ، وجهة التأثير.

وقيل : إنه حقيقة في الفعل مع القول لقوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا) [هود : ٤٠] وقوله تعالى : (وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) [هود : ٩٧].

وقال أبو الحسين (٣) : إنه مشترك بين الصيغة من القول وبين

__________________

(١) محمد بن محمد بن محمد بن أحمد الغزالي ، الأشعري ، ثم الزيدي ، الطوسي ، الملقب حجة الإسلام ، قرأ على الجويني بطوس إلى أن توفي ، وانتقل إلى العراق ، وله المؤلفات المشهورة كالإحياء ، والمستصفى ، والمنتخب ، وغيرها مما يطول ذكرها ، وكان أشعري المذهب ثم انتقل إلى مذهب الزيدية ، وصح رجوعه برواية الشيخ محي الدين الجيلاني ، ومثله قال الإمام الشرفي ، وله كتاب سر العالمين يشهد بذلك ، واشتغل آخر عمره بالزهد والعبادة ، وكان الناصر الرضا صحبه وأثنى عليه ، ولادته سنة ٤٥ ه‍ وقيل : سنة ٤١٥ ه‍ وتوفي في جمادى الآخرة سنة ٥٠٥ ه‍ مشهد بطوس ، وقد زرته هناك.

(٢) (الجمهور) ومجاز في غيرها (فصول ١٣١).

(٣) لفظ الفصول (الامام وأبو الحسين والشيخ) مشترك بينها وبين الشأن والغرض ، وجهة التأثير. (بعض الشافعية) مشترك بين الصيغة والفعل (الآمدي) متواطء فيهما لاشتراكهما في معنى يشملهما ، وهو كونهما شيئا ، أو موجودا ، أو فعلا ، إذ هو أعم من أن يكون باللسان ، أو غيره (جمهور الأشعرية) مشترك بين اللساني والنفساني ، وعن أقلهم : حقيقة في النفساني مجاز في اللساني). (فصول ١٣١). ـ

٥٨

الغرض ، يقال : جاء فلان لأمر ، ومنه قولهم : «لأمر ما جدع قصير أنفه «وبين الشأن يقال : ما أمر فلان (١). أي : ما شأنه؟ وبين التعليل يقال : لا بد من أمر لأجله كان الجسم متحركا.

وقال المنصور بالله : إنه مشترك بين الصيغة والغرض والشأن (٢).

وحقيقة الصيغة المخصوصة قد أكثر فيها ، وأقربها أن يقال : هو قول يقتضي من الغير فعلا غير كف على جهة الاستعلاء (٣) ، فيدخل في هذا ما هو على لفظة «افعل» وما كان بلفظ الخبر كقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) [آل عمران : ٩٧] فيدخل أيضا اللفظ الفارسي ، وقولنا : «فعلا» يخرج عنه اقتضاء الترك ، وقولنا : «غير كف» يخرج النهي على قول من يجعل الترك فعلا.

__________________

ـ وأبو الحسين هو محمد بن علي الطيب ، البصري ، الشيخ أبو الحسين المعتزلي ، قال الإمام يحي عليه‌السلام هو الرجل فيهم ، قال ابن خلكان : كان جيد الكلام مليح العبارة ، غزير المادة ، إمام وقته ، له التصانيف الفائقة ، منها : المعتمد في أصول الفقه ، ومنه أخذ الرازي كتاب المحصول ، وله تصفح الأدلة في مجلدين ، وغرر الأدلة في مجلد كبير ، وشرح الأصول ، وكتاب في الإمامة ، وانتفع الناس بكتبه ، سكن بغداد ، وتوفي بها يوم الثلاثاء خامس شهر ربيع الآخر سنة ٧٣٧ ه‍ وقبره في مقبرة الشويتري ، وصلى عليه أبو عبد الله الصيمري ، ولأبي الحسين مذهب في الكلام منفرد عن البهشمية ، وله إشكالات عليهم ، قال الحاكم : إنه شاب علمه بشيء من الفلسفة ، قال الإمام المهدي : وهذا تعصب شبيه اعتراض أبي الحسين على البهاشمة ، ومن مؤلفاته في الكلام كتاب الانتصار على ابن الراوندي ، وأخذ عنه محمود بن الملاحمي.

(١) ومنه قوله تعالى (وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ).

(٢) وفي الفصول ١٣١ (المنصور ، والحفيد) كذلك إلا في جهة التأثير.

(٣) الاستعلاء : عد الآمر نفسه عاليا ، وإن لم يكن كذلك ، فالأمر ما كان من الأعلى إلى الأدنى ، سواء كان عاليا ، في نفس الأمر أم لا ، ويخرج بذلك الالتماس لأنه من المستوين رتبة ، والدعاء لأنه من الأدنى إلى الأعلى.

٥٩

واختلفوا هل من شرط الآمر الإرادة للمأمور به أم لا؟ فقالت المعتزلة (١) ، وأبو طالب (٢) ، والقاضي جعفر ، وغيرهم : إنه لا بد من الإرادة للمأمور به (٣).

__________________

(١) المعتزلة : هم أتباع أبي حذيفة واصل بن عطاء الغزال ، كان نادرة الزمان في فصاحته ، وكان يغشى مجلس الحسن ، ثم ناظره في المنزلة بين المنزلتين ، والحسن ينكرها ، واعتزل واصل ، وتبعه عمرو بن عبيد الزاهد ، فقال الحسن : ما فعلت المعتزلة فسموا بذلك ، وأرسل واصل عثمان الطويل فتبعه سواد الكوفة ، واعترضه الصادق في مسائل ، وتسببه إلى الابتداع ، ثم انقسموا إلى بصرية شيخهم محمد بن الهذيل العلاف البصري ، صاحب الجدل والمناظرات ، وبغدادية : وشيخهم أبو الحسين الخياط ، وتلميذه أبو القاسم البلخي ، شيخ الهادي عليه‌السلام ، ويجمع مذهبهم القول بالعدل والتوحيد ، وتقديم أبي بكر في الإمامة ، واختلفوا في الفضيلة ، فمنهم من فضل عليا ، وهم غالب البغدادية وبعض البصرية ، ومنهم من فضل أبا بكر ، وهم غالب البصرية.

(٢) أبو طالب هو : يحي بن الحسين بن محمد بن هارون بن الحسين بن محمد بن هارون البطحاني الهاشمي الحسني ، الإمام أبو طالب ، الناطق بالحق ، أخو المؤيد بالله ، كانا شمس العترة ، وقمري الأسرة ، ولأبي طالب من المصنفات (المجزي) في أصول الفقه ، كاسمه ، وفي الكلام كتاب (الدعامة) في الإمامة ، وفي الفقه (التحرير وشرحه والتذكرة) وغيرها (كالأمالي) مولده سنة ٤٠٣ ه‍ وبويع له بعد أخيه سنة ٣١١ ه‍ وتوفي سنة ٤٢٤ ه‍ بآمل ، وقبره مشهور مزور ، وله تخريجات على مذهب الهادي.

(٣) وقيل : الأمر يكون أمرا بالوضع ، تدل عليه الصيغة ، هذا معنى ما ذكره في غاية السؤل ، وفي فصل الارادة في شرح المقدمة للنجري في كتاب العدل (تنبيه) قال ع : لا يقع الخبر من فاعله إلا بإرادة بين إرادة إحداثه ، وإرادة كونه خبرا ، والأمر بثلاث إرادات إرادة إحداثه ، وكونه أمرا ، والمأمور به ، وقال المؤيد بالله : يكفي في الخبر إرادة واحدة ، وهي إرادة إحداثه على الصفة ، وفي الأمر إرادتان إرادة إحداثه أمرا ، وإرادة المأمور به.

(فائدة) كثير مما تقدم مبني على أن للكلام صفة بكونه خبرا أو أمرا ، ونحو ذلك ، ولعله يكفي أن تكون تلك الصفة اعتبارية ، إذ في اثباتها حقيقة نظر وخفاء ، على ما تقدم في أول الكتاب. ـ

٦٠